in

سياحة الفضاء: هل تعلم أنّنا قد نتمكّن قريباً من السفر إلى الفضاء الخارجي؟

في عام 2021، عاد المليار البريطاني ريتشارد برونسون إلى الأرض بعدما كان في رحلة إلى حافة الفضاء الخارجي، عبر مركبة تابعة لشركته "فيرجن غالاكتيك". وبذلك، يصبح برونسون أول سائح في الفضاء. صورة: Shutterstock: Gorodenkoff

نعم! انّه احتمالٌ واردٌ وقريبٌ جداً، فهناك من يعمل جاهداً لتحقيق هذا الأمر: انّها شركة سبايس اكس SpaceX

ما هي SpaceX؟

صورة تخيلية لمركبة الإنزال القمرية التابعة لشركة SpcaeX. صورة: SpaceX

يُعد (إيلون ماسك) مليارديرًا مشهوراً، وهو ثاني أغنى رجل في العالم بعد (جيف بيزوس). شركته Space X هي واحدة من أهم الشركات التي أسسها (ماسك)، وذلك عام 2002. هي شركة خاصّة أمريكيّة تعمل على تصنيع معدات الطيران والنّقل الفضائي، وهدفها تقليل كلفة السّفر الى الفضاء وجعلها فرصة متاحة أمام الجميع.

في عام 2018، سُئلت رئيسة Space X عن السفر بالصواريخ، فكانت إجابتها صادمة! إذ أكّدت وجود إمكانيّة للسفر من الولايات المتحدة إلى الصين مثلاً خلال مدة تتراوح بين 30 إلى 40 دقيقة، بينما تستغرق هذه الرّحلة نفسها ما لا يقلّ عن 15 ساعة باستخدام الطائرة.

تتم تلك الرحلات التي تحدثت عنها الشركة عبر صاروخ BFR الذي تعمل الشّركة على تطويره بهدف نقل البشر إلى الفضاء بأسعار تناسب الجميع.

لكن السّؤال العظيم هنا يطرح نفسه: كيف ستتجسّد هذه الفكرة على أرض الواقع بتكاليف قليلة؟ وكيف ستصبح بمتناول الجميع؟

السياحة في الفضاء

نظرة داخل مركبة “فيرجن غالاكتيك” التي تتسع لـ 6 مسافرين، حيث يطفوا المسافرون في الفضاء لعدة دقائق بسبب انعدام الجاذبية. صورة: Virgin Galactic/AFP

سياحة الفضاء هي صناعة تتطوّر سريعاً من سنة إلى أخرى لتمكين الناس من زيارة الفضاء. فيمكننا القول أنّ هذه المغامرة لم تعد حكراً على رواد الفضاء فقط، بل سنتمكن جميعاً من زيارة القمر أو المرّيخ مثلاً، أو حتّى الذًهاب من بلدٍ إلى آخر على متن تلك الصّواريخ.

وهنا، لا بد من التنويه إلى إيجابيّات السّفر بسرعة الصّواريخ: فذلك سيختصر الوقت وسيقلّل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الطّائرات، ممّا سيحمي البيئة من تلوّث كبير.

هل سيتمكن الجميع من السفر؟

لتحقيق إمكانيّة حصول الجميع، بلا استثناء، على هذه الرفاهيّة، يجب تسليط الضوء على مشكلة لإيجاد الحلول المناسبة لها. فصناعة الصّواريخ وتكاليف إطلاقها تجعل السّفر مكلفاً جدّاً، فلا يستطيع سوى الأغنياء التمتّع بهذه المغامرة.

ففي عام 2001 على سبيل المثال، دفع الملياردير (دينيس تيتو) 20 مليون دولار أمريكي مقابل ثمانية أيّام في الفضاء! غير أن هذه التًكلفة قلّت كثيراً اليوم: فمن خلال شركة «فيرجين غالاكتيك»، لصاحبها (ريتشارد برانسون)، تستطيع السفر إلى الفضاء بسعر مغري جدّاً: ربع مليون دولار فقط! وبإمكانك حجز مقعدٍ مسبقاً عبر دفعة مقدّمة مقدارها ألف دولار فقط. وبالفعل حُجز أكثر من 600 مقعد في الرحلة المقرّرة لعام 2022.

طموح ايلون ماسك

إيلون ماسك في فلوريدا عام 2018 خلال عملية إطلاق صاروخٍ تابع لشركته SpaceX، فكانت الشركة حينها أول شركة خاصة تطلق مركبة فضائية بهذا الحجم. صورة: Todd Anderson/The New York Times

لا يهدف هذا الملياردير، الملقّب بالمجنون، إلى بناء الصواريخ فحسب، إنّما جعل تكلفة السفر عبرها بين الدول مماثلة لتلك التي يتطلّبها السّفر بالطائرة، وهذا ما يدفعه إلى البحث عن حلول فعّالة لتخفيض الكلفة.

خطواته وحلوله

بعد ذهابه إلى روسيا لشراء صواريخ قديمة بهدف بدء مشروعه، أصيب (ماسك) بالإحباط. إذ عرض عليه الروس شراء الصاروخ الواحد مقابل 8 ملايين دولار، لكن بعد قيامه برصد كلفة تصنيع الصاروخ، وجد أن الكلفة لا تتجاوز 3% فقط من السعر السابق: فاتّخذ قرار تصنيع الصواريخ بنفسه.

وعلى الرغم من أنّ قراره كان شبه مستحيل، كون هذه الصناعة حكراً على الحكومات فقط، بقي (إيلون) مصرّاً.

أما فكرته الثانية، وهي التي قلبت الموازين، تتمثل بابتكار صواريخ دائمة الإستعمال.

فكرة الصواريخ الجديدة

مركبة “فالكون الثقيل” القابلة لإعادة الاستخدام. صورة: Wikimedia Commons

إنّه منطق بسيط جدّاً: لو صنعنا سيّارة في كلّ مرّة احتجنا فيها إلى التّنقّل لكانت الكلفة كبيرة جدّاً، من هنا أتت فكرة استعمال الصاروخ أكثر من مرّة.

بدأ (ماسك) العمل على تنفيذ فكرته تدريجيّاً. وبعد عدة محاولات فاشلة، تمكّن أخيرًا من تجسيد فكرته بعدما نجح الصاروخ «فالكون 9» من الانطلاق والعودة إلى القاعدة والهبوط بحالة سليمة في عام 2015، ومن بعده صاروخ «فالكون هيفي» في شهر فبراير من عام 2018، في لحظة لن ينساها العالم أجمع.

هل الفكرة مستحيلة؟

قد نظنّ أنّ تجربة استكشاف الفضاء و الكواكب لأيٍّ كان هي مجرّد فكرة خياليّة لن نستطيع الوصول إليها، لكن إذا دقّقنا في التطوّر الذي طرأ على حياتنا في العقود الأخيرة، نرى أنّها قريبة جدّاً من الواقع.

السوق الحر و المنافسة

الملياردير ريتشارد برونسون مالك شركة “فيرجن غالاكتيك”.

من خلال هذه المحاولات، يبرهن (إيلون) أنّ السوق الحرّ قادر على تخفيض كلفة أي سلعة غالية الثمن مع مرور الوقت، من خلال خلق الوفرة و المنافسة.

على سبيل المثال، منذ 50 أو 60 سنة، كان الحاسوب غالي الثمن، ولم يكن موجودًا سوى لدى الشركات و المؤسّسات الضّخمة، وكانت إمكانيّاته ضعيفة جدّاً مقارنةً بإمكانيّات الحواسيب الموجودة في يومنا هذا، والمتوفّرة لدى الجميع أيضاً.

حصلت هذه الوفرة بفضل المنافسة بين الشّركات الكبرى، كـآبل ومايكروسوفت مثلاً، مما دفع بتلك الشركات لابتكار أجهزة متطورة أكثر بتكلفة أقل.

الفكرة، ببساطة، أنه كلما ازداد عدد المستهلكين، ستزداد المبيعات، وبالتالي ستكبر نسبة الربح، مما يصب في مصلحة المُنتِج.

وكي يزداد عدد المستهلكين، على المنتج أن يجعل السلعة في حدود القدرة الشرائيّة لأكبر فئة ممكنة من الناس، وإلّا سيقوم منافسه بهذه الخطوة ويجذب سوق الإستهلاك إلى سلعته، وبالتالي يخرجه من المنافسة.

إذاً نستطيع الجزم أنّ المنافسة وابتكار طرق فعّالة في التّصنيع وايجاد حلول غير تقليديّة والمخاطرة في سبيل النّجاح هي المبادىء والأسس التي يقوم عليها السوق الحرّ والرّأسماليّة التي يتّبعها (ماسك) في عمله.

فرصة جديدة كلّ يوم

ختاماً، لا نستطيع أن ننكر فضل (ماسك) وأمثاله، الذين وفّروا لنا كلّ يوم إمكانيّات جديدة في مجالات متعدّدة لم نكن نحلم بالحصول عليها من قبل. فبحسب تقرير الشركة، سنتمكّن في السنوات القليلة القادمة من السّفر عبر الصّواريخ!

وأنت، إذا أتيحت لك هذه الفرصة، إلى أين ستقرّر الذّهاب؟ هل ستستغلّها وحدك أو برفقة أحدهم؟

مقالات إعلانية