in

حبوب الصلاة لعلاج الإكتئاب

الصلاة
صورة لـ Adam B. Shorr من فليكر

دعوني أجعل قصوري معروفاً وألا أسعى خلف أخطاء الآخرين. لذا دعوني أُبقي خصالي الجيده خفية وخصال الآخرين الجيدة معروفة. —صلاة بوذية.

عندما واجهتني بعض المشاكل دفعة واحدة حدثني صديق لي بأن أصلح علاقتي بالله وأن ألتزم بالصلاة، ولما أجبته بأنه لا علاقة بين ذلك وتلك، ذُهِل.. وسمعت منه كلاماً ملخصه أنه كيف لي أن أنطق بمثل هذا القول؟ وآخر نصحني بأن ألتزم بالصلاة حتى ترتاح نفسي وحياتي، بغض النظر عما أوحى إليهم بأني مقصر في أي شئ أو من الذي أخبرهم عن أسرار حياتي أو إعتقادي، ولأني أعلم جيداً أن الصلاة في كل دين هي بمثابة حجر الزاوية الذي يقوم عليه البناء، فكل ما سبق أثار في عقلي تساؤلات عدة. ما هي حقيقة الصلاة؟ ماذا تفعل الصلاة للانسان الديني أو الرباني؟ ماذا تعني الصلاة لبعض البشر وهل هي فعلا تعالج المشاكل المادية والنفسية؟

الصلاة:

الصلاة

يفسرها البعض على أنها أساس العلاقة بين الفرد وإلهَه فهي تمثل اللقاء. لغوياً يقال أنها مشتقه من كلمة ”صلة“ لأنها تمثل الوصال بين الانسان والإله، وبعض الأراء أشارت إلى معاني أخرى غير لُغويه مثل (الدعاء، التسبيح، التقديس).

كل مؤمن بدين يتواصل مع ربه من أجل هدفين رئيسيين إما: خير يقربه، شر يبعده. تتفرع من تلك الأهداف الرئيسيه كل الأهداف الفرعيه الأخرى كالتوفيق في الامتحانات، دخول الجنة، الإنتصار على زميل في العمل، شفاء أحد الأقارب من مرض ما.

الصلاة بالنسبة لبعض المؤمنين:

دعونا نتواصل مع بعض الدينيين لنتعرف على الصلاة بالنسبة لهم، قصدت أن أذكر اسم وعمر وسن كل منهم ولم أذكر ديانة أو مذهب، بتحليل الاجابات يمكنكم معرفة ديانة كل منهم غالباً إن لم يتفقوا، فمنهم الأرثوذكسي والملحد والشيعي والسني.

الأسئلة التي وجهت إلى الأفراد عينة البحث كانت كالتالي وبالترتيب:

  1. ماذا تعني ”صلاة“ بالنسبة لك؟
  2. متى تصلي؟
  3. كيف تصلي؟
  4. لماذا تصلي؟
  5. ماذا يحدث لك عندما تصلي؟

– إكرامي 41 سنة: الصلاة تعني حوار بيني وبين ربي. أصلي في كل وقت فالحوار مفتوح بيني وبين ربي. الصلاة كالتنفس ليس لها سبب، فأنا اصلي لأحيا. أصلي بالمناجاة. الصلاة ليست ركوع وسجود لذلك صلاتي لا تنتهي.

– فتحي 31 سنة: الصلاة بالنسبة لي تعني علاقتي بربنا. ومواقيت الصلاة في ديني تتنوع بين ما هو مفروض وسنه وقيام في رمضان. أصلي لأنه كما كال الله ”لإن شكرتم لأزيدنكم“، فأصلي لأشكر الله على نعمه. أنا أتوجه للقبلة وأصلي كما ورد بالكتاب والسنة. وبعد الصلاة إحساسي يتوقف على حسب درجة خشوعي فكلما إزداد خشوعي زادت راحتي.

– عاطف 56 سنة: الصلاة هي أداة للتقرب من ربنا. بخلاف القداسات الكنسية، فأنا أحاول التقرب من إلهي في كل وقت. أصلي كلما إحتجت الى تدخل الله في حياتي الذي دائما ما أكون في حاجة إليه. أوجه نظري للسماء وأخاطب ربي بكل ما بداخلي. وقبل أن أنتهي أساسا من صلاتي أكون قد شعرت بالراحه لمجرد وجودي مع الله.

صلاة المسيحيين
صورة لـ Mu-izz Hendricks من فليكر

– ابراهيم 31سنة: الصلاة عندي أساسا 5 فروض أحافظ عليها جماعة. وأصلي كلما أذن المؤذن معلناً موعد صلاة. غرض الصلاة يتمثل في محاولتي إرضاء الله قدر ما أستطيع وصراحة ألتزم بالصلاة أكثر كلما أحاطت بي الأزمات. في صلاتي أحاول تحري الدقة من الكتاب والسنه، قولاً أو فعلاً. بعد الصلاة عادة أشعر براحة وهدوء ذهني ورضاء عن النفس.

– راقيه 28 سنة: الصلاه عندي يعني صلاة، مجرد كلمة. لا أصلي وإنما أحب التأمل في أوقات معينة. أنا أمارس التأمل لأنه يشعرني بأني قادره على مواجهة أي شئ. للتأمل أساليب متعددة ولكنني أحب أن أكون في مكان هادئ. بعد أن أنتهي من تأملي أشعر أني جمعت راحة وهدوء الكون في قلبي وتمر كل المشاكل ببساطة.

الآراء السابقة يمكنكم معرفة أن الأصدقاء كان منهم الديني —بإختلاف أديانهم— والرباني والملحد، والجميع اتفقوا على أنهم يقومون بالصلاة أو التأمل من أجل إكتساب السلام الداخلي وحل المشاكل.

ماذا يحدث لك عندما تصلي؟

الصلاة
صورة لـ Adam B. Shorr من فليكر

تتكون الصلاة.. أي صلاة، من 3 أقسام محددة: أقوال الحكمة، التسليم والإسترخاء النفسي، والأوضاع الحركية. لو تابعنا شخص يصلي سنجده أولاً يتخذ وضعية جسدية محدده وفور إستقرارها يبدأ في ترديد أو تلاوة بعض من أقوال الحكمه —الآيات أو المقدسات الكلامية— مذكرا نفسه بمدلولات تلك المقدسات الكلامية وإسقاطاتها على مشاعره ومعاملاته، فينعكس ذلك على اللاوعي لديه فيطلق حالة تسمى ”الإنسحاب“ أو ما يسمى بـ”الخشوع“، تلك الحالة التي تسمى علمياً بالإستغراق، وهي الهدف الأساسي للصلاة أو التأمل.

التسليم النفسي أو الإنسحاب والإبتعاد عن المؤثرات الخارجية يحدث أثراً داخلياً يتمثل في شحن الإنسان لا إرادياً بـ”طاقة إيجابية “تبدأ بدورها بجذب كل ماهو إيجابي حوله. فالمشاكل لم تُحَل وإنما ”التركيز“ التام في استرجاع واستدعاء أقوال الحكمة المقدسة من الذاكره وترتيب الأوضاع الحركيه وتغييرها يساعد على جعل تلك المشاكل خارج دائرة الإهتمام في اللاوعي وكذلك الوعي، فيمنح العقل حالة من الصفاء.

هذا الصفاء يساعد العقل على إكتساب حالة صحو جديدة فيستقل العقل عن المنبهات الواردة ويستغرق أكثر في المنبهات الصادرة، مما يعمل على ضبط ملكات الإنتباه فيستطيع الفرد الإنقطاع عن العالم الخارجي، ثم يحدث انتقاء داخلي للأفكار والذكريات (طاقة إيجابية إضافية). فيحدث حالة من ”التأمل“.

يبدأ هنا دور اللاوعي والذي قد تمت برمجته مسبقاً على تحديد ماهو سلبي وماهو إيجابي في ظل التعريفات الإيمانية ”الحسنات والسيئات“، فتبدأ اسقاطات التبرؤ من الخطايا ”الذكريات السلبية“، والتفاخر الداخلي بالحسنات أو الأعمال الجيدة ”الذكريات الإيجابيه“. ويكون اللاوعي شبه مسيطرا في تلك المرحلة ”الاستغراق“.

لماذا تتخذ أوضاعاً وتغيرها في الصلاة؟

الصلاة
صورة لـ Erman Aydoner من فليكر

الأوضاع الحركيه في الصلاة هامة وقد تستمر إلى فترات طويله نسبيا بل ويؤكد غالبية —إن لم يكن كل— الدينيين على أن الصلاة الجيده الممتلئة بالخشوع هي الصلاة البطيئة. سأقول لك الان السبب العلمي..

إطالة الزمن المتخذ في الوضع الحركي الواحد وأداء الصلاة بوتيرة بطيئة نسبيا أو هادئة، لا يهدف لشئ إلا للتخفيف من التغيرات الفسيولوجية مثل ضبط التنفس وخفض نبض القلب والذي يؤدي الى حالة استقرار عاطفي وإنفعالي قوى. يؤدي ذلك بدوره الى تقليل الميل إلى العدوانية سواء مع النفس أو مع الغير.

ومن أمثلة تغيير واستقرار الأوضاع الحركية مع تلاوة أقوال الحكمة هي كل صلوات اليهود والصابئة والمسلمين والمسيحيين والبوذيين و…إلخ، والأبسط أن أقول كل الصلوات لكل الأديان على وجه الأرض.

فنجد صلوات الدينيين تنقسم الى بعض الأوضاع الحركية، وكل وضع تتلى فيه مجموعة محدده من الآيات المقدسة.

ماذا يحدث لك بعد الصلاة؟

تامل

أنت الآن قد تشعر بالراحة والإطمئنان والسكينة، ومشاكلك أقل، وأصبحت أكثر قوة على مواجهة الحياة ولذلك لأنك:

  • أنهيت الصلاة، أي إنتهيت من حالة الإستغراق لتعود إلى حالتك الأولى ولكن مع إكتساب معطيات جديدة تتمثل في صفاء عقلك.
  • بعد تلك الأوضاع الحركيه كالسجود والإنحناء والوقوف أنت الآن تشعر أن آلامك العضلية أخف بعد أن تدفق الدم أكثر في عضلاتك، وقمت بتمارين ثني ومد.
  • دورتك الدموية الان أصح وأهدأ مما يمنحك حالة من الحيوية.
  • إبتعدت عن الأفكار السلبية، وقمت أثناء عملية تنويم إيحائي بإيداع تلك المشاكل في المنطقة الخفية بعيداً نسبياً ونفسياً عن لاوعيك، لذلك فأنت أكثر شعوراً بالإطمئنان.
  • قمت بتمرين جيد لتنظيم التنفس وخفض نبض القلب ولذلك فأنت الان أقل توتراً.
  • تخلصت من جزء كبير من ”الطاقة السلبية“ لديك لذلك فأنت تشعر بحاله من الإتزان النفسي ”الإرتياح“.
  • أنت الأن تشعر بالرضا، حيث أنه قد ترسخ لديك في اللاوعي أنك قد أديت الفرض أو تواصلت مع إلهك، الصراع داخلك بين اللاوعي والوعي قد هدأ أو توقف.

كخاتمة.. أؤكد لك أن الراحة والاطمئنان التي يشعر بها السيخي بعد صلاته هي نفس ما يشعر به المسيحي والمسلم والبوذي وكل من يصلي. فلو برمجت اللاوعي لديك على أن أكل الفتوش هو مصدر الرضا والسعاده فسيكون لك ذلك.

النتائج الإيجابية للصلاة لا تتوقف على مدى صحة إيمانك أو إعتقادك.. وإنما تتوقف فقط على قوة اعتقادك وتصديقك في الصلاة.

مقالات إعلانية