أفادت العالمة (مايا وي هاس) لمجلة «ناشيونال جيوغرافيك» بالعثور على سبعة آثار أقدام في الرواسب الجافة لقاع بحيرة في شمال المملكة العربية السعودية، والتي ربما تكون شاهداً على الخطوات الأولى للإنسان الحديث في المنطقة منذ حوالي 115 ألف عام.

اكتشف علماء الآثار، الذين كانوا يجوبون صحراء النفود الكبرى، آثار الأقدام البشرية أثناء فحصهم 376 أثر قدم عثروا عليها في قاع البحيرة ذاتها، تعود لحيوانات مثل الفيلة العملاقة والمنقرضة والإبل والجاموس وأسلاف الخيول.
وفقاً لتحليل جديد نُشر في مجلة Science Advances، يعود تاريخ آثار الأقدم السبعة لما بين الـ 112 ألف و121 ألف عام، وفي حال تم تأكيد ذلك، ستكون آثار الأقدام هذه أقدم آثار للإنسان العاقل في شبه الجزيرة العربية.

وفقاً لـ «ناشيونال جيوغرافيك»، يمكن أن يساعد هذا الاكتشاف في الكشف عن الطريق الذي سلكه البشر القدامى أثناء خروجهم من إفريقيا إلى مناطق جديدة.
معظم الشعوب غير الإفريقية اليوم ينحدرون من أسلاف غادروا القارة بشكل جماعي منذ حوالي 60 ألف عام، ولكن يعتقد بعض الباحثون أن مجموعات أصغر من البشر غادرو أفريقيا قبل آلاف السنين من هذه الهجرة الجماعية، حيث قاموا برحلات عبر شبه جزيرة سيناء وإلى المشرق العربي، يعتقد علماء آخرون أنهم كانوا يسلكون طريقاً يتمركز حول القرن الإفريقي وشبه الجزيرة العربية.
إلى جانب آثار الأقدام البشرية، عثر علماء الآثار أيضاً على 233 مستحاثة في قاع البحرية التي تعرف باسم بحيرة الأثر، بحسب ما قاله عصام أحمد من وكالة الأنباء الفرنسية «فرانس برس». على الرغم من أن شبه الجزيرة العربية الآن هي موطن الصحاري القاحلة، لكن من المحتمل أنها كانت أكثر خضرة ومناخها أشبه بمناخ غابات السافانا الأفريقية.
يقول (مايكل بيتراليا)، عالم الآثار في معهد «ماكس بلانك» للعلوم والتاريخ البشري والباحث المشارك في الدراسة، في بيان: ”إن وجود الحيوانات الكبيرة مثل الفيلة وأفراس النهر جنباً إلى جنب مع المراعي المفتوحة والموارد المائية الكبيرة، قد جعلت من المملكة العربية مكاناً جذب البشر وخاصةً أولئك الذين كانوا يتنقلون بين أفريقيا وأوراسيا“.

على الرغم من أن هذا المكان ربما كان موقعاً للصيد في يومٍ ما، لكن الباحثين لم يعثروا هناك على أدوات الصيد، كما أنهم لم يعثروا على عظام الحيوانات، لذلك تشير ندرة الأدلة إلى أن زيارة البشر للبحيرة لم تكن طويلة، أي أنهم توقفوا هناك للاستراحة فقط.
كما ذكرت عالمة الآثار (آن جيبونز) لمجلة Science، أن آثار الأقدام السبعة أطول من آثار أقدام الإنساني البدائي، أي يبدو أنها تعود لأشباه البشر الأطول والأخف وزناً.
لا يستطيع العلماء استبعاد الفكرة القائلة أن هذه الآثار قد تعود لإنسان النياندرتال، لكن في حال كان التأريخ صحيح، فمن غير المحتمل أنها تعود لإنسان النياندرتال، وذلك لأن الرواسب الموجودة أعلى وأسفل آثار الأقدام المُكتشفة تعود إلى فترة أواخر العصر الجليدي، عندما كان المناخ دافئ ورطب نسبياً.
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة وعالم الأحياء في معهد «ماكس بلانك» للبيئة الكيميائية (ماثيو ستيوارت): ”لدينا أدلة قاطعة على انتقال إنسان النياندرتال إلى المنطقة بعد العصر الجليدي الأخير، لذلك على الأرجح أن آثار الأقدام هذه تعود للإنسان العاقل“.