بدون شك، اقترف الجميع خطأ أو اثنان خلال حياتهم ندموا عليها ندمًا كبيرًا، وفي بعض الأحيان تساهم بعض الأخطاء التي نقترفها في تحسين الأمور، غير أن احتمالات أن يخطئ أحدهم بالفداحة التي أخطأ بها هؤلاء الأشخاص الذين سنختصهم بالذكر في مقالنا هذا على موقعنا «دخلك بتعرف» تبقى احتمالات ضعيفة، ابتداء من الجراح الذي قتل ثلاثة أشخاص في عملية جراحية واحدة وصولا إلى رئيس الطهاة الذي انتحر بعد سلسلة من الأخطاء التي لم يتحمل نتائجها!
تابع معنا القراءة لتتعرف على بعض أكثر الأخطاء إثارة للاهتمام عبر التاريخ:
1. جراح يقتل ثلاثة أشخاص بالخطأ خلال عملية جراحية واحدة
ليس من النادر أن نجد أطباءً سيئين يرتكبون الكثير من الأخطاء والحماقات. بالطبع بفضل بعض هؤلاء من ممتهني الصحة الذين اتصفوا بعدم الكفاءة والتهاون أنشئ ميدان بأكمله في مجال الحقوق والقانون يتعلق بمتابعة وتتبع الأخطاء الطبية وسوء ممارسة مهنة الطب.
لحسن حظ الطبيب الجراح (روبيرت ليستون) 1794-1847 في لندن، كان الزمن الذي مارس فيه الطب زمنا متسامحًا بعض الشيء، ولم تكن الرقابة القضائية على سوء ممارسة الطب أمرًا معروفًا آنذاك مثلما هي عليه اليوم. ولو أنه مارس الطب في أيامنا هذه، لأثرى مكتبات الحقوق بالقضايا التي كان الناس ليرفعوها ضده، خاصة فيما يتعلق بالعملية الجراحية الوحيدة التي تسبب فيها بمقتل ثلاثة أشخاص دفعة واحدة.
أسرع سكين في الغرب:
كان الدكتور (روبيرت ليستون) جراحًا اشتهر بسرعته الكبيرة. في الأيام التي سبقت ظهور المواد المخدرة، كانت القدرة على إجراء العمليات الجراحية بسرعة كبيرة أمرًا مطلوبًا ومهارة لا يملكها الكثيرون. كانت هذه السرعة في الأداء تعني قضاء المرضى وقتًا أقل يتحملون فيه ألمًا فظيعًا بينما يقطع الجراحون أجسامهم. كما كانت السرعة في الأداء تزيد من فرص نجاح العملية ونجاة المرضى، حيث كانت تخفض احتمال دخول المرضى في حالة من الصدمة بفعل الألم أو فقدان الدم، كما كانت تخفض الزمن الذي كانت أعضاءهم الحيوية معرضة خلاله للعوامل الخارجية ومنه معرضة للجراثيم والبكتيريا وناقلات العدوى والالتهابات الأخرى.
اشتهر الدكتور (ليستون) على وجه الخصوص بقدرته الكبيرة على إجراء العمليات الجراحية في ثوانٍ معدودة، كما كان يجري عمليات بتر الساق في وقت لا يتعدى دقيقتين ونصف. مما لا يثير الدهشة كانت مع هذه السرعة ترتفع فرص ارتكاب الأخطاء.
سجلوا وقتي يا سادة!
كان الدكتور (ليستون) يستغل شهرته في إجراء العمليات الجراحية بسرعة كبيرة أحسن استغلال. كانت العمليات الجراحية آنذاك أحداثا تحظى بمتابعة جمهورية، حيث كان المتفرجون يحيطون بطاولة الجراح ليشاهدوا كيف يقوم بعمله. بينما كان يهيئ أدواته الجراحية، اعتاد الدكتور (ليستون) على قول جملته الشهيرة: ”سجلوا وقتي يا سادة“ في إشارة لشهرته بالسرعة في الأداء.
خلال إحدى العمليات الجراحية، كان الدكتور (ليستون) بصدد بتر ساق مريض، وهنا ارتكب خطأ جسيمًا عندما قطع عن طريق الخطأ أصابع يد مساعده الذي كان يمسك بساق المريض. واصل (ليستون) عمله وبتر ساق المريض. أصيب بعدها كل من المريض والمساعد بالغرغرينا وقضيا نحبهما في غضون أيام قليلة، وفي غضون قطعه لساق المريض وإصابته لأصابع يد مساعده، تسبب الدكتور (ليستون) كذلك في تمزيق معطف أحد الحضور، الذي بعدما رأى الدم على معطفه اعتقد أنه دمه فأصيب بأزمة قلبية توفي على إثرها في عين المكان، وهكذا تسبب الدكتور (ليستون) في قتل ثلاثة أشخاص في عملية جراحية واحدة!
2. الخطأ الذي أحدث ثورة في ميدان الطب
كان (آلكسندر فليمينغ) 1881-1955 طبيبا اسكلنديًا، وصيدليًا، وعالم أحياء دقيقة مغمور. حتى سنة 1928، لم يكن هنالك في مسيرته المهنية التي دامت لعقود من شيء ليشير إلى أنه يتمتع بما يقتضيه الأمر لإحداث ثورة في ميدان الطب وإنقاذ حياة ملايين الناس حول العالم. حتى ذلك العام، كانت أعظم إنجازاته المهنية متعلقة بأبحاثه على الإنزيمات، ثم اكتشف (فليمينغ) البنسلين، وهو المضاد الحيوي الذي أحدث ثورة عظيمة في مجال العناية الطبية وأنقذ حياة الملايين من العدوى البكتيرية القاتلة. غير أن كل هذا الإنجاز حصل عن طريق الخطأ، وبفضل التهاون والأخطاء العادية.
كانت حياة (آلكسندر فليمينغ) مليئة بالنجاحات التي يمكن إيعازها للحظ وحده دون غيره. ولد (فليمينغ) في إسكتلندا ثم انتقل إلى لندن حيث تخرج من المدرسة الثانوية قبل أن يحصل على وظيفة في مكتب شحن. كان ذلك ليكون حياته المهنية غير أن أحد أعمامه توفي وترك له تركة مكّنته من الدراسة في كلية الطب.
مسيرة مهنية محظوظة:
كان (ألكسندر فليمينغ) في البادئ يرغب في أن يصبح طبيبا جراحًا، غير أنه عندما خدم في صفوف الجيش البريطاني ذاع صيته بكونه قناصًا ممتازًا وبارعًا في الرماية. من أجل تحقيق حلمه في أن يصبح جراحًا، كان يتعين عليه آنذاك أن يترك دراسته في كلية الطب وهو ما كان يعني في نفس الوقت تركه لوحدته العسكرية. غير أن الضابط المسؤول عنه لم يكن يرغب في فقدان جندي احتياطي موهوب، لذا قام بتقديمه لباحث بارز في الجيش مختص في علوم المناعة، والذي تمكن من إقناعه بالبقاء والتحول إلى باحث بدلا من جراح.
خلال الحرب العالمية الأولى، خدم (فليمينغ) في فرع الطب التابع للجيش الملكي البريطاني، حيث لاحظ موت العديد من الجنود بسبب العدوى غير المتحكم فيها. كانت المواد المطهرة تستخدم لمحاربة العدوى، غير أنها كانت غالبا ما تسبب ضررا أكبر من النفع المرجو منها.
أجرى (فليمينغ) بعض الأبحاث، والتي أظهرت له لاحقًا أن استخدام المواد المطهرة كان خطأ عندما يتعلق الأمر بالإصابات الخطيرة: لم تكن المواد المطهرة تقوم بشيء عندما يتعلق الأمر بإيقاف انتشار وتكاثر البكتيريا اللاهوائية في الجروح العميقة، غير أن أبحاثه تم رفضها في البادئ، لكن هذا لم يثنيه عن الاستمرار في مسعاه.
إنقاذ ملايين الأرواح بفضل خطأ:
في أحد الأيام في سنة 1922، وبينما كان يعاني من الزكام، نقل (فليمينغ) بعضا من مخاطه عن طريق الخطأ إلى طبق بتري، ثم قام بوضع الطبق فوق مكتبه الفوضوي ونسي أمره تمامًا لبضعة أسابيع. عندما تذكر أخيرًا أمر الطبق وقام بتفحصه، اكتشف أنه كان مليئًا بالمستعمرات البكتيرية، وكشف له المجهر أن بقعة من المخاط كانت خالية من البكتيريا.
أظهرت فحوصات لاحقة أن ذلك كان بسبب وجود إنزيم أطلق عليه اسم (ليسوزيم)، وهو الإنزيم الذي كان يتمتع ببعض الخصائص المضادة الحيوية، وهو ما مهد لبت الأعمال البحثية في سبيل اكتشاف البنسلين.
في سنة 1928، ترك (فليمينغ) ”الشخصُ المهملُ“ طبق بتري آخر غير مغطى بالقرب من نافذة مفتوحة في مخبره، حيث انتشرت فيه أبواغ الفطر. عندما تفقدها تحت المجهر، اكتشف أن البكتيريا التي كانت بالقرب من الفطر كانت تموت ولم تكن تزدهر. تمكن لاحقًا من عزل الفطر، واكتشف أنه كان فعالا للغاية ضد عدة كائنات مسببة للأمراض على شاكلة التهاب السحايا، والدفتيريا، والالتهاب الرئوي، والسيلان، والحمى القرمزية، ومنه تم اكتشاف البنسلين عن طريق الخطأ، أو مثلما يصف (ألكسندر فليمينغ) نفسه الأمر قائلًا: ”ليس أنا من اكتشف البنسلين، بل الطبيعة قامت بذلك. أنا لم أكتشفه إلا عن طريق الخطأ“.
3. كريستوفر كولومبوس واكتشاف القارة الأمريكية
مثلما رأيناه في الفقرة السابقة، ليست كل الأخطاء تؤدي إلى كوارث. عندما أبحر (كريستوفر كولومبوس) من إسبانيا متجها ناحية الغرب في سنة 1492، كان مقتنعاً بأنه يبعد عن سواحل اليابان بحوالي 3000 ميل، وبعد الإبحار لمسافة أبعد بقليل عن تلك سيكون قادرًا على الوصول إلى الهند وتجارة التوابل الغنية التي تشتهر بها.
في الواقع، كانت اليابان تبعد حوالي 12000 ميل عن إسبانيا، وليس 3000 ميل، وكان السبب الذي دفع بكولومبوس للاعتقاد بأنه كان قريبًا جدا من اليابان هو لأنه أخطأ في حساب حجم الكرة الأرضية. في واحد من أشهر الأخطاء التاريخية استنتج (كولومبوس) بأن الأرض كانت أصغر حجما مما هي عليه في الواقع.
خلافًا لما تشير إليه بعض الأساطير، لم يكن (كولومبوس) ولا طاقمه يخشون السقوط ”من على حافة الأرض“، حيث أن الإغريق القدماء كان يعلمون جيدا أن الأرض كانت كروية الشكل قبل 2000 سنة من زمنه، وعليه فقد كان الأشخاص المتعلمون والبحارة في زمن كولومبوس يعلمون جيداً بهذا الأمر ولم يكن يخيل لهم أن تكون الأرض مسطحة.
لم تكن مشكلة (كولومبوس) تتعلق بشكل الأرض بل بحجم المحيط الذي كان يخطط لعبوره. بالإضافة إلى الخطأ الذي ارتكبه في الحسابات والتقديرات، لم يكن يعلم أبدًا أن هناك قارة تتموقع بين إسبانيا والقارة الآسيوية، ولم يكن هنالك من شيء ليجعله يشكك بوجودها أساسًا
ساهمت بضعة أخطاء في تغيير العالم كليا:
لم يكن للكثير من الأخطاء التبعات الكبيرة التي كانت لخطأ (كريستوفر كولومبوس) الرياضي فيما يتعلق بحسابات حجم الأرض. في نهاية المطاف، نجح في الوصول إلى الكاريبي وهو المنطقة التي اعتقد أن جزرها كانت تابعة لقارة آسيا من جهة الغرب، لذا قام بتسميتها بجزر الهند الغربية أو (الإنديز الغربية).
في رحلات لاحقة، قام باستكشاف منطقة الكاريبي والساحل الشمالي للقارة الأمريكية الجنوبية. عندما لم يكن يقوم بحملات استكشاف، كان (كولومبوس) يلعب دور الحاكم ونائب الملك عن منطقة الكاريبي. وبموجب السلطة المخولة له من طرف الملك الإسباني، كان (كولومبوس) يعامل السكان الأصليين بوحشية، حيث استعبدهم وأباد بعضهم عن بكرة أبيهم، والذين أطلق عليهم اسم ”الهنود“ عن طريق الخطأ.
حتى آخر يوم في حياته، أصر (كولومبوس) على أنه وصل إلى القارة الآسيوية. وما يثير السخرية أن العالم الجديد الذي اكتشفه لم يحمل اسمه، بل انتهى به المطاف حاملًا اسم مستكشف آخر إيطالي الجنسية، وهو (أميريكو فيسبوتشي)، الذي قام بإعداد خرائط الساحل الشرقي لأمريكا الجنوبية من شمالها حتى البرازيل، وأثبت أن (كولومبوس) وصل في الواقع إلى أراضٍ جديدة لم تكتشف من قبل وليس القارة الآسيوية.
أطلق صانع خرائط ألماني اسم أمريكا على العالم الجديد تيمنا بالمستكشف الإيطالي (أمريكو)، وقد كانت خرائطه ذات شعبية كبيرة خلال القرن السادس عشر، لذا التصق اسم (أمريكا) بالقارة وصارت معروفة به إلى يومنا هذا.
4. مجموعة أخطاء صغيرة تكلف رئيس طهاة فرنسي حياته وتدفعه حدّ الانتحار
يتعلق الأمر برئيس الطهاة الفرنسي (فرانسوا فاتيل)، الذي بعد سلسلة من الأخطاء الصغيرة وسوء التفاهم الذي أحاط بالتحضير لمأدبة عشاء، رفع الميلودراما إلى نهاياتها المتطرفة وقضى نحبه منتحرًا.
كان اسم مولد (فرانسوا فاتيل) في سويسرا هو (فريتز كارل فاتيل) 1631-1671. في أيام شبابه توجه إلى فرنسا حيث تعلم طهي العجائن والفطائر، ثم عمل لدى (نيكولاس فوكي) الذي أصبح لاحقًا وزير المالية لدى الملك لويس الرابع عشر. أصبح بعدها (فاتيل) رئيس طهاة مشهور، وكان غالبا ما يشار إليه (خطأً) بأنه الشخص الذي اخترع كريمة (شانتيي).
ارتفع مقام (فاتيل) بين موظفي (فوكي) حتى أصبح الـ(ماجوردومو) الخاص به، وهي أعلى رتبة بين موظفي منزل أرستقراطي.
في سنة 1661، أشرف (فرانسوا فاتيل) على تدبير وتنظيم حفل باذخ بمناسبة تنصيب (فوكي) في قصر (فو لو فيكومت) في الجنوب الشرقي لباريس.
قام (فاتيل) بعمل ممتاز حيث كانت الحفلة ممتازة بكل المقاييس، لقد كان نصرا حقيقيا لـ(فاتيل) بينما كانت كارثة بالنسبة لرئيسه وموظفه (فوكي)، حيث اتضح أن الحفلة كانت باذخة أكثر من اللزوم لدرجة أنها أصبحت خطأ مهنيًا جسيمًا، حيث أثارت في نفس الملك لويس الرابع عشر نوعاً من الغيرة تجاه وزير المالية خاصته، لذا قام بطرده من منصبه ورمى به في السجن بتهمة سوء استغلال الوظيفة وتبديد المال العام، وأبقى عليه مسجونًا إلى غاية وفاته سنة 1680.
لم يبق (فاتيل) بدون وظيفة لوقت طويل بعد سجن رئيس عمله، وعلى ما يبدو كان تنظيم حفل مبهرج وباذخ يتسبب في الزج برب عمل المرء في السجن أمراً جيدا يقود لاستقطاب اهتمام الطبقة الأرستقراطية في فرنسا آنذاك. سرعان ما تم توظيف (فاتيل) من قبل الأمير لويس الثاني من (بوربون كوند)، الذي كان يعرف كذلك باسم (غراند كوند)، والذي جعل من (فاتيل) رئيس الطهاة لديه وأعلى موظف في منزله.
أخطاء صغيرة في مأدبة كبيرة:
عُين (فرانسوا فاتيل) من قبل الأمير لويس الثاني لتدبير وتنظيم مأدبة كبيرة لاستقبال 2000 شخص من الطبقة الأرستقراطية والنبيلة، وقد كان من المقرر لهذا الحفل أن يتم في قصر (شانتيي) في الخامس والعشرين من أبريل سنة 1671 على شرف الملك (لويس الرابع عشر).
تم التخطيط للمأدبة على عجالة ولم يكن أمام (فاتيل) سوى 15 يومًا للتحضير، وهو الأمر الذي جعله يصاب بالتوتر والقلق ما قاده لارتكاب سلسلة من الأخطاء الطفيفة والصغيرة غير أنها قادته إلى حتفه.
خلال مأدبة عشاء تمهيدية سبقت موعد المأدبة الفعلية بأيام، كان عدد الضيوف أكبر من المتوقع، ومنه بقيت طاولتان من بين 26 طاولة بدون لحم مشوي. انتكس (فاتيل) وراح يندب حظه قائلا بأنه قد فقد شرفه ولم يكن بمقدوره تحمل العار.
لم تساهم تأكيدات الكثيرين بأن المأدبة مضت بأفضل ما يرام وأن الملك كان سعيدًا بكل ما تم تقديمه بالتخفيف من قلقه وتوتره، وواصل (فاتيل) هوسه بالطاولتين اللتين لم يقم بوضع اللحم المشوي عليهما. في وقت لاحق في تلك الليلة، لم يسر عرض للألعاب النارية مثلما كان مخططا له بسبب الضباب الكثيف والسحب المنخفضة، وهو الأمر الذي جعل (فاتيل) يكتئب أكثر فأكثر.
أخطاء تقود صاحبها للانتحار:
في اليوم الموالي، سارت الأمور من سيئ لأسوأ بالنسبة لـ(فاتيل)، ففي وقت سابق من يوم 24 أبريل، أي قبل يوم من تاريخ الحفل الموعود، صادف (فاتيل) أحد الممولين الذي كان مسؤولا عن توفير السمك والذي جلب معه شحنتين فقط، فسأله (فاتيل) عما إذا كان ذلك كل السمك المتوفر فأجابه الرجل بنعم، وهنا حصل سوء التفاهم الذي مثل القطرة التي أفاضت الكأس، حيث كان (فاتيل) يسأل عما إذا كان ذلك السمك هو جميع السمك المتوفر الذي سيحصل عليه بينما كانت إجابة الرجل تعني أن شحنة السمك تلك كانت الشحنة التي كان هو مسؤولا عنها وأن ممولين آخرين قادمون في طريقهم مع المزيد من الشحنات من السمك.
كان (فاتيل) في هذه اللحظة قد حرم نفسه من النوم لمدة أسبوعين متتاليين بفعل كل تلك الضغوطات النفسية الرهيبة، فأصيب بانهيار عصبي وراح يصرخ: ”لن أنجو من هذه المعضلة، لن أنجو من هذه الإهانة، شرفي وسمعتي على المحك“، ولم يكن قادرا على تحمل حجم الإهانة التي تنتظره في حالة ما لم يتوفر السمك بالعدد المطلوب خلال مأدبة العشاء الملكية التي هو مسؤول عن تحضيرها، لذا قام بحمل سيف وطعن به نفسه.
لم يستغرق الأمر طويلا قبل أن يتضح سوء التفاهم، حيث سرعان ما بدأت شحنات السمك تصل الواحدة تلو الأخرى من الممولين الآخرين، غير أن الأوان كان قد فات بالنسبة لـ(فاتيل)، حيث مات بعد وقت وجيز متأثرا بإصابته.