in

الصور المزيفة للقمر التي قام (جيمس نازميت) بالتقاطها في عام 1874، والتي تبدو واقعية بشدة

مقارنة بين الصورة الحقيقية التي التقطتها ناسا (على اليمين)، والصورة التي التقطها نازميت (على اليسار).

في عام 1874 قام المخترع (جيمس نازميت) بالتعاون مع عالم الفلك (جيمس كاربينتر) بنشر واحد من أكثر الكتب تأثيراً في علم الجيولوجيا القمرية بعنوان «القمر: باعتباره كوكباً وعالماً وقمراً صناعياً». يتألف هذا الكتاب من 276 صفحة ملخصاً ثلاثة عقود من الأبحاث وكل ما عرفه علماء الفلك حول القمر، حتى أنهما حاولا الإجابة على بعض الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها في ذلك الوقت مثل: هل يمكن العيش على سطح القمر؟ هل يمتلك القمر غلافاً جوياً؟ كيف تشكلت الفوهات البركانية الموجودة على سطحه؟

يحتوي هذا الكتاب مجموعة من الصور المذهلة والدقيقة لسطح القمر لدرجة أنها قد تبدو وكأنها صور من رحلات (أبولو) التي لم تنطلق للفضاء حتى قرن آخر، من الممكن التقاط مثل هذه الصور التفصيلية للقمر باستخدام التلسكوبات والكاميرات الحديثة دون مغادرة الأرض، إلا أن التصوير التلسكوبي في ذلك الوقت كان لا يزال في بداياته، أي لم تتوفر مثل هذه التكنولوجيا الحديثة لالتقاط صور مباشرة للقمر بواسطة التلسكوب، لكن كيف تمكن (جيمس نازميت) من التقاط هذه الصور؟

صورة: The Public Domain Review

قام (جيمس نازميت) بالتقاط هذه الصور الدقيقة من خلال بناء مجسمات للقمر باستخدام الجص مستعيناً بتلسكوبه الذي صنعه على يده لتشكيل هذه التفاصيل الدقيقة، ثم قام بوضع هذه المجسمات أمام خلفية سوداء، وقام بتسليط الضوء عليها بشكل غير مباشر كنوع من المحاكاة لأشعة الشمس التي تضرب الفوهات البركانية والجبال الموجودة على سطح القمر.

كتب أحد المراجعين المعاصرين معلقاً على هذه الصورة الموجودة في الكتاب: ”النتيجة مثالية، تبدو أكثر اتقاناً من أي صورة مكبرة“.

(جيمس نازميت) هو مخترع إسكتلندي شهير ولد في (إدينبورغ)، وهو أحد أبرز المهندسين البارزين في عصره، كما كان والده رساماً. ظهرت ميوله نحو الأمور الميكانيكية منذ سن مبكرة، فعندما كان يبلغ من العمر 17 عاماً قام بصنع أول محرك بخاري، وحين بلغ الـ21 عاماً صنع عربة بخارية قادرة على حمل نصف دزينة من الناس.

عمل (جيمس نازميت) لمدة عامين في ورشة المخترع الشهير (هنري مودسلي) للآلات في لندن، لكنه انتقل فيما بعد إلى (مانشستر) وعمل على تأسيس شركة السباكة الخاصة به، وبعد مرور فترة ليست بطويلة قام هو وشريكه في العمل بصنع جميع أنواع الآلات الثقيلة للمصانع والسكك الحديدية والبواخر.

بينما كان (نازميت) يقوم بصنع عجلات التجديف الكبيرة لباخرة (إس إس غريت بريتن)، قام بحل أحد المشكلات التقنية وذلك عن طريق اختراعه الذي يعرف باسم «المطرقة البخارية»، على الرغم من أن عجلة التجديف العظيمة التي اخترعها (نازميت) من أجل المطرقة البخارية لم تُطرح بعد، إلا أن المطرقة البخارية قد لاقت نجاحاً تجارياً هائلاً لدرجة أنها سمحت للمخترع (نازميت) التقاعد في سن الـ48 والبدء بملاحقة شغفه في الحياة، وهو علم الفلك والتصوير الفوتوغرافي.

صورة: The Public Domain Review

استقر (نازميت) في قرية Penshurst في (كينت) في إنكلترا، حيث قام ببناء تلسكوب عاكس بحجم 20 بوصة، كما قام بتطوير تلسكوب (كاسيغرين) النموذجي عن طريق إضافة مرآة مائلة مسطحة ثالثة، وذلك لتمرير شعاع الضوء خارجاً من جانب أسطوانة التلسكوب بدلاً من النهاية الأخرى.

سمحت هذه الإضافة بتدوير التلسكوب في جميع الاتجاهات والزوايا بدون الحاجة إلى تحريك قطعة العين باستمرار، معظم التلسكوبات الحديثة في يومنا هذا تستخدم هذه الطريقة.

صورة: The Public Domain Review

بعد مرور عقدين من مراقبة القمر، قام كل من (جيمس نازميت) و(جيمس كاربينتر) بتأليف كتاب «القمر: باعتباره كوكباً وعالماً وقمراً صناعياً»، طرح هذا الثنائي فرضيات مختلفة تشرح أصل القمر والبنية الداخلية والجيولوجية للقمر، حيث اعتقد (نازميت) أن الحفر المنتشرة على سطح القمر هي من أصل بركاني مثله مثل العديد من علماء الفلك في يومنا هذا.

كما يحتوي الكتاب على العديد من الرسومات البيانية للمقاطع العرضية الخاصة بالطبقات الجوفية لهذا الجسم السماوي لتوضيح الفكرة، حتى أنه يضم رسومات لأمثلة أرضية لإضافة المزيد من الشرح.

صورة: The Public Domain Review

كما طرح (نازميت) في هذا الكتاب فكرة يناقش فيها أن الكرة القمرية تقوم أولاً بتبريد الطبقة الخارجية الصلبة وتقلصها، في حين لا تزال الطبقة الداخلية منصهرة وتتمدد، وأطلق (نازميت) على هذه العملية اسم ”التمدد المسبق للتصلب“، حيث تقوم النواة الداخلية المتمددة بالضغط على الطبقات الخارجية المتصلبة الأمر الذي يؤدي إلى ظهور التشققات والفوهات البركانية على سطح القمر من خلال انفجارات الحمم المنصهرة.

السبب وراء ظهور الجبال على سطح القمر هو تقلص وتبرّد النواة الداخلية للقمر، والأمر شبيه لما يحدث حين تتقلص العضلات في جسم الإنسان عند التقدم في السن مسببة ظهور التجاعيد.

كما يوضح (نازميت) في هذا الكتاب أن النواة الداخلية المتمددة قد تكون السبب الذي يقف خلف ظهور خطوط مشعة على سطح القمر، وذلك من خلال صورة قام بالتقاطها لكرة زجاجية متصدعة ومشعة بفعل الضغط الداخلي.

توضح هذه الصورة منشأ تلك الخطوط المشعة التي نراها على القمر. صورة: The Public Domain Review
حسب (نازميت)، تنشأ تلك التشققات على سطح القمر نتيجة الضغط المتزايد من النواة باتجاه الطبقة الخارجية، وهي شبيهة بالتجاعيد التي تظهر على جسد الإنسان مع التقدم بالعمر. صورة: The Public Domain Review

على الرغم من أن العلم الموجود في هذا الكتاب غير صحيح، إلا أنه يحتوي على مجموعة من الصور المذهلة بغض النظر عن كونها مزيفة، وقد صرحت وكالة (ناسا): ”هذه الصور تبدو أكثر واقعية من الصور التي تم التقاطها بواسطة التصوير التلسكوبي في ذلك الوقت“.

بعد مرور قرن من الزمن، عندما قامت بعثات (أبولو) بإرسال لقطات وصور حقيقية للقمر تم اتهامها بالتزوير! بالطبع هذه الاتهامات مثيرة للسخرية، ولكنها لا زالت موجودة حتى يومنا هذا.

تم تكريم كل من (جيمس ناسميث) و(جيمس كاربينتر) وذلك عن طريق تسمية الفوهات البركانية على اسمهما كنوع من التقدير لعملهما.

لكل من يرغب بقراءة هذا الكتاب، تتوفر نسخة رقمية في هذا الموقع.

صورة: The Public Domain Review
صورة: The Public Domain Review
صورة: The Public Domain Review
صورة: The Public Domain Review
صورة: The Public Domain Review
صورة: The Public Domain Review
صورة: The Public Domain Review
صورة: The Public Domain Review

مقالات إعلانية