in

كيف توقع (إسحق نيوتن) نهاية العالم بحلول سنة 2060؟

قدر نيوتن أن العالم سيعيد ترتيب نفسه في سنة 2060، وذلك عندما تنتصر ”مملكة الرب“ على الأرض
صورة: Mike Guillen/NYPost

كان السير (إسحاق نيوتن) عالما لامعاً اشتهر بكونه الرجل الذي وضع قوانين الجاذبية، لكن ما لا يعرفه الكثيرون عنه أنه كان في أوقات فراغه يشتغل على تجارب أقل ما يقال عنها أنها تليق بشخصية (فولديمورت)، وتماما مثل هذه الشخصية الشريرة في أفلام (هاري بوتر)، كان (نيوتن) في بحث دائم ودون كلل عما أسماه ”حجر الفيلسوف“، وهي أداة أسطورية بإمكانها جعل البشر قادرين على تحويل أي مادة أو أي غرض مصنوع من أي مادة إلى ذهب وفضة، كما أن لها القوة على منح الحياة الأبدية.

في كتابه الذي حمل عنوان «إسحق نيوتن، المجنون الذي أعاد اختراع الكون»؛ يبرز لنا المؤلف (فلوريان فريستيتر) السير (إسحق نيوتن) على أنه إنسان عبقري عديم الإحساس بدون أي مهارات اجتماعية وذو طباع حادة، والذي على الرغم من فطنته وقدرته العلمية الكبيرة فإنه كان كذلك يكرس نفسه للخيمياء.

يقول (فريستيتر) في مؤلَّفه: ”لم تكن الخيمياء مجرد هواية [بالنسبة لنيوتن]“، ويضيف: ”لو كنا سنصفها بأي تعبير، فإن أقرب ما قد تتصف به أبحاث نيوتن في ميدان الفيزياء هو هواية جعلها بين دراساته اللاهوتية والخيميائية“. 

كان نيوتن مهووساً بتجاربه الخيميائية لدرجة قام فيها ببناء أفرانه ومداخنه الخاصة من أجل إجراء التجارب فيها، لقد كان يعتبر دراسة الخيمياء مقدسة جدا لدرجة أنه لم يكن يتحدث حولها أمام أيٍّ كان، وكان يكتب ملاحظاته ومكتشفاته حولها في كتابات مشفّرة.

غلاف كتاب: «إسحق نيوتن، المجنون الذي أعاد اختراع الكون» من تأليف (فلوريان فريستيتر).
غلاف كتاب: «إسحق نيوتن، المجنون الذي أعاد اختراع الكون» من تأليف (فلوريان فريستيتر).

إليك عزيزي القارئ مثالا واحدا على كتاباته:

”إن هذا المسحوق الأحمر هو تنين (فايمل) الذّكر غير المجنح، وهو هكذا بعدما استُخلص من مسحوقه العادي، إنه واحد من المواد الثلاثة التي أُعِدت منها الشمس والقمر“.

أبقى إسحق نيوتن على وصفاته الخيميائية مربكة ومحيرة عمداً، وتضمنت وصفته لـ”حجر الفيلسوف“ الذي زعم أنه يضاعف الذهب والفضة مكونات على شاكلة ”التنانين النارية“، و”حمامات ديانا“ و”نسور الزئبق“.

كتب (فريستيتر) في ذلك: ”قد يتوقع أحدهم أن يجد مثل هذه الكلمات في النصوص المضطربة لإحدى المشعوذات في العصور الوسطى، لكنها كانت كتابات نيوتن نفسه“، ويضيف (فريستيتر) في حوار له مع صحيفة (نيويورك بوست): ”كان نيوتن يرى في الخيمياء أداة وطريقة أخرى لفهم الكون“

، ويستطرد: ”كان مقتنعا بأن الإله الحقيقي كان حاضرا في كل مكان، وليس فقط في شكله الروحاني لكن في شكل مادة أيضاً، ومنه اقتنع بوجود نوع من ’المادة الإلهية‘؛ نوع أساسي من المادة التي تجعل التحول من كل شيء إلى كل شيء أمراً ممكناً. بالنسبة لنيوتن كانت دراسة الخيمياء مهمة وجادة مثل… العلم“.

كانت هناك علامات مبكرة في حياة نيوتن الذي ولد سنة 1643 في إنجلترا تدل على أنه لم يكن ليختار مسارا طبيعيا في حياته، كتب (فريستيتر) في كتابه: ”كان نيوتن شابا غريبا ومثيرا للجدل منذ بدايته“، وأضاف: ”كتب نيوتن في كناشته هذه الأسطر التي تنم عن الاكتئاب بينما كان لا يزال شاباً حديث السن: ’ما الذي سأصبح عليه في المستقبل؟ سأنهي الأمر. لا يسعني سوى الانتحاب. لا أدري ما علي فعله‘.“

عاش نيوتن حياة انعزالية في أيام شبابه، مع كون والده توفي قبل ولادته، ووالدته التي تزوجت مرة ثانية وأرسلت به بعيدا للعيش مع جده وجدته، بالإضافة إلى تفوقه العقلي على أقرانه وذكائه المتقد الذي جعل من اندماجه معهم أمرا صعبا للغاية. 

تضمنت يوميات كتبها نيوتن عندما كان يبلغ من العمر تسعة عشر سنة العديد من الأسطر النموذجية لشخص في مثل سنه، اعترف فيها بكرهه لوالدته على سبيل المثال، لكنها تضمنت في نفس الوقت أسطرا على غرار: ”أتمنى الموت وأتمناه للبعض غيري أيضاً“، و”أهدد والدتي ووالدي بحرقهما وحرق المنزل فوقهما“.

عندما دخل نيوتن مضمار العلوم، كان أكثر من ضحى في سبيل إدراك الحقيقة الكاملة بين معشر العلماء، ورد في كتاب (فريستيتر): ”تماما منذ البداية، اتصف نيوتن بجميع صفات العالم والبروفيسور المجنون“، موضحا بأن العالم الشاب كان ينام لمدة لا تزيد عن الثلاث أو أربع ساعات ليلا وكان بالكاد يأكل الطعام: ”عندما كان شابا، قام نيوتن بإقحام إبرة في عينه من أجل فهم المزيد حول طبيعة الضوء […] أقحم نيوتن الإبرة بين مقلة عينه وبين التجويف الذي توجد فيه بطريقة كان بإمكانه من خلالها الضغط على عينه من الخلف برأس الإبرة، وكان بذلك قادرا على تغيير شكل مقلة العين وملاحظة تأثير ذلك على إدراكه البصري. لقد كان يرى حلقات مختلفة الأحجام والألوان التي كانت تتغير مع تحريكه للإبرة، لكنها كانت تختفي عندما كانت الإبرة ثابتة“.

كان ذلك مجرد مجازفة واحدة من كثير من المجازفات التي خاطر خلالها نيوتن ببصره. كان كذلك يحدق ما استطاع من الوقت والجهد مباشرة في كسوف الشمس من أجل تحديد تأثير ذلك على الرؤية، 

يقول (فريستيتر): ”لقد نجى من كل هذه التجارب التي أجراها على نفسه دون أن يخسر بصره وكان مذهولا بشكل عميق بالتأثيرات التي نجمت عن ذلك“، وأضاف: ”عندما كان يحدق في الشمس لوقت طويل بما فيه الكفاية، كان لاحقاً يرى صوراً بعدية وألوان مثيرة للفضول التي لم تكن حقيقية بدون شك، وعلى الرغم من ثمار أعماله المثيرة للاهتمام، فإن نيوتن لم يكن مهتما جدا بسلامة عينيه، وكان يغلق على نفسه في غرفة مظلمة تماما لمدة ثلاثة أيام كاملة، وكان لا يخرج إلا إذا عادت عيناه للعمل بشكل طبيعي“.

قدر نيوتن أن العالم سيعيد ترتيب نفسه في سنة 2060، وذلك عندما تنتصر ”مملكة الرب“ على الأرض
قدر نيوتن أن العالم سيعيد ترتيب نفسه في سنة 2060، وذلك عندما تنتصر ”مملكة الرب“ على الأرض!

في تلك الأثناء، غاص نيوتن عميقا في الخيمياء، واختار لنفسه اسم (جيهوفا سانكتوس) المستعار الذي كان يعني ”الإله المقدس“ ليستعمله بين رفاقه من ممارسي الخيمياء، كما تجرأ حتى على توقع تاريخ نهاية العالم. 

بناء على دراسات موسعة أجراها على النصوص الإنجيلية، قدر نيوتن أن العالم سيعيد ترتيب نفسه في سنة 2060، وذلك عندما تنتصر ”مملكة الرب“ على الأرض، بينما قام بتوبيخ متنبئين آخرين بنهاية العالم ويوم القيامة بسبب تنبؤهم بنهاية العالم في وقت قريب جدا، 

كتب نيوتن: ”قد ينتهي [العالم] لاحقاً، لكنني لا أرى أي سبب سيجعله ينتهي في وقت قريب“.

يقول (فريستيتر): ”أمضى نيوتن قسما كبيرا من الوقت في دراسة النصوص الدينية وحاول بناء جدول زمني للأحداث السابقة في الماضي من أجل ترتيب كل تلك القصص التي جاءت بها“، وأضاف: ”كان مقتنعاً بأن الأحداث المستقبلية كانت مرتبة ومحددة مسبقا من طرف الإله، ومن الإنجيل؛ قام باستخلاص بعض المراحل الزمنية التنبؤية، وكانت سنة 2060 لتمثل بداية عهد جديد بالنسبة له، وقد تكون مصحوبة بحرب ما وبعض الكوارث لكنها ستكون بدون شك بداية عهد ’إلهي‘ جديد“.

توفي نيوتن في شهر مارس من سنة 1727، وبينما أظهرت لنا اهتماماته وهوسه بالخيمياء جانبه المجنون، غير أن (فريستيتر) يقول بأن ذلك لا يجب أن ينتقص من سمعته أو إرثه كواحد من أعظم العلماء الذين عرفتهم البشرية، فهو يقول: ”كان نيوتن عبقريا ليس له ندّ، لم يتمكن أي رجل قبله أو بعده، باستثناء آينشتاين، بتغيير معرفتنا ورؤيتنا للعالم بشكل رئيسي مثلما فعله إسحق نيوتن. لقد أرانا أن العالم قابل للفهم؛ وأن هناك أمورا على شاكلة قوانين الطبيعة التي بالإمكان صياغتها بطريقة رياضياتية دقيقة، لقد جعل من العلم الحديث أمرا ممكناً“.

مقالات إعلانية