in

صدق أو لا تصدق! تمكن العلماء من تخزين صورة متحركة جيف (GIF) في DNA باكتيريا حيّة

تخزين صورة متحركة جيف (GIF) في DNA باكتيريا حيّة

يبدوا بأن الحمض النووي هو وسيلة واعدة كبيرة لتخزين البيانات، لنأخذ بعين الاعتبار قدرة نوى الخلايا الصغيرة على تخزين التعليمات الوراثية لكائن معقد كالإنسان، وإلى الآن بُذلت العديد من الجهود لتخزين بيانات غير وراثية في الحموض النووية في أنابيب الاختبارات ولكن تمكّن العلماء الآن من ترميز (تشفير) صورة جيف (GIF) في جينوم باكتيريا حية، صدق أو لا تصدق!

استخدم علماء هارفرد أداة التعديل الجينية CRISPR (جزء من الحمض النووي يحتوي على تكرار قصير من أسس كيميائية متسلسلة تُشارك في العمليات الدفاعية للكائنات بدائية النوى وصولاً للفيروسات) لتخزين صورة يد وصورة متحركة لحصان يركض؛ مُقتبسة من دراسة إيدويد موبريدج الفوتوغرافية للحركة البشرية والحيوانية عام 1838 في جينوم باكتيريا الإشريكية القولونية E. coli.

الأهم من ذلك كله أن العلماء استطاعوا استرداد صورة اليد بشكل ممتاز واسترداد صورة الجيف بدقة 90% من الدقة الأصلية وذلك عن طريق فك تشفير الجينوم البكتيري، ولقد نُشرت هذه النتيجة في مجلة الطبيعة يوم الأربعاء 12/7/2017.

تخزين صورة متحركة جيف (GIF) في DNA باكتيريا حيّة

الجهود التي بُذلت لتخزين البيانات غير التقليدية في الـDNA لم تتوقف منذ عدة سنوات، وذلك لطمع العلماء في الحصول على سعة تخزينية كبيرة في هذا الجزء النووي الصغير جداً الذي لا يُرى بالعين المجردة بالإضافة لطول فترة التخزين، فتخزين البيانات بشكل صحيح يُمكّننا من الحفاظ على سلامتها لمدة لا تقل عن 100,000 سنة، قالت مايكروسوفت قبل بضعة شهور أنها تخطط لدمج نظم تخزين الحمض النووي في واحدة من مراكز البيانات الخاصة بها بحلول نهاية هذا العقد.

عادةً كان يُجرى هذا الأمر من خلال ترجمة البتات (Bits) التي ترمُز للكتب أو للصور أو للتسجيلات الصوتية على شكل تسلسلية في الحمض النووي DNA ثم القيام بمحاكاتها صناعياً، ولكن الآن باستخدام تقنية CRISPR تمكّن فريق هارفرد بقيادة عالم الجينات الشهير ”جورج تشورش“ من اختطاف أو انتزاع جينومات الإشريكية القولونية وتخزين البيانات فيها.

نظام كريسبر هو آلية دافع طبيعية تستخدمها الباكتيريا في تطوير مناعة ضد الفيروسات الغازية عن طريق تخزين مقاطع أو مقتطفات من الحمض النووي للفيروس المهاجم في جينوم الباكتيريا، حيث تقوم هذه المقاطع المسجّلة في المرة التالية التي يقوم بها هذا الفيروس بالهجوم بتوجيه أنزيم Cas9 لتدمير حمضه النووي الدخيل والغازي.

لقد تم إعادة استخدام نظام CRISPR/Cas9 من قبل العلماء للتعديل على الجينومات وذلك من خلال إعادة هندستها وتقطيع مقاطع الـDNA المتسلسلة في مناطق محددة، مما سمح لهم بإزالة جينات موجودة سابقاً وإضافة جينات جديدة بدلاً عنها.

في هذه الدراسة الجديدة لم يستخدم العلماء البروتينين Cas1 وCas2 وهذا البروتينان مسؤولان عن إدخال الحمض النووي الفيروسي إلى جينوم الباكتيريا، يقول ”سيث شيبمان“ الباحث في علوم الأعصاب في جامعة هارفرد والمشارك في هذه الدراسة لشبكة The Verge الأمريكية المختصّة بأخبار التكنولوجيا ووسائل الإعلام: ”وجدنا أنه لو تمكنا من جعل التسلسلات الجينية التي نصنعها مشابهة للتسلسلات التي يلتقطها في العادة النظام النووي البكتيري من الفيروسات؛ سوف نتمكن من تخزين البيانات مستقبلاً بشكل أكثر فاعلية“.

لقد تم ترميز البيانات السابقة؛ أي الصورة والجيف، في 600,000 خلية للمساعدة على تعزيز الدقة، لأن هذه العملية غير دقيقة ولكن أدوات فك التسلسلات وإعادتها الحديثة جعلت استرجاع البيانات أمراً سريعاً.

كمية البيانات التي يمكننا تخزينها في الخلايا الحية غير الصناعية أقل بكثير من الكمية التي يمكننا تخزينها حالياً في أدوات التخزين الصناعية الحية، في العام المنصرم قام علماء من مايكروسوفت وجامعة واشنطن بتخزين 200 ميغابايت من البيانات في لطخة DNA أصغر من رأس قلم الرصاص.

وهذا يعني أنه من غير المرجح أن يحل تخزين البيانات في الحموض النووية الطبيعية مكان تخزينها في وسائل التخزين الصناعية الحية المحاكية للـDNA والتي أثارت اهتمام شركات تكنولوجيا المعلومات، ولكن إمكانية تخزين البيانات مباشرة في جينوم الخلايا الحية يفتح الباب أمام العديد من الخيارات التطبيقية الجديدة.

وأكثر ما يثير اهتمام العلماء حالياً هو تحويل الخلايا الحية إلى أجهزة تسجيل يمكن أن تتتبّع التغيرات الداخلية والبيئية المحيطة بها مع مرور الوقت، وهم يعتقدون بأن هذا يمكنه أن يساعدنا على فهم العمليات التنموية التطورية التي تتحكم في كيفية تحوّل الخلايا العصبية إلى خلايا متخصصة مع مرور الوقت، ومساعدتنا على تتبع الخلايا العصبية التي تتكلم أو تتشارك مع الخلايا الأخرى.

علاوةً على ذلك فإن هذا الأمر يمكنه أن يساعدنا مستقبلياً على خلق صناديق سوداء في خلايا جسم الإنسان، ويمكن للباكتيريا أن تسجّل نشاط الخلايا عبر الزمن، وعندما يمرض شخص ما يمكن للأطباء استخراج الباكتيريا وترتيب حمضها النووي مجدداً لتفعيله مرة أخرى ومعرفة المرض.

ويمكن لهذه العملية أيضاً أن تكون أداة مفيدة جداً لعلماء الأحياء الصناعية الذين يستخدمون الدوائر الجنينية التركيبية لبناء كومبيوترات صغيرة داخل الخلايا، يمكن استخدامها لتنفيذ الوظائف المنطقية من خلال تكوين شكل من أشكال الذاكرة.

مقالات إعلانية