أفادت دراسة جديدة من المعهد الوطني الأمريكي لعلوم الصحة البيئية أن التعرض والاستخدام المنتظم لبعض المنتجات اليومية المستخدمة من قبل العديد من الناس قد يؤدي لنمو الأثداء لدى الذكور.
تم العثور على 8 مواد كيميائية تخلّ بعمل الغدد الصماء في منتجات طبية بديلة وفي سوائل ومواد التنظيف التي تُستخدم يومياً في جميع أنحاء العالم -أي أنها تؤثر على انتظام الإفراز الهرموني في الجسم-، فيمكن أن يؤدي التعرض والاستخدام المتكرر لهذه المنتجات ذات القاعدة الزيتية إلى نمو وبروز الأثداء لدى الذكور قبل مرحلة البلوغ، ولدى بعضهم بعدها.
التثدي الذكري هو حالة نادرة نسبياً، ولكن نسب حدوثها بدأت بالارتفاع لدى الفئات العمرية التي تسبق أو تتجاوز بقليل فترة المراهقة، ويتزامن هذا مع التعرض لزيوت شجرة الشاي التي تستخدم في المطهرات المستحضرة طبيعيا، والتعرض لزيت الخزامي المستخدم في العلاجات العطرية أو كمساعد على النوم.
أظهر بعض الذكور من الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الـ4 سنوات ممّن تعرضوا لهذه الزيوت تطوراً في أنسجة الأثداء لديهم، مما فتح باب الشكوك والدراسات حول أسباب هذا الأمر منذ بضع سنوات مضت.
على كل حال، إن كنت تعتقد أن هذا الكلام لا يخصك لأنك لا تستخدم هذه العلاجات الزيتية العطرية فأنت مخطئ، لأن هذه الزيوت موجودة في منتجات تستخدمها يومياً كالصابون ومستحضرات ترطيب البشرة ومثبتات ومقويات وملينات الشعر، وفي العطور والشامبوهات ومنتوجات التنظيف التي تستعمل في غسيل الثياب في الغسالات الكهربائية واليدوية.
استقصى الباحثون سبب حصول هذا الأمر والرابط الغريب بين التعرض لهذه الزيوت ونمو الأثداء غير الطبيعي لدى الذكور من خلال النظر في تركيبة المواد الكيميائية المكونة والداخلة في تركيبة هذه الزيوت، حيث قاموا بتطبيق هذه المواد الكيميائية الموجودة داخل الزيوت على الخلايا السرطانية البشرية وراقبوا كيفية تأثر جينات مستقبلات هرموني الأندروجين والأستروجين ضمن هذه الخلايا، واكتشفوا بأن هذه المواد الكيميائية قد قامت بتخريب الهرمونات ونمط توزعها داخل الخلايا مما أدى لارتفاع نسبة هرمون الأستروجين وانخفاض نسبة هرمون التستوستيرون، هذه التغيرات الهرمونية التي تؤدي لحصول حالة التثدي سالفة الذكر.
يقول الباحث الرئيس في هذه الدراسة (تايلر رامسي) في بيان له: ”تثير زيوت الخزامي وزيوت أشجار الشاي مخاوف صحية بيئية كبيرة، يجب علينا النظر فيها والتحقيق في أمرها وعدم الاستخفاف بها أبداً، فمجتمعنا يعتبر الزيوت الأساسية آمنة ومع ذلك فهي تحتوي على مواد كيميائية متنوعة ويجب استخدامها بحذر، لأن بعض هذه المواد الكيميائية تخلّ بعمل وتوازن الهرمونات والغدد الصماء على حد سواء“.
يمكن إيجاد العديد من المواد الكيميائية المسببة لهذه الحالة في ما يقدر بـ65 زيتاً أساسياً موجودا في الأسواق، ويتداول من دون وجود أي وصفة طبية وغير معترف به من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، على كل حال يقول الباحثون بأنهم بحاجة لإجراء المزيد من الاختبارات لمعرفة العلاقة الوثيقة بينها وبين التثدي بشكل أوضح.
وقال الدكتور (رود ميتشل) الخبير الاستشاري في طب الغدد الصماء في معهد (كوينز) للأبحاث الطبية في (إدنبرة) لشبكة الـBBC: ”أجريت هذه الاختبارات على الخلايا السرطانية التي قد لا تمثل الوضعية السليمة بالنسبة لخلايا نسيج الأثداء الطبيعي“، ودعا إلى إجراء أبحاث حول هذا الموضوع على نطاق واسع جداً لكشف الصورة الكاملة.
وأضاف قائلا: ”قد لا يكون تركيز الجرعة التي تعرضت لها هذه الخلايا السرطانية مماثلة للتي تتعرض لها الخلايا البشرية السليمة في الحياة الطبيعية“.
ولحسن الحظ وجد الباحثون أن هذا التأثير هو تأثير قابل للعكس عن طريق التوقف عن استخدام هذه المنتجات الكيميائية، حيث تم تقديم هذه النتائج في الاجتماع السنوي رقم 100 لجمعية الغدد الصماء.
يجب مراعاة هذه الأمور أثناء استخدام المنتجات الحاوية لهذه الزيوت:
– لا تستخدم المواد الحاوية على زيوت أساسية عالية التركيز على البشرة مباشرة.
– لا تُستخدم الزيوت المخففة ولا الثقيلة على الأطفال تحت سن الثالثة.
– يجب على المرأة الحامل استشارة طبيبة التوليد والأمراض النسائية قبل استخدام الزيوت العطرية.
– لا تؤثر هذه الزيوت والمنتجات الحاوية على الزيوت العطرية عند استخدامها بشكل مناسب ومعتدل.
ويجدر بنا التنويه إلى أن حساسية الذكور لهذه الزيوت تتغير تبعاً لجينات وطبيعة الشخص، فهناك أشخاص يتحملون التعرض لهذه الزيوت أكثر من غيرهم.
*الصورة البارزة في المقال من قناة BuzzFeedVideo على يوتيوب.