in

هل لاتباع أسلوب المقاطعة للسلع جدوى حقيقية

قاطع المنتجات الأمريكية
صورة من موقع wihdaparty

مع كل أزمة سياسية تتسبب بها الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط، تتعالى أصوات مطالبة بمقاطعة البضائع والمنتجات الأمريكية المباعة في أسواقنا كإستراتيجية يعتقد من خلالها السواد الأعظم من الناس أنها مؤثرة وستغير حتماً من طريقة تعامل الإدارة الأمريكية مع المعطيات السياسية في المنطقة.

عادةً ما تستهدف حملات المقاطعة هذه المطاعم والمشروبات الغازية وماركات الملابس بشكل رئيسي، وحقاً لا أعلم لماذا لا تستهدف هذه الحملات شركات منتجات عملاقة وواسعة التأثير مثل مايكروسوفت وأبل وسيارات فورد …إلخ؟

ربما -وأقول ربما- لانعدام البديل؛ فمن السهل إقناع المستهلك بتناول المنسف والشاورما والفلافل عوضا عن ماكدونلدز، وشرب التمر الهندي وعرق سوس بدل الكوكاكولا، ولبس منتجات تركية وصينية بدل أميريكان أيجل وGAP، ومشاهدة مسلسلات تركية وأفلام مصرية عوضا عن أفلام هوليود (مع نصيحة بتناول عقاقير ضغط الدم بانتظام).

جميع البدائل بالتأكيد أرخص ثمناً من الأمريكية بغض النظر عن الجودة والنكهة والصنعة، ولكن من أين نأت للمستهلك ببديل عن هاتفه وحاسوبه الشخصي؟!!

في الواقع إن موضوعا كهذا لم يتم تناوله بما يكفي من قبل أصحاب الاختصاص الإقتصاديين لحساسيته السياسية الشديدة، فالنظام الاقتصادي العالمي الحالي والذي تقوده اللبرالية الاقتصادية منذ حوالي خمسة عقود يضع عوائق رهيبة في سبيل تحقيق أي مكاسب إقتصادية من خلال حملات شعبية مشابهة، بل على العكس، فقد ثبت أن السوق يعاقب كل من يحاول تنفيذ مقاطعة اقتصادية عقاباً شديداً ويتبين في النهاية أن أكبر المتضررين من المقاطعة الاقتصادية هم المقاطعون أنفسهم، تاركين الشركات الكبرى دون أدنى تأثير يذكر! وفي هذا السياق حديث كثير يصعب تناوله في هذا المقال المقتضب.

إن نظرنا إلى الصورة بشكل أكبر وأوسع فمن الواضح أن هذا الأمر لا يقتصر على حملات المقاطعة الإقتصادية فحسب، ففي ضوء التطور التكنولوجي الحالي ونظام السوق الحر العالمي الذي جعل من أية محاولات رقابة ومصادرة وحظر محكومة بالفشل الذريع حتى قبل تنفيذها، لأنه وبكل بساطة يسهل على كل مستهلك الحصول على أية سلعة يريدها عبر الإنترنت، حدث ذلك مراراً مع أفلام وكتب يتم حظرها وسرعان ما شاهدها وقرأها الجميع عبر الإنترنت.

طيب، السؤال المهم، ما مدى جدوى دعوات المقاطعة هذه بشكل مباشر على الولايات المتحدة؟

أولاً: معظم الوكلاء المحليين يدفعون بين 5 الى 7٪ من إجمالي المبيعات للوكالة الأصلية في الخارج، أما كل ما دون ذلك فيدخل كعائد لمصلحة البلاد من دخل وتحريك العجلة الإقتصادية وضرائب وإيجارات، والأهم من كل ذلك وهو توفير عدد لا بأس به من فرص العمل.

ثانياً: تكلفة إنتاج صاروخ توماهوك أمريكي واحد تساوي 832 الف دولار! يعني بلغة أخرى ولو افترضنا أنك تنفق شهريا 100 دولار على مطاعم وملابس ومشروبات وأفلام أمريكية فإنك بحاجة إلى ما يقرب 23 عام (نصف عمرك منذ بدأ الانتاج والدخل) حتى تسدد ثمن صاروخ توماهوك واحد!

بالمحصلة، إن كان الهدف من وراء المقاطعة هو إحساس شخصي بأنك تفعل ما يجب فعله أو نوع من أنواع تخليص الضمير؛ فلا بأس، ولكن إن كنت تظن أنك بذلك مؤثر وتشارك بالتغيير فأنصحك بأن تباشر بشراء بيغ ماك الشهية الآن واكتفي بالدعاء أفضل لك و-ربما- أنجح من فكرة المقاطعة.

وفي النهاية، لا بد لنا ان نطرح التساؤل نفسه عن جدوى مقاطعة البضائع الاسرائيلية من خلال الحملات التي تقودها حركة BDS العالمية وعن المتضرر الحقيقي من ورائها؟

مقالات إعلانية