in

الإكتئاب صديقي المقرّب‎

الإكتئاب صديقي المقرّب‎
صورة: Edward Honaker

أُقسم لكم أنّني منذ سنين أدور في حلقة، وأنا مُقتنع بهذا جداً. كلّما أتفوّه بكلمة بدَت كأنّي تفوهت بها أمس، كل فِعلٍ وحركة وسيجارة وكأسِ كحول، شعوري بالإنزعاج باتَ صديقي القديم المقرب وأحفظ ملامِحهُ جيداً.

أنا فاشِل بالتخفي واستثنائيٌ بعضَ الشيء، هناك نوعٌ من الإكتئاب طوّر نفسه من أجلي، إنه غولٌ له كتلة ويتكلم ويُظهَر نفسه فجأةً ويمزّق رأسي بوحشيّة وتكرار، ويضرِبني بلا رحمة وأنا أضحك وأمزح بشراهة في محاولةٍ لترقّيع الخلَل، ولا أعي أنني أتصرف على شكلٍ مفضوح إلا بعد التنويه: ”ما بِك هذين اليومين غريب الأطوار؟“

إنّه يجلِس على صدري… أعظم تجليّاته حتى الآن عندما يثقِل صدري حرفياً، أيُعقل للشعور أن يأخذ شكلاً فيزيائياً ليزعج أعضاء جسدي أيضاً؟

هناك شعوراً بالخدَر داخل وريدي الأيسَر تماماً كأنّه يطلُب منّي أن أقطعه على الفور، لكنني وحتى هذه اللحظة أجبَن من أن أُقدم على الإنتحار تاركاً خلفي تعلّقي بإخوَتي، فأبدأ بإحداث جروحٍ عميقة يُلهيني ألمُها عن قطع الوريد بالكامل.

الإكتئاب صديقي المقرّب‎
صورة: Edward Honaker

إلى عقلي: إنّكَ مُزعِجٌ للغاية كُف عن نخرِ نفسك بالأوامر. أقسِم لك أنك تقتُل خلاياك العصبونيّة بما تفعله، وأننا سوف نهلَك معاً.

لا تملي عليّ أفكارك الملعونة ولا أيّاً من وساوِسك الفارغة من أيّة مغزى، كفّ عن طلب المستحيل منّي.

لن أستطيع إنقاذ كلّ قِطَط الشارع ولا إنهاء الطبقيّة أو عناء الأشخاص اللطيفين جداً، ولا إقناع كلّ الناس برمي الصراصير خارجاً بدلاً من قتلِها ولا إصلاح المفاهيم الإنسانيّة الّتي ”خُلِقَت في أسفه تقويم“ أو إصلاح تفاهة هذا العالم المُنسّق بدقة ليكونَ جحيماً يحترق به المتنوّرين.

إلى الله الّذي لا أؤمن بوجودِه: لا أود منك أن تسمعني، ما أريده منك هو أن تنفذ ما أقوله لَك، أرجوك بأن تعيد النظر ببدايّة كلَّ شيء وبخطتك وأن تتخِذ قراراتٍ أُخرى، وسأعيد لكَ التفاحة العفِنة.

مقالات إعلانية