in

تعرف على متحف كريستيانو رونالدو: شاهدٌ على عظمة نجم كرة القدم والذي يعتبره الكثيرون ”أفضل لاعب في العالم“

خارج البناء، سترى تمثالاً للاعب كرة القدم (كريستيانو رونالدو)، في أسفله صفيحة كُتب عليها بالبرتغالية «أفضل لاعب في العالم». ذلك ادعاء جريء، ومن المؤكد أن الكثيرين سيفندون هذا الادعاء، خصوصاً محبي منافسه الأرجنتيني (ليونيل ميسي) وناديه برشلونة. لكن في الحقيقة، لا يمكن إلا للاعبٍ واحدٍ أن يحتل القمة.

تحت هذا التمثال البرونزي البالغ طوله 3 أمتار، نجد (كريستيانو) واقفًا بوضعية لاعب كرة القدم ممداً ذراعيه إلى أسفل جانبيه ومباعداً بين ساقيه… هذا التمثال الذي تصور بجانبه مئات آلاف الأشخاص، لدرجة أن لونه تغير في الأماكن الأكثر لمساً. في الحقيقة، ليس تمثال رونالدو هو ما يهمنا اليوم، بل ذلك المبنى المقابل للتمثال، والذي يُعرف باسم «متحف CR7».

كُتب على الصفيحة أسفل التمثال «أفضل لاعب في العالم». صورة: Sachin Nakrani/The Guardian

أن يوجد متحف خاص لـ (رونالدو) في مسقط رأسه ليس بالأمر المفاجئ، لكن المفاحئ والمريب هو شكل هذا المبنى، الذي لا يوحي بكونه متحفاً على الإطلاق. إذ من الخارج، كلّ ما ستراه هو بناء من طابقٍ واحد ذي واجه سوداء بالكامل. لكن عندما تدقق النظر، ستلمح التمثال على الفور، وستشاهد جمعاً من الناس متجمهراً حوله، ثم قد تبصر بعدها شعار CR7 من بعيد لتدرك أنك وصلت إلى متحف (كريستيانو رونالدو).

يقع هذا المتحف ضمن ما يُعرف بساحة البحر، وهي ساحة تمتد على طول الميناء الرئيس في مدينة فونشال، عاصمة جزر ماديرا، مسقط رأس (رونالدو) الذي وُلد في الخامس من فبراير عام 1985، وهذا التاريخ المدون على الصفيحة. إن (كريستيانو)، بلا شك، أشهر أبناء هذه المدينة وجزر ماديرا عموماً، وجزر ماديرا هي أرخبيل الجزر في جنوب البرتغال لا يتجاوز 267 ألف نسمة، وهو عامل الجذب السياحي الأول لهذه المدينة، حيث يجلب آلاف السياح سنوياً، بالإضافة إلى أمور أخرى تمتاز بها المدينة كالنبيذ المعتق والجو الرائع واللطيف.

يقوم الكثير من زوار ماديرا، وكذلك مدينة فونشال على وجه الخصوص، بزيارة متحف كريستيانو، بل أن بعض الزوار السابقين عادوا مرة أخرى بعدما جرى تحسين المبنى وتوسيعه.

سيدة تتصور أمام التمثال، حيث جرت بين الناس عادة التقاط الصور أمام تمثال رونالدو وإمساك المناطق الحساسة. صورة: John Rodgers

افتُتح المتحف لأول مرة في شهر ديسمبر من عام 2013، وكان موقعه في أعلى التلال المجاورة ضمن شارع برنسيسا دي أميليا. كان المتحف فكرة شقيق (رونالدو) الكبير، واسمه (هوغو). عندما زار (هوغو) إلى فيلا شقيقه لرؤية العائلة في مدريد، لاحظ وجود جوائز عديدة متناثرة على امتداد الفيلا، واعتقد أنه من الأفضل وضعها جميعاً في مكان واحد. امتلك (رونالدو) حينها أكثر من 140 جائزة، لذا كان من الضروري إنشاء بناء كبيرٍ بعض الشيء، ولحسن الحظ، امتلك (رونالدو) عقاراً في فونشال، وهكذا وُلد متحف CR7.

وعندما استمر نجم كرة القدم بالحصول على الجوائز، تقرر توسيع المبنى، وهكذا جرى نقله إلى ساحة البحر. لاحقاً، أصبح المتحف جزءاً من إمبراطورية أضخم، تشمل فندق بيستاينا CR7، وهو فُندق افتُتح صيف عام 2016، ويضم 48 غرفة لا يقل ثمن أرخص غرفة فيه عن 135 يورو في الليلة الواحدة، بالإضافة إلى جناح CR7 الذي كان ثمن الليلة الواحدة فيه عند الافتتاح 565 يورو، كما زُوّد الفندق بمسبح أعلى السطح يطل على الميناء والمحيط الأطلنطي.
تلك هي حدود أرض (رونالدو)، بين أشجار النخيل والكافيهات والبارات، يميز تلك الأرض تمثال (رونالدو) الذي نحته (ريكاردو فيلوزا)، وهو أيضاً من أبناء ماديرا.

متحف للإنجازات

مدخل متحف CR7. صورة: Wikipedia

في البداية، علينا إيضاح أمر مهم، وهو أن ثمن زيارة المتحف ليس كبيراً على الإطلاق، ويبلغ نحو 5 يورو للشخص الواحد، كما بإمكان من هم دون الـ 10 سنوات الدخول مجاناً. هناك أيضاً ميزة مهمة في هذا المتحف، حيث يقدم بطاقة دخول مجانية لمن هم في السابعة من عمرهم، وكذلك مجموعات الأشخاص (الغروبات السياحية) التي تتألف من 7 أشخاص أيضاً.

بعد شراء تذكرة الدخول والتوجه نحو الممر اليساري، ستشاهد صوراً للاعب، من بينها صورة كبيرة لـ (كريستيانو) مبتسماً كُتب عليها: «انظروا إلى… أبدو رائعاً أليس كذلك؟». بعد مسافة قصيرة، ستجد نفسك في القسم الرئيس، وهو عبارة عن غرفة ذات جدران بيضاء وأرضية سوداء مليئة بخزائن الجوائز والكؤوس التي حصل عليها النجم.

ستشاهد هناك كل الجوائز والكؤوس التي حصل عليها (رونالدو) خلال حياته، سواء عن إنجازاته الخاصة أو ضمن الفريق، ولكم أن تتخيلوا مقدار الجوائز التي حصل عليها (رونالدو) خلال مسيرته الطويلة في كرة القدم، والتي امتدت على مدار 24 عاماً منذ أن كان في السابعة من عمره يلعب كرة القدم لصالح فريق مدينته المحلي.

واحدة من ثلاث نسخ مطابقة لجائزة الكرة الذهبية التي حصل عليها (رونالدو). صورة: Octavio Passos/Getty Images

بالطبع، لن تستطيعوا التعرف على جميع تلك الجوائز، فمنها مثلاً جائزة حاز عليها لكونه أفضل لاعبٍ في دورة غير معروفة للاعبي كرة القدم الذين لم يتجاوزوا سنّ الـ 13. هناك أيضًا جوائز ليست بالمهمة جداً، كالجائزة التي تبدو على شكل صنبور برميل من البيرة أهدته إياه شركة كارلسبيرغ المختصة بصنع الجعة إثر تحقيقه لقب لاعب المباراة. من الجوائز المثيرة للاهتمام أيضًا هي 3 نسخ طبق الأصل من جائزة الكرة الذهبية موجودة في منتصف الغرفة، و4 نسخ طبق الأصل عن جائزة الحذاء الذهبي الأوروبي، ونسخ أخرى من جوائز الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا، وأيضاً نسخة طبق الأصل عن جائزة هنري ديلوناي التي حاز عليها (رونالدو) عالياً في ستاد دو فرانس.

بالإضافة إلى الخزائن الحاوية على الجوائز (هناك خزنة مليئة بكرات القدم)، هناك صف مليء بالقمصان المعروضة، والتي وقّع (رونالدو) على بعضها، بينما يؤكد بعضها الآخر على موهبة هذا اللاعب وبراعته، فهناك قميص ريال مدريد كُتب عليه «Ronaldo 324 Histórico» تذكيراً باللحظة التي سجّل فيها (رونالدو) –كان عمره 31 عاماً– الهدف الـ 324 لنادي ريال مدريد متجاوزاً (راوول) في قائمة الهدافين.

نسخ طبق الأصل عن جائزتي الدوري الإنجليزي الممتاز ودرع الاتحاد الإنجليزي. صورة: Sachin Nakrani/The Guardian

هناك تمثالان بحجم واقعيين لـ (رونالدو) يصوران اللاعب بلباس منتخبه البرتغال، ويتحذ فيهما (رونالدو) وضعية مشابهة للتمثال في الخارج، كما يوفران فرصة لالتقاط صور رائعة. الأهم من ذلك هو وجود شاشة توفر للزوار فيديوهات منسقة ضمن تسلسل زمني تفاعلي يتيح لك رؤية لحظات حاسمة من مسيرة اللاعب، منها فيديو لـ (رونالدو) وهو يقود فريقه خلال نهائي بطولة أمم أوروبا عام 2016، بعدما غادر (رونالدو) الملعب في الشوط الأول إثر إصابة في الركبة. رأى الكثيرون وقتها أن صياح (رونالدو) وإعطاءه الأوامر من خط التماس نوعاً من قلة الاحترام، لكن (رونالدو) يوضح في الفيديو وجهة نظره، حيث يقول الشاب أن هذا التصرف يعطيه نوعاً من الفخر.

تشكيلة من قمصان اللاعب معروضة ضمن المتحف.

تزين جدران المبنى لوحات وصور فوتوغرافية لـ (رونالدو)، بالإضافة إلى خزنة مليئة بالرسائل التي بعثها المعجبون المخلصون، ما يدل على أن هذا الرجل ليس مجرد شخص أناني يحب النظر إلى صورته في المرآة. ما يؤكد ذلك هو زيارة بسيطة للمتحف، حيث ستشاهد زواراً من مختلف الجنسيات والأعمار، يتجولون في المتحف ويلتقطون صوراً. إن عدد تلك الجوائز المعروضة يجب أن يذكر أقران (رونالدو) بعظمته، بل يجب أن تكون سبباً في اعتبار (رونالدو) من أفضل لاعبي كرة القدم في التاريخ، ربما ليس الأفضل كما تقول الصفيحة الموجودة أسفل تمثاله، لكنه يستحق حقاً التقدير، تحديداً بالنسبة لجيله والأجيال التي ستأتي بعده.

أحد التماثيل الشمعية لـ (رونالدو) داخل المتحف.

في شهر أغسطس من عام 2016، اندلعت حرائق مدمرة في ماديرا، ووصلت النيران إلى فونشال وكان الوضع كارثياً، وبالطبع، كان (رونالدو) جاهزًا للتبرع بأمواله وتقديم الدعم، ذلك الصبي الفقير الذي ترعرع في ضاحية سان أنطونيو، والذي أصبح نجماً عالمياً.

يحبّ سكان فونشال (رونالدو) بشكل لا يصدق، فهو ذاك الشاب الناجح والمتواضع الذي لم ينسَ أصله، ولهذا السبب بالذات، أسس (رونالدو) متحفه هناك، ولهذا السبب أيضاً قدّم (رونالدو) مساعدة مادية أثناء اندلاع الحرائق.

مقالات إعلانية