in

تعرف إلى قصة (أوغست لاندمسر) الألماني الذي رفض تحية الزعيم النازي هتلر

قصة (أوغست لاندمسر) الألماني الذي رفض تحية الزعيم النازي هتلر

انتشرت الصورة في الأعلى على العديد من المواقع في الأنترنيت منذ فترة، والتي اشتهرت بكونها تحمل أحد أكثر الحركات تمردا.

لا يمكننا معرفة العدد الكبير من الرجال في تلك الصورة الذين كانوا يتصرفون بداعي الخوف والرعب، فكلهم كانوا واعين جدا بأن عدم تحية الـ”الفهرر“ Fuhrer هو بمثابة إمضاء شهادة الوفاة الشخصية بنفسك.

وعندما تعرف بأن الرجل الواقف أمام كل ذلك الحشد هو الزعيم النازي أدولف هتلر، يجعل هذا ذلك العصيان والتمرد أكثر إثارة للإعجاب، لكن ما قد يبدو كفعل نابع عن التمرد والتعدي الصارخ على المبادئ النازية ورموزها، كان في الواقع نابعا عن الحب، فقد كان (أوغست لاندمسر) الرجل الذي رفض تحية هتلر متزوجا من امرأة يهودية.

أوغيست لاندمسر في زيه الرسمي
أوغيست لاندمسر في زيه الرسمي

قصة أوغست لاندمسر وحركته المتمردة ضد الحزب النازي الحاكم:

في سنة 1930، كان الإقتصاد الألماني يعاني كثيرا ويتقهقر، كما أدت طبيعة عدم الإستقرار التي ميزت النظام الحاكم آنذاك إلى سقوطه في نهاية المطاف وبروز الإنتهازيين وتسلمهم مقاليد السلطة في البلد، أي نشأة حكومة أدولف هتلر والحزب النازي.

وباعتقاده أنه بحصوله على الإرتباطات الصحيحة بإمكانه أن يحصل على عمل في خضم ذلك الإقتصاد المتقهقر، أصبح لاندمسر من الناشطين في الحزب النازي الذي بدا واعدا آنذاك، ولم يكن يعلم ما يخبؤه له المستقبل، ولم يكن يعلم كذلك أن قلبه سيقوم في القريب العاجل بتخريب أي تقدم كان قد أحرزه في مضماره السياسي القصير ذلك.

في سنة 1934، إلتقى لاندمسر بـ(إرما إكلر)، وهي امرأة يهودية، ووقع الإثنان في زمن قصير في حب بعضهما، فتسبب تقدمه لخطبتها بعد عام على علاقتهما بطرده من الحزب النازي، ثم تم رفض طلب زواجهما من طرف السلطات بداعي القوانين الجديدة في النظام الحاكم الجديد.

رزقا بعد ذلك بابنة أطلقا عليها اسم (إنغريد) في شهر أكتوبر من نفس السنة، وبعد سنتين لاحقا، في سنة 1937 بالضبط، قامت العائلة الصغيرة بمحاولة فاشلة في الهروب إلى الدنمارك، عندما تم احتجازها على مستوى الحدود، تم إلقاء القبض على إثر ذلك على (أوغست) ووجهت إليه تهمة ”إهانة العرق الآري“، وتم سجنه على الفور.

أوغست لاندمسر وإرما إكلر وابنتهما إنغريد
أوغست لاندمسر وإرما إكلر وابنتهما إنغريد

خلال المحاكمة، إدعى الإثنان عدم معرفتها بالأصول اليهودية لحبيبته (إرما)، حيث أنها صرحت بأنها قد تم تعميدها في الكنيسة البروتستانتية بعد أن تزوجت أمها للمرة الثانية.

في شهر مايو من سنة 1938، تمت تبرئة ساحة أوغيست لعدم توفر الأدلة الوافية، لكن ذلك لم يثن المحكمة من توجيه تحذير شديد إليه أنه قد يتعرض لعقوبات قاسية جدا في حالة ما تجرأ على إعادة سلوكه المهين ذلك.

وقد كانت السلطة القضائية عند كلمتها آنذاك، حيث أنه بعد شهر فقط تم إلقاء القبض مجددا على أوغيست وتم الحكم عليه بالإقامة الجبرية لمدة ثلاثين شهرا في مخيم محتشد، ومنه فإنه لن يرى زوجته الحبيبة مجددا.

عائلة أوغيست لاندمسر
عائلة أوغيست لاندمسر

في هذه الأثناء، تم تمرير قانون يقضي باعتقال الزوجات اليهوديات للرجال الألمان الذين يقومون بـ”تدنيس العرق وإهانته“، ومنه تم إلقاء القبض على (إرما) من طرف الغيستابو (وهي الشرطة السرية النازية) وتم اقتيادها إلى العديد من السجون ومخيمات الإعتقال والمحتشدات، أين قامت بإنجاب (إرين)، إبنتها الثانية من (أوغيست).

تم إرسال كلا الطفلين إلى دار للأيتام، على الرغم من أن الطفلة (إنغريد) قد تم تجنيبها قدرا أسوأ لكون حالتها التي تجعلها نصف آرية (من أب ألماني)، لذلك تم إرسالها للعيش مع جديها الآريين.

أما إرين (الإبنة الثانية التي ولدت في المحتشد فكانت السلطات تشك في كون والدها هو أوغست)، فقد تم انتشالها من الميتم ثم ارسالها إلى المحتشدات، أين تعرفت عليها إحدى صديقات العائلة، التي قامت بتهريبها إلى النمسا إلى أحد معارفها للإعتناء بها.

وبعودة (إرين) إلى ألمانيا، تم إخفاؤها مجددا، وهذه المرة في مستشفى أين ادعت أن وثائقها الرسمية قد ضاعت منها، مما سمح لها بالعيش تحت أنوف مضطهيدها إلى أن تمت هزيمتهم.

أوغيست لاندمسر إرين فوستر
أوغيست لاندمسر إرين فوستر

إلا أن حكاية والدتهما هي أكثر حزنا ومأساوية، بينما كانت ابنتاها تساقان من ديار الأيتام إلى مخيمات الإعتقال، إلى المخابئ، لاقت إرما حتفها في سنة 1942 في غرفة الغاز في بيرنبرغ.

تم إطلاق سراح أوغيست في سنة 1941، ثم بدأ العمل كرئيس عمال، بعد سنتين لاحقا، وعندما كان الجيش الألماني غارقا في الظروف اليائسة التي أحاطت به، تم تجنيد لاندمسر إجباريا هو وآلاف الرجال الآخرين في فرقة للمشاة، أين فقد في كرواتيا وتم اعتباره ميتا قبل ستة أشهر من استسلام ألمانيا النازية لقوات الحلفاء.

عائلة أوغيست لاندمسر كلها

يعتقد أن تلك الصورة الشهيرة المتداولة في أيامنا هذه قد تم التقاطها في سنة 1936 في الثالث عشر من شهر يونيو، عندما كان أوغيست لاندمسر يعمل في مصنع (Blohm+Voss)، وعندما كان لا تزال لديه عائلة يعود إليها في المساء، وفي ذلك اليوم الذي التقطت فيه الصورة بدا جليا دهشة العمال لرؤيتهم الزعيم النازي هتلر The Fuhrer بنفسه أمامهم.

كما يبدو أن لاندمسر وجد نفسه عاجزا عن تحية الرجل الذي قام؛ وبقي يقوم، بإهانة زوجته وابنته علنا واعتبرهما من غير الجنس البشري، والكثير من الأشخاص مثلهم، فقط ليعود في المساء إلى المنزل ليقبلهما.

من المؤكد أن لاندمسر كان واعيا بوجود مصوري البروباغاندا المرافقين لهتلر، إلا أنه تصرف كما أملاه عليه ضميره على الرغم من ذلك، ففي تلك اللحظة كان كل تفكيره حول عائلته فقط.

مقالات إعلانية