in

سلسلة الهولوكوست، محرقة اليهود – مقدمة

الهولوكوست

الهولوكست، أو ما يسميها اليهود الـ’هشوا‘ أي ’المصيبة‘ بالعبرية؛ هي إحدى أضخم جرائم التطهير العرقي في التاريخ، التي قضت على ما يقارب الـ6 ملايين من يهود أوروبا، إذ تمت إبادتهم بطريقةٍ منظمة على نطاق صناعي من قبل النظام النازي في ألمانيا.

النازية هي فكرٌ عنصري بامتياز، ادّعت فوقية العرق الآري على العرق السامي، فقد أراد هتلر أن يلوم هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى على عدوٍ ما في الداخل فوجد في اليهود كبش محرقته. كان من بين الضحايا مليون ونصف طفل، تم حرقهم مع عائلاتهم.

 بنجمة داوود من قبل النازيين لتعريفهم كيهود
صورة لطفلين يهودين وسمو بنجمة داوود من قبل النازيين لتعريفهم كيهود

وُجد أيضاً بين الضحايا غير اليهود من هم من ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ أراد النازيون أن يطهروا بلدهم من ”الجينات السيئة والضعيفة“ بحسب اعتقادهم. أما الأسباب التي أدت إلى المحرقة فسنتطرق إليها في مقالٍ آخر.

تمت الجريمة في أكثر من 40,000 معسكر اعتقال. شارك بها أكثر من 200,000 نازي. في معسكرات التركيز وقعت أبشع الجرائم بحق الإنسانية وقد عرّفها النازيون ”بالحل الأخير لمسألة اليهود“.

في بداية صعود هتلر للحكم قام تدريجياً بعزل اليهود، فمنعهم من المشاركة السياسية في البداية ثم طردهم من منازلهم إلى أحياء خارج المدن ثم بدأت عملية التطهير العرقي. فقام بقتل حوالي المليوني يهودي إعداماً بالرصاص في أقل من عام. اليهودي تلو الآخر، أحياناً كثيرة كانت تُجبر العوائل اليهودية على حفر قبورها بأنفسها، وعلى الجميع أن يشارك، الأم الأب الأطفال والجدة يحفرون ثم يُطلق الرصاص عليهم، ويقوم من سيلحقهم من اليهود بإكمال دفن أولئك.

جرت معظم الإعدامات في معسكرات عُرفت بـ”معسكرات الإبادة“، التي تختلف عن معسكرات التكثيف التي استخدمت للتعذيب والأعمال الشاقة. أما أكبر معسكرات الإبادة فهو معسكر ”أوشويتز“ حيث قضى حوالي المليون إنسان في مستودعات الغاز.

يقول ”رودلف فربا“؛ أحد العاملين في معسكر أوشويتز: ”كانت القطارات تأتي كل يوم وهي محملة باليهود، كان يصلنا أحياناً عدة قطارات في اليوم. القطارات محمّلة من جميع أقطار أوروبا ومليئة بأناس يجهلون مصيرهم ومصير من سبقهم إلى أوشويتز“.

أما معسكر ”ماثوسن غوسن“ في النمسا فكان مخيم إبادة عن طريق الأعمال الشاقة، فكان هدفه القضاء على الضحايا عن طريق تشغليهم إلى أن يموتوا من الإرهاق.

في مخيمات التكثيف انعدمت جميع معاني الإنسانية، هناك أجرى الأطباء النازيون تجاربهم على الأطفال، فقاموا بعملياتٍ جراحية كاملة من دون أي مخدّر، قامو بقص العظام وقطع أجزاء من الأعصاب أيضا بلا مخدّر. مات الكثير جراء تلك العمليات لكن من نجا غالبا ما أكمل حياته مكبّلاً بالإعاقات النفسية والجسدية. تضمنت التجارب الطبية أيضاً تعريض أناس لدرجات منخفضة جداً من الحرارة بالإضافة إلى تسميمهم.

أما معظم الحرق فقد حصل في مستودعات الغاز في معسكر أوتشويتز، عند وصول القطار محملا باليهود يقوم الضباط باختيار البعض القادرين على العمل وفصلهم عن عائلاتهم لإرسالهم لمعسكرات العمل أو لإجراء التجارب عليهم، أما الأكثرية يتم نزع ملابسهم عنهم وتعريتهم بشكل جماعي، وهناك تتم قيادتهم بشكل جماعي كالقطعان إلى مستودعات الغاز.

امرأة بهودبة تننظر الإعدام الجماعي في اوكرانبا مع ابنها
امرأة بهودبة تننظر الإعدام الجماعي في اوكرانبا مع ابنها

في بعض الأحيان كان يُقال للضحايا بأنهم يُقادون للاستحمام من أجل التخفيف من ذعرهم وتسريع العملية، لذلك كتبت كلمة حمامات على أبواب مستودعات الإبادة. كان الجنود النازيون عادةً ما يسخرون من الضحايا مثل أن يقولوا لهم بأن يسرعوا لأن القهوة التي تنتظرهم في الداخل ستبرد كما يذكر أحد الشهود.

أما مستودعات الغاز فكانت تتسع حوالي ألف إلى ألفي شخص في آنٍ واحد، كانت تغلق الأبواب وتقفل وثم يرمي الجنود عليهم قطع الـZykone B، وهي مادة سامة تصدر غاز سيانيد الهيدروجين.

يقول ”هوس“ وهو أحد الأطباء النازيين الذين أشرفوا على العملية: ”كان بإمكاني سماع صراخهم وعويلهم من الداخل وهم يصارعون للبقاء على قيد الحياة، أحياناً كانت المدة تصل إلى 20 دقيقة حتى يتوقف صراخُ آخر ضحية“.

عند إخراج الضحايا عادةً ما كانوا في وضعية القرفصاء، تخرج الرغوة من أفواههم والدماء من أذنيهم. بعد ذلك كانت أسنان الضحايا الذهبية تُصادر، ويُقصّ شعر النساء، وكانت المحرقة تنظّف بعد كل عملية. بالطبع من قام بهذا العمل المقيت هم أيضاً سجناء يهود وكانت عقوبة من يقصّر بعمله منهم الحرق حتى الموت.

لاحقاً، ولكثرة الضغط على المحارق، تم إعطاء الأولوية للأطفال لأنهم غير قادرين على العمل، ”فكانت الأمهات دائماً يخبّئن أطفالهن تحت ملابسهن“؛ كما تقول شهادة أحد الضباط النازيين، ”لكننا دائما ما كنا نكتشفهم“، ويكمل الضابط ”أحياناً كانوا يكتشفون أنهم في طريقهم للإبادة عن طريق شم رائحة الجثث وكانوا يهلعون ويثورون“.

لم يكن المجتمع الألماني بمعظمه مكترثاً للمحرقة كما يؤكد معظم المؤرخون، فقد كان أكثرهم مشغولاً بالحرب ونتائجها ولم يكن اليهود من ضمن أولوياته.

مقالات إعلانية