in

هل ننجذب لمن يشبهنا أم لمن يختلف عنا؟

التجاذب

لطالما كانت فكرة ”تجاذب الأضداد“ فكرة منتشرة بين الناس عموماً، حيث يعتبر العديد أن البشر كما أقطاب المغناطيس: ينجذبون للمختلف وينفرون من المشابه. لكن ورقة بحثية نشرت في تقرير علم نفس الشخصية والمجتمع (Personality and Social Psychology) في تموز\يوليو عام 2010 تقترح جواباً مختلفاً للغاية، فوفقاً للدراسة نحن ننجذب لمن يشبهوننا أو يشبهون الوالد من الجنس الآخر (شكلياً على الأقل).

تجاذب الأضداد

في إحدى الدراسات، عرض على المشاركين صورا لأشخاص غرباء تماماً عنهم مع تسبيق ذلك بلمحة سريعة على صورة لوالدهم من الجنس المقابل (الوالد للإناث والوالدة للذكور) أو لمحة سريعة لشخص غريب لا يعرفونه. حيث يطلب منهم تقييم ”جاذبية“ الشخص صاحب الصورة بعدها وفق مقياس للجاذبية.

عند النظر للنتائج، وجد الباحثون أن المشاركين كانوا يميلون لإعطاء تقييمات جاذبية أعلى للأشخاص ذوي الصور إذا كانت صورهم تسبق بلمحة سريعة لصورة الوالد من الجنس الآخر. لكن مع كون التجربة أصلاً لا تعطي نتائج مؤكدة، تم تصميم تجربة أخرى حيث يعرض على الأشخاص صور لغرباء مدموجة مع صور المشاركين أو والدهم من الجنس الآخر لفئة وصور غرباء مدموجة بصور غرباء آخرين لفئة أخرى.

تجاذب الأضداد

وكما الدراسة الأولى، أشارت النتائج إلى إعطاء المشاركين لتصنيفات أعلى جاذبية للأشخاص المدموجة صورهم مع صورة المشارك أو والده من الجنس الآخر، حيث كانت هذه الصور عموماً تنتقى بدلاً من تلك التي نحوي دمجاً لصور غريبين.

النتيجة؛ التي تأتي مفاجأة للعديدين، ليست الوحيدة في هذا المجال، ففي تقرير نشره باحثون في شركة deCODE Genetics في مجلة Science عام 2008، أظهرت النتائج أن الزواج بين الأقارب من الدرجة الثالثة والرابعة (أي أن السلف المشترك يقع على بعد ثلاثة أو أربعة أجيال) في آيسلاندا أنتج أولاداً وأحفاداً أكثر بشكل ملحوظ من الزيجات بين الأشخاص الذين لا تصلهم أي قرابة، حيث يقترح الباحثون أن الزواج من القريب من الدرجة الثالثة مثالي للتكاثر حيث أنه يحقق تقارباً جينياً جيداً للأطفال دون العيوب الخلقية التي تنتج عن زيجات الأقارب من الدرجة الأولى.

للوهلة الأولى، تبدو هكذا نتائج متناقضة مع ما يعرف بـ”تأثير وسترمارك“ (Westermarck effect) والذي ينص على أن الأشخاص الذين يقضون سنوات الطفولة معاً عادة ما لا يغرمون ببعضهم بعد وصولهم لمرحلة النضج الجنسي. لكن الواقع أن هكذا نتائج تؤكد التأثير بشكل أكبر، فتأثير وسترمارك يتحدث عن أولئك الذين يقضون الطفولة معاً دون تحديد ما إذا كانوا يتصلون بقرابة أو يشبهون بعضهم شكلياً.

على أي حال فتأثير وسترمارك كان قد تم تأكيده مسبقاً عند دراسة العلاقات في نظام المستعمرات الزراعية الإسرائيلية (والتي تضم أشخاصاً دون قرابة جينية أو تشابه شكلي ملحوظ) بالإضافة لتأكيده مع دراسة زيجات ”sim pua“ في تايلند قبل العصر الحديث، حيث كانت تعطى طفلات أناث لعائلة حيث تعشن معهم ليتزوجن أولادهم لاحقاً، لكن هذا النوع من الزواج التقليدي تسبب بتناقص في الخصوبة وارتفاع معدلات الخيانة الزوجية وحالات الطلاق بشكل يعزز التأثير المذكور آنفاً.

بالمحصلة، يبدو أن التشابه الشكلي بين الشخصين يلعب دوراً حقيقياً (ولو لأنه غير محدد تماماً) في زيادة احتمال نجاح العلاقات العاطفية المستقرة طويلة المدى.

مقالات إعلانية