هل سيصبح عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية من المسلمين كبيراً بشكل يسمح لهم بانتخاب رئيس لدولتهم بحلول عام 2040؟
ظهر على الإنترنت ميم Meme (صورة توضيحية) مجهول الأصل في الشهر الثالث من هذا العام يشير إلى نمو وازدياد عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، وأرفق هذا الميم بتحذير يدعي التالي: ”خلال 20 عاماً، سيصبح هناك عدد كاف من المقترعين المسلمين لانتخاب رئيس للولايات المتحدة الأمريكية“.
يوضح التفسير الحرفي لهذا التحذير أن المسلمين سيشكلون نسبة كبيرة من سكان الولايات المتحدة الأمريكية، وسيصبح بمقدورهم انتخاب الرئيس الذي يرغبون فيه، ولن تملك أصوات باقي المقترعين أية أهمية في تحديد مصير الولايات المتحدة الأمريكية، لكن هذا التصور خاطئ بشكل مريع إذ تشير الإحصائيات والتقديرات إلى بطلان هذا الإدعاء.
قدر مركز Pew للأبحاث في شهر يناير من عام 2018 وجود نحو 3.45 مليون مسلم يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2017، أي يشكلون بذلك نحو 1.1٪ من مجموع السكان في أمريكا، وقدر المركز نفسه أن عدد المسلمين في أمريكا سيبلغ 8.1 مليون عام 2050 –وتلك مدة أطول بكثير من المدة التي اقترحها الميم!– أي ستبلغ نسبة المسلمين 2.1٪ من مجموع السكان.

ربما تشكل تلك النسبة (أي الـ2.1٪) مجموعاً كبيراً من الأصوات، لكنها لن تكون لوحدها كافية أو كبيرة على الإطلاق بشكل يسمح بتحديد نتائج انتخابات يصوت فيها عدد هائل من الأمريكيين. وحتى لو أخذنا بعين الاعتبار نظام المجمع الانتخابي الأمريكي لانتخاب الرؤساء، والذي لا يعتمد مباشرة على مجموع أصوات الشعب، حيث سيبقى المرشح في حاجة إلى نسبة لا تقل عن 23٪ من الأصوات للوصول إلى البيت الأبيض، ستظل تلك النسبة المتواضعة أكبر بعشر مرات من عدد المسلمين المُفترض في أمريكا بحلول عام 2050.
علاوة على ذلك، فإن نسبة المسلمين المتواضعة تلك ستكون نقطة سلبية عند أخذ نظام المجمع الانتخابي في عين الاعتبار، فلن يكون المسلمون متوزعين بشكل متساو على طول الولايات المتحدة. ووفقاً لمركز Pew للأبحاث، فإن نظرنا إلى بعض المراكز الحضرية الكبرى في الولايات المتحدة كمدينة واشنطن على سبيل المثال، سنعثر على مجتمعات كبيرة من المسلمين، أما في ولايات معينة كـ(نيو جيرسي)، سنلاحظ وجود عدد من المسلمين البالغين يفوق المتوسط بثلاثة أو أربعة أضعاف.
لكن عدد المسلمين في الولايات الأخرى أقل بكثير مما كنا نتحدث عنه، وإن لم تقم الولايات المتحدة بإجراء تغييرات جذرية في قوانين الهجرة، فمن المستحيل أن يصيب الميم سابق الذكر عندما يتحدث عن ازدياد عدد المسلمين بحلول عام 2040 وقدرتهم على انتخاب رئيس أمريكي خاص بهم.
ولنفترض مثلاً حدوث تغييرات هائلة في النسيج الديني للولايات المتحدة خلال فترة زمنية قصيرة جداً (وهي 20 سنة)، من غير الواضح ما الذي يتوجب على الأمريكي فعله استجابة إلى هذا التغير السكاني. هل من المعقول تغيير القوانين الأمريكية المبنية على الديمقراطية والحريات لمنع المسلمين من التصويت؟ هل من الطبيعي تشجيع النساء غير المسلمات على إنجاب الأطفال في نوع من السباق العرقي للتغلب على عدد المسلمين المتزايد؟ أو إصدار قوانين وتشريعات لتغيير الخصائص السكانية؟
لاحظنا أن مركز Pew للأبحاث قد أورد في شهر نوفمبر من عام 2018 التالي: ”تميل نسبة كبيرة من المسلمين الأمريكيين إلى انتخاب مرشحين من الحزب الديمقراطي بدلاً من الحزب الجمهوري (66٪ من الأصوات للحزب الديمقراطي مقابل 13٪ للحزب الجمهوري)، لكن نسبة المصوتين للحزب الجمهوري بقيت ثابتة على مدار 10 أعوام، حتى بعد انتخاب الرئيس دونالد ترامب“.
من الواضح أن المسلمين في أمريكا سيميلون الكفة لصالح مرشحي الحزب الديمقراطي، لكن عددهم لن يكون كافياً لانتخاب رئيس خاص بهم، حتى بعد عدة عقود من الزمن.