in

هل قام (بروس لي) حقاً بلعب البينغ بونغ مستخدماً النينشاكو؟

بروس لي

بعد أن دخل الإنترنت إلى حياتنا؛ قيل أنّ العالم أصبح أشبه بقريةٍ صغيرةٍ يمكنك فيها أن تحصل على ما تشاء وتشاهد ما ترغب به دون أن تكلّف نفسك عناء الخروج من منزلك، فهذه الشاشة الصغيرة أمامك كفيلةٌ بفتح أبوابٍ كثيرةٍ، ولكن كما يُقال مع كلّ حلٍ جديد تُخلق مشكلةٌ جديدة، حيث فتح الانتشار الكبير للانترنت الذي أتاح للجميع أن ينشروا كلّ ما يرغبون به الباب للكثيرين من هواة المقالب بنشر العديد من الأخبار الكاذبة ومقاطع الفيديو المعدّلة حاسوبياً، ليقع الكثيرون ممن يفتقرون للخبرة التقنية في فخاخهم ويُصدّقوا هذه الأخبار التي غالباً ما تكون محبوكةً بعناية.

في الكثير من الأحيان؛ تكون هذه الأخبار ومقاطع الفيديو منشورةً كمقلبٍ أو خدعةٍ قام بها شخصٌ بهدف التسلية، ولكن في أحيانٍ أخرى قد يحصل الالتباس نتيجة قلّة خبرة المشاهد، كم من مقطع فيديو مأخوذٍ من فيلمٍ سينمائيٍ أو إعلانٍ انتشر بين الناس على أنّه حقيقي، ومثالنا في هذا المقال هو واحدٌ من هذه الحالات، فقد شاهدت شخصياً مقطع الفيديو الذي يظهر فيه (بروس لي) وهو يلعب الـ(بينغ بونغ) مستخدماً الـ(ننشاكو) واعتقدت كغيري أنّه قد يكون حقيقياً نظراً لعلمي أنه كان ماهراً حقاً في استخدام هذه الأداة وفي الفنون القتالية بشكلٍ عام، ولكنّ بحثاً صغيراً في الإنترنت كفيلٌ بإثبات أننا كنّا على خطأ.

تبيّن أنّ هذا الفيديو ليس إلا إعلاناً ترويجيا قديماً استخدمته شركة (نوكيا) لتسويق النسخة المحدودة من هاتفها N96 الذي حمل اسم Nokia N96 Limited Edition Bruce Lee، والذي صدر في عام 2008. لتصوير هذا الفيديو اعتمدت وكالة الإعلانات JWT على شخصٍ شبيهٍ بـ(بروس لي)، الذي مثّل كونه يلعب الـ(بينغ بونغ) مستخدما الـ(ننشاكو) ليتمّ لاحقاً مزامنة الحركات والأصوات على الفيديو، ولتتم إضافة الكرة إليه باستخدام الحاسوب قبل نشر الإعلان، حتى يصبح لدينا ذلك الفيديو الذي خدع الملايين حول العالم.

في مقابلةٍ مع وكالة Agency.Asia تحدّث (بولي تشو) الرجل المسؤول عن الإعلان عن فكرته المبتكرة وكيف خطرت له:

الوكالة: ”يمكن وصف العمل الذي قمت لصالح شركة نوكيا ببساطة أنّه مذهل، ففكرة قيام (بروس لي) بلعب الـ(بينغ بونغ) مستخدماً الـ(ننشاكو) مثالية وفي الوقت نفسه غريبة.

من الواضح أنّ جميع المسوّقين حول العالم يلومون أنفسهم لأنّهم لم يفكّروا فيها سابقاً وهو دليلٌ أنّها فكرةٌ جيدة ولكن كيف استطعت أن تبيع إعلاناً لا يظهر فيه أيّ هاتفٍ محمول لشركةٍ تنتج الهواتف المحمولة؟ هذا حقاً عملٌ مبدع.“

بولي تشو: ”التوسع العالمي يعتمد على الأفكار التي يمكن وصفها بكلمة مذهل كثيراً، مضحك كثيراً، مقرف كثيراً وما إلى ذلك، فقط عندما يجد الشخص أنّ الفكرة مثيرةٌ للاهتمام سيخصص بعضاً من وقته لمشاركتها مع الآخرين وهو ما يجعلها تنتشر عالمياً. كان (بروس لي) يتمتع بمهارات مذهلةٍ للغاية ونحن نعلم أنّه أسطورة ولحسن الحظّ كان لدينا عميلٌ يتمتع بذهنٍ منفتحٍ يقدّر الأفكار الخلّاقة حقاً.“

الوكالة: ”ما الذي ألهمك لاستخدام (بروس لي) في الإعلان؟“

(بولي تشو): ”في البداية قمنا بدراسةٍ لتقدير التكلفة التي سنحتاجها لنشر الإعلان على مواقع الفيديو مثل Youtube، وYouKu وتبيّن أنّه يكلّف ملايين الدولارات، وكان هناك عامل آخر قياسه أصعب بقليل من الأوّل ولكنّه مهمٌ بالقدر ذاته، وهو عامل الروعة التي أضافتها الفكرة إلى شركة نوكيا.

بالنسبة لـ(بروس لي)، فالشيء الذي دفعنا لاستخدامه هو حبّ فريق العمل له، فنحن جميعاً معجبون به ولهذا كنّا نُدرك أهمية استخدام الفكرة لتسويق الهاتف بين المعجبين، خاصةً أنّ عام 2008 كان يشهد الذكرى الثلاثين لهذه الشخصية، وهو ما دفعنا لإنشاء حملةٍ نظهر فيها محبتنا له، هدفنا كان أن ندفع الناس لزيارة الموقع المصغّر الذي أنشأناه لتعريف الناس عن نسخة (بروس لي) من هاتف N96، وليس لتسويق الجهاز كما يكون هدف حملات الإعلان التلفزيونية عادةً.“

الوكالة: ”لقد شهد الإعلان عشرات الملايين من المشاهدات على يوتيوب لوحده، وعلى الرغم من الشعبية الهائلة التي اكتسبها فهناك جدلٌ ضخمٌ بين المتابعين الذين يتساءلون إن كان الفيديو حقيقياً أم أنّه معدّل، فعندما نتصفّح المنتديات على الإنترنت فنحن نلاحظ أنّ الناس يتجادلون بشدّة، ومن النادر أن يخلق إعلانٌ ما شغفاً كهذا ولكنّ الشيء الوحيد الأكيد هنا أنّ الناس يحبّون إعلانكم هذا.“

(بولي تشو): ”نحن سعداء بأنّ الناس يعتقدون أنّ ما أنتجناه مثيرٌ كالأفلام الشهيرة، وفي الحقيقة أحد الأوجه المثيرة للاهتمام في حملتنا أنّك تستطيع أن تعرف ردود أفعال الناس على الإعلان، مما أمكننا أن نقوم بخطوتنا التالية بناء على ذلك، فقد أطلقنا مقطع فيديو ترويجياً مدّته 10 ثوانٍ وانتظرنا يومين قبل نشر الفيديو الكامل.

خلال اليوم الأول من نشره حصد الفيديو 700 ألف مشاهدة، فقمنا بعدها بنشر الفيديو الكامل مرفقاً مع صور المنتج والموقع الإلكتروني الذي كان يمكن للزبائن أن يطلبوا نسختهم الخاصة عبره، في الحقيقة؛ ما قمنا به كان حملةً تسويقيةً مدروسةً جيداً وقد سررنا عندما شهدنا الردود المليئة بالشغف.“

في النهاية يمكن القول أنّ هذا الفيديو هو مثالٌ من مئات الأمثلة وهو ما يدفعنا للقول أنّ عليك أن تفكّر ملياً وتبحث جيداً قبل أن تقرر تصديق شيءٍ وصلك عبر أحد المواقع، ومهما كان ما شاهدته يبدو واقعياً وحقيقياً من الأفضل دوماً أن تتأكّد من صحّته، خاصةً إن كان غير منشورٍ على أحد المواقع الرسمية، فأنت لا تريد أن تكون ضحيةً لشخصٍ يستمتع بخداع الناس.

مقالات إعلانية