in

هل تستطيع سماع ارتطام البرج الكهربائي رغم أن الصورة المتحركة GIF لا صوت لها أبداً؟

ارتطام البرج الكهربائي

هل شعرت يوماً أن بإمكانك تذوق رقاقات البطاطا Chips أثناء استماعك لدعاية إذاعية تحمل صوت القرمشة المثير؟ هل أحسست بطعم مشروبك الغازي المفضّل لدى رؤيتك لدعاية إعلانية تُظهر أحدهم يفتح القارورة ويسكب المشروب؟

الأمر مشابه فيما يتعلّق بإمكانية رؤية الصور المتحركة الصامتة التي أثارت ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ادّعى كثيرون أن بإمكانهم سماع صوت ارتطام البرج رغم أن الصورة لا صوت لها! فهل بإمكانك أنت أيضاً سماع الصوت؟

اطمئن، أنت لست وحدك!

أجرت (ليزا ديبروين)؛ باحثة في جامعة غلاسكو استفتاءً على تويتر حول قدرة الناس على سماع صوت صادر عن الصورة المتحركة السابقة GIF، حيث حملت نتيجة الاستفتاء نسبة 70٪ من الناس الذين قالوا أنّهم يسمعون صوت ”ارتطام مكتوم“ في كل مرّة يرون فيها ارتطام البرج الكهربائي.

وهذه ليست المرة الأولى التي تدفع الصورة ذاتها الناسَ إلى سماع أصوات معينة رغم أنّها صامتةً تماماً، فمنذ أن قام مشتركٌ في تويتر يدعى HappyToast بابتكارها عام 2008، استمرت هذه الصورة بإثارة الجدل على الانترنت بشكل دوري حتى يومنا هذا، وذلك بسبب الظاهرة السمعية الغريبة التي تولدها بين الناس.

ما الذي يحدث تحديداً؟

خلف كلمة معينة من خلال سياق الجملة، تقوم حواسك الفردية بفهم العالم من خلال سياق الحواس الأخرى.

تعرف الظاهرة التي تؤثر خلالها حاسةٌ معينة على الحواس الأخرى من ناحية الإدراك باسم ”التقاطع الشكلي المشروط للإدراك الحسّي“، وهي تؤثر عملياً في كافة مجالات الحياة، فعلى سبيل المثال، يقوم العلماء بتعديل صوت قرمشة رقاقات البطاطا لجعل مذاقها طازجاً بشكل أكبر، كما يقوم المسوّقون بتعديل صوت الدعايات الإعلانية عبر تخفيضه مما يجعل المنتج يبدو أكثر ضخامة!

كذلك الأمر بالنسبة لظاهرة تأثير (مكغورك) في الفيديو الذي نشرته قناة الـBBC في برنامجها Horizon، حين يُطبّق تعديل صوتي يحمل صوت رجل يقول كلمة (فا) على صورة رجل يقول كلمة (با) أثناء التصوير، فإنّك ستستمر في سماع كلمة (با) في كل مرّة ستشاهد فيها ذلك المشهد!

المثير في الأمر أنّك تقوم بتذوق رقاقات الشيبس فعلياً، وترى الرجل وهو يتكلّم واقعياً، لكن الصورة المتحركة السابقة GIF هي صامتة بشكل كامل، وبالتأكيد فإنّك تعتقد أن عينيك لا قدرة لهما على جعلك تسمع أصواتا لا وجود لها – وهما في الحقيقة تستطيعان!

في آذار عام 2017، بيّنت دراسة حديثة أجراها (كريستوفر فاسيندج)، أحد المرشحين لنيل درجة الدكتوراه في علم النفس بجامعة لندن، أن 22٪ من الأشخاص قد سمعوا أصواتاً خافتةً وبعيدة -وليست موجودة بالفعل- حين قام الباحثون بتوجيه ضوء نحو أعينهم، وهذا ما ولّد لديهم استجابة سمعية لاستثارة بصرية، أو ما يعرف باسم V-EAR.

يقول (كريستوفر) أنّ هذه الظاهرة هي إحدى أمثلة حالة ”الحس المرافق“؛ هي حالة يتم فيها إدراك المعلومات المُستقبلة من حاسة ما عبر حاسة أخرى (كرؤية الأصوات وسماع الأطعمة …إلخ)، لكن الأمر المختلف بين الحالتين، حيث تُظهر لنا هذه الصورة المتحركة GIF أننا لسنا بحاجة لقدرات نادرة للمزج بين حواسنا المختلفة.

على الجانب الآخر، تقترح نظرية أخرى أن آذاننا تقوم ”بالانغلاق“ بشكل تلقائي استعداداً لسماع صوت عالٍ وضخم وجداً، والصوت الذي تسمعه ما هو إلّا صوت ذلك ”الانغلاق“.

كما يطرح البعض نظرية ثالثة ترجّح أن المسيطر هو قوة ”الاقتراح“، أي أنّك ستسمع صوتاً معيناً لأن الجملة المرافقة للصورة وعنوان المقال يقول أنّ عليك أن تسمع صوتاً معيناً.

فهل أنت من بين الـ70٪ الذين تمكنوا من سماع صوت الارتطام؟ وهل سمعت ارتطاماً بسبب الظاهرة السابقة؟ أم فقط لأننا أخبرناك أنّك ستسمع صوتاً ما؟

في نهاية الأمر، وإذا كنت من أولئك الذين سمعوا ارتطاماً أو لم يسمعوا شيئاً على الإطلاق، فقد استمتعنا معاً برؤية برج كهربائي وهو يمارس مع أصدقائه الأبراج رياضة القفز على الحبل!

مقالات إعلانية