in

لماذا لا يسكن أحد هذه المدينة الصينية التي كلّف بناؤها 161 مليار دولار!

مدينة أوردوس الصينية الفارغة

هذه هي منطقة (كانغباشي) في مدينة (أوردوس)، مدينة الأشباح التي بلغت تكلفة إنشائها حوالي 161 مليار دولار والتي شيدتها الصين لمليون شخص ولم يسكنها أحد.

للصين مشكلاتها الخاصة مع التسميات، فقد قامت بتسمية منطقة منغوليا الداخلية بهذا الاسم ليس لأنها جزء داخلي من منغوليا بل لأنها جزء خارجي من الصين، وبالمثل مدينة (أوردوس) التي سميت بهذا الاسم ليس لأنها مدينة إنما منطقة إدارية، و(دونغ شنغ) هي المنطقة المدنية الرئيسية في (أوردوس).

(أوردوس) هي واحدة من أغنى مناطق الصين لكونها تحتوي على احتياطيات هائلة من الفحم والغاز الطبيعي، وقد كانت منطقة (دونغ شنغ) فيها منطقة مزدهرة ومكتظة بالسكان إلى غاية سنة 2003 حينما فكرت الحكومة الصينية في بناء مدينة ضخمة للغاية وفي وسط صحراء (غوبي) على بعد 16 ميلًا من (دونغ تشنغ).

وكان ذلك ما فعلوه بالضبط، حيث بدأ العمل على إنشاء منطقة حضرية جديدة وهائلة سميت بمنطقة (كانغباشي)، وهي منطقة جميلة تم بناؤها لتتسع لمليون نسمة، مع عدد هائل من المباني والشقق الفاخرة.

أبراج ضخمة في مدينة (أوردوس) الخاوية.
أبراج ضخمة في مدينة (أوردوس) الخاوية. صورة: Wikimedia Commons

كانت المشكلة الوحيدة في كل هذه المباني الجميلة هي عدم حضور أحد ليسكنها، ولفهم كيف انتهى الأمر بالصين مع مدينة ضخمة متلألئة ومتقنة لكنها فارغة، هناك ثلاثة أشياء رئيسية تحتاج إلى فهمها:

رغبة الصين الهستيرية في التوسع

الشيء الأول هو الدفع المستمر من قبل الحكومة الصينية بهدف التوسع، فقد أمضت الصين عقودًا تحاول أن تصبح أكثر مدنيةً، فقد كانوا يحاولون الابتعاد عن ماضيهم الزراعي، وجعل المزيد من الناس يعيشون في المدن.

وعلى الرغم من أن الصين تُدار الآن من قبل حكومة شيوعية، فإن هذا أمر من السهل نسيانه في بعض الأحيان في ظل كل المظاهر الرأسمالية الموجودة هناك، ومع ذلك لا يزال الحزب الشيوعي من يرسم المخططات الاقتصادية للصين.

هذا يعني أنه على عكس الولايات المتحدة حيث تخضع اتجاهات العقارات بشكل شبه حصري للسوق الحرة، في الصين يتم التخطيط بشكل أكبر للعقارات، بحيث يمكن للحكومة التخطيط لبناء مدينة ضخمة، وتوجيه مواردها نحو تحقيق ذلك.

هاجس الناتج المحلي

متحف (أوردوس).
متحف (أوردوس). صورة: Wikimedia Commons

الشيء الثاني هي أن الحكومة الصينية تريد أن ترى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي العام يتضخم عامًا تلو آخر، حيث يبدو أن الشغل الشاغل في الحكومة الشيوعية الصينية هو رؤية الاقتصاد يمنو شيئًا فشيئا ليتحول ربما إلى أكبر اقتصاد في العالم.

أظهرت الصين نجاحًا هائلاً في نمو الناتج الإجمالي المحلي، غير أنها كانت أحيانًا تدفع بالأشياء إلى الأمام بطريقة غير طبيعية ومدروسة.

إحدى الطرق التي تعزز بها الصين اقتصادها هي الحفاظ على مجال العقارات نشيطًا للغاية. في الواقع، تشير بعض التقديرات إلى أن التطوير العقاري يمثل 20-30٪ من الاقتصاد بأكمله. من الإحصائيات التي يُستشهد بها غالبًا أنه في فترة ثلاث سنوات من 2011 إلى 2013، سكبت الصين من الإسمنت أكثر مما فعلت الولايات المتحدة خلال القرن الواحد والعشرين بأكمله.

العقارات، استثمار الطبقة الوسطى الصينية الوحيد

جسر كانغباشي الكبير.
جسر كانغباشي الكبير. صورة: Wikimedia Commons

الشيء الثالث الذي يجب أن تفهمه هو أن الطبقة الوسطى الصينية الناشئة ليس لديها الكثير من فرص الاستثمار. على عكس الولايات المتحدة، حيث يمكن لأي شخص تقريبًا المضي قدمًا والاستثمار في أي مجال يرغب في الاستثمار فيه، من الصعب جدًا على المواطنين الصينيين الاستثمار في الأسواق الخارجية، كما أن سوق الأسهم الصيني متقلب للغاية.

لذلك، عندما بدأت الصين في السماح بملكية المنازل الخاصة في عام 1998، أصبحت العقارات هي الطريقة الرئيسية التي يمكن أن يستثمر فيها الصينيون من الطبقة المتوسطة، وهذا ما أدى إلى أحد أكثر الأشياء الرائعة في هذه المدينة المهجورة: كل هذه المباني السكنية الفارغة التي تراها ليست إخفاقات حقًا، على الأقل بالنسبة للمطورين، لأن جميع الشقق تقريبًا تم بيعها لأشخاص لا يريدون العيش هناك، إنما الاستثمار في العقارات.

مدينة أوردوس، مدينة الأشباح الصينية.
مدينة أوردوس، مدينة الأشباح الصينية. صورة: Wikimedia Commons

ما حدث إذن بسيط جدًا: أرادت الحكومة الصينية بناء عقارات، لذلك كانت على استعداد لتشجيع هذا المخطط من خلال قروض يمكن الحصول عليها بسهولة بالنسبة للمطورين، وكان المطورون على استعداد لبناء مدن لأن القروض كانت سهلة للحصول عليها، وكانوا يتوقعون أن يكونوا قادرين على بيع الشقق للطبقة الوسطى الصينية بسهولة، وكان الصينيون من الطبقة الوسطى على استعداد لشراء هذه الشقق كاستثمارات، لأنها طريقتهم الحقيقية الوحيدة للاستثمار، ولطالما زادت قيمة سوق العقارات الصيني تاريخيًا.

استثمار ناجح

دار الأوبيرا في أوردوس.
دار الأوبيرا في أوردوس. صورة: Wikimedia Commons

هكذا كان لدى المطورين مصدر رأس مال سهل والكثير من المشترين، وكل ما كان ينقص هو أن يعيش الناس هناك بالفعل. اعتبارًا من عام 2010، عندما تم الانتهاء من بناء المدينة كان هناك ما بين 20 إلى 30 ألف شخصًا يعيش في منطقة بنيت لمليون شخص.

منذ ذلك الحين، ازدادت الأرقام قليلاً، فهناك حوالي 200000 ساكن، أي 1/5 من سعتها، ولكن مرة أخرى هذه الأيام، تعد نسبة الخمس شيئًا جيدًا نوعًا ما.

مقالات إعلانية