تبدو هاتان الصورتان لبرج (إيفل) متشابهتان إلى حد كبير، لكن إذا دققت النظر فيهما ستجد أنهما مختلفتان، ولربما علمت ذلك من خلال النظر إلى المناظر المحيطة ببرج إيفل.

واحد من هذين البرجين هو البرج الحقيقي الموجود في مدينة (باريس) الفرنسية، والبرج الآخر هو نسخة عنه موجودة في بلدة (تياندوشينغ) الواقعة على ضواحي مدينة (هانغزو) في الصين.

تعتبر نسخ معلم فرنسا الشهير (برج إيفل) شائعة جداً حول العالم، لكن ثمة شيء حصري وغير عادي حول بلدة (تياندوشينغ)، حيث تبلغ مساحتها 31 كيلومترا مربعا، وتم افتتاح هذه البلدة التي تحتوي على المنازل والملكيات الفخمة في عام 2007.

تأسست (تياندوشينغ) لتشبه العاصمة الفرنسية الشهيرة (باريس) بكل ما تحتويه من أبنية ونوافير ومساحات خضراء متشابهة، حتى وجود برج (إيفل) فيها، إذ يبلغ ارتفاع برج إيفل المقلد حوالي الـ100 متر، أي ثلث ارتفاع برج إيفل الأصلي.

أي من الصور تعود لمدينة باريس؟

الصور التالية عزيزي القارئ مأخوذة من سلسلة من الصور تدعى ”متلازمة باريس“ التي قام بالتقاطها المصور الفرنسي الأصل (فرونسوا بروست)، حيث قام (بروست) بوضع المشاهد الملتقطة لضواحي وأبنية (باريس) جنبا إلى جنب مع مشابهاتها من بلدة (تياندوشينغ).

سنرى سوية بعض من اللقطات لجادة (هوسمان) العريضة التي تحدها من كلا الجانبين شقق لأبنية باريس التقليدية، بالإضافة إلى التماثيل والمصابيح الفارسية المنحوتة بدقة لدرجة تعجز فيها عن إيجاد الفرق، لكنها ليست سوى مظاهر زائفة.

لاحظ (بروست) أن سكان بلدة (تياندوشينغ) يمارسون حياتهم كأنهم موجودون في أي مدينة أخرى في الصين، حتى لائحة الطعام الموجودة في المطاعم تشبه أي لائحة طعام أخرى في البلد، فالمقاهي المتواجدة في المنطقة تقدم الطعام الصيني التقليدي، على عكس ما ظن (بروست) أنه لربما قد قاموا حتى بتقليد المطاعم والمقاهي الفرنسية.

رغم الاهتمام الوطني بالمعالم والأبنية الأوروبية، لا يبدي المحليون القاطنون ببلدة (تياندوشينغ) المسماة على حسب تعبيرهم ”مدينة السماء“ أي إهتمام بما حولهم من معالم، حيث أن المعالم الفرنسية الموجودة في مدينة (باريس) تجذب منذ الأزل الآلاف من السياح يومياً، على عكس بلدة (تياندوشينغ)، إذ لا تبدو المعالم السياحية محل اهتمام، ولا يلاحظ سوى المحليون الذين يمرون عليها سواء على دراجاتهم أو مشياً على الأقدام.

وعبر (بروست) عن هذه الفكرة قائلاً: ”لا يهتم الناس في مدينة السماء حقا بالمعالم السياحية من حولهم، ما عدا برج إيفل حيث أنه يجذب المحليين إليه ليلاً، وغير ذلك لا نرى سوى بعض من الناس يتدربون على الرقص، أو آخرون يمشون ليلاً في هذه المناطق خصوصاً أيام الجمعة والسبت، إذ تتم إضاءة برج إيفل المقلد كمثيله الأصلي كل خمس دقائق لكل ساعة وفي كل ليلة“.

منذ أربع سنوات مضت، كاد هذا المشروع يجهض؛ فشل أصحابه في إيجاد زبائن للمنازل ومستثمرين في البلدة، لكن التعداد السكاني ارتفع ليصل إلى ما يقارب الـ30 ألف نسمة في عام 2017، وهو مازال في ارتفاع إلى يومنا هذا.

تنويه: كل الصور التي ستشاهدها عزيزي القارئ على الجزء الأيمن تعود لمدينة (باريس) الحقيقية، أما التي على اليسار فهي تعود كلها لمدينة (تياندوشينغ) الصينية.