in

ما الذي جعل هذه السلحفاة تتخذ هذا الشكل الغريب؟

عند وجودك في البحر أو المحيط، قد تتبادر إلى ذهنك خشية هجمات أسماك القرش أو لدغات قنديل البحر المؤلمة، وما أنت تجهله عزيزي القارئ هو أنه يوجد هناك تهديد أكبر يترصد في المياه ربما لم تفكر يوما في أن تخشاه: ألا وهو النفايات البلاستيكية.

تلوث محيطاتنا اليوم كميات هائلة جدا من النفايات البلاستيكية لدرجة تكاد تفوق طاقة استيعاب مخيلاتنا، وتستمر هذه النفايات في تلويث محيطاتنا وبحارنا بشكل يومي بينما تحولها تدريجيًا إلى مكبات ضخمة للنفايات، وهي إشكالية ثبت كونها فتاكة جدا بالنسبة للحياة البحرية وربما بالنسبة لكل إنسان على وجه الأرض.

في حالة ما كانت تنتابك أي شكوك بخصوص الحجم الهائل لهذه الأزمة البيئية الكارثية، دعنا نلقي نظرة سريعة على بعض الأرقام في هذا الصدد، والتي تثبت مدى حاجة المحيطات للإنقاذ في أسرع وأقرب وقت ممكن:

وفقًا لنتائج أبحاث نشرت في مجلة العلوم سنة 2015، يجد بين 4.8 إلى 12.7 مليون طن من النفايات البلاستيكية طريقه إلى المحيطات كل سنة.

كما قدرت المؤسسة البيئية الأسترالية غير الربحية التي تحمل اسم 5 Gyres في نفس السنة أن حجم النفايات البلاسيتيكة التي ينتهي بها المطاف في المحيطات بلغ 5.25 تريليون قطعة، وهو ما يعادل حوالي 270 ألف طن متريًا، وهي أرقام من المرجح لها أن ترتفع إذا ما استمر إنتاج البلاستيك على هذه الوتيرة.

التلوث البلاستيكي في المحيطات خطر كبير يهدد الحياة البحرية والبشرية على حد سواء.
التلوث البلاستيكي في المحيطات خطر كبير يهدد الحياة البحرية والبشرية على حد سواء. صورة: Himanshu Bhatt/NurPhoto via Getty Images

هذا وليست القطع الكبيرة فقط من النفايات البلاستيكية هي ما يثير القلق، حيث يمثل أكثر من 269 ألف طن من النفايات البلاستيكية ذات الأحجام الصغيرة والدقيقة التي تطفو فوق السطح تهديداً أكبر.

وجدت دراسة أخرى أجرتها العالمة البيولوجية الدكتورة (لوسي وودال) أن 4 مليارات أنسجة بلاستيكية مجهرية تلوث كل كيلومتر مربع من قاع البحار والمحيطات حول العالم، وهو أمر لم يسبق أن تم توثيقه في الأبحاث العلمية من قبل.

في سنة 2016، وجد تقرير أجري من طرف منظمة Economic Forum أنه بحلول سنة 2050 سيكون وزن البلاستيك في محيطاتنا أكبر من وزن الأسماك فيها جميعا، وبما أن هذا الواقع المرعب يقترب أكثر فأكثر بتقدم الزمن، بات واجبا علينا أن نسأل أنفسنا ما إذا كان الأوان قد فات على إنقاذ بحارنا ومحيطاتنا.

إن عملية حساب وتقدير حجم النفايات البحرية هي عملية دقيقة ومرهقة وتأخذ وقتا عظيما، حيث استغرق الأمر من (ماركوس إيريكسون)، وهو المؤسس الشريك لمعهد 5 Gyres الأسترالي، أكثر من 5 سنوات ليأتي بتقديره القائل بوجود أزيد من 5.25 تريليون قطعة من النفايات البلاستيكية، حيث استخدم عينات أُتي بها من 24 رحلة استطلاع واستبيان طويلة الأمد حول العالم.

خلال هذه البعثات الاستطلاعية العلمية، جمع (إيريكسون) كل شيء من أغلفة الحلويات إلى كرات ضخمة إلى شباك الصيد.

تضاعف إنتاج البلاستيك أكثر من 4 مرات منذ الثمانينيات الماضية، وبينما تقوم الرياح والعوامل الطبيعية بتفتيت ذلك البلاستيك وحتّه وتحويله إلى قطع صغيرة جدا، ينتهي المطاف بهذه القطع في المسار الهضمي للحياة البحرية، مما يقودها إلى هلاكها في معظم الأوقات.

تقدر الأبحاث أنه قد تأثر على الأقل 267 نوعًا من الحياة البحرية بنفاياتنا البلاستيكية غير المسؤولة، ومن بين هذه الأنواع 44 نوعا من الطيور البحرية و43 نوعا من الأنواع البحرية الثديية.

في شهر أغسطس من سنة 2014، نفقت أنثى حوت بحري بطول 45 قدمًا بعد أن هضمت قطعة مكسورة من غلاف قرص رقمي مضغوط DVD، وهو أمر كان بالإمكان تفاديه وتجنبه لو كنّا أكثر مسؤولية.

واحد من بين الأنواع التي تأثرت بشكل سيئ جدا بكل هذا التلوث البحري هي السلاحف البحرية اللطيفة، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 86 في المائة من هذه السلاحف البحرية تعاني اليوم الأمرّين وكل ذلك بسبب التلوث البلاستيكي المتزايد في بحارنا ومحيطاتنا.

قطع النفايات البلاستيكية الصغيرة تشكل تهديدا كبيرا في وجه الحياة البحرية، ذلك أنها تبتلعها إلى جانب الغذاء الذي تتناوله.
قطع النفايات البلاستيكية الصغيرة تشكل تهديدا كبيرا في وجه الحياة البحرية، ذلك أنها تبتلعها إلى جانب الغذاء الذي تتناوله.

وفقًا لمنظمة WWF Australia، تهلك 1000 سلحفاة بحرية على الأقل سنويًا جراء النفايات البلاسيتيكة، بينما تستهلك معظمها النفايات البلاستيكية الصغيرة لاعتقادها منها أنها غذاء.

ربما وقع ناظرك في السنوات القليلة الماضية على هذه الصورة الخطيرة التي انتشرت في الإنترنت، وربما اعتقدت بأن ذلك كان نتاج مجهود ضعيف على برنامج الفوتوشوب، إنها صورة هذه السلحفاة التي بدت وكأنها ترتدي كورسيه من الحقبة الفيكتورية، لكن الواقع أكثر مرارة بكثير.

تعرف هذه السلحفاة المسكينة باسم (ماي ويست).
تعرف هذه السلحفاة المسكينة باسم (ماي ويست).

في الواقع، تعرف هذه السلحفاة المسكينة باسم (ماي ويست)، تيمنا بأيقونة السينما الأمريكية في الثلاثينيات الماضية التي تحمل نفس الإسم، وهي مثال حي على الطريقة الكارثية التي يمكن من خلالها لقطعة بلاستيكية صغيرة أن تؤثر بها على الحياة البحرية.

علقت هذه السلحفاة المسكينة عندما كانت صغيرة الحجم في حلقة فم عبوة حليب بلاستيكية، وقد كان لهذه القطعة الصغيرة هذا التأثير الكبير عليها وعلى جسمها وحياتها.

في سنة 2007، التقى المؤسس الشريك لمنظمة 5 Gyres الأسترالية وهو (ماركوس إيريكسن) وزوجته (آنا كامينز) لأول مرة بهذه السلحفاة المميزة، التي كانت تعيش في الباحة الخلفية لمنزل حارسة حديقة الحيوان (ديبي بيرسنز) في لويزيانا الأمريكية.

قبل 19 سنة من تلك اللحظة، عندما كانت هذه السلحفاة صغيرة الحجم، مرّت عبر حلقة فم زجاجة الحليب البلاستيكية هذه التي علقت في وسط قوقعتها، ولأن البلاستيك مصمم لأن يدوم للأبد، أُجبر جسمها على النمو حول هذه الحلقة، وهو ما نجم عنه شكلها الغريب هذا.

تسببت حلقة فم عبوة حليب بلاستيكية بهذا الضرر الكبير والدائم لهذه السلحفاة البحرية المسكينة.
تسببت حلقة فم عبوة حليب بلاستيكية بهذا الضرر الكبير والدائم لهذه السلحفاة البحرية المسكينة. صورة: Be Amazed

حتى بعد أن تم تخليصها من تلك الحلقة، كان الضرر قد وقع بالفعل ولم يكن هناك الكثير للقيام به، حيث أن عمودها الفقري لم ينمُ بالطريقة الطبيعية اللازمة أبدًا.

بعد أن اكتُشفت السلحفاة (ماي ويست) وتم إنقاذها من قنوات تصريف المياه في (نيو أورلينز) سنة 2007، اصطحبتها حارسة حديقة الحيوان (بيرسنز) معها لتعتني بها في منزلها إلى أن قرر (ماركوس) و(آنا) نقلها إلى مكان تكون فيه قادرة على مشاركة قصتها الملهمة مع الجميع، وهذا المكان هو محطة (ستار إيكو) في لوس أنجلوس.

أصبح الآن لهذه السلحفاة الجميلة منزل جديد، ولهذا نحن نسعى جاهدين لمنع التلوث وحماية البيئة، لأن هذه المخلوقات الصغيرة المغلوب عليها تتأثر بشكل كبير وخطير بتلك النفايات البلاستيكية حتى وإن كانت صغيرة الحجم، ناهيك عن كونها قد تسبب أضرار كبيرة جدا تطال حتى البشر والكوكب في صورة أشمل.

في سنة 2011، بدأ الزوجان التخطيط لنقل (ماي ويست) عبر البلد، وفي الخامس من يوليو سنة 2015 نقلت أخيرا إلى موطنها الجديد في محطة (ستار إيكو) في مدينة (كولفر سيتي) في ولاية كاليفورنيا.

محطة (ستار إيكو) هي عبارة عن متحف علمي بيئي وملجأ للحياة البرية الغريبة، وهو مكان ينظم زيارات وجولات سياحية تعطي للشباب والصغار فرصة تعلم بعض الأمور حول الحياة البرية المهددة والاحتكاك بها.

من المتوقع أن تعيش السلحفاة (ماي ويست) حياة كاملة وصحية بينما تلقن في نفس الوقت الناس درسا قيما حول التأثيرات الكارثية للتلوث البلاستيكي.

لسوء الحظ، ليس التشوه الذي حصل لدى (ماي ويست) فريدا من نوعه مثلما قد تعتقده عزيزي القارئ، في الواقع حدث تقريبا نفس الشيء لسلحفاة بحرية أخرى انتشرت صورها على الإنترنت تحت لقب ”الفولة السودانية“، وذلك بعد أن اتخذ جسمها شكلا أقرب للرقم ثمانية 8.

اكتشفت السلحفاة (الفولة السودانية) في ولاية (ميسوري) الأمريكية سنة 1993 بعد أن ظلت عالقة في شبكة من عدة تعليب ذات 6 حلقات بلاستيكية مصممة لحمل علب الصودا أو البيرة، ولأن شبكة الحلقات هذه كانت قوية جدا وذات ديمومة هائلة لم يستطع جسم السلحفاة تقطيعها عند نموه، وبدل ذلك نما من حولها مثلما حدث مع السلحفاة (ماي ويست).

السلحفاة ”فولة سودانية“ عند العثور عليها.
السلحفاة ”فولة سودانية“ عند العثور عليها.

تم اصطحاب هذه السلحفاة المسكينة إلى حديقة الحيوان من أجل إزالة الحلقات البلاستيكية عن جسمها، غير أنها على شاكلة (ماي ويست) ستظل على هذا الشكل الغريب لبقية حياتها.

وفقًا للمتحدث الرسمي عن مكتب حفظ البيئة في ولاية (ميسوري) فإن كلتا السلحفاتان ما كانتا لتنجوان لو لم يتم العثور عليهما في الوقت المناسب.

بالطبع، من المفترض أن تكون حالات مأساوية مثل هذه كافية لتثبت لنا أن المواد ذات الديمومة الطويلة على شاكلة البلاستيك لا يجب أن تُصنع منها المواد التي تستعمل مرة واحدة فقط، ومع ذلك نحن نستمر في إنتاج أكثر من 300 مليون طن من البلاستيك كل سنة، التي تكون 50 مليون منها موجهة للاستخدام مرة واحدة فقط.

أغراض على شاكلة قنينات البلاستيك لا تستخدم إلا للحظات قليلة قبل أن يتم رميها لتعلق في مكان ما على الأرض للسنوات الأربعمائة التالية في أقل تقدير.

واحد من بين المنتجات البلاستيكية التي يستطيع الإنسان البدء بالتخلي عنها في سبيل البيئة هي القشات البلاستيكية، التي تسبب ضررا أكبر مما تتوقعه عزيزي القارئ.

وجدت دراسة نشرت في سنة 2018 أن أكثر من 8.3 مليار قشة بلاستيكية تلوث محيطاتنا وبحارنا اليوم، بينما في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها يتم استخدام أكثر من 500 مليون قشة بلاستيكية كل يوم.

قد يكون من الصعب أحيانا تخيل تداعيات رمي قشة بلاستيكية واحدة، لكن الصورة التالية لسلحفاة مسكينة قد تمنحك بعض التلميحات عن مدى الخطر الذي تحدثه هذه القشة البلاستيكية البسيطة عند وصولها إلى البيئة:

في سنة 2018، صادفت خبيرة سلاحف البحر (كريستين فيغر) وفريقها من الباحثين هذه السلحفاة المسكينة التي علق في أحد مناخيرها جسم غريب، وذلك خلال بعثة بحثية في سواحل كوستاريكا.

في البادئ، اعتقد الباحثون أن تلك علامة على دودة طفيلية قد تكون وصلت نفسها بدماغ السلحفاة، وبينما أخذوا يتفحصونها بإمعان أدركوا أن ذلك الجسم الغريب كان عبارة عن قشة بلاستيكية علقت في مجراها التنفسي مما صعب عليها التنفس كثيرا، هذا إن لم يجعله مستحيلا تقريبًا.

ولأن فريق الأبحاث هذا كان على بعد كيلومترات من الشاطئ وأقرب طبيب بيطري، فقد قرر أفراده أن يتقدموا لإنقاذ هذه السلحفاة، فاستعانوا بمقص وكماشة وسحبوا القشة البلاستيكية إلى الخارج، التي وجدوا أن طولها كان 12 سنتمترًا، ثم قاموا بتعقيم المجرى التنفسي للسلحفاة وأخلوا سبيلها.

سلحفاة علقت في منخارها قشة بلاستيكية.
سلحفاة علقت في منخارها قشة بلاستيكية جعلت من التنفس لديها شبه مستحيل.

تعتقد الباحثة (فيغر) أن السلحفاة ربما ابتلعت القشة البلاستيكية عرضًا بينما كانت تبتلع موادًا غذائية أخرى، وفي محاولة للتخلص منها قامت السلحفاة لاحقًا إما بإخراجها بمعية مياه البحر الزائدة التي تلفظها عبر منخارها أو أنها تقيأتها ثم علقت في منخارها عن طريق الخطأ.

ولو أن (فيغر) وفريق الباحثين الذين كانوا معها لم يرصدوها في الوقت المناسب لما كانت قد نجت حتى الآن على الأرجح، وربما كانت رقما آخر في الإحصائيات التي تظهر مدى فتك بعض الأغراض التي قد تبدو غير مضرة على شاكلة قشة بلاستيكية بالحياة البحرية.

سلحفاة علقت في منخارها قشة بلاستيكية.
سلحفاة علقت في منخارها قشة بلاستيكية. صورة: Be Amazed

الآن بعدما رأينا حجم الضرر الذي يحدثه التلوث البلاستيكي في الحياة البحرية، دعونا نسأل أنفسنا عما بإمكاننا القيام به لتغيير طرائقنا وأساليبنا قبل فوات الأوان.

وفقًا لوكالة الأبحاث العلمية الوطنية الأسترالية Csiro، حوالي 50 في المائة من النفايات البلاستيكية التي تجد طريقها للمحيطات لا تأتي من موارد بحرية على شاكلة معدات الصيد البحري ولواحقها التي يتم التخلص منها، بل بالأحرى مصدرها النفايات التي يتخلص منها البشر في الشواطئ أو النفايات التي نلقي بها في أماكن أخرى ويتم نقلها عبر الأنهار والوديان إلى مصباتها في البحار والمحيطات.

لا يوجد هناك أي سبب يدعو لصناعة غرض يستعمل لمرة واحدة مثل حلقة فم عبوة حليب بلاستيكية من مادة مصممة لتدوم إلى الأبد، لذا قد حان الوقت للشركات الكبرى لتتخذ خطوة مسؤولة وتفكر في طرائق بديلة.

في سنة 2018، نذرت شركة مكدونالدز على نفسها حظر القشات البلاستيكية نهائيًا في مطاعمها في المملكة المتحدة وإيرلندا واستخدمت بدلا منها قشات ورقية، بينما ركزت الكثير من الشركات الأخرى على إنتاج قشات معدنية وزجاجية التي يستطيع المستهلك شرائها للاستخدام المتكرر.

في مراهنة أخرى لإنهاء دور المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الوحيد في تلويث البيئة، بدأت الكثير من شركات المشروبات إعادة التفكير في عدة التعليب البلاستيكية ذات الستة حلقات التي تمثل تهديدا كبيرا في وجه الحياة البحرية، والتي تسببت في ضرر كبير للسلحفاة (فولة سودانية).

في سنة 2020، بدأت شركة كوكاكولا وشركة Budweiser للجعة التخلص تدريجيا من عدة التعليب البلاستيكة لصالح تصميم جديد مصمم من ورق قابل للتحلل، مما يجعلها سهلة الحمل وفي نفس الوقت صديقة للبيئة.

في سنة 2019 خطت شركة Heineken للجعة نفس الخطوة عندما اعتمدت أغلفة مصنوعة من الورق المقوى لحمل حزمة الستة علب، والتي قالت بأنها تزيل حوالي 517 طنًا من النفايات البلاستيكية سنويًا من السلسلة الغذائية.

في الملخص، هنالك عدد غير محصور من الطرائق التي يمكن للشركات من خلالها إعادة التفكير في تقنيات التعليب خاصتها والمواد التي تستخدمها فيها من أجل جعل صديقة للبيئة.

التلوث البلاستيكي خطر يهدد بيئتنا ومحيطاتنا.
التلوث البلاستيكي خطر يهدد بيئتنا ومحيطاتنا. صورة: Zak Noyle/ A-Frame

أطلقت الشركة المستدامة الفنلندية Sualpac عبوات خاصة بمواد التجميل خالية من البلاستيك تماما ومصنوعة من الخشب، بينما تسعى بعض شركات المياه إلى التوجه نحو تصنيع قنينة مياه بلاستيكية واحدة من خلال إعادة تدوير 100 قنينة مستعملة.

وفي شهر مارس سنة 2019 خطى العالم خطوة كبيرة في جادة الصواب عندما أصدر الاتحاد الأوروبي حظرا كاملا على المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الوحيد بحلول سنة 2021، على أمل أن يحذو بقية العالم حذوه.

على الرغم من أن هذه التشريعات الجديدة واعدة كثيرا بطبيعتها، فإنه يتعين على كل واحد منا أن يحدث تغييرات صغيرة على نمط حياته التي يكون لها تأثير إيجابي كبير على الحياة البرية والبيئة بصفة عامة.

أولاً وقبل كل شيء، يعني هذا بذل مجهودات واعية وهادفة لخفض استهلاكنا من المواد البلاستيكية ذات الاستعمال الوحيد، ومحاولة التخلص من استعمال قشة الشرب البلاستيكية عندما لا تقتضي الضرورة ذلك، وكذا محاولة استخدام العبوات ذات الاستخدام المتكرر.

مشكلة أخرى هي عدم التدوير بالشكل الكافي، مثلما ورد في تقرير التحليل العالمي للمواد البلاستيكية الذي نشرت نتائجه في مجلة العلوم في سنة 2018، فقط 9 في المائة من البلاستيك يعاد تدويره حول العالم، بينما يتم تراكم البقية في مكبات النفايات وفي المحيطات.

إذا لم نلتزم بالحيطة والحذر اللازمين، فسيستمر حجم البلاستيك الذي يجد طريقه إلى محيطاتنا في الارتفاع بوتيرة خطيرة حتى يكون الأوان قد فات على تدارك الموقف.

من السهل أن تقول في نفسك أنه بمجرد أن تدخل النفايات البلاستيكية البحر فهي تخرج من نطاق مشكلاتك، لكن هذا الافتراض خاطئ تمامًا، حيث يتحرى العلماء في نفس الوقت التأثيرات المحتملة على صحتنا كبشر على المدى الطويل للتلوث البلاستيكي التي يسببها استهلاك الأسماك والثروة الحيوانية البحرية للمواد البلاستيكية المجهرية، حيث عثر على هذه المواد البلاستيكية الضارة والمجهرية لدى أزيد من 114 نوعًا بحريًا، وينتهي المطاف بنصف هذه الأنواع على موائدنا، وهو أمر يعنينا ويعني صحتنا بدون شك.

إن التلوث البلاستيكي يعمل ببطء على إعاقة الأنظمة البيئية في كوكبنا، ويقع على عواتقنا الآن محاولة وقف ذلك، حتى يتسنى للسلاحف البحرية أمثال (ماي ويست) و(فولة سودانية) وكل الكائنات البحرية العيش بدون الخوف من التشوه أو الموت على يد النفايات البشرية، وبعد كل شيء، ليست تلك بمشكلة السلاحف أو الحياة البحرية فقط، بل هي مشكلتنا نحن كبشر، ونحن مسؤولون على إيجاد حل لها، لذا لابد أن الوقت قد حان للقيام بأمر ما حيال ذلك.

مقالات إعلانية