in

تعرّف على المونيين: هذه الطائفة المسيحية المدججة بالأسلحة والساعية لتسليح مسيحيي العالم للدفاع عن مملكة الرب

صورة: Getty Images / REUTERS/Eduardo Munoz

في تقرير على هيئة فيديو أعده موقع «فايس»، نشاهد القس (هيونغ جين مون)، أو (شون مون) مثلما يُعرف، وهو يعتلي خشبة مسرح في إحدى الأماكن ضمن ريف ولاية بنسلفانيا، مرتدياً سترته الخضراء الشهيرة، وتاجاً خاصاً مصنوعاً من أغلفة الرصاصات الفارغة، تتدلى من كتفه بندقية AR–15 الذهبية.

منظرٌ غير مألوف على الإطلاق، لكن (مون) ليس قساً عادياً تجده في الكنائس، بل حتى هذه المناسبة التي يحتفل هؤلاء المسيحيون بها، هي ليست مناسبة مسيحية من الأساس.

يعتلي (مون) الخشبة ويقول: ”صباح الخير، أيها الشعب الوطني العاشق للحرية، والمجبول على صورة الإله“. كان ذلك في يوم احتفالي يُدعى ”عصاة الحديد“، وهو احتفال يدوم ليومين تستضيفه الكنيسة المونية، يمجد فيه أتباعها السلاح وعيسى المسيح بن مريم.

القس (شون مون)، بلباسه العسكري وتاجه المكوّن من رصاصات فارغة.

بلغ (مون) الأربعينيات من عمره، وهو ابن الكاهن الموقر (سن ميونغ مون)، رجل كوري أعلن نفسه المسيح المنتظر، وأسس طائفة من الأتباع وحركة دينية عالمية يُعرف أتباعها باسمٍ غريب هو ”المونيون“ أو Moonies. في عام 2018، أسس (شون مون)، وهو ابن (سن ميونغ مون) المؤسس، أول كنيسة له في نيوفاوندلاند بولاية بنسلفانيا الأمريكية. صحيح أن الابن يتبع فلسفة الأب، لكن الأول عدّل الكثير من الأمور.

في إنجيل يوحنا من كتاب العهد الجديد، استنبط (مون) فكرة أو حقيقة مفادها أن عيسى المسيح كان صانع أسلحة أيضاً، هذا ما ينشره ويقوله (شون مون) لأتباعه، ويجدر بنا التنويه أن الأخير درس اللاهوتيات في جامعة هارفرد.

ربما شاءت الأقدار أن يكسب (مون) الكثير والكثير من المتابعين والمهتمين تزامناً مع صعود الرئيس الأمريكي (دونالد ترمب) إلى السلطة. فخلال ذلك الاحتفال، لن ترى مجموعة من المتدنيين حاملي الأسلحة فحسب، بل سترى الكثير من مؤيدي الرئيس الأمريكي (ترمب) أيضاً، هؤلاء هم الأشخاص نفسهم الذين سخروا من طائفة المونيين سابقاً واعتبروها مجرد طائفة من المجانين.

تتقاطع سياسة (ترمب) وفوضويته مع رؤى وآيديولوجيات هذه الطائفة بشدة، حيث نجد (مون) يخطب بالحاضرين قائلاً: ”اليساريون المتطرفون والخونة يدفعون بأولادنا نحو الشيوعية“، وهذا الخطاب يتوافق بشدة مع تغريدات السيد (ترمب) على موقع «تويتر»، تحديداً هذه العبارات المقتبسة من خطابه: ”يحاولون اتهام الرئيس المنتخب رسمياً بتهمٍ ارتكبوها هم أنفسهم. ويحاولون أيضاً… وضعنا تحت سلطة الحكومة العالمية، التي تحكمها نخبة البشر، كالأمم المتحدة والإسلام المتطرف والصين الشيوعية، أي شيء يخطر ببالكم من هذا القبيل“.

من الحاضرين أيضاً، وجدنا شخصيات شهيرة ومستفزة تدافع عن الجناح اليميني وحقوق الأمريكان بحمل السلاح، وتناهض بشدة الاشتراكية والصوابية السياسية، بل حتى (هيلاري كلنتون) لم تسلم من هؤلاء، إذ ستجد صيحات وهتافات مثل ”قيدوها“ أو ”احبسوها“.

ما يثر القلق، والدهشة في آن واحد، هو أن عدد المرتحلين والقادمين من الخارج لحضور هذه المناسبة إبان عطلة يوم كولمبوس يفوق عدد الحضور من السكان المحليين. يستمع هؤلاء الناس إلى الخطابات عبر الراديو في كلّ أصقاع الولايات المتحدة، وبالإمكان التعرّف عليهم بسهولة من خلال ستراتهم الزرقاء المموهة التي تبيعها كنيسة مون.

إن تاريخ كنيسة مون نفسه شائك، حيث وُلدت «كهانة عصاة الحديد» جراء صراع عائلي على السلطة بعدما توفي المؤسس (سن ميونغ مون) عام 2012. كان (سن ميونغ مون) قائداً دينياً في كوريا الجنوبية، وهو مؤسس ما يُعرف بـ «الحركة التوحيدية» أو الكنيسة التوحيدية. تأسست هذه الحركة عام 1954 كي توحد المذاهب المسيحية العالمية على يد (ميونغ مون). لم يكتفِ (ميونغ مون) بالنشاط الديني، بل أصبح رجل أعمال أيضاً.

يرى (شون مون) أنه الوريث الشرعي لكنيسة التوحيد الخاصة بوالده، لكن يبدو أن والدته استولت عليها، وهذا ما دفعه إلى تأسيس كنيسته الخاصة، والتي عُرفت رسمياً باسم كنيسة ملاذ السلام العالمي والتوحيد، لكن الابن خالف تعاليم والده، إذ يبدو أنه مهتم ومركز على الأسلحة والتعاليم المتطرفة، ولهذا السبب بالذات، استطاع جذب المئات من الأعضاء الجدد.

تحدثت الصحف لأول مرة عن كنيسة التوحيد تلك عام 2018، تحديداً في شهر فبراير عندما ظهرت صورٍ من مراسم زفاف في الكنيسة، وشاهد الناس لأول مرة كنيسة أفرادها مدججون بالسلاح، يحمل أغلبهم بندقية AR–15.

يقول (مون) أن ما دفعه لتأسيس هذه الكنيسة بالذات هو مقطع قرأه في سفر يوحنا، يتحدث عن استخدام المسيح ”عصاة حديدية“ لحماية نفسه والآخرين. استنتج (مون) أن تلك ”العصاة الحديدية“ قد لا تكون مختلفة عن بندقية AR–15، وبالتالي على كل مسيحي حمل سلاحه ليدافع عن مملكة الرب. علّق (مون) على ذلك قائلاً: ”هذا هو يسوع الآباء المؤسسين، وهذا هو مفتاح الحفاظ على أمريكا من الطغيان“.

شارك شقيق (شون مون) أيضاً في هذه الكنيسة، واسمه (كوك–جين جاستن مون)، وهو مالك شركة لتصنيع الأسلحة اسمها «كار أرمز Kahr Arms». كما أن الاحتفال سابق الذكر عُقد في إحدى ممتلكات الشركة في مدينة غريلي، كما دُعي الحضور إلى تدريب لإطلاق الأعيرة النارية من بندقية AR–15، وكان بإمكانهم شراء قطع شوكولاته على شكل بندقية.

كاهن عقيدة الحرب

يُعتبر السلاح إحدى الأمور التي تركز عليها كنيسة (شون مون)، على عكس كنيسة التوحيد الخاصة بوالده والتي كانت مهتمة بجمع وتأليف قلوب البشر من مختلف الديانات والأعراق. صورة: Getty Images

كان والد (مون) منشقاً عن كوريا الشمالية، وأنشأ كنيسة التوحيد في كوريا الجنوبية في خمسينيات القرن الماضي، أي بعد أعوام على هروبه من معسكرات العمل في كوريا الشمالية حيث سُجن بتهمة إذاعة ونشر ”رسائل مسيحية“. كان (مون) الكبير يدعي أنه المسيح المنتظر الذي عاد إلى الأرض في مهمة لإكمال عمل يسوع المسيح المتمثل بإعادة الأرض إلى جنة عدن.

عُرف السيد (مون) وزوجته بـ ”الأبوين الحقيقيين“، وآمنا أن السلام العالمي قابل للتحقيق عن طريق الزيجات بين الخصوم والأعداء، وذلك عن طريق الزواج في كنيسته، وبالتالي سينجب هؤلاء الأزواج أطفالاً مجردين من الخطيئة. هذه هي الفكرة وراء مراسم الزواج تلك التي تجريها الكنيسة، حيث قامت الكنيسة عام 1982 بعقد زفاف 2075 زوجٍ من البشر في حفلة زفاف واحدة أُقيمت في قاعة ماديسون سكوير غاردن للحفلات.

لكن هذه الكنيسة التي قامت على فكرة توفيقية بين البشر، تحوّلت إلى إمبراطورية أعمال وتجارة وصلت ثروتها إلى عشرات الملايين من الدولارات على مر السنوات. اتُهم الزوجان لاحقاً بتأسيس طائفة وتزعمها، ومُنعا حتى من دخول ألمانيا والمملكة المتحدة وعدة دول أوروبية أخرى لـ 10 سنوات، لكن محلياً، أي في الولايات المتحدة، تمكن (مون) من الانخراط في المجال السياسي، وكان شخصاً مفضلاً لدى الكثير من اليمينيين.

أنشأ الرجل صحيفة «واشنطن تايمز» المعروفة بتوجهاتها المحافظة، حيث كان (ميونغ مون) يأمل بالتأثير على سياسات العاصمة واشنطن. في عام 2004، عقدت مجموعة من المحامين الجمهوريين والديموقراطيين حفلة تتويج للقس (مون) في مكاتب مجلس النواب، حيث توّج الرجل هناك وأُعلن عن كونه المسيح المنتظر.

القس (سن ميونغ مون)، مؤسس كنيسة التوحيد. صورة: Reuters/Landov

على خطى والده المحافظة، سار (شون مون) أيضاً، لكنه امتاز بأسلوب متفرد ”ترامبي“ إذا أردنا وصفاً دقيقاً. في الاحتفال الذي عقده (مون) وصوّرته «فايس»، نجد منطقة مخصصة للأطفال كُتب عليها ”منطقة خالية من السلاح“، ونجد أيضاً مجموعة من الآباء وهم يضحكون بينما يقوم أولادهم بخنق دمى وردية اللون وضربها، احتفالاً بالعنف ربما. كان مقدم الحفل (جوي غيبسون)، زعيم مجموعة «الصلاة الوطنية» المتطرفة، وهو الشخص ذاته الذي مثل لاحقاً أمام المحكمة وواجه تهماً بانخراطه في عراكٍ عنيفٍ ضد منظمة «أنتيفا» في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون. وفي تلك المناسبة أيضاً، عُقدت ندوة للحديث عن ”تأنيث الرجال الأمريكيين“.

يرى (شون مون) أن الله، وبطرقه الخاصة، يعمل عبر الرئيس (دونالد ترمب) لتأسيس مملكته. حيث قال لـ «فايس»: ”نعتقد أن الله يستخدم (ترمب) لينفذ عمله ويقضي على هذا المستنقع، أو ما نسميه بيروقراطية الحكومة الفيدرالية“. إن كنيسته نفسها أقامت حفل عشاءٍ في شهر فبراير من عام 2018 بعنوان ”عشاء شكر الرئيس ترمب“، وحضره المدير التنفيذي لمجموعةٍ تدافع بشراسة عن التعديل الدستوري الثاني واسمها ”مُلّاك الأسلحة في الولايات المتحدة“.

عندما لا ينشغل السيد (شون مون) بالتواجد في الكنيسة أو ممارسة الفنون القتالية أو حتى إقامة حفلات الشاي مع زوجته، يلقي عظاته على موقع «يوتيوب» وقناته التي يتابعها نحو 3000 مستخدم. لا يتحدث (مون) في الشؤون الدينية فقط، بل يتجاوزها ليلامس القضايا الحالية التي تشهدها أمريكا. ففي إحدى المرات، كان يصف المدارس العامة في أمريكا بـ ”كنس الشيطان“ ويدعي أنها المكان الذي يُعلم الأطفال ”الأجندات السياسية المثلية“.

يبدو أن صعود (ترمب) وتركيز كنيسته المنصب على الأسلحة، ساعدا (مون) في التخلص من الوصمة التي لحقت بطائفة المونيين التي أسسها والده، وجعلت قسماً كبيراً من الأمريكيين ينفتحون على هذه الكنيسة.

قال أحد الحاضرين في تقرير «فايس»، واسمه (بيل راسل) وعمره 66 عاماً، أنه لم يكن ليدخل هذه الكنيسة قبل عقدين من الزمن، حيث كانت تُعتبر بغيضة وبلا فائدة، لكن عند حضوره مهرجان الحرية، تغيّرت نظرته بالكامل.
قال (راسل): ”لم أشاهد أي شيء مشابه لهذه الكنيسة خلال إقامتي القصيرة هنا. أحب هذه الرسالة التي تسعى إلى تقوية الأفراد، أعتقد أن أي منظمة تحمل هذه الرسالة وتلتزم بها هي منظمة تستحق الإصغاء لها“.

قصة عائلة

القس (شون مون) وزوجته (يوان آه لي مون) ضمن مراسم احتفالية في ولاية بنسلفانيا من عام 2018. صورة: Hawley News Eagle

عندما توفي الأب (مون) عام 2012، خلّف وراءه أرملته (هاك جا هان) وأولاده العشرة، من بينهم (شون مون). الأخير هو أصغر الأولاد سناً، وهو يدعي أن والده توجه 3 مرات خلال حياته ليكون الوريث الشرعي للكنيسة وخلفاً للأب. لكن (شون مون) واجه طموحات والدته التي تسعى للسيطرة على زمام الأمور.

اجتمع الابن مع أمه في قصر (تشيونغ جيونغ) للسلام، والذي يبعد نحو ساعة عن العاصمة الكورية سيول، لحلّ خلافاتهما. لا نعرف تماماً ما حصل، لكن من الواضح أن الأمور لم تسر على ما يرام.

يدعي (شون مون) أن والدته تشبه «عاهرة بابل»، تشبيه مقتبس أيضاً من الكتاب المقدس، وهي التي طردته من الكنيسة، بل حتى اتهمها بتزوير لاهوت وكتابات والده وحشوها بمعانٍ شيطانية. بالطبع، لا يعني (شون مون) أن والدته عاهرة، لكنه مجرد تشبيه رمزي. في المقابل، يقول أحد ممثلي كنيسة التوحيد أن (هاك جا هان) تستكمل إرث المؤسس عن طريق التأليف بين قلوب الأشخاص الذين ينتمون لثقافات مختلفة، سواء دينية أم اجتماعية أم عرقية.

انتقل (شون) وعائلته من نيويورك إلى بنلسفانيا، وهناك استطاع تأسيس كهانة العصاة الحديدية بمساعدة شقيقه (جاستن) مالك شركة الأسلحة «كار أرمز». لذا واجه المونيون خياراً من اثنين: إما البقاء في الكنيسة التي انتموا إليها لعقود من الزمن، بل أن بعضهم وُلد وعُمد فيها، أو الانشقاق عنها والانتماء لكهانة (شون مون).

اعتبر آلاف المونيين أن (شون مون) هو الوريث الشرعي لكنيسة والده، وبالتالي آمنوا به وتبعوه، وترتب عليهم بذلك احتضان ثقافة السلاح والنزعة المتطرفة لصاحب الكنيسة. كان هناك رجل يُدعى (يوهان هوبل)، يبلغ من العمر 69 عاماً، ارتحل من فيينا في النمسا لحضول إحدى الاحتفالات، ولأن (هوبل) يثق في الكنيسة ويتبع تعاليمها، اضطر إلى خوض معركة طويلة في بلده النمسا للحصول على رخصة تجيز له حمل سلاح بندقية نصف أتوماتيكية.

حضر السيد (هوبل) الاحتفال، وجاء بملابسه النمساوية التقليدية، فارتدى بدلة تقليدية من الجلد السويدي وقبعة خضراء أنيقة. أما بخصوص السلاح، فقال (هوبل): ”لم أفكر سابقاً في حمل أسلحة، والآن، أرى أن السلاح يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإنجيل“.

هناك أيضاً (تشاد جونسون)، الثلاثيني من نيوجرسي، الذي أطلق أول رصاصة له في حياته خلال احتفال الحرية، وتلك البندقية هي بندقية AR–15. تزوّج والدا (جونسون) من بعضهما في كنيسة الأب (مون)، كنيسة التوحيد، أما الابن، فتزوّج أيضاً خلال الزفاف الشامل الذي أعدته الكنيسة في عام 2018. يقول (جونسون) عن يوم زفافه: ”كان الأمر جميلاً بوجود كل تلك الأسلحة، لكن في الحقيقة ما أحببته هو ذلك الجو الدافئ والمُحب… إن الأسلحة أمرٌ متعلق بالحرية والحقوق الشخصية لا أكثر“.

تزوير الحقائق التاريخية

يُعتبر حمل السلاح لدى أعضاء الكنيسة حقاً شرعياً للدفاع عن أنفسهم بالدرجة الأولى، والدفاع عن مملكة الرب ثانياً. صورة:
TIM TAI / Staff Photographer

يدعي (شون مون) وشقيقه (جاستن) أن والدهما كان شديد التوق إلى الصيد، وهو من مناصري الحقوق التي أقرها التعديل الدستوري الثاني في الولايات المتحدة. أخبر (شون مون) وكالة «فايس نيوز» أنه وأشقاءه تلقوا دروساً في مجال استخدام السلاح بشكل آمن، منذ أن بلغوا الخامسة أو السادسة من عمرهم. ونوّه (شون مون) أيضاً إلى امتلاك والده شركة تُصنع أسلحة للجيش الكوري، بالتالي كان السلاح دائم التواجد في الكنيسة، حتى لو لم يعلم الناس حينها بذلك، حيث اعتقدوا أن طائفة المونيين طائفة مسالمة. في المقابل، يرد أعضاء من كنيسة التوحيد على ادعاءات الأخوين بأنها كاذبة، وأنهما يشوهان التاريخ.

تقول (نانسي جوب)، المسؤولة عن قسم الاتصالات في الكنيسة: ”القول أن الأسلحة كانت جزءًا مهماً من حياة القس (سن ميونغ مون) هو أمر عارٍ عن الصحة تماماً“. قالت أيضاً أنها لا تدري إن كان أطفال (ميونغ) قد تلقوا تدريباً على استخدام الأسلحة أم لا، لكنها تشك في أن اكتشافهما الأسلحة في عمرٍ مبكر ربما جاء بسبب امتلاك (ميونغ) حرساً شخصياً يحمل الأسلحة.

في الوقت ذاته، تؤكد (جوب) أن ”لم تكن الأسلحة النارية جزءاً من الممارسات الدينية أو المعتقد الذي حاول (مون) نشره على الغطلاق. بل أن (شوون مون) نفسه هو من بدأ بإدخال تلك الأسلحة إلى كنيسته الخاصة بشكل مفاجئ، وذلك لا يعكس آيديولوجيا أو توجهات كنيسة التوحيد بتاتاً“. ونوهت (جوب) إلى فكرة مفادها أن كنيسة (شون مون) تمولها شركة شقيقه لصنع الأسلحة والتي لا تبعد كثيراً عن الكنيسة، ما يثير شكوكاً حيال هذين الأخوين، وفق تعبيرها. توضح (جوب): ”إنه لأمر مثير للقلق، أن تجمع بين كاهن غاضبٍ وأسلحة نارية، هذا مزيجٌ خطير“.

في الحقيقة، كان لعائلة (مون)، بعد وفاة الوالد، دورٌ في إحداث شرخ ضمن مجتمع المونيين، وهذا الأمر أصبح واضحاً حتى على شبكات التواصل الاجتماعي. فمثلاً، تحوي صفحة كنيسة (شوون مون) على «فيسبوك» جمهوراً من الغاضبين والحانقين الذين يتقاتلون دائماً مع أنصار والدته. بل أن بعض الأشخاص الذين حضروا احتفال الحرية السابق قد قارنوا بين تعاليم (شون مون) والتعاليم التي تنشرها فرقة «الفرع الداودي» المتطرفة في الولايات المتحدة –طائفة مسلحة أيضاً تبشر بنهاية العالم، وخاضت معركة حقيقية مع الشرطة عندما داهمت الأخيرة مقر الطائفة وأطلقت الغازات المسيلة للدموع، في ما عُرف حينها بحصار واكو عام 1993، والذي أدى إلى مقتل العشرات.

كان لدى الوالد مصادر دخلٍ مجهولة، والابن اليوم كذلك. كان الدخول إلى مهرجان الحرية مجانياً، وأوضح (شون مون) أن الحدث ممول عن طريق التبرعات القادمة من أنصار الكنيسة. في الحقيقة، إن كنيسة (شون مون) وشركة أخيه «كار أرمز» تتبعان لمؤسسة (يونغ جين مون) الخيرية، والتي سُميت تيمناً بالشقيق الأكبر في العائلة الذي توفي إثر جلطة قلبية عام 2008. أما في السجلات الرسمية، فآخر سجل للضرائب من عام 2016 يشير إلى امتلاك المؤسسة السابقة نحو 10 مليون دولار أمريكي في البنوك.

طقوس المونيين

صورة من زفاف أقامته الكنيسة في كوريا الجنوبية. صورة: Ed Jones/AFP

في يوم الأحد، اليوم التالي لاحتفال الحرية، عقد الحضور مؤتمراً لغناء إحدى الأغاني الوطنية وعنوانها «فليبارك الرب الولايات المتحدة الأمريكية»، ولوحوا بأعلام مناصرة للرئيس (ترمب)، وكذلك أعلام يابانية وكورية. قال (مون) في ذلك اليوم: ”في أمريكا، يدعوننا بالمونيين، ويعتقدون أن المونيين مجانين. لكنهم جاؤوا إلى هنا واكتشفوا أننا نكره الشيوعية، ونريد حماية عائلاتنا، وحماية زيجاتنا، وحماية أطفالنا من الإجهاض، ونتمنى أن يمتلك كل شخص في هذا العالم عصاة حديدية“.

بالنسبة للحضور، يرى الكثيرون أن (شون مون) يشبه أبيه، خاصة عندما يتحدث بالكورية، قال أحدهم: ”عندما يتحدث باللغة الكورية، فشخصيته وصوته يشبهان إلى حد كبير شخصية وصوت والده، يبدو الأمر واضحاً أكثر عندما يتكلم بالكورية، وكأن والده هو الذي يتحدث أمامنا“.

في اليوم التالي، أي الاثنين، نظمت الكنيسة حفلاً لتخليد ذكرى اليوم الذي هرب فيه (مون) الأب من معسكر الاعتقال والعمل الإجباري في كوريا الشمالية. في هذا اليوم، جاءت 6 باصات بيضاء من بلدة صغيرة في نيوفاوندلاند، ونزل منها مئات الزوار، رجال بالبزات السوداء ونساء يرتدين ملابس من تدرجات اللون الأبيض. في مدخل الكنيسة، وقف متطوعون كي يساعدوا الزوار في تأمين أسلحتهم وإقفالها.

في ذلك اليوم أيضاً، جرت مراسم زفاف 7 أزواجٍ جدد داخل الكنيسة، ارتدى بعض الحضور تيجاناً، وهؤلاء الناس هم من عُمدوا وبوركوا على يد الأب أو ابنه. كانت بعض التيجان مصنوعة من البلاستيك، فالكنيسة تبيعها، بينما هناك أيضاً تيجاناً أخرى من الذهب وأخرى مرصعة باللؤلؤ.

صورة: Eduardo Munoz

بعد أداء الصلاة بالإنجليزية والكورية، أُذيعت ترنيمة ”حمل الله“ على مكبرات الصوت، وبدأ جمع مؤلف من 20 رجلاً وامرأة، أغلبهم مدجج بالسلاح، بتشكيل جزيرة في المنتصف. عبر أحد الحراس ضمن هذه الجزيرة البشرية، تبعه القس (مون) وزوجته مرتديان ثوبيهما وتاجيهما المزخرفين. ثم عبر شقيقه مرتدياً قفازه وبذلته السوداء وقبعة البيسبول التي طُبع عليها شعار شركته، وكذلك زوجته التي تحمل بندقية AR–15 الذهبية، ثم جلسوا جميعاً بجانب المذبح. استمرت الاحتفالية لساعة من الزمن، وبعد تبادل الخواتم، ورش العرسان بالماء المقدس، أُعلن عن تزويج الجميع.

في الخارج، كان الأطفال يلعبون في الفناء، والنساء الطاعنات في السن يتجادلن باللغة الكورية. في تلك الأثناء، خرج الأزواج الـ 7 المتزوجون حديثاً، بينما ذهب المتطوعون لتجهيز وإحضار الغداء.

عندما تشاهد الفيديو، ستنسى للحظة من الزمن وجود تلك الأسلحة والتيجان الغريبة، وستشعر رُغماً عنك بجو من المحبة والمودة والتآلف. بإمكانكم مشاهدة تقرير «فايس نيوز» هنا:

مقالات إعلانية