in

عمالة الأطفال ومنتجات فاسدة واستغلال مصادر المياه… تهمٌ وفضائح تلاحق شركة نستله

صورة: Keystone

من عمالة الأطفال إلى الترويج غير الأخلاقي للمنتجات وصولًا إلى التلوث والعلامات المضللة للمنتجات، كلها تهمٌ تلاحق الشركة التي تتخذ من عبارة «غذاء سليم لحياة سليمة» شعارًا لها ولمنتجاتها.

تُعد نستله من أكبر شركات الأغذية في العالم، وساهمت بعض جوانب تاريخها المظلم في جعلها شركة عملاقة. لكن ما هي الأسباب التي أدت إلى تضرر سمعة نستله، على مدار فترات مختلفة من التاريخ؟ إليكم الإجابات:

بعض من المنتجات والعلامات التجارية التي تملكها نستله.

في البداية، علينا إخباركم الحقيقة المرة: الشركات الكبرى لا تمارس اللعب النظيف، أو بالأحرى، إن تلك الشركات التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد العالمي قد لا تكون «أخلاقية» 100%، لكن في بعض الأحيان، قد تُسهم وسائل الإعلام في تشويه الصورة وإضافة المزيد من البهار، وبدون سبب واضح.

نستله هي شركة سويسرية متعددة الجنسيات تقدم الأغذية والمشروبات، وتشمل منتجاتها أغذية الأطفال وقوارير المياه والقهوة والشاي ومنتجات الألبان والآيس كريم والأطعمة المجمدة وأطعمة الحيوانات، وتملك بالتالي آلاف العلامات التجارية حول العالم، ما يعني أن أرباحها تتجاوز المليارات، ولتحقيق هذه الأرباح، تملك الشركة نحو 447 مصنع في 194 دولة حول العالم، لذا تعد نستله من الشركات التي توظف عددًا كبيرًا من العمال والموظفين (نحو 333 ألف شخص).

إنها شركة عملاقة بكلمعنى الكلمة، بالتالي ستحاول نستله دائمًا أن تظهر بمظهر الشركة الأخلاقية الطيبة. لكن لا نار بدون دخان، وكذلك نستله، التي انتشرت فضائحها على مدار سنوات مختلفة، وتمكنت بشكل أو بآخر من الإفلات من المحاسبة والعقاب.

1. حليب الأطفال وحملات المقاطعة

ملصق يدعو لمقاطعة حليب البودرة الخاص بنستله. صورة: Alamy

إحدى الأمور السيئة جداً التي قامت بها نستله، والتي ستلاحق الشركة حتى فترة طويلة في المستقبل، هي الترويج لحليب الأطفال الخاص بها بدلًا من الإرضاع الطبيعي، تحديدًا في أماكن فقيرة من القارة الأفريقية حيث لا تدري النساء ما هي الفوائد المثبتة علميًا للإرضاع. تجاهلت نستله الإرضاع الطبيعي، وبدأت تروّج لحليب الأطفال خاصتها باعتباره بديلًا عن حليب الأم، وهذا أمر غير أخلاقي تمامًا.

لا تقف المشكلة هنا، فإعداد الحليب يتطلب مياه نقية، وبما أن الفئات المستهدفة من هذا الترويج تعيش في مناطق لا تملك فيها إمكانية الوصول إلى مياه نظيفة –وبالمناسبة، تعد هذه مشكلة لا تزال بعض مناطق أفريقيا تعاني منها– ونتيجة عدة عوامل، كالفقر وعدم انتشار التعليم، لم تدرك غالبية الأمهات وجوب غلي الماء قبل إعداد الحليب، لذا خلطن حليب البودرة الخاص بنستله مع مياه ملوثة، ما يعني إصابة الأطفال بمخاطر كبيرة.

يبدو أن نستله تجاهلت هذا الأمر عن عمد، فكانت تشجع الأمهات على استخدام حليب نستله وتتجاهل الإرضاع الطبيعي، والذي يُعتبر حلًا مثاليًا للأمهات اللواتي يعشن في مناطق غير نظيفة.

من وجهة نظر العلم، يقدم حليب الأم والإرضاع الطبيعي كافة حاجات الطفل الغذائية، خاصة في الأشهر الست الأولى، ثم بإمكان الأم مزج الإرضاع الطبيعي مع بعض المكملات الغذائية حتى يبلغ عمر الطفل عامين.

المشكلة أن أغلب الأمهات لا تستطعن قراءة التعليمات المرفقة مع الوصفة، وحتى لو فهمن التعليمات وأهمية غلي الماء، لم يتمكن من الوصول إلى المياه النظيفة أولًا ومن ثم غليها. تقدر منظمة اليونيسيف أن الأطفال الذين يعتمدون على الحليب الصناعي في المناطق التي تعاني من الأمراض والظروف البيئية غير النظيفة أو الصحية هم عرضة للإصابة بالإسهال بمعدل 6 إلى 25 مرة مقارنة بالأطفال الذين يتناولون حليب الأم، وعرضة للإصابة بالتهاب الرئة بمعدل 4 مرات مقارنة مع الأطفال الذين تناولوا حليب الأم.

عدم توافر الماء النظيف وعدم القدرة على حفظ الحليب في الثلاجة في الأماكن الفقيرة سيسبب كوارث بلا أدنى شك. بدلًا من تحمل المسؤولية، قامت نستله بالترويج لزجاجات حليب بهدف تلميع صورتها، مستخدمة ميزانيتها الضخمة في التأثير على الناس وتجنب أي مسؤولية مباشرة عن سوء الأوضاع الصحية في تلك الأماكن.

أدت هذه الأمور إلى مقاطعة نستله، على الرغم من ادعاء الشركة أن منتجاتها متوافقة مع أحكام وقوانين منظمة الصحة العالمية. هناك أيضًا لجنة خاصة لمقاطعة منتجات نستله، واسمها اللجنة الدولية لمقاطعة نستله ومسؤولة عن مراقبة نشاطات الشركة، وفي عدد من البلدان، منها المملكة المتحدة، انضمت عدة جامعات ومنظمات طلابية لحملة المقاطعة تلك.

من غير المعلوم عدد المتأثرين بحملات نستله الإعلامية الضخمة تلك، لكن الشركة أنكرت –حتى هذه اللحظة– أي مسؤولية لها في حصول تلك المآسي. كان بإمكان نستله إنقاذ العديد من الأرباح، لكن الشركة اختارت الربح المادي على سلامة الأطفال.

2. عبوات المياه

كُتب على هذه اللافتة خلال مظاهرة في ولاية كاليفورنيا: “نستله، توقفوا على سرقة مياهنا”.

ربما لم تسمعوا بهذه المعلومة من قبل، لكن نستله من أكبر منتجي المياه المعبأة في زجاجات. في إحدى المرات، أوضح الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة نستله، واسمه (بيتر برابيك–ليتماثه)، أن المياه ليست حقًا عالميًا، فقال:

”هناك رأيان حول مسألة المياه: الأول، والذي أراه رأيًا متطرفًا، هو الذي تدعمه المنظمات غير الحكومية التي تؤكد دائمًا على أن المياه حق عام. ويؤكد هذا الرأي على وجوب امتلاك الكائن البشري الحقّ في الحصول على المياه، هذا ما أراه حلًا متطرفًا“

بالتأكيد، هذا الكلام منافٍ للعقل والمنطق، حتى (برابيك) نفسه تراجع عن هذا الكلام عقب هجوم وسائل الإعلام عليه. وصحح رأيه بالقول ”المياه حق من حقوق الإنسان“ و”أدافع عن حق الوصول العالمي لمياه الشرب الآمنة“. بالطبع، هذا مجرد كلام لا معنى له، إذ أن أفعال وتصرفات نستله تتعارض تماماً مع التصريحات الإعلامية المنمقة.

تجفف نستله الطبقات المائية التي تسيطر عليها قدر المستطاع، بدون أي اعتبار للاستخدام المستدام أو العواقب البيئية. آخر النتائج التي حصدتها جراء هذه السياسة هي مسألة الجفاف في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، والجفاف في كاليفورنيا يعد سابقة خطيرة لم تشهدها المنطقة منذ 1200 سنة. لدرجة أن شركة «ستاربكس» أعلنت أنها ستنقل منشآت تعبئة المياه من كاليفورنيا إلى ولاية بنسلفانيا، بينما قال المدير التنفيذي لنستله (تيم براون) أن الشركة ”لن تقوم بهذا الأمر. وفي الحقيقة، لو استطعت زيادة عمليات تعبئة المياه لفعلت ذلك“.

تقوم الشركة باستخراج المياه من غابة سان برنانديو الوطنية بدون إذن، وهي تعمل بدون إذن منذ عام 1988، مؤخرًا حاولت الحصول على تجديد الإذن مقابل دفع رسوم سنوية مضحكة للغاية، قيمتها 524 دولار فقط!

بالإضافة إلى ذلك، لا يستطيع سكان كاليفورنيا معرفة مقدار وكميات المياه التي تستخدمها نستله، لأنه لا وجود لأسس قانونية تجبر الشركة على كشف هكذا معلومات، ولم تقم الأخيرة بأي خطوة لإنجاز أو نشر تقارير تتعلق بمسألة المياه، لكن تحليلات مستقلة تقدر استخدام الشركة مليار غالون من المياه في السنة الواحدة.

كاليفورنيا ليست المكان الوحيد الذي تمارس فيه نستله أعمالها، ففي قرية باتي دلوان في باكستان، تبيّن أن الأطفال يمرضون جراء شربهم مياهًا ملوثة، ويتهم السكان المحليون شركة نستله التي حفرت بئرًا كبيرًا في حرمان الناس من المياه.

الاستخدام غير المسؤول وغير المستدام للمصادر المائية سيؤدي في النهاية إلى انخفاض ملحوظ في مستويات الماء، وقد تنضب المياه في نهاية المطاف، فالمياه الجوفية ليست دائمة إن استُهلكت بشكل غير مسؤول.

حادثة أخيرة مثيرة للاهتمام، هي رفع دعوى ضد شركة نستله من طرف شركة أخرى في شيكاغو، ادعت الأخيرة أنها اشترت من نستله 5 غالونات من مياه العلامة التجارية «آيس ماونتن»، لتكتشف في نهاية المطاف أنها مياه صنبور عادية.

تعقيبًا على الحادثة السابقة، وقبل 20 سنة، رُفعت دعوى ضد نستله بتهمة تزوير علامات المنتجات، وتمت تسوية الدعوة مقابل تبرع نستله بـ 10 مليون دولار على شكل هبات خيرية وحسومات.

أمر آخر بخصوص المياه، قبل أن ننتقل إلى قضية أخرى مثيرة للجدل حول نستله، هو قيام الشركة باستهلاك مخزون المياه قرب مدينة فلينت بولاية ميشيغان الأمريكية، والتي أصابتها أزمة جفاف كبيرة، فكانت نستله تبيع مئات آلاف عبوات المياه مقابل دفع 200 دولار فقط لحصولها على حق استخراج المياه.

3. عمالة الأطفال والاستغلال وتهريب البشر

صورة: Benjamin Lowy

قد يحب معظمنا الشوكولاته، لكن هل تعلمون بشأن تلك الصفقات اللاأخلاقية التي تبرمها شركات إنتاج الشوكولاته؟ في عام 2010، صدر فيلم وثائقي بعنوان «الجانب المظلم للشوكولاته»، وجذب اهتمام المتابعين حول عمليات شراء مزارع الكاكاو في ساحل العاج، ووثق أيضًا استخدام عمالة الأطفال في تلك المزارع، أطفال عمرهم لا يزيد عن 15 عاماً يعملون فيها، بعضهم جُلب عن طريق التهريب من دول أخرى.

في عام 2005، رفع صندوق حقوق العمال الدولي دعوى قضائية ضد نستله (وشركات أخرى أيضًا) نيابةً عن 3 أطفال من مالي. جاء في الدعوى أن الأطفال الثلاثة هُربوا من بلدهم إلى ساحل العاج، أي عن طريق التجارة بالبشر وتهريبهم، وأُجبروا على العمل بطريقة لا تختلف عن العبودية، وتعرضوا إلى الضرب المتكرر في مزارع الكاكاو.

في عام 2010، أسقطت المحكمة الاتحادية في الولايات المتحدة تلك الدعوى بحجة أن الشركات لا يمكن تحميلها مسؤولية خرق القانون الدولي، وهو قرار مثير للجدل. على الرغم من ذلك، لم تتوقف التقارير حول فضائح نستله.

4. مخاطر صحية تسببها منتجات نستله

إتلاف كميات هائلة من حليب الأطفال في شنجن في الصين عام 2008. صورة: Reuters

أطلقت وكالة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تحذيرات للمستهلكين ترشدهم إلى تجنب تناول منتجات نستله تول هاوس المغلفة، وهي عبارة عن عجينة تُصنع منها الكوكيز أو الكعكات، جراء خطر الإصابة بالعصيات القولونية. يبدو أن تلك المنتجات أدت إلى مرض أكثر من 50 شخصًا في 30 ولاية أمريكية، واضطر نصفهم إلى دخول المستشفيات، وتوفيت إحدى النساء قبل سحب المنتج من الأسواق.

أوضحت نستله في بيان لها تعقيبًا على الحادثة: ”أثارت حقيقة ارتباط منتجنا بمرض (ليندا ريفيرا) عام 2009 ووفاتها المأساوية مخاوفًا عميقة لدى جميع العاملين في نستله. منذ تلك الحادثة، طبقنا اختبارات أكثر صرامة وقمنا بتفحص المواد الأولية والمنتج النهائي كي نضمن أن يلاقي المنتج معايير الجودة المرتفعة“.

فضيحة أخرى هي الحليب الصيني من عام 2008، حيث توفي 6 أطفال ودخل 860 شخصًا المستشفى جراء مشاكل في الكلية بعدما تبيّن أن منتجات نستله تحتوي الميلامين، وهي مادة تُضاف بشكل غير قانوني إلى المنتجات الغذائية لزيادة محتواها البروتيني.

أعلنت وزارة الصحة في تايوان، عام 2008، أن 6 أنواع من حليب البودرة المنتجة في الصين من طرف شركة نستله تحتوي كميات ضئيلة من الميلامين، ما أدى إلى إزالتها وسحبها من الأسواق.

لم ينته الأمر هنا، إذ وثقت الصين إصابة 300 ألف شخص، ما زاد من المخاوف المتعلقة بأمان شركات إنتاج الأغذية الكبرى العاملة في الصين. أُعدم شخصان بالمناسبة، وحُكم على 7 آخرين بالسجن مدى الحياة، وأشارت الأمم المتحدة إلى الحادثة باعتبارها أكبر حوادث الأمن الغذائي التي تعاملت معها خلال السنوات الماضية.

بالطبع، أنكرت نستله جميع ما سبق وادعت أن منتجاتها نظيفة، على الرغم من ربط الحكومة التايوانية منتجات نستله بكميات الميلامين السامة التي عُثر عليها. ردًا على ذلك، أرسلت نستله 20 اختصاصيًا من سويسرا إلى 5 معامل ومصانع تمتلكها في الصين لتدعيم وتعزيز الاختبارات الكيميائية التي تجريها على المنتجات.

5. صفقة مع روبرت موغابي وزوجته

الرئيس السابق (روبرت موغابي). صورة: REUTERS/Siphiwe Sibeko

يُعرف (موغابي) بكونه سياسيًا مثيرًا للجدل، فعلى الرغم من كونه أول رئيس منتخب لزيمبابوي، سيطر (موغابي) على مقاليد الحكم لمدة 4 عقود، وصحيح أنه استطاع تحرير بلاده من الاستعمار البريطاني وقلب النظام الحاكم المؤلف من أغلبية من البيض، لكنه مسؤول عن انتشار الفساد في البلاد وسوء الإدارة الاقتصادية، بالإضافة إلى تهم أخرى مثل تقويض حقوق الإنسان وجرائم ضد الإنسانية.

ما علاقة نستله بـ (موغابي)؟ يبدو أن الشركة السويسرية أبرمت صفقة مع زوجة الدكتاتور الشهير، واقتضت الصفقة شراء مليون لتر من الحليب سنويًا من مزرعة استولى عليها (روبرت موغابي) وأخذها من مالكيها الأصليين.

يبدو أن زوجة الرئيس السابق، واسمها (غريس موغابي)، استولت على 6 من أكبر وأهم المزارع في زيمبابوي منذ عام 2002، وكانت هذه المزارع مملوكة لأفراد بيض، ما يعني أن (غريس) تمكنت من نباء إمبراطورية من المزارع المُصادرة بشكل غير قانوني، ما أدى إلى مقاطعة البلاد وفرض عقوبات عليها من طرف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

تُعرف (غريس) أيضًا بأسلوب حياتها الباذخ، حتى أنها تملك قصرين فخمين خارج البلاد. في عام 2014، حصلت (غريس) على دبلوم دكتوراه خلال 3 أشهر فقط بعد تسجيلها للدراسة، وتلك أمور كان على نستله أخذها بعين الاعتبار قبل إبرام صفقة مع زيمبابوي، التي انهار اقتصادها القائم على الزراعة وبلغت مستويات التضخم فيها أرقامًا مخيفة.

6. الدين الإثيوبي

العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. صورة: Ethiopia Insight

في عام 2002، اتخذت نستله قرارًا بمطالبة دولة إثيوبيا بدفع دين قدره 6 مليون دولار أمريكي، وكان القانون في صفّ الشركة هذه المرة، لكن الظروف لم تكن كذلك، إذ عانت إثيوبيا حينها من مجاعة شديدة.

تجلب العلامات التجارية لشركة نستله ما يزيد عن مليار دولار سنويًا، لذا لا تبدو مطالبها الساعية إلى تحصيل 6 مليون دولار من دولة تضربها المجاعة أمرًا أخلاقيًا على الإطلاق.

ادعت نستله أن الدين يعود إلى سبعينيات القرن الماضي، عندما استولى النظام العسكري في أديس أبابا على كافة أصول الشركات الأجنبية. كما قلنا، قد تكون نستله محقة هذه المرة، لكن تصرفها غير أخلاقي أبدًا: فبعد يومٍ واحد فقط على انتشار الخبر، تلقت نستله 40 ألف رسالة تطالبها بالعدول عن هذا القرار، بعض تلك الرسائل كتبتها شخصيات شهيرة غاضبة من جشع شركة نستله.

في نهاية المطاف، جرت تسوية بين نستله وإثيوبيا مقابل دفع جزء من الدين واستثماره في البلاد كي تنهض من المجاعة. أصرت نستله على أن تحصيل الدين «مسألة مبدأ»، وأن تحصيل الدين يصب في مصلحة أديس أبابا، حيث سيصلح سمعتها وسجلها مع المستثمرين الأجانب. على أي حال، يبدو أن نستله نالت نصيبها من الغضب الشعبي هذه المرة.

7. العلامات المضللة والغذاء غير الصحي

بعض من منتجات حبوب الإفطار التي تملكها شركة نستله.

بات من المعروف الآن أن نستله تروج لأغذية غير صحية مثلما تتدعي، والأمثلة كثيرة: فهناك تقرير من رابطة المستهلكين في المملكة المتحدة يدعي أن 7 من أصل 15 ماركة تجارية لحبوب الإفطار التي تنتجها نستله تحوي نسبًا مرتفعة جدًا من السكر والملح والدهون. تدعي نستله أنها شركة رائدة في تقديم الأطعمة المغذية والصحية، لكن حملات تسويق أغذية الأطفال الخاصة بها لا تدعم هذا الادعاء.

لا يقف الأمر عند العلامات المضللة لمنتجات نستله، بل بعض الحملات التسويقية مزيفة تماماً. في عام 2002، طالبت الشرطة شركة نستله وفرعها في كولومبيا بسحب 200 طن من بودة الحليب المستوردة بسبب إعادة تعريف علامات المنتج بشكل مزيف، أي أن بودرة حليب الأطفال استوردت من الخارج، ثم طُبع عليها معلومات خاطئة وسُوقت على أنها منتجات محلية الصنع، بالإضافة إلى تغيير تواريخ الإنتاج أيضًا. لم ينته الأمر هنا، إذ تم سحب 120 طن بعد شهر واحد من الفضيحة الأولى، ما أثار غضبًا شعبيًا في كولومبيا حينها.

نستله ليست الشركة الكبرى الوحيدة التي ترتكب أمورًا غير أخلاقية، لكن تجاوزاتها المتكررة وتمكنها من الإفلات من العقاب أمورٌ لا يجب أن تمر بدون محاسبة، ناهيك عن تحكمها بمصادر المياه وتشغيلها للأطفال في مزارع الكاكاو. إحداث ضجة حول تلك الممارسات قد يدفع الشركات، في يوم ما، إلى إعطاء حقوق الإنسان أولوية على الربح المالي.

مقالات إعلانية