تدعى أنخيدوانا، هي أميرة الامبراطورية الأكدية، وابنة الامبراطور سرگون (أو سرجون) الأكدي، معنى اسمها أنخيدوانا (أو أنهيدوانا) في اللغة العربية هو ”زينة الكاهنة العليا للآلهة نانا“.
فضلاً عن كونها أميرة، قام والدها بتعيينها لتكون كبيرة آلهة القمر نانا، المنصب الذي شغلته حوالي الأربعين عاماً، وقد قامت خلال ذلك بإنشاء مؤسسة دينية جعلت منها أقوى سلطة دينية في زمانها، ويعتقد أن والدها الإمبراطور سرجون قد عينها في هذا المنصب في أواخر سنوات حكمه لأنها استمرت فيه حتى خلال حكم إخوتها ريموش ومانيشتوشو ثم في زمن حكم ابن أخيها نرام-سين، مؤسسة بذلك لتقليد استمر بعدها لقرون، حيث قام أغلب الملوك الرافدينيون بتعيين أخواتهم وبناتهم في ذات المنصب من بعدها.
ويرجح أن تعيينها جاء لتعزيز سيطرة حكم والدها على الشعب المتمرد في الجنوب السومري للإمبراطورية، حيث أنه من خلال خدمة ابنته الأكادية لآلهة سومرية قد قام بمزج الآلهتين في شخص ابنته، الأمر الذي له أبعاد سياسية أكثر منها دينية، وعليه من المرجح أن تكون بعض قصائدها ذات غاية سياسية أيضا.
ولدت ”انخيدوانا“ قبل حوالي ٢٣٠٠ سنة، وتوفيت في أور، وهي الإبنة الوحيدة بين خمسة أولاد، فهي أكدية المولد وسومرية الثقافة، ومنهم من يعتقد أنها ليست ابنة سرگون من زوجته تاشلولتُم التي تتحدث السامية، بل من زوجة سومرية وذلك لطلاقة لغتها السومرية وكتابتها لشعرها بالخط المسماري.
اكتشف لها حتى يومنا هذا: ٣ قصائد لنانا، و٣ لإنانا، و٤٢ تسبيحة (ترتيلة)، وتعرف هذه التسابيح بتراتيل المعبد السومرية.
على الرغم من كونها شاعرة الجنس والحب؛ كرست أنخيدوانا نصوصها الشعرية للتسابيح وللتراتيل وللغزل الإلهي. وتعتبر أنخيدوانا صاحبة أقدم نص شعري مكتوب، وهي بذلك تكون أول امرأة شاعرة معروفة في التاريخ، سابقة الشاعر اليوناني الملحمي هوميروس (صاحب الإلياذة والأوديسة) بحوالي أحد عشر قرناً.
عُرفت أنخيدوانا واكتشفت آثارها أول مرة بعد العثور على قرص كلسي مدور قرب مكان إقامة الكاهنة الكبرى، في معبد آلهة القمر (نانا)، يحمل صورة كاهنة و منقوش على ظهره كتابة: ”أنهيدوانا، امرأة نانا الحق، زوجة نانا، ابنة سرگون، ملك الجميع، في معبد إنانا في أور، منصّة أنتِ بنيتِ، ومنصّة مائدة السماء (آن) أنت سميتِ“.
تصف أنخيدوانا (أنهيدوانا) نفسها بثلاث صفات: أولها زوجة نانا بوصفها الكاهنة الكبرى. وثانيها، مخلوق فانٍ لانها ابنة سرگون ملك الجميع. وثالثاً، المُحبة والمُخلصة لإنانا.
مقتطفات من ما كتبت انخيدوانا:
– في هذا المقطع تصف معبد إيبابر، معبد إله الشمس أتو، فتقول: ”قرونك المشرقة فضّة… لحيتك اللازورديّة اللامعة… تتدلّى بإسراف“.
– في التسبيحة السادسة لمعبد الإلهة شوزيانا تقول الشاعرة: ”بذرت زهوراً بغزارة… في موقعك النيّر… البيت الموصد الشامخ… للنساء المخلصات“.
– في تسبيحة لننهرساك، الالهة الأُم في سومر، تقول عن المعبد: ”إنّ داخلكِ رحماً عميقة مظلمة“. وفي التسبيحة الخامسة عشرة تصف معبد كيشباندا بالقول: ”ثدي الأم مرعب ومكان أحمر… مُصان في الرحم المظلمة“.