in

هل سرقت الأديان الإبراهيمية أفكارها من ملحمة جلجامش؟ أم أنها مجرد مصادفة!؟

ملحمة جلجامش
عمل فني لـBernard Salomon

ملحمة جلجامش هي رواية من بلاد ما بين الرافدين وتعتبر أقدم الأعمال الأدبية في العالم. كُتبت الملحمة على 12 لوحاً طينياً بخط مسماري، ويوجد أكثر من نسخة منها أقدمها يعود للحقبة السومرية، ولكن أكثرها اكتمالاً يعود للحقبة البابلية. كتبت منذ حوالي 2500-2800 سنة قبل الميلاد من قبل كاهن اسمه شين أيقي أونيني. يمكنك قراءة ملخص عن ملحمة جلجامش في مقال سابق على موقعنا عن طريق الضغط هنا.

ملحمة جلجامش
ملحمة جلجامش – صورة لـmurakulous على فليكر

ومن المثير للجدل وجود تشابهات عديدة مذهلة بين هذه الملحمة وبعض الروايات التي قدمتها لنا الأديان الإبراهيمية لاحقاً بعد عدة قرون. ولعلّ أبرز هذه التشابهات هي:

– فكرة وجود الإله/الآلهة

إن أي مطّلع على تاريخ الميثيولوجيا القديمة، يعرف بأن فكرة وجود إله أو مجموعة آلهة هي فكرة قديمة جداً، سبقت ظهور الأديان الإبراهيمية بزمن طويل. وفكرة هذه الملحمة قائمة على وجود عدة آلهة تتحكم بمصير الجنس البشري.

– فكرة الخلق من طين

تخبرنا الرواية بأن الآلهة ”أورورو“ قامت بخلق ”أنكيدو“ من حفنة من الطين، وهذا يماثل قصة خلق ”آدم“ التي تخبرنا بها الأديان الإبراهيمية.

– فكرة وجود أرض الخلود/الجنة

في الملحمة؛ أنعمت الآلهة على ”اوتنابشتم“ وأسكنته في أرض الخلود التي لا يشيخ فيها أحد، وهي جزيرة نائية تقع خارج العالم المألوف. وهذا يشبه فكرة وجود الجنة التي تقدمها لنا الأديان الإبراهيمية.

– الأفعى/الشيطان رمز للشر

ملحمة جلجامش
الأفعى/الشيطان رمز للشر

كلا الروايتان تقدمان لنا الأفعى على أنها رمز للشر. فبعد أن يحصل ”جلجامش“ على نبتة الخلود التي تعيد له شبابه، تقوم الأفعى بأكل هذه النبتة، بشكل مشابه للأفعى التي تقوم بإغواء آدم ليأكل من شجرة الخطيئة.

– فكرة الطوفان الهائل/طوفان نوح

ولعلها أبرز نقاط التشابه الكبيرة والمثيرة للجدل، ففي الملحمة تغضب الآلهة على البشر وتقرر إحداث طوفان هائل يقضي على الجميع باستثناء ”اوتنابشتم“ وقلة قليلة مختارة معه، بالإضافة إلى زوج من كل نوع من الحيوانات. بشكل مشابه ومذهل لما طرحته الأديان الإبراهيمية بعد 1200 سنة.

– النجاة من الطوفان/السفينة العملاقة

ملحمة جلجامش
بناء سفينة عملاقة للنجاة من الطوفان

تقوم الآلهة بإخبار ”اوتنابشتم“ عن طريقة لبناء سفينة عملاقة للنجاة من الطوفان، وتحدد له طولها وعرضها وارتفاعها وطريقة تقسيمها إلى حجرات. ونجد هذه المجموعة من الأفكار متواجدة بشكل مشابه في التوراة والقرآن.

– رسوّ السفينة على قمة جبل

بعد ست ليال وسبعة أيام من الطوفان؛ ترسو السفينة التي بناها ”اوتنابشتم“ على قمة جبل، وذلك قبل انخفاض مستوى المياه بشكل تام.

ومرة أخرى… بشكل مشابه للقصة الموجودة في الأديان الإبراهيمية التي تخبرنا عن رسوّ سفينة نوح على قمة جبل.

– الطير مكتشف اليابسة

تخبرنا الملحمة بأن ”اوتنابشتم“ يقوم بإطلاق ثلاثة طيور في محاولة منه لمعرفة إمكانية وجود يابسة انحسرت عنها المياه. وفي النهاية عندما يطلق الغراب فيذهب ولا يعود فيعرف بأنه عثر على البر.

وفي التوراة؛ يطلق نوح ثلالثة طيور أيضاً، وأخيراً عندما يطلق الحمامة فتذهب وتعود حاملة في منقارها غصن زيتون، يعلم بأنها عثرت على اليابسة.

عزيزي القارىء، هذه كانت أبرز نقاط التشابه بين الملحمة والرواية الإبراهيمية. والبعض يعتبرها الدليل المطلق على زيف الأديان الإبراهيمية وسرقتها لأفكار سابقاتها من الأديان والأساطير، والبعض الآخر يعتبرها مجرد مصادفة كبيرة متحججين بوجود بعض الإختلافات بين الروايتين، كوجود اختلاف في القياسات بين سفينة نوح وسفينة اوتنابشتم.

أما على الصعيد العلمي؛ فيؤكد لنا العلم على عدم وجود أي دليل يثبت حدوث الطوفان أو وجود بقايا لأيٍّ من السفينتين. وأما بخصوص السؤال المطروح في عنوان المقال، فمن المؤكد بأننا لن نعطيك جواباً جاهزاً……هنا يأتي دورك.

مقالات إعلانية