أحمد الحسنين
لقد استطاع بعض العلماء من خلال تجربة جديدة أن يحدّدوا بشكل مؤكد، وجود علاقة بين رؤية الأشجار (كثافة الغطاء الشجري) وانخفاض التوتر. حيث أنّهم قاموا بتعريض 160 شخصاً (50% ذكور – 50% إناث) لمواقف، من شأنها أن تزيد نسبة التوتر لديهم، ومثال على ذلك: أن يكتبوا خطاباً لمقابلة عمل في 8 دقائق، أو أن يقوموا بحلّ مسائل رياضيّة من غير استخدام أو الاستعانة بأي أداة. وبعد ذلك قام العلماء بالعرض عليهم مقاطع فيديو بتقنية 3D، لأماكن تحتوي على الأشجار، لمدة 15 دقيقة. ثم قاموا باختبار نسبة التوتر بعد هذه التجربة، وكتابتها ضمن تقارير.
أظهرت النتائج أنّ الأشخاص الذين عُرضت عليهم مشاهد فيديو تحتوي على كثافة أشجار بنسبة 2% فإنّ نسبة التوتر لديهم قد انخفضت بحوالي 41%، أمّا الذين عُرضت عليهم مشاهد تحتوي على كثافة أشجار بنسبة 36% فإنّ نسبة التوتر لديهم قد انخفضت بحوالي 90%.
وجدير بالذكر أنّ هذه النتائج تتوافق بشكل كبير مع الدراسات السابقة حول هذا الموضوع، كما أنّها تفادت معظم الانتقادات التي واجهتها تلك الدراسات السابقة. وأيضاً، ثمة ملاحظة أخرى لهذه التجربة تشير بأنّ صغار السن قد تفاعلوا بشكل أفضل، حيث وجدوا نسبة التوتر لديهم انخفضت بشكل أكبر عمّن هم أكبر سنّا.
حينما اطّلعت على هذه التجربة، تبادر إلى ذهني فوراً صورة ”إمبابة“ من الفضاء، وذلك حينما تمّ عرضها في صفحة أجنبية، فكانت معظم التعليقات عبارة عن ”أين الأشجار؟“ أو ”أين المساحات الخضراء؟“ بخلاف التعليقات التي أوردها المصريون على الصورة نفسها، حيث أنهم لم يلتفتوا أساساً إلى عدم وجود الأشجار؛ فهم على الأغلب، لا يدركون مدى أهميتها.
هنا، في مصر، حينما يريدون توسعة الطرقات، فهم يباشرون بإزالة الأشجار، وإن أرادوا القيام بأي مشروع جديد فأيضاً يسارعون بإزالة الحدائق ليقوموا بعد ذلك بالبناء مكانها.
وهنا يأتي السؤال، إذا كانت الحدائق والمساحات الخضراء شبه منعدمة أو مهملة من الأساس، فلماذا نتفاجأ من حالة التّعصيب الدائم لدى معظم الناس هنا؟ أو على طريقة البعض ”هي الناس بتاكل في بعضها ليه!“
سؤال قد تجيبنا عليه تلك التجربة، بشكل أو بآخر، إلّا أنّ ذلك لا يعني بالضرورة أنّ قلة الأشجار هي السّبب المباشر والوحيد لحالة التعصيب والتوتر عند الناس، لكن لا شك أنّها من تلك الأسباب، والتي قد تكون غائبة عن الكثير منّا..
