in

دخلك بتعرف قصة ”خنازير الاحتجاج“ الدنماركية

خنزير الاحتجاج الدنماركي

في القرن التاسع عشر، لم تتفق دولتا الدنمارك وبروسيا على رسم الحدود بينهما [بروسيا هي جزء من ألمانيا حاليا]، فقد كان كلا البلدين تواقان لبسط نفوذهما على الجزء الجنوبي لشبه جزيرة (يوتلاند)، والتي تشكل اليوم جزءا من ولاية (شليسويغ هولستاين) الألمانية ومقاطعة (جنوب يوتلاند) الدنماركية، ومنه يمكننا الاستنتاج أن كلا الطرفين رفض التنازل عن أي شبر من الأراضي لصالح الطرف الآخر.

الجزء الجنوبي لشبه جزيرة (يوتلاند)
الجزء الجنوبي لشبه جزيرة (يوتلاند).

في سنة 1848، نشبت حرب بين البلدين مالت فيها كفة النصر لصالح الدنمارك التي بسطت نفوذها على الأرض المتنازع عليها، وبعد أزيد من عقد لاحقاً، عادت ذات الأرض لتكون محور صراع آخر ومنه اندلعت حرب (شلسفيغ) الثانية، وفي هذه المرة كان النصر حليف بروسيا.

في ستينات القرن التاسع عشر، اجتاحت القوات البروسية جنوب شبه جزيرة (يوتلاند)، وخلال العقود التي تلت ذلك سهرت على تطبيق مجموعة من القوانين المنشأة حديثا خصيصا لقمع كل ما هو دنماركي، أو ما يمت للدنمارك بصلة سواء من قريب أو من بعيد.

تماما مثلما قد تتخيله عزيزي القارئ، علِق المزارعون الدنماركيون في الجانب الخاطئ من الحدود، وكانوا لا يشعرون بأي رضى عما آلت إليه حالهم، وما أثار غيضهم كثيرا كان القانون الجديد الذي سُن من أجل منعهم بشكل خاص من رفع علم بلدهم الدنمارك في تلك الأرض، لذا، ومثلما تفيد به القصة، بدأوا بتربية نوع خاص من الخنازير.

من خلال برنامج تهجين ممتاز وحثيث، حاول المزارعون الدنماركيون خلق نوع جديد من الخنازير التي يشبه لونها بشكل كبير علمهم الوطني المحبوب. لم يكن الأمر صعبا للغاية مثلما قد تتخيله عزيزي القارئ، حيث أن علم الدنمارك بسيط لا يوجد به أي تعقيد، فهو لا يتعدى كونه عبارة عن خلفية حمراء فوقها صليب نوردي أبيض طويل، لذا كل ما كان هذا النوع من الخنازير يحتاجه هو معطف من الفراء الأحمر وحزامان أبيضا اللون بارزين.

العلم الوطني الدنماركي
العلم الوطني الدنماركي

على الرغم من أن المنتوج النهائي كان يفتقد لأحد الحزامين فإن هذا النوع من الخنازير الذي أطلق عليه اسم «خنازير الاحتجاج» Protestschwein/Protestsvin سرعان ما تحول إلى رمز للتحرر الثقافي الدنماركي.

لاحقا في القرن العشرين، أصبح هذا النوع الهجين معترفا به كسلالة حقيقية وأطلق عليه اسم Husum Red Pied. مازال هناك حوالي 60 خنزيرا من هذا النوع المزين بألوان العلم الدنماركي حياً اليوم في مناطق متفرقة حول العالم، والتي يعيش الكثير منها داخل حدائق الحيوان.

«خنازير الاحتجاج»
«خنازير الاحتجاج» – صورة: Ulli J./Flickr

لم يكن هذا الشكل الوحيد من أشكال الاحتجاج السلمي التي حدثت في شبه جزيرة (يوتلاند) في القرن التاسع عشر، حيث قام الألمان الغزاة كذلك بسن قوانين منعت المنظمات الدنماركية من تقديم المشروبات الكحولية، مما يعد ضربة موجعة في وجه المراكز المجتمعية المحلية التي كانت تعمل كمقرات اجتماع سياسي مفتاحية.

فجأة، وجدت هذه المراكز المجتمعية الدنماركية المحرومة نفسها في حاجة إلى طريقة جديدة ”غير كحولية“ في جذب الناس إليها مجددا، أو تعلمون ما كان حلهم المبدع؟ لقد كان «طاولة القهوة»، وهي طاولة تغطيها عشرات من قطع كعك كانت تعرف باسم «كعك المتمرد».

اليوم، بقيت هذه الطاولات المزينة بالكعك تقليدا متبعا في كامل أنحاء شبه الجزيرة.

مقالات إعلانية