in

طرقٌ جنونية ومروّعة من التاريخ، كان القدماء يتبعونها للكشف عن الساحرات وإدانتهنّ

مفهوم السحر مفهوم قديم قدم التاريخ نفسه، سواءً ارتبط مفهومها بالشامانية (حيث أن الشامان يلعب دور الوسيط بين العالم الطبيعي والعالم الفائق للطبيعة)، وحتى وإن كان السحرة في تصورنا عبارة عن أشخاص صالحين وحكماء أو حتى كانوا أشخاصاً أشراراً، كان لكل مجتمع تصوره الخاص عن هؤلاء الثلة من الناس. فقد كانت شخصية الساحر أو الساحرة مرتبطة بالخير والشر، ولذلك كان الناس يهابونها ويوقروها لارتباطها بالقوى اللامرئية. وهذا لا يخالف حقيقة كونها شخصية غردت خارج سرب المجتمع والدين. على أي حال، عندما تستجد مشاكل دينية أو سياسية في المجتمع، تتوجه الأنظار نحو السحرة الذين سيكونون كباش فداء لما يعصف بالمجتمع من مشاكل.

إذاً، كان هذا هو الوضع فيما يخص السحرة في أوروبا في أواخر العصور الوسطى وفي مطلع العصور الحديثة. ففي القرن التاسع الميلادي قامت الكنسية الكاثوليكية بتحريم ممارسة السحر، لكن ما لبثت وأن تغير موقفها هذا بالتزامن مع التحديات التي واجهت سلطة الكنيسة. لكن فجأة عقب هذا كله، حدث تغيير جذري تجاه التعامل مع مفهوم السحر، فبات السحر أمر حقيقي وخطير للغاية وبات على محاكم التفتيش المنشأة حديثا آنذاك، محاربة وملاحقة ممارسيه. فرافق تصاعد الاضطهاد الذي حل بكل من غرد خارج سرب الفكر التقليدي للكنيسة وبأولئك الذين اتهموا بممارسة السحر، حركة الإصلاح الديني في أوروبا، وترافق أيضاً بملاحقة كل من الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية لمن اتهموا بالسحر وإعدامهم.

لكن السؤال الذي يطرح هنا، ما هي الآلية التي اتبعتها الكنيسة للتفريق بين الساحر وغيره! فيما يلي عشرة اختبارات ومحاكمات جرت بحق المتهمين بالسحر للتأكد من إدانتهم أو براءتهم.

1. المظهر والهيئة

ساحرة الشرق كما صُوّرت في كتاب «الحطاب الصفيحي من أوز». صورة: Wikimedia Commons

في بادئ الأمر، لم يتم الاعتماد على دلائل ملموسة لكشف تورط الشخص بممارسة السحر، بل كان الأمر يتعلق بالمظهر الخارجي والحال التي كانت تحيط بالمتهم. فمعظم من اتهموا بالسحر كانت لهم صفات مشتركة، فأنت عليك أن تتخيل امرأة مسنة، تعاني من مرض مزمنٍ ما، وتعيش بمفردها مع حيوانها الأليف، ولك أن تسرح في خيالك في أي شيء يجعلها مختلفة بأي طريقة. ففي عام 1640 وفي كتابه ”Select Cases of Conscious“، كتب رجل الدين الپيوريتاني (جون جول): ”إن كل امرأة عجوز ملأت التجاعيد وجهها، وسُدت عيونها بحاجبيها الأشعثين، وكانت سبلاء خط الشعر فوق شفتها العليا، وذات أسنان أمامية بارزة، وذات حولٍ في عينيها، وذات صوت حاد، ولسان سليط، وقطة أو كلب يرافقانها. تلك المرأة بتلك المواصفات، ليست فقط عرضة للشبهات، بل هي ساحرة بكل تأكيد.“ أظننا متفقين على أن ما سبق لا يخرج عن كونه خطاباً فوقياً مليئاً بالكراهية والازدراء.

بعض تلك الصفات نجدها أيضاً في كتاب (مطرقة الساحرات) أو باللاتينية (Malleus Maleficarum) الذي تم تأليفه من طرف عضوان في الرهبنة الدومينيكية (ياكوب شبرِنْغه) و(هاينريخ كرامر). فقد تم تحريم السحر، وعهد للراهبين مهمة محاربة ممارسي السحر وذلك بأمر من البابا (إينوسنت الثامن). كتاب (مطرقة الساحرات) اعتبره الكاثوليك والبروتستانت على السواء، المرجع الأعلى فيما يتعلق بقضايا السحر. وذلك لفترة امتدت مئتي سنة. ووفقاً للكتاب فإن ”معظم السحرة هم من النساء، لأنهن لا يملكن القدرة على التحكم بالنفس وضبط نزواتها… وإن النساء إما خير مطلق، أو شر مطلق.“

تلك الصورة النمطية عن الساحرات وصلت لذروتها في القرنين السادس عشر والسابع عشر. وقد ساهم في ذلك الانتشار الواسع للطباعة، وتطور تقنية الطباعة بالقوالب الخشبية. وهذا ما ساعد في تقليل تكلفة إنتاج صحف البرودشيت (الشكل الشائع التي تشتهر به الصحف الرسمية). ولم يكن هناك أكثر من قصص الجرائم الغامضة والمثيرة مما يجذب انتباه واهتمام الجماهير. وقد رافق انتشار تلك الصحف وشهرتها مع الجنون الأوروبي فيما يخص قضية السحر، وقد ساهمت تلك الصحف وتغطيتها لأهم مستجدات ملاحقة السحرة ومحاربتهم على إبقاء الجماهير على اطلاع دائم على مستجدات تلك المحاكمات.

ففي بريطانيا، نُشرت إحدى أوائل الكتيبات التي تناولت مستجدات عالم السحرة، الكتيب تم نشره عام 1579 وتضمن قصة أربعة ساحرات طاعنات في السن. تضمنت تلك القائمة الصغيرة مسنات أرملات أو أخريات تقطن في منزل لوحدهن. وكن جميعاً يمتلكن حيواناً أليفاً يرافقهن. كانت تلك العينة وبعد رش بعض البهارات على صفاتهم وتزويقها على صفحات الصحف، الصورة النمطية للساحرة التي يجب على المجتمع ملاحقتها ومحاربتها.

لكن على ما يبدو فإن المظهر الخارجي لم يكن دليلاً حاسماً، فقد يخفي الجسد تفاصيل ستساعد تلك المحاكم في إيجاد ضالتها بشكل لا يورث أي ريبة في قراراتها ضد هؤلاء المتهمين.

2. علامات الشيطان على الجسد

علامات الشيطان على الجسد
علامات الشيطان على الجسد.

فكما قلنا الهيئة الخارجية للساحرة لم تكن تكفي أحياناً، وكانت المحاكم بحاجة لدليل أقوى. فيرى كتاب (مطرقة الساحرات) أن الساحرة عندما تتعاقد مع الشيطان، يترك الأخير علامةً ما على جسدها. وتم بهرجة تلك الرواية والقول إن تلك العلامة كانت بمثابة الختم على الاتفاق الذي جرى بين الشيطان والساحرة. وأن تلك العلامات يمكن أن تأخذ شكل شامات أو وحمات، أو حتى ندبات.

وبالنسبة للوحمات، فكلما كان شكلها أغرب، كان صاحبها في موقف ينذر بالخطر أكثر. فإن كانت وحمتك تأخذ شكل حيوان ما، كالضفدع مثلاً، فأنت في موقف لا يحسد عليه. وإن خطرت لك فكرة أنه وبسهولة يمكن للمرء إزالة تلك الوحمة للتخلص من كل هذا، فأنت مخطئ! فبعد أن تتخلص من الوحمة ويترك هذا أثر على جلدك، فأهنئك، فبت تملك الآن ندبة تركتها مخالب الشيطان عليك أثناء توقيع الاتفاق فيما بينكما. أو هكذا سيكون الحال أمام المحكمة.

لم يتوقف الأمر عند الندبات والوحمات والشامات، التي كانت تعتبر كتوثيق للعلاقة بين الساحرة والشيطان، بل أخذ الأمر منحى آخر فامتلاك إحداهن لنتوء جلدي يشبه حلمة الثدي، فتلك الحلمة الثالثة ليست كتوثيق للعلاقة كحال العلامات التي ذكرناها سابقاً، بل تستخدمها الساحرة لإرضاع شيطانها أو قرينها منها، وهي بالطبع تشترك مع العلامات السابقة على أنها دليل على إدانة صاحبتها. طبعاً فكرة “الحلمة الثالثة” انتشرت بشكل كبير في إنجلترا ومستعمراتها في أمريكا الشمالية.

ففي قرية بندل Pendle، كانت العجوز الثمانينية (آن ويتل) والمعروفة أيضا باسم (شاتوكس) (تذكروا هذا الاسم، فسنذكره مرة أخرى خلال هذا المقال)، قالت أنها وبعد أن باعت روحها للشيطان، تحتم عليها أن تخصص مكان من جسدها ليرضع منه الشيطان.

البحث عن ”علامات الشيطان“ تلك غالباً ما يجرى دائماً مع كل المتهمين، إلا إنه أحياناً يجري البحث عن تلك العلامات فقط بعد أن يرفض المتهم الاعتراف بتهمته تلك. وكان هذا فعلاً ما جرى مع (جيليس دونكان)، خادمة اتهمت وحوكمت بتهمة السحر، وذلك أثناء موجة الملاحقات والمحاكمات التي جرت بحق السحرة عام 1590 في بلدة بيرويك الشمالية الواقعة في اسكتلندا. فقد أجري فحص لكامل جسد (جيليس) بحثاً عن تلك العلامات. فكان المتهم يجرد من كافة ملابسه، وغالباً ما يتم حلق شعر جسمه أيضا. ليتسنى للطبيب أو القابلة (حسب جنس المتهم) فحص جسدهم بحثاً عن تلك العلامات. طبعاً جلسة الفحص تلك سيحضرها أيضاً على الأغلب، القاضي وهيئة المحلفين.

كل الجسد يتم فحصه بلا استثناء، حتى الأعضاء التناسلية. ففي كتابه الصادر عام 1559 بعنوان (Disquisitionum Magicarum Libri Sex) يصف لنا (مارتن ديلريو) كيف أن علامات الشيطان كانت تظهر لدى النساء في أماكن تختلف عن تلك التي تظهر على جسد الرجال:

”لدى الرجال، غالباً ما ترى تلك العلامات تحت الجفون أو تحت الشفاه أو حتى تحت الإبطين أو على الكتفين، أو حتى في عجزه (المؤخرة أو فتحة الشرج). لكن لدى النساء، فغالبا ما تظهر تلك العلامات على الثدي، أو على العضو التناسلي“.

وبغض النظر عن الوحمات والشامات. ففي تلك الفترة امتلاكك لجسد خال من أي تشوهات أو ندبات، لهو أمر نادر الحدوث. فأوروبا في عصورها الوسطى كانت مرتعا للأمراض والأوبئة. على أية حال، المسلسل المجنون لن تنتهي حلقاته هنا، فبعض المحققين وللتأكد من ماهية تلك العلامات التي قد يروها على أجساد الأشخاص الذين يقومون بالتحقيق معهم، يفضلون إجراء فحوصات إضافية، للتأكد من أن تلك العلامات هي بالفعل علامات شيطانية. وفي بعض الحالات تجرى تلك الفحوصات الإضافية في حال لم يوجد علامات على جسد المتهم من الأصل. تلك الفحوصات كانت بسيطة، ليست بحاجة سوى لإبرة ودبوس.

3. الوخز

استخدمت هذه الطريقة للتأكد من ماهية العلامات المكتشفة على جسد المتهم، وللتأكد من كونها فعلا من آثار الشيطان على تابعه البشري، فإن كانت تلك العلامة هي فعلاً من آثار الشيطان فلن تنزف، ولن يشعر صاحبها بالألم عند وخزها بشيء حاد ومدبب.

من المؤكد أن سرد القصص التي تناولت تفاصيل ذلك الاختبار سيكون حديثاً مقرفاً تشمئز منه النفوس. فمثلاً، وُجدت 3 علامات على جسد القس الفرنسي (لويز جوفريدي)، ولكن لونها لم يكن مختلفاً عن لون جلده الطبيعي، لذا تم تعيين مجموعة من الأطباء لفحص تلك العلامات. قام الأطباء بإحداث ثقب في العلامة الموجودة على فخذه، للأعلى وبعمق إصبعين، مكان الثقب لم ينزف، ولم يشعر (جوفريدي) بأي ألم، وكان هذا ما أثبت تهمة السحر عليه.

كما في حالة (جوفريدي) كان الأطباء غالباً هم من يقومون باختبار الوخز. لكن في اسكتلندا كانت هناك مجموعة متخصصة لتنفيذ مثل تلك الاختبارات، كانوا يطلقون على أنفسهم (الباحثون عن السحرة) أو (الواخزون) أو بالإنكليزية (witch pricker). وقد بات لهذه الجماعة نقابة خاصة بهم. وإن الموقف الذي اتخذه المجتمع تجاههم لم يكن مفاجئاً، على الأقل في اسكتلندا، وهذا ما تعكسه الرسوم التي كانوا يتلقونها جراء خدماتهم، والتي كانت باهظة للغاية.

استُخدمت الأبر والمسامير والدبابيس في مثل تلك الاختبارات. لكن، ولتحول الأمر لتجارة تدر المال الوفير على أولئك «الواخزين» ولضمان إدانة المتهم، كان البعض (وإن لم نقل معظم الواخزين) يستخدم أبراً مسكوبة ومصممة خصيصاً لهذا الغرض. فقد كانت تصمم مثل تلك الأدوات، بحيث تدخل نهايتها المدببة إلى تجويف داخل جسم الإبرة أو الدبوس. فيبدو الأمر كما ولو أن النهاية قد اخترقت جسم المتهمة، وهذا بالتالي ما يعزز نجاح مهمة الواخز في إدانتها. فعند سحب الإبرة لن يكون هناك دم ولن يشعر المتهم بشيء.

لكن ما هو أدهى وأطم، هو عندما لا تكون هناك أي علامات شيطانية على جسد المتهم، فتكون مهمة الواخزين هي البحث عن علامات غير مرئية على جسده. فهنا سيكون جسمه كله عرضة للوخز حتى يجد القائمون على البحث، بقعة لم تنزف ولم تشعر فيها المتهمة بالألم عند وخزها.

عملية الكشف عن علامات الشيطان، لم تقتصر فقط على الأطباء والواخزين المختصين في هذا المجال، بل أحياناً الضحية نفسها تجري ذلك الفحص على من سَحَرها. فقد كان الاعتقاد السائد أنه عندما تقوم المسحورة بإسالة دم الشخص الذي تسبب في لعنتها تلك، فإن شدة الأعراض التي تعاني منها ستقلّ. لذا فقيام المسحورة بعملية الوخز سيضرب عصفورين بحجر واحد، سيساعد في إزالة اللعنة التي تعاني منها، وسيدين المتهمة في حال تورطها.

4. اختبار البول

اختبار البول، إحدى الطرق المتبعة للتعرف على السحرة.

هذا الاختبار يتم تطبيقه في حال كان هناك شك في الحالة التي يعاني منها شخص ما، ولم يتم التأكد من أنه فعلاً مصاب بالسحر. فيتم استخدام بوله للتحقق من ذلك. بل قد يساعد هذا الاختبار على تحديد هوية الساحر الذي أصاب هذا الشخص بتعويذته. لكن لما البول دوناً عن غيره من مفرزات الجسم! في القرنين السادس عشر والسابع عشر، شاع استخدام عينات البول للتشخيص الطبي لبعض الأمراض، لذا كان ”من المنطقي“ في أذهان العامة أن يستخدم لتشخيص الإصابة بلعنة السحر.

من إحدى الطرق التي كانت شائعة آنذاك في استخدام البول، كانت في تحضير ”كعكة الساحرة“ التي كانت مكوناتها الأساسية بول المصاب، وحبوب الجاودار. فكان يتم تقديم تلك الكعكة لكلب ما لا على التعيين، إلا في حال الشك بشخص معين فيتم إطعام تلك الكعكة لقرينه (لحيوانه الأليف).

بعدها يتم مراقبة ذلك الحيوان عن كثب وفي حال ظهرت عليه نفس تلك الأعراض التي يعاني منها صاحب البول الذي في الكعكة، فهذا يؤكد إصابته بالسحر.

فكان من المفترض أن تقوم هذه الكعكة بالكشف عن السحر في حال وجوده، وتحديد هوية الساحر. لكن على ما يبدو، وفي قصتنا التالية، لم ينجح هذا الاختبار. أو لنقل كانت له نتائج عكسية، ففي يناير من عام 1692 هذا الاختبار قاد للكشف عن ”أوائل الساحرات“ في قرية سيلم Salem في ولاية ماساتشوستس. وكن من اللواتي حاولن تجربة هذا الاختبار ولم ينجحن.

بالنسبة لسكان (ويجستون ماجنا) في ولاية (ليسترشاير) كانت لهم طريقتهم الخاصة في استخدام البول في الكشف عن السحرة الذين شكوا في وجودهم في قريتهم عام 1717.

فبعد إصابة العديد من سكان القرية بمرض أعراضه كانت التواء وتشوه في الأطراف، ذهب أهل القرية للكاهن للبت في الأمر ومحاولة إيجاد حل له. لكن على ما يبدو كان كاهن القرية عاجز عن إيجاد أي حل يقلل من معاناة أهل القرية، فقرر بدوره الاستعانة بأحد المعالجين المحليين (الذين يستعينون بالعلاجات الشعبية، والغريبة كما ستجدون).

فكرة المعالج كانت بغلي بول المصابين بعد وضعه في وعاء. هذه العملية ستسهم بعلاج المصاب إن لم يتسرب البول من الوعاء. ومن المفترض أيضاً أن تساعد في الكشف عن الساحر أوالسحرة المتورطين، وهذا فعلاً ما ساعد الأهالي في الكشف عن سحرة قريتهم الذين كانوا من عائلة (كلارك).

5. اختبار الغرق

إغراق الساحرات
اختبار الغرق أيضاً كان إحدى الطرق المتبعة في القرن السابع عشر.

مفهوم (اختبار الغرق) أو (الاختبار النهري) للساحرات، أتت فكرته من المحاكمة بالتعذيب. في القانون الإنجليزي يعود هذا الاختبار للقرن العاشر عندما سنّ الملك (اثيلستان) قانون (Indicium Aquae) والذي يعني باللاتينية الاختبار النهري كاختبار يثبت براءة المتهم أو إدانته، وذلك للعديد من الجرائم والجنايات. هذا الاختبار وفي عام 1219 بات غير رسمي، ومع ذلك بقي كاختبار شعبي لمحاكمة المتهمين ببعض الجرائم كالسحر مثلاً. لكن في عام 1597 قام الملك (جيمس الأول) بإعادة سن قانون يعترف بهذا الاختبار.

بحكم طبيعتها، كانت الماء تعتبر شيئًا نقيًا. لذلك استخدمت المسطحات المائية الكبيرة للتعميد في الأساس. وبالعودة لاختبار الغرق، فإن مياه التعميد المقدسة لنهر أو لبركة ماء ستختبر براءة المتهم.

وقد قال الملك (جيمس السادس) ملك إسكتلندا (الذي أصبح بعد ذلك الملك جيمس الأول ملك انجلترا واسكتلندا) في كتابه (Daemonologie): ”فرض الله على الماء أن تقصيهم وألا تلقمهن ثديها، فماء المعمودية المقدسة قد رفضتهم، وهم أبوا الاستفادة من خيراتها الحسان.“ مشيراً بذلك إلى كون الساحرة تتخلى عن التعميد عند الالتحاق بخدمة الشيطان. ومنه، فالمرأة التي تطفو تكون نجسة وخادمة للشيطان… وتثبت التهمة عليها كساحرة.

في أواخر القرن السابع عشر، قادت هستيريا مطاردة الساحرات لحملة مطاردات ومحاكمات واسعة لمن شك بكونهن ساحرات، وهذا ما جعل (اختبار الغرق) يعود للظهور من جديد.

بخصوص اختبار الغرق، فكان يجري والمتهمة ترتدي كامل ثيابها، لكن وبالعودة لكتابات السير (روبرت فيلمر): ”عادة ما تعرى المتهمة، ويتم ربط إبهام يدها اليسرى بإصبع قدمها اليمنى، والعكس بالعكس. ليشكل جسمها شكلاً كروياً، ثم يربط حبل حول وسطها وتلقى في المياه“.

بنظرة فاحصة، نجد أنه وبكافة الأحوال فاختبار الغرق هذا ومهما كانت نتيجته لن يصب في صالح المتهمة. فإذا طافت، فهذا دليل لسخط الله وستثبت تهمة السحر عليها. وفي حال حدث العكس ولم يكن المشرفون على المحاكمة، رحماء وسحبوا الحبل في الوقت المناسب، ستغرق المتهمة وتموت. حتى أن هؤلاء بإمكانهم التأثير على نتيجة المحاكمة من خلال الوضعية التي يضعون بها المتهمة في الماء.

6. المحاكمة بالصلاة

رسم مطبوع حجرياً تُظهر الهستيريا التي عاشها الشعب خلال محاكمات الساحرات في Salem عام 1892. صورة: Public Domain

أداء الصلاة بدون أدنى خطأ لها أهمية كبيرة في المعتقدات الرومانية القديمة. فالكهنة الذين يؤدون الطقوس الدينية يجب عليهم تأديتها بحذافيرها، فكل كلمة وكل إيماءة يجب أن تأتي في وقتها وكيفيتها المناسبة بالضبط دون أدنى تحريف، والخطأ يوجب إعادة الصلاة. وفقا لتلك المعتقدات إن تهاون المرء في تأدية صلاته على الوجه الصحيح فهذا يجلب سخط الآلهة والحظ السيء.

لكن على ما يبدو تلك الخرافات وجدت مكان لها في الديانة المسيحية، وبحلول القرن السابع عشر باتت المحاكمة بالصلاة اختبار آخر لاكتشاف الساحرات.

تقوم فكرة هذا الاختبار على أن من باعت نفسها للشيطان، لن يكون بمقدورها الصلاة للرب أو القراءة من الكتاب المقدس دون أن ترهبها الكلمات التي تتضمنها الصلاة أو الكتاب المقدس، وعليه بات شائعاً إجبار المتهمين بالسحر على قراءة (الصلاة الربانية) أو آيات من الكتاب المقدس. والمتهمة عليها أن تنتهي من هذا الاختبار دون تلعثم أو رعشة أو نطق للكلمات بشكل خاطئ.

لكن بالنظر لحالة المتهمة وكونها في موقف لا تحسد عليه، سيحدد إن كانت ستلقى حتفها أم سيحكم عليها بالبراءة، وهذا إن لم تعاني من تبعات التحقيق الذي سبق المحاكمة، وإن لم يتخلل التحقيق أي نوع من التعذيب طبعاً! سيكون أمراً عظيماً أن تتجاوز إحداهن هذا الاختبار. لكن لا يؤخذ بعين الاعتبار أي من الظروف التي تحيط بجو المحاكمة هذه، بل بمنظورهن، إن كانت المتهمة بريئة فسيمنحها الرب القوة لتجاوز هذا الاختبار.

لكن الطامة الكبرى هي عندما لا يكون تجاوز هذا الاختبار ضامناً لبراءتك! (جورج بوروز) كان من ضمن المتهمين في محاكمات السحر في قرية (سيلم). والذي كان وزيراً للكنيسة في القرية أيضاً! أُعيد (بوروز) إلى (سيلم) وحوكم بتهمة السحر، وأُدين وحُكم عليه بالإعدام. ومع ذلك، عندما وصل إلى مقصلة الإعدام، ألقى خطاباً للحشد المجتمع، ليعلن براءته أمامهم. ثم بدأ بتلاوة (الصلاة الربانية).

كان من ضمن من حضروا تنفيذ الإعدام (روبرت كلايف) والذي أشار إلى أن تلاوة (بوروز) للصلاة ”كانت مصاغة بشكل جيد وبلفظ لا تشوبه شائبة، ومن سمعه يتلو تلك الصلاة لا يخفى عليه النفحة الإيمانية التي كانت ترافق (بوروز)“.

وهذا ما أقنع بعض الحشود ببراءة القس. ”ولوهلة يخيل للمرء أن الحشود كانت ستعيق تنفيذ الإعدام“ لكن مسؤولي (سيلم) لم يملكوا نية إلغاء تنفيذ الإعدام. حيث يصف (روبرت) كيف أن السيد (كوتن ميذر)، معتلياً حصانه، قام بالتوجه للحشود ليعلن لهم ”أنه [أي جورج بوروز] ليس وزيراً مرسماً للكنيسة من جهة، ومن جهة أخرى، فهو قام بما قام به ليؤثر بمشاعرهم ويخدعهم“، معقباً على ذلك: ”حتى الشياطين يمكنها أن تتقمص هيئة ملاك نوراني“.

7. اختبار اللمس

تيتوبا، هي أول امرأة اتُهمت بممارسة السحر في بلدة Salem. صورة: Public Domain

كانت من إحدى إشارات الإصابة بالسحر هو أن يصاب الشخص بمرض فجائي لا يعرف سبب مباشر له، كالنوبات، والاختلاجات، والشلل. وفي مثل تلك الحالات، كان الاعتقاد السائد أن الساحرة التي تسببت بهذا السحر، هي الوحيدة القادرة على إلغاء مفعول تعويذتها تلك.

كانت (أليسون ديفيس) Alison Device إحدى ساحرات قرية بندل Pendle. قامت (أليسون) تلك بإلقاء تعويذة على بائع جوال يدعى (جون لو) John Law وذلك في عام 1612. فقام ابنه (أبراهام لو) Abraham Law بالبحث عنها وأخذها إلى حيث يقطن أباه في مأوى لرعاية المُحتضرين في كولون، لانكاستر.

كان السيد (جون) يعاني من سكتة دماغية، لكن توقيت الإصابة بعد مقابلته (أليسون)، قاد ابنه (أبراهام) للاعتقاد أنها هي وتعويذتها السبب في مصاب أباه.

أراد (أبراهام) إجبار (أليسون) على تخليص والده مما هو فيه. لكن عندما رأت حال (جون) أبدت رغبتها في القيام بذلك. بل وتوسلت لـ (أبراهام) أن يسامحها عما قامت به، لكنها لم تفلح في تخليص الأب مما فيه. ورغم هذه الحادثة التي أثبتت أن لا جدوى من اختبار اللمس هذا، إلا أنه بقي معتمداً للكشف عن السحرة. وقادت هذه الحادثة لسلسلة من المحاكمات ضد السحرة في القرية.

تتمحور فكرة هذا الاختبار على فكرة بسيطة. إن قامت الساحرة المتهمة بلمس ضحيتها بالإكراه أو طواعية، فهذا سيسبب زوال البأس عن الشخص المصاب بالمس. حصول ذلك سيثبت إدانتها بممارسة السحر. وهو شرط كاف لإثبات التهمة عليها. ولكن ما يدعم نتائج المحاكمة أكثر ولا يتيح مجال للشك، هو في حال زال البأس عن الشخص المصاب، فقام بعدها بنطق اسم الساحرة التي ألقت تعويذاتها عليه.

طُبقت المحاكمة باللمس في سلسلة محاكمات بلدة (سيلم) عام 1692. حيث تم إبقاء مجموعة من الفتيات ”المسحورات“ في كنيسة صغيرة في مدينة (أندوفر). حيث أن الفتيات كانت تعتريهن نوبات هياج شديدة ونوبات هستيرية وتيبس واختلال في عضلات الجسد (بالمناسبة هذه هي أعراض مرض الكتاتونية أو الجامود Catatonia). لم يتمكن الأطباء حينها من إيجاد حل لهن، لذا احتمال إصابتهن بالسحر هو الاحتمال الذي رجحه الجميع. لذا وفي السابع من أيلول عام 1692 جُلبت المتهمات لكنيسة مدينة (أندوفر)، وعُصبت أعينهن وأجبرن على لمس الضحايا واحدة تلو الأخرى.

وكانت الفتيات، وعند اقتراب كل متهمة منهن، يزددن اختلاجاً وهياجاً. وخلال هذه الحال العجيبة كن يتمتمن بكلمات متفرقة وبأصوات غريبة، مفادها أنهن مصابات بلعنة السحر. لكن حين تم لمسهن من قبل المتهمات، هدأت حالهن وتوقفت اختلاجاتهن وأنينهن، بل وتعرفوا على الساحرات اللاتي لعنوهن. على أساس هذا الاختبار وحده تم القبض على 18 رجلاً وامرأة وحوكموا بتهمة السحر.

8. وزن الساحرات

كان وزن النساء المتهمات بالسحر ممارسة شائعة
إحدى الاختبارات كانت وزن الساحرات، واختلفت الشروط حسب المنطقة، لكنه أيضاً اختبارٌ جنوني وغير منطقي.

إنها إحدى أكثر الاختبارات المتعلقة بالسحر غموضاً. استند هذا الاختبار على فرضية أن الساحرة ولكي تطير على مقشتها، هي بحاجة لأن تكون ذات وزن خفيف.

لذلك، ومنذ القرن السادس عشر وما بعده، كانت المتهمات بالسحر في ألمانيا وهولندا تنقلن إلى (دار الوزن): وهو مبنى عام يتم فيه وزن البضائع وما شابه ذلك. وتم تحديد وزن محدد من لم تحققه، تثبت التهمة عليها.

أيد الإمبراطور (تشارلز الخامس) فكرة هذه المحاكمة، وجعل من دار الوزن في (آودافاتر) في هولندا مركزاً رسمياً لتنفيذ المحاكمات بسبب الأمانة التي اشتُهر بها.

لوزن الساحرات، لم تستخدم الأوزان الحديدية فقط، فكان شائعاً أيضاً استخدام الكتب المقدسة لإجراء عملية الوزن تلك. فهنا ليس جسد الساحرة ما يتم وزنه، بل روحها. فالكتاب المقدس هو كلام الله، وكان ينظر له كوكيل له في تلك المحاكمة. لكن اعتماد الكتب المقدسة لإجراء المحاكمة يجعل الأمر أكثر إرباكاً، لأن المعايير قد تختلف من مكان لآخر.

فتزعم بعض المصادر أن على المتهمة أن تزن تماماً كوزن تلك الكتب التي توضع على الطرف الآخر من الميزان، فأن تزن أقل أو أكثر هذا سيثبت التهمة عليها.

الكرسي والإنجيل المستخدمين لوزن الساحرات
كُرسي الاختبار والإنجيل الذي استُخدم لوزن الساحرات. صورة: Museum of Witchcraft

في مكان آخر، على المتهمة أن تكون أثقل من الكتاب المستخدم في المحاكمة ليتم تبرئتها. وهذا طبعاً أمر سهل إن لم تكن المتهمة نحيلة للغاية، أو إن لم تكن طفلة. وفي أماكن أخرى التهمة تثبت على صاحبتها بمجرد أن يتفوق وزنها على وزن الكتاب. ومنه احتمال براءتها مستبعد للغاية.

إحدى المحاكمات بالوزن جرت بالقرب من (ايليسبري) في مقاطعة (باكينجهامشير) عام 1759. حيث أوردت مجلة «Gentleman’s Magazine» في إحدى مقالاتها قصة المسنة (سوزانا هانوكس Susannah Hannokes) من قرية وينغروف. والتي اتهمتها جارتها بالسحر.

تعطّل مغزل الجارة على ما يبدو ولم يعد يدور ويعمل، فرأت الجارة أن (سوزانا) هي السبب بإلقائها تعويذة ما على المغزل. احتجت (سوزانا) بشدة على هذا الاتهام، وطالبت بالسماح لها بأداء اليمين أمام القاضي لإثبات براءتها. لكن زوجها صعَب الأمر عليها وطالب بمحاكمة عن طريق الوزن مقارنة بالكتاب المقدس.

لذلك اجتمع الناس في الأبرشية، وكلٌ من (سوزانا) وجارتها، وتم تجريد (سوزانا) من ملابسها حتى الداخلية منها، وتمت المحاكمة بالوزن، واستخدم الإنجيل لهذا الغرض. وإذ بـ (سوزانا) (ويا للخزي الذي أصاب من اتهمتها) يرجح وزنها أمام وزن الإنجيل وتتم تبرئتها على إثر ذلك.

9. الدليل الروحي (الأطياف كدليل للإدانة)

كان من المعتقدات السائدة في المجتمع البروتستانتي بشكل خاص، أن روح الساحرة أو طيفها يمكن أن يظهر لضحاياها في الأحلام، وكان يعتقد أيضاً أن الشيطان لا يمكنه أن يتجسد بهيئة شخص لا تربطه علاقة بالشيطان. لذلك إن قال أحدٌ ما أنه رأى ساحرة مشتبه بها على هيئة طيف، كان هذا دليلاً كافياً لإدانتها.

هناك العديد من الحالات التي استخدم هذا الدليل ضد المتهمين بالسحر. فإحدى ”الأدلة“ التي قدمت ضد عائلة (كلارك) من مدينة (ويغستون ماجنا) في مقاطعة ليسترشاير، هي أنهم ظهروا لضحاياهم في الليل بأشكالهم وبأشكال أخرى. وفي محاكمة (أليسون ديفيس) في آب 1612، ادعى الضحية (جون لو) أن طيفها قد اء إليه في المأوى الذي كان يقطن به. حيث قال أن ”الشبح لم يبقى كثيراً، حيث أنه نظر إليه وغادر… لكنه لم يغادر مخيلته أبداً، وبقي يشكل له هاجساً يرعبه ليلاً ونهاراً“.

المشكلة الأساسية في هذا النوع من اختبارات السحر، هي أنها ليست شيئاً ملموساً يمكن التعويل عليه، فقد تكون مجرد تخيلات، وقد تكون كذبة لا أكثر ولا أقل! لكن ورغم ذلك كان خياراً متاحاً وتم استخدامه مراراً وتكراراً في محاكمات مدينة (سيلم). حيث اعتمد قضاتها على محاكمات جرت في إنجلترا جرى فيها استخدام الدليل الطيفي لإدانة المتهمين. وعلى وجه الخصوص، تم الاعتماد على المحاكمة التي جرت بحق كل من الأرملتين (إيمي ديني) و(روز كولندر) في مدينة لويستوفت في مقاطعة سوفولك. حيث يحوي كتاب A Trial of Witches سرداً كاملاً لتفاصيل هذه المحاكمة التي جرت عام 1662.

الكتاب من تأليف كلٍّ من (جيلبرت جيس) و(إيفان بون). وكانت كلتا الأرملتين متهمتين بسحر ثلاثين طفلاً. وكان مما قاله بعض الأطفال أن العجوزتين كانتا تظهران لهم، وتهددانهم بأنهما ستعذبانهم أضعاف العذاب الذي أذاقوهم إياه من قبل، إذا ما أخبروا أحداً بما سمعوا أو رأوا.

10. الأمراض العقلية والسلوكيات الغريبة

إحدى محاكمات الساحرات
رسم مطبوع حجرياً على يد (جورج إتش. ووكر) عام 1892، تُظهر إحدى محاكمات الساحرات في Salem. صورة: Library of Congress, Washington, D.C

في نهاية المطاف، بات الأمر متعلقاً بمجرد الخوف من شخص ما، أو عندما لا تروق لك إحدى سلوكياته أو طبائعه. بعبارات أخرى، أي شخص يغرد خارج السرب، ولا يمتثل للأعراف الاجتماعية مهددٌ بأن يتهم بالسحر. لكن الطامة الكبرى هي عندما يدخل بوتقة الخطر الأشخاص المصابون بأمراض عقلية كالفصام والصرع، وكبار السن المصابين بالخرف.

حسب المعاهد الوطنية للصحة (NIH) والتي تعد وكالة تابعة لوزارة الصحة والخدمات البشرية الأمريكية، فإن عدداً كبيراً من السحرة المزعومين الذين تم حرقهم، كانوا يعانون على الأرجح من اضطرابات نفسية.

السلوكيات الغريبة (وهي مؤشرٌ على أن صاحبها يمارس السحر والشعوذة) كانت احتمال ظهورها عند النساء أكبر من احتمال ظهورها عند الرجال. لذا كان كتاب (مطرقة الساحرات) أو باللاتينية Malleus Maleficarum يجسد حرفياً الجنون الذي اجتاح أوروبا ضد النساء في ذلك الوقت. فبين دفتي هذا الكتاب تجد المرأة مصورةً على أنها كائن مجبول على الضعف والضلال، وعلى أنها كائن قابل للتأثر بالشيطان بشكل أكبر. وصور رحم المرأة على أنه منبع للشر، ولذلك تكون المرأة كائن خبيث خلال فترات الحيض.

وهذا ما يجعل المرأة ”أكثر عرضةً للتأثر بالكائنات الغير المرئية“، وبذلك يصبحن ساحرات وتصبح سلوكياتهن الغير طبيعية مبالغ فيها وأكثر انحرافاً.

وكان من السلوكيات الغريبة التي كانت تودي بصاحبها لدائرة الشك، هي التحدث مع نفسك، فهي تجعل من يسمعك يظن أنك تهمس بتعويذة ما. وهذه للأسف إحدى الأمور التي أخذت كدليل على ممارسة السحر ضد العجوز (شاتوكس) ورغم أنها كانت تعاني من الخرف، هذا لم يمنع المحكمة من استخدام هذا الدليل ضدها.

مقالات إعلانية