in

أكثر الطرق الغريبة التي سُخّرت بها الحيوانات لمصلحة البشر في الحروب عبر التاريخ

رسم كاريكاتوري لمعركة الفرس والفراعنة

منذ فجر البشرية؛ بدأ الناس بتطويع الطبيعة لمصلحتهم الخاصة، بداية من شحذ الإنسان البدائي للصخور القاسية لتحويلها إلى أدوات قاطعة تُستخدم في حروب القبائل بين بعضها، مروراً بتربية الأحصنة لكي تحمل الجنود خلال الحروب مما يعطيهم أفضلية أمام الجنود المشاة من الأعداء، انتهاءً باستخدام المتفجرات والأسلحة النووية.

بالمجمل يمكننا وصف استخدام البشرية للموارد الطبيعية والحيوانات على مر العصور بالعبقري والمعقد، وفي أغلب الأحوال بالمميت والجنوني، في مقالنا هذا على موقعنا «دخلك بتعرف» جمعنا لكم أعزائنا القراء لائحة بأكثر الطرق غرابة التي طوع بها الناس الحيوانات لصالحهم في الحروب.

حاول النازيون إيقاف الحلفاء عن طريق إفشاء وباء الملاريا بين صفوفهم

في عام 1943؛ وقع النازيون في مشكلة كبيرة –رغما أنهم في تلك السنة كانوا يعانون من الكثير من المشاكل غير هذه– وهي اقتراب جيوش الحلفاء من مدينة روما الإيطالية، هذا الاقتراب الذي شكل تهديداً استراتيجياً حقيقياً للنفوذ النازي، وهنا خطرت على بال عالم الحشرات الألماني (إيريش مارتيني) فكرة سرعان ما تطورت لخطة.

قام الألمان بملء المستنقعات التي يتوجب على مشاة جيش الحلفاء قطعها للوصول لوجهتهم بالبعوض، وليس أي بعوض بل البعوض الحامل للملاريا بكميات كبيرة، وعلى الرغم من مكر ودهاء هذه الخدعة فإنها لم تأتِ بالنتيجة المرجوة، فالغالبية العظمى من جنود الحلفاء كانوا ملقحين ضد الملاريا، حيث اقتصر مدى ضرر أعداد البعوض الكثيفة هذه على الإزعاج فقط دون الإمراض.

بعوضة الملاريا
أنثى بعوضة « الأنوفيلة الغامبية» حاملة للملاريا – صورة: Dr. Tony Brain/Science Photo Library/Corbis

للأسف كان من تأثر بالمرض هم المدنيون الإيطاليون الذين تصادف وجود موقع سكنهم بالقرب من موقع هذه المستنقعات، فهم لم يكونوا ملقحين ضد الملاريا مما أدى إلى إصابة ربع تعدادهم بالمرض.

استمرت الملاريا بكونها مشكلة كبيرة يعاني منها سكان تلك المنطقة القريبة من روما لسبع سنوات متتالية إلى أن تم التخلص كلياً من مياه هذه المستنقعات، وبالتالي القضاء على البعوض لعدم وجود بيئة مناسبة لتكاثرها، وهنا يمكننا القول بأن الرياح لم تجري كما أراد النازيون لها أن تجري، ولكن الضحية الكبرى كانت عدد المدنيين الكبير الذين أصيبوا.

كلما عرفنا أكثر عن أساليب النازيين الوحشية تأكدنا من كونهم أشخاصاً سيئين جداً في الحقيقة.

حاولت العديد من الحضارات والثقافات استخدام النحل كسلاح فعال

يبدو أن الحروب كانت المحرك الرئيسي للإبداع والاختراع لدى البشرية عبر التاريخ، وحتى عندما لم تكن الحروب هي الدافع كانت الاختراعات الغريبة تستخدم وتجرّب فيها، فيبدو بأن البشرية لن تتوانى عن الانخراط في صراعات عنيفة، بل أنها أصبحت مهووسة بإيجاد طرق إبداعية لإشعال وتأجيج الصراعات.

قبل دخول التكنولوجيا الحربية المتطورة والطائرات والقنابل والأسلحة النووية، كان على الناس أن يجدوا طرقاً فعالة لإلحاق أكبر ضرر ممكن بالأعداء من دون استخدام أي وسائل متفجرة قادرة على الإطاحة بأعداد كبيرة من الناس في ثوان معدودة، وكانت إحدى هذه الطرق التي اُستخدمت في إبطاء وتقييد حركة العدو طريقةً رائعةً وذكية وبسيطة بنفس الوقت، وهي استخدام النحل!

كان يعتمد استخدام الحشرات في الحروب على الأنواع التي تسطيع العض واللدغ، فهي تستطيع تحقيق ضرر لا بأس به قد يكون قاتلاً في بعض الأحيان للعدو، تخيل نفسك تدافع عن منزلك من هجمة سرقة يقوم بها رجل ما فتقوم أنت بتسلق شجرة قريبة من شباك غرفتك وتقطع وتلقي بقفير نحل على رأس اللص، تخيل نفس هذا المنهج ولكن في الحرب، حيث يقوم منجنيق ما برمي أعشاش النحل داخل حصون الأعداء عوضاً عن كرات النار المعتادة؟ هل يمكنك تخيل ذلك؟

في الحقيقة حصل هذا الأمر خلال حروب العصور الوسطى حيث كانت تستخدم هذه الطريقة السالفة الذكر في غزو حصون الأعداء، وحتى إيقاف جيوشهم من التقدم.

ها هي قذيفة النحل قادمة.
ها هي قذيفة النحل قادمة.

كذلك وفي القرن الثاني ميلادي عندما حاول الرومان حفر نفق تحت مدينة (ثيميسكريا) اليونانية، وكانوا يعتقدون أنه في حال وجود أي كمين فإنهم سوف يكونون قادرين على التعامل معه أثناء حفرهم للنفق، ولكنهم تفاجأوا بأعداد هائلة من النحل اللاسع المتوحش، وتكرر هذا الأمر بحذافيره مرة أخرى مع الرومان في الحرب الميتثرياتيكية الثالثة.

نحن نشعر بالذعر إذا وجدنا نحلةً واحدة داخل سيارتنا أثناء القيادة فكيف لو كنا نعيش في تلك العصور كفرد من أفراد تلك الجيوش، ويظهر في وجهنا فجأة أعداد هائلة من النحل الجاهز للقيام بلدغنا لدغات لا تُنسى ولا ترحم.

كانت الخنازير المضاد المثالي للأفيال التي كانت تستخدم في الحروب

كلنا نعلم من هي شخصية الفيل (دمبو) الكرتونية، على كل حال سننعش ذاكرتكم قليلاً: كان (دمبو) فيلاً ذو أذنين كبيرتين تمكنانه من الطيران بسهولة، ولكن الأمر الثاني الذي كان يشتهر به هذا الفيل هو خوفه من الفئران.

نحن لا نعلم بالضبط ما مدى الدقة العلمية الموجودة في هذا الفيلم، ولكننا نعلم بأن استخدام الفيلة كان أمراً شائعاً جداً في الحروب، فهذه الحيوانات الضخمة قادرة على تحقيق ضرر كبير بالأبنية والجنود لكونها ذات قدرة تدميرية كبيرة، بالإضافة لأنيابها وخراطيمها وأقدامها القادرة على سحق أي شيء يقف أمامها، فوزن الفيل الواحد تقريباً هو خمسة أطنان، وحتى لو أصيب فإن مجرد سقوطه على الأرض سيشكل مشكلة للأعداء أيضاً.

لم يعجب الرومان باستخدام الفيلة من قبل أعدائهم في القرن الرابع ميلادي، وكان هذا الأمر يشكل نقطة ضعف لهم، فحاولوا أن يجدوا طريقةً مفيدة وبسيطة تمكنهم من صد هذه الحيوانات، فعمدوا إلى استخدام خنازير هائجة وإرسالها إلى أرض المعركة لترعب الفيلة، ولكن هذه الحيلة لم تجدِ نفعاً، فالفيلة لم تتأثر نهائياً بوجود الخنازير في أرض المعركة.

الفيلة في الحروب
فأر أم خنزير لا يهم أيها الفيل اهرب فقط.

دفع هذا الأمر الرومان لإيجاد طريقة جديدة لاستخدام هذه الخنازير، وهي إحراقها وإعادتها إلى المعركة مرتعبة هائجة من كثرة الألم، وفعلاً نفعت هذه الطريقة الجديدة في إخافة الفيلة ونحن لا نلومها، فبجانبها كرات نار تتحرك وكأنها في خضم أحداث فيلم مرعب.

لم تستمر فائدة هذا التكنيك طويلا، فسرعان ما عمد مدربو الفيلة إلى تربية الخنازير جنباً إلى جنب مع الفيلة الصغيرة مما أبعد عن الفيلة أي خوف من الخنازير حتى ولو كانت مشوية.

استخدم الفُرس كميات كبيرة من القطط لهزيمة المصريين القدامى

نحن نعلم بأن المصريين القدماء كانت لديهم علاقة مميزة مع القطط، فإن نظرنا إلى لوحاتهم الجدارية أو كتاباتهم أو قبورهم وبالتحديد قبور الفراعنة، فنحن سنرى بالطبع أشكالاً لقطط مختلفة، كانت القطط تعتبر كآلهة في تلك الثقافة كما أنها كانت تعتبر كائنات موقرة وفي حال موتها كانت تقام لها مراسم دفن ملكية فاخرة.

احترمت الحضارة المصرية القديمة الكثير من الكائنات الحية، ولكن علاقة خاصة كانت تجمعها مع القطط، ويظهر هذا الأمر بشكل جلي في الفن المصري القديم أيضاً، على كل حال وفي معركة ”الفرما“ Pelusium التي وقعت في عام 525 قبل الميلاد، كان للقطط دور كبير في احتلال الفرس لمصر للأسف، فسبب فوز الفرس الرئيسي كان رفض المصريين القدماء قتل القطط رفضاً نهائياً.

لماذا هذه الكائنات اللطيفة؟ أليس هذا ظلماً؟
لماذا هذه الكائنات اللطيفة؟ أليس هذا ظلماً؟ – صورة: The Knohl Collection

يعتقد المؤرخون بأن الفرس كانوا ليفوزوا بغض النظر عن استخدامهم للقطط أم لا، وذلك بفضل خبرتهم الكبيرة في التعامل مع الحروب، لكن هناك عاملاً أساسياً أدى لتسهيل فوزهم واحتلالهم لمصر وهو استخدامهم للقطط الحية في دروعهم.

كان لدى الملك الفارسي (قمبيز الثاني) إلمام بمدى حب المصريين للقطط واستغل هذا أفضل استغلال، حيث أمر جنوده المشاة بوضع قطط ضمن دروعهم الحربية، فملأ الخوف قلوب الجنود المصريين لكونهم بين نارين: فهم هكذا لا يمكنهم قتل القطط وثانياً لا يمكنهم صد العدو، وسبب خوفهم الرئيسي من قتل القطط الذي قد ينتج عن صد الفرس ودحرهم هو أن أرواحهم لن تعيش في سلام في حال إيذاء هذه الكائنات.

الآن أصبحت هذه الطريقة تصنف كأولى أساليب الحرب النفسية التي اعتُمدت منذ بداية التاريخ.

هل تعرف طريقة مجنونة أخرى تم استخدام الحيوانات فيها في الحروب؟

مقالات إعلانية