قامت الفنانة الإنجليزية (آنا براونستيد) بترك مائة ألف بنسٍ في نافورة عمومية مهجورة في (كامبريدج) طوال عطلة نهاية الأسبوع، في تجربة اجتماعية لسبر أغوار الطبيعة البشرية، ومما لا يثير الدهشة أن كل ذلك المال تعرض للسرقة في غضون يوم واحد فقط.
كانت كل تلك العملات المعدنية تساوي 1000 جنيه استرليني في مجملها، والتي تم وضعها داخل نافورة في (كايسايد) في مدينة (كامبريدج) على تمام الساعة الثامنة صباحا يوم السبت، وكان من المفترض أن تقبع هناك لمدة 48 ساعة، غير أنه بحلول الساعة التاسعة من يوم الأحد، كانت حوالي 99 بالمائة من العملات المعدنية المتروكة هناك قد أُخذت من النافورة، وهذا على الرغم من اللافتات الواضحة التي كانت تقول: ”النافورة محروسة بشكل دائم بواسطة كاميرات المراقبة“ من أجل تحذير المارة من عدم الاقتراب منها وأخذ المال.
لم يترك المارّة سوى ما مقداره 1.66 جنيهاً استرلينياً من تلك البنسات المتروكة في مكانها، لكن الفريق وراء التجربة لم يعتبر الأمر سرقة، وبدل ذلك اعتبره ”نتيجة محرّضة“.
قالت الفنانة (آنا براونستيد) معلقة على الأمر: ”كانت تلك البنسات الإسترلينية دعوة للاستجابة، تحريضاً“، وأضافت: ”لقد كانت تجربة على ديناميكيات السلوك البشري وتفاعلاتنا المعقدة تجاه الوضعيات التي تشهد تصعّداً“.
تم ترك المال هناك على النافورة للناس من أجل التفاعل معه مثلما يرونه مناسباً، لكن (آنا براونستيد) اعترفت أنها كانت مذهولة بالسرعة التي اختفت فيها تلك العملات النقدية كلها، لقد أرادت معرفة ما إن كان هؤلاء الناس سيستعملون ذلك المال من أجل تمني أمنية —مثلما هو تقليدي في الكثير من النوافير القديمة في العالم— أو استخدامها لمصالحهم الشخصية، وكانت تخطط للتبرع بالمال المتبقي لصالح جمعية خيرية محلية –أعتقد أن هذا الأمر لن يحصل بعد الآن بعد أن اختفى المال كله!
جاء هذا المال الذي استخدم في هذه التجربة الاجتماعية الفنية كهبة من طرف «مجلس الفنون في إنجلترا» Arts Council England الذي وهبه عن طريق القرعة، والذي قام بتمويل تجارب فنية أخرى في (كامبريدج) خلال نفس عطلة الأسبوع.
قال المدير الفني (دانييل بيت): ”نحن لا نعتبر إزالة ذلك المال سرقةً لأن المال كان هناك من أجل أن يتفاعل معه المارة مثلما يرونه مناسباً كجزء من هذا المشروع“، واستطرد قائلا: ”كان لهذه التجربة حصيلة محرّضة، حيث فتحت الحديث حول الطبيعة البشرية وتأثير الشخص المتفرج“.
كانت هذه العملات النقدية كلها تزن حوالي 356 كيلوغراما، وبما أن النحاس كان قيّماً نسبياً، فليس من الصعب إذن استيعاب السبب الذي دفع بعض الناس إلى عدم تمالك أنفسهم وأخذه من موقعه.