in

تم العثور على 400 معلم أثري قديم غامض في (حرّات) في المملكة العربية السعودية

معلم أثري قديم غامض في (حرّات) في المملكة العربية السعودية

تم العثور على نوع جديد من المواقع الأثرية في حرّات غرب المملكة العربية السعودية، التي قدرت أعدادها بحوالي أربعة مائة صرح وهيكل يعود تاريخها إلى آلاف السنين في الماضي، مع العديد منها متواجدة في حرة (خيبر).

يعود الفضل في هذه الإكتشافات إلى توسع استعمال تكنولوجيات الخرائط الجوية والتصوير الجوي، التي تخول الباحثين من الإطلاع على مناطق واسعة المساحة يتعذر عليهم رؤيتها من الأرض، أو حتى لن يعرفوا بوجودها أصلا.

أطلق اسم (البوابات) على هذه المعالم، والتي يتم تناولها بالشرح والتفصيل في ورقة بحثية ستطرح في المستقبل القريب من تأليف الباحث والبروفيسور في علم الآثار، الأسترالي (دافيد كينيدي) في جامعة (غرب أستراليا)، الذي قام في سنة 1978 بتأسيس (أرشيف الصور الجوية الأثرية في الشرق الأوسط) اختصارا بـ(APAAME)، وهو نفس المشروع الذي له الفضل في في إعادة دراسة الدوائر الموجودة في سوريا والأردن عن كثب.

لا تعتبر تلك الآثار الجديدة في الصحراء السعودية بوابات فعلية، بل تم تسميتها بذلك لأنها تشبه قليلا البوابات القديمة عند رؤيتها من الجو، فهي عبارة عن جدران طولية تتخللها جدران أفقية في وسطها، كما هو موضح في الصورة أسفله.

بوابات المملكة العربية السعودية
بوابات المملكة العربية السعودية – صورة: Arabian Archaeology and Epigraphy

كتب كينيدي في ورقته البحثية حول الموضوع: ”تم تقديم هذه المواقع الأثرية الجديدة إلى جمهور أوسع من قبل مجموعة من المواطنين القوميين السعوديين، الذين ليسوا من أهل الإختصاص فيما يتعلق بعلم الآثار، والذين كانوا يشاركون في نشاطات استكشاف وتنقيب عن التراث الثقافي لبلدهم“، وأضاف: ”على وجه الخصوص، قام الدكتور (سعيد) وهو دكتور في الطب، ومجموعة من أعضاء فريق أطلق عليه اسم (فريق الصحراء) باستعمال (غووغل إرث) من أجل تفحص أجزاء من المنطقة، وزيارة المواقع، ثم نشر ما عثروا عليه على موقع لهم.“

على الرغم من اسمها، إلا أن تلك الهياكل ليست ببوابات، فهي منخفضة، مع جدران مبنية يبلغ طول معظمها بين خمسين إلى مائة وخمسين مترا، إلا أنه من بين مجموع الـ389 بوابة التي عثر عليها، يتجاوز طول ستين منها المائتي متر، كما قدر طول أطولها على الإطلاق بـ518 مترا.

لم تحدد ماهيتها والغرض الذي بنيت لأجله بعد، إلا أن وجودها في حد ذاته يبرز أن هذه الحرّات كانت في الماضي مأهولة بالسكان، مما يستلزم أن ماضيها كان رطبا وغنيا بالزراعة، وهو الأمر الذي يؤكده ما تم اكتشافه مؤخرا من منشآت واسعة المساحة، كتب كينيدي كذلك في بحثه: ”تعتبر الحرّات مناطق غنية بالمواقع الأثرية والمستوطنات“، ويضيف: ”مثلما هو الحال في الحرة المستكشفة بشكل أفضل في الأردن، توجد العديد من المنشآت التي بنيت بالأحجار يتعدى عددها الآلاف، والتي يعرفها البدويون على أنها ’عمل الأوّلين‘.“

لا تعتبر البوابات الهياكل الوحيدة في الموقع، حيث يتعداها عددا ويتجاوزها ويتخللها الكثير من (ركام الحجارة) التي يطلق عليها أيضا اسم (الرجمات) والتي يقدر الباحثون أعدادها بعشرات الآلاف، تحاط أحيانا بجدران حجرية مما يجعلها تشبه عيون الثيران من الجو.

الطائرة الورقية في حرة خيبر في المملكة العربية السعودية
الطائرة الورقية في حرة خيبر في المملكة العربية السعودية – صورة: Arabian Archaeology and Epigraphy

توجد كذلك هياكل تعرف بـ(الطائرات الورقية) مثلما يمكن رؤيتها في الصور أعلاه والتي تتقاطع مع البوابات، كما تنتشر بشكل واسع في المساحات الصحراوية الشاسعة في الشرق الأوسط، وتبقى الفائدة والغرض منها مجهول لحد الساعة.

تكون الرجمات أو ركام الحجارة في الغالب مواقع دفن، لكنه من غير المحتمل أن تكون قد بنيت بالتقاطع والتداخل مع هياكل وأبنية أخرى، حيث يتطلب الأمر كذلك بعض الأعمال الميدانية من أجل التحقق عما إذا كانت هذه الركامات تحتوي على بقايا أو رفات بشرية، بالإضافة إلى أن هذا قد يؤدي كذلك إلى اكتشاف الهدف من وراء بناء البوابات.

قد يستعين فريق العمل الميداني بتقنية الإضاءة المحفزة بصريا من أجل فحص هذه الآثار، هذه التقنية التي من شأنها تحديد آخر مرة كانت فيها بلورات الكوارتز معرضة للضوء، ومنه توفير تاريخ بناء دقيق.

لدى كينيدي ورقة بحثية أخرى قيد الإنجاز تتضمن بعض المواقع الأثرية الأخرى المعروفة وغير المعروفة في المملكة العربية السعودية، والتي تم العثور عليها باستعمال التخطيط والتصوير الجوي، كما أثبتت كذلك الطائرات بدون طيار جدارتها وفعاليتها كإحدى أقوى الوسائل في علم الآثار، ففي سنة 2016، عثر علماء الآثار على معلم أثري عظيم في (البتراء) باستعمال طائرة بدون طيار التي كان بإمكانها التحليق حيث لم يقدروا هم على ذلك.

كتب كينيدي في ورقته: ”بتوفر صور أقمار صناعية عالية الدقة لمواقع في المملكة العربية السعودية وإتاحتها بشكل مفتوح على مواقع مثل Google Earth وBing، تغيّر وجه علم الآثار في المنطقة كثيرا“، وأضاف: ”حيث تم في وقت وجيز لم يتعدى بضعة سنوات اكتشاف وتسجيل عشرات الآلاف من المواقع الأثرية التي كانت في السابق مجهولة تماما.“

تم قبول الورقة البحثية من أجل النشر في مجلة (علم الآثار العربي ودراسة النقوش) Arabian Archaeology and Epigraphy.

مقالات إعلانية