in

جولة بباريس الحب، الموت والتاريخ

وأنت تغادر مطاراً يساوي مساحة مطار بلدك عشرات المرّات، لن تفكر سوى بشوارعها الحية ليلاً نهاراً، متاحفها الساحرة، وإحدى عجائب العالم الحديث. وأنت تسير لأول مرة في مدينة أقل ما يمكن أن تسمع عنها أنها بلد الحب والحرية، بلد الجمال والفن، بلد التنوير والأنوار. بالمختصر مدينة الثنائيات الأخاذة… باريس.

إيفل

برج إيفل
واحد من عجائب العالم الحديث والذي ما يزال قائماً منذ عقود طويلة.

أجمل ما ستراه في حياتك هو أول ما سيخطر ببالك حين تزور هذه المدينة. مع صفّ يحوي مئات الزوار على الأقل بانتظار استكشاف أهم معلم فيها – وجه باريس الأول – برج إيفل، سحره سيزداد عند الصعود الى أعلى نقطة فيه سواء عن طريق المصعد الكهربائي بتكلفة 15 يورو، أو السلالم الطويلة بتكلفة 10 يورو.

وكلما اقتربت من القمة يقترب قلبك الى ملامسة مشهد سيرسخ أبداً في ذاكرتك، وأنت صاعد على الدرج لن ترى سوى وجوهاً مائلةً الى الذهول؛ وجوهاً تحاول التهام أكبر قدر من المنظر الباريسي العظيم خاصةً وأنك لن ترى باريس بعد تلك اللحظة من ذلك العلوّ الشاهق. باريس من قمّة ايفل تكون شبه متكاملة بشوارعها العنكبوتية التي تجتمع كلّها وتؤدي الى ”قوس النصر“ مكان لا يقل روعة عن برج ايفل.

في حضرة التاريخ

متحف اللوفر
اللوفر ربما يكون أشهر متاحف العالم بفضل مجموعته الميزة والكبيرة من مختلف الحضارات.

من البرج مروراً بجسر إينا الذي يؤدي بك إلى حديقة ”التروكايديرو“ ثم إلى متحف العمارة ومبنى ”الأكواريوم“، يمكنك ان تسرق من وقتك قليلاً إن كنت من عشاق المقاهي الفخمة كي تحتسي بعضاً من القهوة الفرنسية. ومن هناك تعترضك صور انتصارات نابليون، معاركه وأسماء العديد من القتلى، وأنت تقترب من قوس النصر أو فاتحة الشارع ستقترب شيئاً من تاريخ باريس ومن أحد عشر شارعا رئيسيا يربط المدينة ببعضها وهو بداية شارع ”الشانزيليزيه“ الشهير الذي لا ينام.

طلاقة اللغة الفرنسية تتراقص بأذنك ممتزجة بألحان ”الأكورديون“ الطابع التاريخي الذي طبع على أغلب عماراتها الشاهقة. زخرفات تحيي تاريخ فرنسا وأخرى تصوّر قطعاً أثرية بين الواقع والخيال تصحبك الى استكشاف معالمها بمقربة أكثر.

ساعات من الانتظار في الصف للدخول، تحيط بك المرايا من كلّ صوب متحف داخل قصر لا يقلّ أناقة عما ستراه في خبايا البناء الهرمّي.

ستدرك هناك صغر حجم أيقونة دافنشي ”الموناليزا“ وبعدها عنك بأمتار بسبب حواجز الحماية من حولها والزجاج الواقي من الرصاص، والذي يفقدك دون قصد متعة تذوّق تلك الرائعة. وعلى أي حال رحلتك داخل متحف اللّوفر ستكون جديرة بكسب اهتمامك منذ دخولك الى آخر هنيهة فيه. أقسام الفنون الاسلامية والفن الايطالي والاسباني والقسم المصري الفرعوني، شقق نابليون الثلاث وبلاد ما بين النهرين… معارض شعبية داخل اللّوفر ستجعلك تعتقد بأن اللّوفر وبقدرة خارقة استطاع الجمع بين عديد الحضارات وأن اللوفر سيظل واحداً من أهم المتاحف التي صنعت تاريخها الواحد عبر التّأريخ لمختلف بقاع العالم.

سراديب الموتى

أنفاق الموتى تحت باريس
ربما يكون المكان الأكثر إثاؤة للخوف في عاصمة الحب باريس.

”كانوا كما نحن غباراً تتلاعب به الرياح، ضعفاء كما البشر، ضعفاء كما العدم“، وأنت تقرا هذه العبارات للشاعر ”لامارتين“ على ذلك اللوح أسفل الأرض ستكون حتما بصدد زيارة عظام ستة ملايين باريسي دفنوا بعمق 30 مترا تحت الأرض.

وأنت تجول في ممرات الموت صحبة آلاف الزائرين لن تشعر بالموت بقدر شعورك بالتاريخ حاضراً أمامك. نقص شديد في الهواء، سراديب اُثثت بجماجم باريسيين عاشوا منذ القرون الوسطى وفي عصر الأنوار. وأنت هنا لن ترى غير العظام والجماجم لتُذكرك بأن باريس بلد الجنّ والملائكة وإحياء الموتى أيضا.

من قاع الموت الى ساحة الفن أو ملتقى الفنانين، هناك تتجلى معاني الفن التشكيلي حيث يعرض الفنانون رسوماتهم في الهواء الطلق، حيّ ”مونماتر“ يتيح لك الوقوف على أعلى التلّة التي بنيت عليها كاتدرائية ”القلبين الأقدسين“ وبعد الصعود الى قبتها تتعرف على جزء من تاريخ الحرب الفرنسية الروسية.

زائر باريس حتما سيعجب بتفاصيلها بدءاً من شياكة أحيائها وحتى الفقيرة منها فكلها تتسم بذات الطابع من النظافة والانسجام والفن والحب والحياة. باقة من العبق الباريسي ستجدها في كل الأزقة ولو لم يصادفك الحظ ولم تكن مدة سفرك الى مدينة الأنوار كافية لاستكشاف كل خباياها فحتما عليك أن تعرّج على منتزه ”ميني باريس“ المتواجد في قلب العاصمة وهي مدينة تحتوي على المعالم والمدن الفرنسية ولكن بشكل مصغر يُمكّنك من مشاهدة معالم باريس في مجسمات مصغّرة بسعر 17 يورو للكبار و10 يورو للصغار ففي النهاية مدينة بتلك العظمة لن يتركك أبناؤها تغادرها ما لم تزرها كاملة ولو في شكل جولة خاطفة في مجسم صغير.

مقالات إعلانية