in

تعرف على 16 شخصية من التاريخ استطاعت تحقيق النجاح على الرغم من تقدمها بالعمر

الكولونيل ساندرز مؤسس سلسلة المطاعم الشهيرة KFC. صورة: Benito Cereno

عندما تُلقي نظرة سريعة على التاريخ؛ تجد أنّ معظم الأشخاص المهمين قاموا بتحقيق إنجازاتهم في سنٍ مبكرٍ نسبياً، فالتاريخ مليءٌ بالشباب أصحاب الأفكار الثورية الذين قاموا بتغيير العالم خلال شبابهم أو منتصف عمرهم، لكن القليل جداً من الناس تمكنوا من الوصول إلى العظمة بعد تقدمهم في العمر، أو بعد وصولهم إلى العقد السابع من حياتهم على سبيل المثال.

لكن في حالاتٍ نادرة، قام بعض الأشخاص برفض العادات التي تُطالب كبار السن بالراحة الجسدية وتفرض عليهم عدم السعي لتحقيق أي شيء، بل على العكس، قاموا باستخدام سنهم المتقدم لتحقيق إنجازاتٍ عظيمة، فنحن نعتقد أنّه حان الوقت للتركيز على إنجازات كبار السن، فبينما ساهمت إنجازات وطاقة الشباب بالتأكيد بتغيير العالم، نريد تسليط الضوء حول كيف قامت حكمة كبار السن بتغيير العالم أيضاً.

لذا سنسلط الضوء في مقالنا هذا على 16 شخصٍ من كبار السن من حكام وفنانين ومغامرين لم يدعوا العمر يوقفهم من تحقيق إنجازاتٍ عظيمة:

1. لعبت (ميلكورا أكوينو) دوراً كبيراً في الثورة الفلبينية على الرغم من كونها سيدة متقدمة في العمر حينها.

ميلكورا اكوينو دي راموس.

عندما فارقت (ميلكورا أكوينو دي راموس) Melchora Aquino de Ramos الحياة في شهر شباط من عام 1919، كانت تبلغ حينها 107 عاماً من العمر، وقد قامت بالكثير من الأشياء العظيمة في هذه السنوات، لكن أعظم إنجازاتها قامت بتحقيقه بسنواتها الأخيرة، فبسبب دورها الكبير في الثورة الفليبينية، أصبحت تُعرف باسم (تاندانغ سورا) أو ما يعني (المُسنة سورا)، وقد دعاها آخرون بالسيدة العظيمة للثورة.

لهذا اليوم، يتم ذكر اسم (ميلكورا) بتقديرٍ واحترام كبيرٍ من قبل الفليبينيين، وأصبح اسمها دليلاً على أنّ الشجاعة والمقاومة ليست حصراً على الشباب فقط، فقد كانت (ميلكورا) في الـ70 من عمرها عندما بدأ الشعب الفلبيني ثورته ضد الاحتلال الإسباني وذلك في ثمانينيات القرن التاسع عشر.

بعد عمرٍ طويل أمضته (ميلكورا) وهي تعمل بجد لتربية أبنائها السبع وتأمين تعليمٍ جيد لهم، قامت بشراء دكانٍ في مدينتها (كويزون)، لكن على الرغم من سنها المتقدم حينها، وعلى الرغم من حجم المخاطرة كانت (ميلكورا) تساعد الثوار على الاختباء في دكانها، بل تحول دكانها إلى مشفى صغير لعلاج الثوار المصابين خلال القتال.

في النهاية اكتشفت السلطات الإسبانية المحتلة ما تقوم به (ميلكورا)، لذا قامت بالقبض عليها وترحيلها إلى جزيرة غوام ووضعتها تحت الأسر هناك، ولم تتمكن من العودة حتى قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالسيطرة على الفلبين في عام 1898، حيث تم استقبالها كبطلة، ثم عاشت 30 سنة أخرى محاطة بعائلتها وأصدقائها.

2. قامت (لورا إنغالز وايلدر) بنشر كتابها الأول حين كان عمرها 66 عاماً وقامت ببيع الملايين من الكتب خلال السبعينيات من عمرها.

صورة شخصية مجهولة التاريخ للورا إنغالز وايلدر. صورة: Herbert Hoover Presidential Library

قصة الكاتبة (لورا إنغالز وايلدر) Laura Ingalls Wilder تمنح الأمل لجميع الكتاب الذين يعانون، فعلى الرغم من أنّ هذه الكاتبة تُعد من أنجح الكاتبات الأمريكيات على مر التاريخ، إلا أنّ نجاحها لم يحدث بسهولة أو بشكلٍ مفاجئ، بل في الحقيقة، لم تنشر الجزء الأول من سلسلة Little House on the Prairie حتى عام 1932 حيث كانت تبلغ حينها 66 عاماً من العمر، ثم قامت بنشر 7 كتب لاحقة وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1932 و1943.

أصبحت (لورا) مشهورةً وغنية بفضل كتبها التي ما زالت من أكثر الكتب شعبية حتى يومنا هذا، خصوصاً سلسلة Little House والتي تمت ترجمتها إلى 45 لغة وتم بيع 60 مليون نسخة منها.

وعلى الرغم من أنّ (لورا) لم تصبح روائية ناجحة حتى سنٍ متقدم، إلا أنّها كانت تمتهن الكتابة قبل 20 عاماً من نشر كتابها الناجح الأول، فقد قامت، ولعقدين من الزمن، بكتابة انطباعاتها عن الحياة في عمودٍ لإحدى المجلات كان يُدعى As a Farm Woman Thinks، وهذا ما منحها القدرة على كتابة القصة.

إلا أنّ البعض يعتقد أنّ (لورا) قامت بكتابة كتبها بمساعدة ابنتها، حيث قامت الشابة بمساعدة أمها على تحسين الحوار ما بين الشخصيات وذلك باستخدام مهاراتها الصحفية، إلا أنّ هذه مجرد ادعاءات مازالت قيد النقاش حتى يومنا هذا.

3. قام (بيتر روجيت) بنشر مرجعه الشهير حين كان يبلغ 73 عاماً من العمر واستمر بالعمل على كتابه لـ 17 عامٍ.

بيتر روجيت. صورة: Wikimedia Commons

قدم (بيتر روجيت) Peter Roget مساهمة كبيرة إلى اللغة الإنكليزية، فمعجمه الذي نُشر عام 1852 ما زال من أكثر الكتب مبيعاً وما زال مرجعاً للطلاب الذين يرغبون بتعلم اللغة الإنكليزية ويبحثون عن معان الكلمات ومرادفاتها، وبينما وُلد اهتمام (بيتر) بالكلمات منذ سنٍ مبكر، إلا أنّه لم يقم بنشر كتابه الشهير حتى عام 1852 وكان يبلغ حينها 73 عاماً من العمر! وإلى حين وفاته عن عمر 90 عام، تم إعادة طبع الكتاب 28 مرة بسبب التعديلات التي كان يقوم بها نتيجة عمله المستمر لتطوير معجمه.

سن (بيتر) المتقدم ليس الشيء الوحيد المُثير للإعجاب في عمله، فهو لم يقم فقط بنشر معجمه في سنٍ متقدم، بل نشره على الرغم من معاناته من هجماتٍ حادة من الاكتئاب الشديد، ويعتقد الكثيرون أنّه بدأ بالأصل بكتابة معجمه كوسيلةٍ للتعايش مع الاكتئاب الذي يعاني منه وليبعد تفكيره عن مشاغل عمله اليومي كباحثٍ طبي، وعن سلسلةٍ طويلة من المآسي العائلية.

وقد نجح (بيتر) أيضاً بتأسيس عائلته الخاصة، وبعد مفارقته الحياة في عام 1869 قام ابنه بالحفاظ على إرثه، حيث قام بالعمل على توسيع المعجم وقام بإعادة نشر نسخٍ محدثة منه في عدة مناسبات.

4. حظي (ويليام آيفي بالدوين) بحياةٍ مذهلة ومليئة بالأحداث وقام بالاحتفال ببلوغه عمر الـ82 بالمشي على حبلٍ ممدودٍ فوق وادٍ عميق.

ويليام آيفي بالدوين وهو يتحضر للمشي فوق الحبل. صورة: Pinterest

معظم الناس يحتفلون بعيد ميلادهم الثاني والثمانين عبر الاسترخاء وقضاء يومٍ هادئ، لكن (ويليام آيفي بالدوين) William Ivy Baldwin ليس رجلاً عادياً، فقد عاش حياته يبحث عن الإثارة والمغامرة. فمنذ سنٍ مبكر كان يبحث عما يثيره، في البداية عمل كراكبٍ للمناطيد الهوائية ولاحقاً احترف المشي على الحبال على ارتفاعاتٍ شاهقة، وقد بقي يهوى هذا النشاط الأخير حتى سنٍ متقدم.

فبهدف الاحتفال بعيد ميلاده الثاني والثمانين، قام (ويليام) بالمشي على حبلٍ رفيع ممتد فوق وادٍ عميق يدعى South Boulder Creek في ولاية كولورادو الأمريكية، حيث كان هذا الحبل معلقاً على ارتفاع قرابة 40 متراً، وبشكلٍ مثيرٍ للإعجاب، تمكن بالرغم من سنه المتقدم على عبور المسافة كاملة من دون أن يُصاب بأي أذى، وهو إنجازٌ آخر في حياته المثيرة.

كان (ويليام) شاباً صغيراً في العمر عندما هرب من المنزل ليصبح عضواً في السيرك، وبسبب قامته القصيرة ووزنه المنخفض تمكن من أن يصبح راكباً بارعاً للمناطيد الهوائية، حيث كان يركب المناطيد وينطلق إلى السماء ثم يتظاهر بالسقوط من ارتفاعٍ شاهق مثيراً دهشة وإعجاب المشاهدين، لكنه كان في الحقيقة يقوم باستخدام مظلةٍ مخفية للهبوط بأمان.

حازت مهارة (ويليام) هذه على إعجاب الجيش الأمريكي، حيث كُلف بالطيران فوق قوات العدو خلال الحرب الأمريكية الإسبانية، وهنا أصبح أول طيار أمريكي يتم إسقاطه من قبل الأعداء، وفي النهاية استمر بممارسة ما يهواه حتى سنٍ متقدم، وذلك حتى عام 1953 حين فارق الحياة بسلامٍ وهو نائم في سريره.

5. إنّ قصة الجدة (موزيس) من أبرز الأمثلة على النجاح في سنٍ متأخر حيث لم تحقق النجاح في الفن حتى سن الـ78!

صورة شخصية للجدة موزيس. صورة: PhotoQuest/Getty Images

بعد فترة قصيرة من انطلاق مسيرة (أنا ماري روبرتسون موزيس) الفنية، نالت السيدة لقب الجدة (موزيس) Moses لأسبابٍ مفهومة، فهي لم تبدأ الرسم بشكلٍ جدي إلا في عمر الـ78 على الرغم من أنها كانت تعشق الفن والرسم منذ عقودٍ سابقة، ولم تتمكن في الثمانينات والتسعينيات من عمرها من نيل إعجاب الرأي العام فقط، بل نالت إعجاب النقاد الفنيين في مدينة نيويورك، وإعجاب ربات المنزل أيضاً، كل هذا جعل من الجدة (موزيس) مثالاً على النجاح في سنٍ متقدم ولهذا أصبحت عجوزاً شهيرة.

وُلدت الجدة (موزيس) في قرية غرينويتش في عام 1860 وقضت معظم حياتها كربة منزل ومدبرة منزل، ولأنها قضت معظم وقتها في الريف، فهذا يعني أنها قامت بشكلٍ رئيسي برسم مناظر ريفية، في بعض الأحيان كان الأشخاص الذين تعمل لديهم يدعمون موهبتها، لكنها لم تقم بتكريس نفسها للفن حتى أواخر السبعينيات من عمرها.

لوحة زيتية للجدة موزيس بعنوان «الإمساك بديك الحبش». صورة:  Grandma Moses Properties Co/Bennington Museum

خلال 30 سنة، قامت الجدة (موزيس) برسم أكثر من 1500 لوحة، في البداية كانت تبيع لوحاتها مقابل 5 دولار أمريكي للوحة الواحدة، لكن بوقتٍ قصير تمكنت من بيع اللوحة الواحدة مقابل 10000 دولارٍ أمريكي، وفي عام 2006 أي بعد مرور 40 عاماً على وفاتها، بيعت إحدى لوحاتها مقابل 1.2 مليون دولار أمريكي! ومازالت العديد من لوحاتها حتى يومنا هذا معلقة في المعارض في كافة أنحاء الولايات المتحدة.

6. لم يدع (بنجامين فرانكلين) العمر يوقفه، حيث لم يتقاعد من العمل السياسي الأمريكي حتى سن الـ84.

بنجامين فرانكلين.

لم يكن الأب المؤسس (بنجامين فرانكلين) Benjamin Franklin من أولئك الأشخاص الذين لم يقوموا بشيء عندما بلغوا سناً متقدماً، فأحد أقواله الشهيرة: ”بعض الأشخاص يموتون في سن الـ25 ولا يدفنون حتى سن الـ75“.

بعكس العديد من الشخصيات المذكورة في مقالنا هذا، فـ (فرانكلين) كان بالأصل يعمل بجد لتحقيق النجاح في شبابه، فقد استغل هذا العلّامة طاقته المنفجرة بشبابه في كتاباته وأعماله، فبحلول عامه الـ30، أصبح بالأصل رجلاً غنياً وصاحب نفوذٍ كبير وذلك بفضل العديد من اختراعاته والكتب التي نشرها، لكنه لم يبدأ بالاهتمام بالعمل السياسي حتى الخمسينيات من عمره، وقد اضطر للانتظار 20 سنة حتى حلول أهم لحظة في حياته: وهي توقيع وثيقة إعلان استقلال الولايات المتحدة.

من المستغرب بحق أنّ العديد من الآباء المؤسسين كانوا صغاراً في العمر حين قاموا بتوقيع هذه الوثيقة في عام 1776، فـ (جايمس مونرو) على سبيل المثال كان يبلغ من العمر 18 عاماً فقط، بينما كان (أليكساندر هاميلتون) قد بلغ عامه الـ21 بالكاد، لكن (فرانكلين) كان في عامه الـ70 عندما وقع الوثيقة.

لم تنتهي مسيرة (فرانكلين) السياسية هنا، ففي عام 1785 وعندما كان يبلغ من العمر 79 عاماً، تسلم (فرانكلين) منصب حاكم بنسلفانيا، وقد استمر في هذا المنصب حتى عام 1788، ثم فارق الحياة عن عمر 84 عاماً وذلك بعد مرور عامين فقط على اعتزاله العمل السياسي.

7. وافق (فيليب بيتان) على أن يصبح دميةً لألمانيا النازية وحاكماً لفرنسا المحتلة وذلك عندما كان يبلغ من العمر 84 عاماً.

أدولف هيتلر على اليمين وهو يحي فيليب بيتان على اليسار. صورة: AP Photo

في أوائل الثمانينيات من عمره، شعر (هنري فيليبين بيتان) Philippe Pétain أنّ فرصته بحكم بلاده قد ولت بالتأكيد، فعلى الرغم من ترقيه في صفوف الجيش الفرنسي ليصبح القائد العام للقوات المسلحة، وذلك من بداية عام 1918 وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى، إلا أنّه لم ينجح بحكم بلاده سياسياً، فعوضاً عن ذلك، مُنح منصب وزير الحرب، ثم وفي عام 1939 غادر فرنسا لتسلم منصب السفير الفرنسي في إسبانيا.

لكن هذا المنصب الأخير الذي كان يبدو وكأنه بداية تقاعده السياسي والعسكري تحول إلى نقطة فارقة في مسرته السياسية، فعندما قامت ألمانيا النازية باجتياح فرنسا، عاد (بيتان) إلى موطنه وقام بالتفاوض على شروط هدنة بين البلدين، وبناءً على شروط هذه الاتفاقية سيطرت ألمانيا على فرنسا الشمالية، وتم تنصيب (بيتان) كرئيسٍ لفرنسا (فيتشي)، وقد كان يبلغ من العمر حينها 84 عاماً.

نظرياً كان من المفروض أن تكون فرنسا (فيتشي) حيادية سياسياً، إلا أنهّا في الحقيقة تعاونت مع الألمان، حتى أنّ حكومة فرنسا (فيتشي) نصت بعض القوانين الخاصة بها والمعادية للنازية، وعلى الرغم من أنّ دور (بيتان) كان شكلياً إلى حدٍ ما، إلا أنّه وبعد عودة السلام، تم القبض عليه واتهامه بالخيانة وحُكم عليه بالإعدام، لاحقاً تم تخفيض الحكم إلى السجن، وقد فارق الحياة في عام 1951 وذلك بعض قضاء سنواته الأخيرة في السجن الانفرادي، وقد تدمرت سمعته إلى الأبد.

8. في زمنٍ كان السائد فيه كون إمبراطور روما صغيراً في العمر، نجح الإمبراطور (تيبريوس) بالسيطرة على روما في الستينيات والسبعينيات من عمره.

الامبراطور تيبريوس. صورة: Wikimedia Commons

معظم أباطرة روما وصلوا إلى السلطة بحلول الثلاثينيات من عمرهم أو حتى بعمرٍ أصغر، ففي تلك العصور القديمة كان يُفترض على الحاكم أن يبدو قوياً ونشطاً ومسيطراً، وقد كان منافسو الإمبراطور يستغلون أي دلالة ضعف كالتقدم في العمر للانقضاض عليه، ولهذا السبب كان عدد الأباطرة المتقدمون في العمر قليلاً جداً، فحتى الإمبراطور (ماركوس أوريليوس) والذي يتم تصويره دائماً كفيلسوف ورجل هادئ كبير في العمر، كان يبلغ من العمر فقط 58 عاماً عندما فارق الحياة.

الاستثناء لهذه القاعدة كان الإمبراطور (تيبريوس) Tiberius، حيث نجح في الوصول إلى السلطة عندما كان يبلغ من العمر 55 عاماً ونجح في الاستمرار بمنصبه كأقوى رجلٍ في العالم في ذلك العصر حتى فارق الحياة عندما كان يبلغ من العمر 77 عاماً.

وعلى الرغم من كون الإمبراطور (تيبريوس) كبيراً في العمر، إلا أنّه لم يكن حكيماً بالمرة، فعلى العكس تماماً، غالباً ما يُنظر إليه كواحدٍ من أسوأ أباطرة روما على مر التاريخ، وقد أطلق عليه الكاتب الروماني الشهير (بلينيوس الأكبر) لقب ”أكثر الرجال تهجماً“، وقد قضى الإمبرطور (تيبريوس) معظم فترة حكمه خارج مدينة روما تاركاً مهمة حكم الإمبراطورية إلى حلفائه الذين يثق بهم.

لكن خلال السنوات الماضية حاول العديد من الباحثين إنقاذ سمعة الإمبراطور (تيبريوس)، فبحسب المعجبين به لم يكن هذا الإمبراطور فاسداً وغير مهتماً بالإمبراطورية كما قام نقاده بوصفه دائماً، حيث يقولون أنّه في نهاية فترة حكمه، ترك الإمبراطورية في حالة استقرارٍ، وهو الأمر الذي دمره خليفته الإمبراطور الأصغر سناً بكثير (كاليغولا).

9. حقيقة كونه كبيراً في العمر وأعمى لم توقف (إنريكو داندالو) البالغ من العمر 90 عاماً من المشاركة في الحرب.

إنريكو داندالو. صورة: Wikimedia Commons

نجح (إنريكو داندالو) Doge Enrico Dandolo بأن يصبح دوق جمهورية البندقية في عام 1192، حيث كان يبلغ من العمر في ذلك العام 85 عاماً حينما توفي والده تاركاً له هذا المنصب القيادي المهم، وعلى الرغم من تقدمه في العمر، لم يقم بالاستهانة بالمهمة بل عمل بجدٍ وكرس نفسه للمنصب الذي ورثه، وقد كان هدفه في ذلك الوقت جعل جمهورية البندقية قائدة العالم المسيحي.

قام الدوق (إنريكو) بتضييق الخناق على الأجانب الذي يسكنون في مدينة البندقية، حيث أجبرهم على تسجيل أنفسهم رسمياً لدى الحكومة أو مغادرة المدينة، كما قام هذا الرجل المتقدم في العمر بالعمل بدون ملل على تدوين قوانين وتقاليد البندقية المعقدة جداً، كما يُنسب له فضل إعادة إحياء العملة الخاصة بمدينة البندقية.

لكن المثير للدهشة حقاً حو قيام الدوق (إنريكو) بشن الحملة الرابعة والتي تهدف لاحتلال مصر المسلمة وذلك حين كان في التسعينيات من عمره! وعلى الرغم من كون الدوق أعمى وذلك بسبب حادثٍ تعرض له في الستينيات من عمره، إلا أنّه قام بقيادة هذه الحملة العسكرية بنفسه، بل أنّه انضم حتى إلى القوات على أرض المعركة، حيث أنّه قاد جنوده ضمن المعركة متجاوزاً الكثير من السهام، وأصبحت قوات الدوق (إنريكو) أول قوة أجنبية تنجح باختراق جدران مدينة القسطنطينية المنيعة.

لم تكن هذه الحملة بالأمر الهين على هذا الرجل المتقدم جداً في العمر، فقد فارق الحياة خلال الحملة وذلك في عام 1205 ودُقن في مدينة القسطنطينية، وما زال من الممكن حتى يومنا هذا رؤية دلالة على قبره داخل جامع ومتحف أيا صوفيا الشهير الموجودة اليوم في مدينة إسطنبول المعاصرة.

10. يحمل (أوسكار سفان) رقمين قياسيين لكونه أكبر لاعب أولمبي يشارك في الأولمبياد في التاريخ واللاعب الأولمبي الأكبر سناً الذي ينجح بالفوز بميدالية أولمبية في التاريخ.

أوسكار سفان (الثالث من اليمين) البالغ من العمر 64 عاماً عندما حاز على الميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية عام 1912. صورة: Images/Alamy Stock Photo

الألعاب الأولمبية التي نعرفها في يومنا هذا بُنيت استناداً على الألعاب الأولمبية الإغريقية القديمة، كانت تلك المسابقات القديمة تحتفل بالشباب والقوة قبل أي شيء، إلا أنّ الألعاب الأولمبية المعاصرة تتيح الفرصة أيضاً للكبار في السن للمشاركة بهذه الألعاب واستعراض مهارتهم وقوتهم.

يمكن القول أنّ السويدي (أوسكار سفان) Oscar Swahn هو أكبر دليل على أنّ العمر لا يشكل دائماً حاجزاً أمام النجاح الرياضي، فقد شارك (أوسكار) في 3 بطولات أولمبية مختلفة، ونجح بالفوز بـ 6 ميداليات أولمبية، ثلاث منها ذهبية، والمدهش بحق هو مشاركته في الألعاب الأولمبية الصيفية في عام 1920، حيث نجح بدخول التاريخ حين أصبح أكبر شخص يشارك في الألعاب الأولمبية، فقد كان يبلغ من العمر 72 عاماً عندما شارك في الألعاب المقامة في مدينة أنتويرب في بلجيكا.

اكتسب (أوسكار) مهارته في إطلاق النار عبر التدرب في مزرعة العائلة، وقد كان رجلاً محترماً يبلغ من العمر 60 عاماً عندما شارك لأول مرة في الألعاب الأولمبية عام 1912، ثم شارك بعد ذلك مجدداً في بطولتين لاحقتين، حيث لم يدع بصره المتندي بسبب العمر يُوقفه عن المشاركة، ولم يفز بالميداليات فقط عن فئة إطلاق النار الفردي بل قام أيضاً بالتنافس مع ابنه (ألفريد سفان) وذلك في فئة إطلاق النار الجماعي كفريقٍ منافس.

لا يحمل (أوسكار سفان) الرقم القياسي لأكبر شخصٍ يُشارك في الألعاب الأولمبية فقط، بل يحمل أيضاً الرقم القياسي للاعب الأولمبي الأكبر عمراً الذي نجح بربح ميدالية أولمبية، ومن غير المرجح أن يقوم أي شخصٍ بكسر هذين الرقمين القياسيين قريباً.

11. لم يجلس الملك (وليام الرابع) على عرش المملكة المتحدة حتى عمر الـ64 وقد جعله عمره ملكاً رقيقاً

وليام الرابع. صورة: royal.uk

لم يتوقع الملك (ويليام الرابع) William IV أن يتولى العرش يوماً ما، وذلك لكونه الابن الثالث للملك (جورج الثالث)، فقد كان والده يملك وريثين بصحة كاملة وكان من المتوقع أن يرث ابناهما العرش من بعدهما، ولهذا السبب عاش (ويليام) حياةً مرحة ولم يكترث كثيراً للأمور السياسية الجدية.

فقد وُلد (ويليام) في عام 1765، وقام بالاستفادة من شبابه من جميع ميزات الثروة والسلطة من دون أن يتوجب عليه تحمل المسؤوليات التي ترافق العرش الملكي، فقد أحب الإبحار وقام باستكشاف العالم عندما أبحر مع القوات البحرية البريطانية، كما خاض علاقةً رومانسية مليئة بالحب والشغب مع الممثلة (دوروثيا جوردان)، وقد أنجب منها 10 أبناء غير رسميين، أي خارج علاقة الزواج الرسمية.

لكن نمط الحياة هذا تغير بالكامل في عام 1830، فبعد أن فارق الملك (جورج الرابع) الحياة، نُصب الملك (ويليام الثالث) على عرش المملكة المتحدة، وبينما عاش والده وأخاه حياتينً باذختين، فضّل الملك الجديد (ويليام الثالث) حياةً أبسط، فقد أصر على كون حفل تتويجه بسيطاً وحاول دائماً الابتعاد عن السياسية بقدر الإمكان، وعندما اضطر إلى التدخل كان تدخله عادةً نحو الأفضل، ففي فترة حكمه تم القضاء على العبودية في معظم المملكة وتحسنت أحوال الفقراء.

فارق الملك (ويليام الثالث) الحياة في عام 1837 عن عمر 71 عاماً، وقد ورثت ابنة أخاه الملكة (فيكتوريا) العرش من بعده.

12. لم يكن البابا (غريغوري الثالث عشر) أكبر بابا عمراً في التاريخ لكنه كان من الأكثر تأثيراً بالتأكيد.

صورة شخصية للبابا غريغوري الثالث عشر. صورة: Wikimedia Commons

وُلد (أوغو بونكومباغني) في عام 1502 ولم ينضم للكنيسة الكاثوليكية حتى الأربعينيات من عمره، فقد قام الإيطالي قبل ذلك بدراسة الحقوق وعمل كبروفيسورٍ في جامعة بولونيا العريقة، لكن تاريخه المهني هذا بالذات هو السبب خلف ترقيه السريع في الكنيسة الكاثوليكية بعد تكريس نفسه كرجل دين.

فقد انتبه البابا (بولس الثالث) إلى مواهبه على الفور لذا قام بمنحه مجموعة من المناصب المهمة والمؤثرة ضمن الفاتيكان، ثم قام البابا (بولس الرابع) بتنصيبه كمفتشٍ مسؤول عن الإصلاحات الكنسية، ثم لاحقاً تم تنصيبه وفي عمر الـ63 ككاردينالٍ كاثوليكي.

عندما تم تنصيب البابا (غريغوري الثالث عشر) Gregory XIII كان يبلغ من العمر 73 عاماً، وهو بالتأكيد ليس أكبر رجل دين عمراً يصل إلى هذا المركز المهم، فقد تم تنصيب البابا (بينديكت السادس عشر) على سبيل المثال في عام 2005 عن عمر 78 عام! لكنه بالتأكيد من أكثر البابوات الكبار في العمر تأثيراً.

من الأمور الشهيرة التي يقترن اسم البابا (غريغوري الثالث عشر) بها هي الرزنامة الحالية، فقد قام هذا البابا بتعديل الرزنامة وأدخل مفهوم السنوات الكبيسة التي لم تكن معروفة قبله، وذلك حين كان في الثمانينيات من عمره، وما زلنا حتى يومنا هذا نستخدم رزنامته التي تُدعى الرزنامة الغريغورية.

13. كان (نواه ويبستر) يبلغ من العمر 69 عاماً عندما قام بنشر معجمه الشهير، وقد قضى السنوات المتبقية من حياته وهو يقوم بتحديثه.

صورة شخصية لنواه ويبستر عام 1833. صورة: Wikimedia Commons

لقد كان (نواه ويبستر) Noah Webster شغوفاً باللغة طوال عمره، لكنه كان يبلغ من العمر 69 عاماً عندما نشر معجمه الشهير في عام 1828، لكن هذا المعجم كان بالطبع نتاج عمل سنوات وعقودٍ عديدة، وقد وُلد (ويبستر) في عام 1758، وقد عمل ككاتب ومحرر لدى الأب المؤسس (ألكسندر هاميلتون)، كما عمل أيضاً في مجلس نواب ولاية كونيتيكت، وقد لعب دوراً كبيراً ومؤثراً في حركة التحرير من العبودية، حيث حارب العبودية في ولايته.

لكن إنجازه الأهم كان بالتأكيد معجمه الذي يُدعى An American Dictionary of the English Language، فهذا العمل والذي نشره بعد عملٍ دؤوب استمر 22 عاماً، قام بجعل (ويبستر) رجلاً مشهوراً، بل حوله إلى الرجل الأهم في البلاد في الشؤون المتعلقة باللغة.

وقد لعب (ويبستر) دوراً كبيراً في تأسيس قانون حماية حقوق النسخ الأمريكي والذي وُضع عام 1831، وكان (ويبستر) يعمل على نسخةٍ محدثة من كتابه الشهير وذلك حتى فارق الحياة عن عمرٍ 84 عاماً، وفي يومنا هذا يُعد معجم Merriam-Webster المعاصر المرجع الأول للطلاب في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.

14. تحمل الكولونيل (هارلاند ساندرز) العديد من العثرات في حياته حتى تمكن من أن يُصبح رجلاً غنياً في عمرٍ يقوم الرجال فيه بالتقاعد عادةً.

هارلاند ساندرز. صورة: imdb

بينما يتقاعد العديد من الأشخاص عن العمل بحلول عامهم الـ65، كان (هارلاند ديفيد ساندرز) يبدأ بالعمل، فقد أمضى رجل الأعمال الأمريكي 50 سنة من عمره حتى حقق ثروته.

وُلد (ساندرز) Sanders في عام 1890 وقام بالعمل بالعديد من الأعمال المتنوعة في شبابه، لكنه لم يعمل أبداً بمجال التأمين أو النفط، وبينما كانت البلاد بأسرها تعاني من فترة الكساد الكبير، قام (ساندرز) بافتتاح معطمٍ على جانب الطريق وقام بابتكار وصفته الخاصة، على الرغم من أنّ (ساندرز) أُجبر على إغلاق مطعمه الأول والاعتماد على المساعدة الاجتماعية لتدبير مصاريفه، واستغل خبرته الكبيرة للوقوف على قدميه مجدداً.

تقول الأساطير أنّ الكولونيل (ساندرز) –وهو اللقب الذي مُنح له من قبل ولاية كنتاكي وليس من الجيش الأمريكي –قام بافتتاح مطعم KFC الأول عندما كان يبلغ من العمر 65 عاماً، وبعدما لاحظ الإمكانية الكبيرة لمطعمه، قام بتوسيع أعماله لتشمل الولايات المتحدة الأمريكية بأكملها.

بحلول عامه السبعين، كان الكولونيل (ساندرز) قد أصبح رجلاً غنياً، وعندما بلغ من العمر 73 عاماً قام ببيع سلسلة مطاعم KFC مقابل 2 مليون دولار أمريكي، وحتى حينها لم يرغب (ساندرز) بالتقاعد عن العمل والاسترخاء، بل عوضاً عن ذلك استمر لسنين بالسفر في جميع أنحاء البلاد كسفيرٍ لسلسلة مطاعم KFC، لكن الغريب أنّه وبعد تقدمه بالعمر، أصبح (ساندرز) ينتقد السلسلة التي قام هو بتأسيسها.

15. أُجبر (وينستون تشرشل) على اعتزال السياسية عندما بلغ 89 عاماً من العمر وقد عمل كرئيسٍ للوزراء ووزيرٍ للدفاع في عمرٍ متقدم من حياته.

صورة شخصية شهيرة للسير وينستون تشرشل التقطها يوسف كرش في البرلمان الكندي عام 1941. صورة: Wikimedia Commons

بعد أنّ قاد بلاده للفوز في الحرب العالمية الثانية، كان يحق للسير (وينستون تشرشل) Winston Churchill التقاعد والاستماع بما تبقى من حياته، لكن يبدو أنّ هذا السياسي المخضرم لم يستطع الاسترخاء والابتعاد عن العمل، لذا عاد إلى السياسة في عمرٍ متقدم، حيث أصبح رئيساً للوزراء مرةً ثانية وذلك قبل شهرٍ واحد فقط من عيد ميلاده السابع والسبعين، وذلك بعد أن هزم منافسه قائد حزب العمال (كليمنت اتلي) وذلك في انتخاباتٍ تنافسية جداً، فقد كان يرغب بالانتقام من خسارته في انتخابات عام 1945.

وعلى الرغم من دعم عامة الناس الكبير لـ (تشرشل)، إلا أنّ زوجته وطبيبه الخاص كانا يملكان العديد من التحفظات حول عودته إلى العمل المرهق، خاصةً أنّ (تشرشل) لم يتقلد فقط منصب رئيس الوزراء، بل نصب نفسه أيضاً كوزيرٍ للدفاع، لذا كان ضغط العمل حقاً لا يطاق، لذا عانى (تشرشل) في بداية عام 1952 من سكتة دماغية خفيفة الشدة، ثم لاحقاً وفي الصيف التالي عانى من سكتةٍ دماغية أخرى أشد.

اقتنع (تشرشل) بعد ذلك أنّ زمنه انتهى، لذا استقال عن عمر 80 عاماً، لكنه استمر كعضوٍ في البرلمان حتى سن الـ89 عام، ولم يستقل من هذا المنصب حتى عامٍ واحد قبل أن يفارق الحياة عام 1965.

16. لم يكتف (رونالد ريغان) بمسيرةٍ واحدة ناجحة لذا أصبح رئيساً قبل أيام فقط من عيد ميلاده السبعين.

الرئيس الأربعون للولايات المتحدة رونالد ريغان. صورة: Wikimedia Commons

ما زال (رونالد ريغان) Ronald Reagan مثالاً ناجحاً عن المسيرة المهنية الثانية الناجحة، فهو دليلٌ على أنك لست مضطراً لتبدأ بعمرٍ صغير كي تصل إلى قمة النجاح، فقد كان (ريغان) في الخمسينيات من عمره عندما بدأ بالعمل بالسياسة الأمريكية، وقد كان يبلغ من العمر 69 عاماً و349 يوماً عندما تولى رسمياً منصب الرئيس الأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، وبفضل سياساته الاقتصادية الناجحة وسياساته الخارجية القوية نجح (ريغان) بالفوز بفترةٍ رئاسية ثانية.

ما زال (ريغان) حتى يومنا هذا أكبر شخص عمراً يتلو القسم الرئاسي الأمريكي، وذلك حين كان يبلغ من العمر 73 عاماً في فترته الرئاسية الثانية. وما يجعل مسيرة (ريغان) أكثر إثارة للاهتمام هو أنّه، وقبل مسيرته السياسية الناجحة، تمتع بمسيرةٍ مهنية ناجحة كممثلٍ سينمائي، فبعد أن قام بالتمثيل بعدة أفلامٍ منخفضة الميزانية، تولى منصب رئيس نقابة ممثلي الشاشة ونجح بالحصول على عدة أعمالٍ مربحة.

بالتأكيد كان بإمكان (ريغان) الاستقالة بعمر الـ60 وعيش حياةٍ مريحة كشخصٍ مشهور، لكنه كان يؤمن أنّ العمر ليس حاجزاً أمام طموح وأحلام الشخص.

إذاً تعرفنا في هذا المقال على 16 شخصٍ تمكنوا من تحقيق النجاح في عمرٍ متقدم، ونأمل أن تشكل مسيرتهم الناجحة دافعاً لكم لعدم الاستسلام بأي عمرٍ كان.

مقالات إعلانية