in

اكتشاف رسالة حب كُتبت على متن التايتانيك تسرد قصة حادثة اصطدام وشيكة مع سفينة أخرى قبيل غرقها بأيام

كتب (ريتشارد غيديس) لزوجته في رسالته: ”كان بإمكاني رؤية (بيلفاست) تمر أمام عيني، لابد أن الأمر كان فظيعاً بالنسبة للقبطان“. وذلك قبل أربعة أيام من حادثة غرق التايتانيك.

سفينة التايتانيك
صورة: Cliff/Flickr

كان (ريتشارد غيديس)، على شاكلة الكثيرين من المشرفين على متن السفن، قد ترك عائلته ليعمل في عرض البحار، وكان أيضاً قد كتب عدداً لا بأس به من الرسائل الموجهة إلى زوجته. غير أن ما يميز (غيديس) هو أنه كان من بين الراكبين الـ1500 الذين كانوا على متن التايتانيك قبل غرقها في قاع المحيط الأطلسي في سنة 1912.

تظهر هذه الرسالة المكتشفة حديثاً بالتفصيل الدقيق حادثة اصطدام وشيك كانت السفينة على وشك التعرض لها مع سفينة أصغر حجماً مباشرة بعد مغادرتها الميناء في (ساوثهامبتن) في إنجلترا، وسيتم عرض هذه الرسالة للبيع في المزاد العلني في الأيام القادمة.

وفقاً لصحيفة (بيلفاست تيليغراف)، فإن وكلاء المزاد العلني لدى (هينري ألريدج وابنه) يعتقدون أن الرسالة ستحصد مبلغ 18 ألف جنيه استرليني (23 ألف دولار)، عندما سيتم بيعها في مزاد علني في (ويلشاير).

قال (أندرو ألريدج) أن مضمون الرسالة والقرطاسية التي تمت كتابتها عليها يجعلان منها ذات قيمة عالية جداً، فقال: ”إنها رسالة استثنائية على عدة مستويات“، واستطرد قائلاً: ”أولا وقبل كل شيء لقد تمت كتابتها على متن سفينة التايتانيك، كما أنها مازالت داخل ظرفها البريدي الأصلي، وتتضمن المجموعة التي ترافقها أيضاً بعض الوثائق الرسمية الخاصة بالسيد (غيديس)، وأخيراً محتواها مذهل، فهو يصف حادثة اصطدام وشيكة كادت التايتانيك تتعرض لها، مما كان ليغير مجرى التاريخ“.

كتب هذا البحار رسالته هذه على قرطاسية تايتانيك أصلية كان يتم توزيعها على متن السفينة، كما مازالت الرسالة تحتفظ بظرفها الأصلي «خطوط النجم الأبيض».

في العاشر من أبريل سنة 1912، وبعد يوم تقريباً من مغادرة التايتانيك للميناء في إنجلترا، كتب (غيديس) لزوجته رسالة واصفاً فيها حادثة وشيكة كادت السفينة تتعرض لها عندما أوشكت على الاصطدام بسفينة (إس إس سيتي أوف نيويورك).

مرت السفينتان على مقربة ثلاثين سنتمتراً من بعضهما البعض بينما كانت التايتانيك تغادر الميناء. تسببت قوة الشفط الهائل الصادرة عن مراوح التايتانيك في تقطيع حبال تثبيت سفينة (سيتي أوف نيويورك)، مما حررها لتنجرف في المياه وكاد يتسبب في حادثة اصطدام كامل بينها وبين التايتانيك التي كان طولها 269 متراً.

استهل السيد (غيديس) رسالته بـ: ”إلى عزيزتي (سال)“، وكتب فيها عن هذه الحادثة الوشيكة قائلاً: ”لقد نجونا البارحة بعد مشاكل جمة…كان بإمكاني رؤية (بيلفاست) تمر أمام عيني، لابد أن الأمر كان عصيباً على القبطان“.

وفقاً لـEncyclopedia Titanica، فقد شهد كل من عامليّ الكهرباء، وهما (ألبيرت جورج إيرفين) و(ألفرد ميدلتون)، اللذين كانا آنذاك زمن الحادثة فوق المدخنة الرابعة للسفينة الهائلة الحجم، ما كاد أن يكون كارثة مسبقة بالنسبة لسفينة التايتانيك.

رسالة (ريتشارد غيديس) لزوجته.
رسالة (ريتشارد غيديس) لزوجته. صورة: Henry Aldridge & Son

كتب (إيرفين) في رسالة موجهة لوالدته قائلا: ”كنت أنا و(ميدلتون) فوق المدخنة الرابعة للسفينة، لذا تمكنا من رؤية كل شيء بوضوح. اعتقدت أنه سيكون هناك حادث اصطدام قوي نظراً لسرعة الرياح، غير أنني أعتقد أن لا أحد تعرض للأذى“.

بشكل لا يثير الدهشة، نظر جميع من شهد الحادثة الوشيكة على أنها نذير شؤم لما يخبئه المستقبل لسفينة التايتانيك.

في الجانب الآخر، أرسل (غيديس) برسالته لزوجته عبر البريد من مدينة (كوينزتاون) في إيرلندا في الحادي عشر من أبريل، أي في نفس اليوم الذي رست فيه التايتانيك هناك من أجل ركوب بعض المسافرين.

استطرد (غيديس) رسالته لزوجته بقدر كلمات الحب والغزل التي قد يتخيلها المرء صادرة عن بحّار في عرض البحار لعائلته، كما سألها عن أحوال: ”عزيزة قلبي الصغيرة“، وطمأن (سال) وأكد لها أنها لا يجب عليه القلق حيال سلامته، فقد بدت سفينة التايتانيك بالنسبة له سفينة في غاية المتانة والقوة. قال (غيديس) في رسالته: ”ستكون هذه السفينة أمراً جللاً، بل أفضل من سفينة الـ(أوليمبيك) في البحار، على الأقل هذا ما أعتقده، فهي أكثر ثباتاً وكل شيء على ما يرام لحد الساعة. لو أننا نصل في الموعد المحدد يوم الأربعاء، فسأراسلك من مدينة (نيويورك)“.

اختتم الرجل المحب لعائلته هذا رسالته بحب غامر، ووقعها بالكلمات التالية: ”مع حبي الكبير وقبلاتي الحارة لزوجتي العزيزة وأبنائي. زوجك المحب (ديك)“.

تتضمن مجموعة الأغراض المعروضة مع الرسالة للبيع في المزاد العلني شهادة وفاة (ريتشارد غيديس) التي تؤكد ”موته المفترض“ بفعل الغرق، والظرف البريدي الأصلي الذي احتوى الرسالة، ونسختان من صور فوتوغرافية لـ(ريتشارد غيديس) وزوجته (سال).

بينما ضاعت بقايا التايتانيك في قاع المحيط منذ زمن بعيد، فإن ذكرى وتجارب كل من كان على متنها في تلك الليلة المحتومة ستظل حية إلى الأبد.

مقالات إعلانية