in

دخلك بتعرف ”إجاصة العذاب“ من العصور الوسطى، فكرة جهنمية تبرز واقع القسوة التي يمكن أن يكون البشر عليها

إجاصة العذاب معروضة في أحد المتاحف فوق لوح زجاجي

لطالما انجذب الناس بشكل كبير وغريب نحو وسائل وأدوات التعذيب على مر التاريخ، سواء كانوا يعجبون بحجم الألم الذي تسلطه أم كانوا يحبون شعور القشعريرة الذي ينتابهم لدى رؤيتهم لها، ولهذا نجد الروايات والأفلام مليئة بأكثر هذه الاختراعات ترويعا، لكن وللأسف الشديد لا يخلو التاريخ كذلك منها، حيث كانت في الكثير من المرات قد خرجت من إطار المخيلة إلى واقع متجسد على مر العصور.

لطالما طبق الناس ما كان يجول بمخيلاتهم من طرائق في تسليط أشد أنواع العذاب على بعضهم، لكن هذا الأمر على غرار غيره لا يخلو من بعض الخيال والحيد عن الحقيقة، في الواقع يبدو أن العديد من وسائل التعذيب التي جاء ذكرها على لسان التاريخ لم تكن سوى مجرد تخيلات أشخاص مبدعين، ولم تستخدم في أرض الواقع إطلاقا، كما عمد الكثيرون إلى اختراع بعض من هذه الوسائل الأكثر ترويعا لا لشيء إلا لجذب الزوار وحملهم على دفع المال لمجرد رؤيتها.

ومن أكثر وسائل التعذيب هذه ترويعا، خيالية كانت أم حقيقية، هي إجاصة العذاب التي سنختص بذكرها هذا المقال:

تخيل كتلة من المعدن البارد يتم إقحامها داخل المستقيم لديك، لدى هذه الكتلة شكل إجاصة مع رأس بصلي ونهاية أسطوانية أقل ثخانة، التي يكون متصلا بها برغي لولبي يتم تدويره بواسطة مفتاح قابل للإزالة، ولكل أداة مفتاح فريد بها لا تنفتح أو تنغلق إلا باستعماله، ثم يقوم جلادك، بعد حشرها في مؤخرتك، بسؤالك عن أية معلومات، أو اعترافات، أو أيا كان ما يرغب في استخلاصه منك.

بعد أن تمتنع في البادئ بالطبع مثلما قد يفعل معظم أبطال الأفلام، يبدأ الجلاد بتدوير البرغي في نهاية الأداءة مما يحمل بتلات الرأس البصلي المحشور في مستقيمك على الانفتاح والتوسع، يتسبب هذا بضغط رهيب على جدار المستقيم والنهايات العصبية الموجودة فيه مما يفضي إلى ألم مروع بحق نترك لك حرية تخيله، وقد يحدث الأسوأ هنا بأن يتمزق نسيج المستقيم الهش مما يؤدي بك إلى نزيف داخلي حاد تموت على إثره لا محالة.

إجاصة العذاب في متحف (لوبوسكا لاند) في بولندا
إجاصة العذاب في متحف (لوبوسكا لاند) في بولندا

لكن الهدف من أداة التعذيب هذه ليس القتل بل التعذيب والتعذيب فقط، فمن المراد من تصميمها الفريد تمطيط المستقيم أكبر قدر ممكن.

كم من الوقت بإمكانك تحمل استعمال هذه الأداة عليك يا ترى؟ دقائق؟ ثوانٍ؟ من الصعب تخيل وسيلة أكثر فعالية في استخراج المعلومات من المعتقلين والمساجين وتعذيبهم، وباعتبار فعاليتها هذه، من السهل إدراك أن الناس في القديم كانوا كثيرا ما يلجؤون إليها، في أيام كان فيها التعذيب جزءا لا يتجزأ من أنظمة العدالة السائدة.

لكن هناك من يشك في هذا الأمر كثيرا، ويعتقد بأن أداة إجاصة التعذيب لم تكن موجودة قبل القرن السابع عشر، على الأقل ليس على الطريقة التي نتخيلها بها.

وفقا لبعض الروايات الحديثة، لم تكن إجاصة العذاب تستعمل إلا في الوقت الحديث، ولم تكن تستعمل في المستقيم، بل كانت تحشر في أفواه ضحاياها، وهذا في حالة السطو المسلح على البنوك أو المنازل، أو أية مؤسسات ما، فكان اللصوص يحشرونها في أفواه الضحايا حتى لا يتمكنوا من طلب المساعدة أو الاتصال بالشرطة، وفي بعض الأحيان يقال أن المختطفين كانوا يحشرونها في أفواه رهائنهم ثم يطالبونهم بفدية مقابل منحهم مفاتيحها أو إزالتها عنهم، وهناك من يقول بأنه كان يطلق عليها اسم ”إجاصة الخنق“، وهي بهذا لم تكن أداة تعذيب بالمفهوم الكلاسيكي المعروف.

لكن يوجد الكثير من نماذج هذه الأداة على مستوى العديد من المتاحف العالمية، التي يتم وصفها على أنها أدوات تعذيب كلاسيكية من العصور الوسطى، ومن بينها نجد الكثير من الشهادات والروايات التي تفيد بأنها كانت تستخدم على النساء بشكل خاص ممن اتهمن بالإجهاض العمدي، أو الخيانة الزوجية، أو إقامة علاقة جنسية خارج إطار الزوجية، كما تفيد الكثير من الروايات كذلك أن من بين ضحاياها كانت النساء ممن اتهمن بممارسة السحر والشعوذة، وكذا الرجال ممن اتهموا بالهرطقة فكانت تحشر في أفواههم ويتم توسيعها حتى تتسبب في تحطيم أفكاكهم.

يتركنا هذا أمام تساؤل مهم: من أين جاءت فكرة إجاصة العذاب؟ قد يكون الأمر مجرد أشخاص رأوها للمرة الأولى وراحوا يتخيلون أسوأ طريقة يمكن استعمالها بها، أو قد تكون نتاج مخيلة خصبة لشخص حاول الاتيان بأسوأ طريقة تعذيب ممكنة.

بعد كل شيء، سواء استعملت في تعذيب النساء أو الرجال، من العصور الوسطى أو اللاحقة، أو استعملت لمجرد إسكات المخطوفين والرهائن والشهود، فإن إجاصة العذاب فكرة جهنمية دون شك، تبرز واقع الوحشية التي يمكن أن تكون عليها أفكارنا وعقولنا عندما يتعلق الأمر بإلحاق الأذى بالآخرين.

مقالات إعلانية