لبنى غزال
نواعير مدينة (حماة) السورية هي سبعة عشر ناعورة أثرية تقع على طول نهر (العاصي)، ويعود تاريخها إلى عهد الدولة البيزنطية، على الرغم من أن السكان المحليين يدعون أنها أقدم من ذلك.
العجلات المائية، والتي تدعى نواعير، هي جزء من نظام الري في المدينة الآن، وقد تم تصميمها لرفع المياه من النهر ونقلها من خلال القنوات إلى الحقول الزراعية والمنازل.
تدور الناعورة بسبب تيار النهر المتدفق، وتغطس فيه وصناديقها منقلبة فارغة في النهر ثم ترتفع ممتلئة بمياه النهر وتصب الماء في القنوات المائية، ثم تقود الجاذبية الماء على طول القنوات إلى وجهته في أجزاء المدينة المختلفة.
من الصعب تحديد من صنع أول ناعورة في التاريخ ومتى صنعها، تشير الكتابات القديمة للمهندس العسكري الروماني (ماركوس فيتروفيوس بوليو) إلى أنها قد اخترعت من قبل الرومان وربما في القرن الأول قبل الميلاد. تشير مصادر أخرى إلى أن النواعير تم تطويرها في الهند في القرن الخامس أو الرابع قبل الميلاد، ثم انتشرت هذه التكنولوجيا ووصلت إلى الغرب والصين، وهناك احتمال مرجح آخر لمنشأ النواعير هو اليونان في فترة أواخر القرن الثالث أو أوائل القرن الثاني قبل الميلاد كما تشير الكتابات القديمة.
تعتبر نواعير حماة فريدةً من نوعها، ليس في سوريا فحسب، ولكن في العالم بأسره على الأرجح، حيث يعود تاريخها بشكلٍ عام إلى الحقبة العربية في القرون الوسطى، ولكن تمّ العثور على فسيفساء تعود إلى العام 469 قبل الميلاد تحتوي على رسم للناعورة، مما يعني أنّ النواعير قد بُنيت قبل وقتٍ طويل من حقبة العصور الوسطى.
على أية حال، اعتُمدت النواعير في نهاية المطاف من قبل المهندسين في العهد الإسلامي الذين طوروها وحسنوها، على سبيل المثال: أضافوا آلية الموازنة لتسهيل توصيل الماء.
زادت شعبية النواعير في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فكانت بعض النواعير المستخدمة في عهد المسلمين قديماً كبيرة بقطر يتراوح من 10 إلى 20 متر، وأكبر ناعورة تعرف باسم (الناعورة المحمدية) يبلغ قطرها حوالي 20 مترا، والتي بنيت عام 1361 ميلادي، وقد وفرت المياه للمسجد (الكبير) عبر قناة تحتوي على 32 قوسا.
النواعير في حماة هي أكبر مثال على انتشار هذه التكنولوجيا في العصور الوسطى.
وفقاً لمؤرخي العصور الوسطى، كانت هناك عدة عجلات مائية في حماة في القرن التاسع للميلاد، مع ذلك لا يمكن تأريخ أي من العجلات المتبقية في حماة حالياً على أنها أقدم من القرن الثاني عشر للميلاد.
فقط 17 من النواعير الأصلية (المقدرة بـ50 عجلة ماء) نجا لنشهده اليوم، لا تزال النواعير في حالة عمل جيدة، على الرغم من أن مياهها لم تعد تستخدم، فإن هذه النواعير بقيت معلما يجذب السياح من سوريا وأنحاء العالم.
