in

تعرف على الآثار السلبية التي تتركها الأوشام على صحتك وحياتك الاجتماعية

أوشام

وفقا لاستبيان أجرته مؤسسة (استطلاعات هاريس) للدراسات في سنة 2016، يحمل تقريبا نصف سكان الولايات المتحدة الأمريكية الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة وشوما مختلفة على أجسامهم، وتقريبا ندم واحد من كل أربعة منهم على وضعها في المقام الأول، وبما أن التقديرات بنيت على فئة عمرية يقدر حجمها بستين مليون شخص، فإن هذا يعني أن حوالي 7.5 مليون شخص يحملون أوشاماً ندموا عليها.

يقول (غريغ هول)، وهو محرر لدى موقع Medical Daily وطبيب الرعاية الصحية الأولية: ”لقد لاحظت خلال عملي كطبيب أن الكثير من المرضى الشباب الذين يأتون إلي يندمون على أوشامهم التي وضعوها، وعندما أسألهم حول ذلك؛ يجيبني الكثيرون منهم بأنهم وضعوها [الأوشام] عندما كانوا صغارا، وأنهم آنذاك لم يفكروا جيدا في الأمر، كما لم يجروا أية أبحاث عن تبعات قرار وضع وشم“.

يقول (هول) أنه بانعدام وجود مصادر موثوقة عن المعلومات المتعلقة بالأوشام التي قد ينصح مرضاه بالاطلاع عليها، فقد بدأ يبحث في الموضوع بنفسه، يقول: ”كان هدفي أن أكتب مرجعا سريعا ليطلع عليه المراهقون من أجل معرفة التبعات الصحية والاجتماعية التي قد يواجهونها بعد وضع وشم ما“، وما كان قد وجده على حد تعبيره هو غير متوقع تماما، وفي بعض الأحيان صادم ومقلق ويجب على كل شخص أن يطلع عليه، حيث عثر على تقارير كثيرة عن تعقيدات صحية تسبب فيها حبر الأوشام، والتهابات، وتأثيرات سامة، وتحول الوشم إلى ندوب، وحروق، وتهيج دائم في البشرة والكثير غيرها.

مع مرور الوقت؛ يغوص الحبر أعمق من مجرد سطح البشرة

إن الكثير من الخضابات المستعملة في حبر الأوشام هي ألوان ذات معايير صناعية مناسبة أكثر لحبر الطابعات أو طلاء السيارات
إن الكثير من الخضابات المستعملة في حبر الأوشام هي ألوان ذات معايير صناعية مناسبة أكثر لحبر الطابعات أو طلاء السيارات – صورة: Shutterstock

من بين المشاكل التي تصاحب وضع الأوشام هي التأثيرات التي بإمكان الحبر أن يخلفها على الجهاز المناعي على المدى الطويل، وبعض التعقيدات الصحية الأخرى. اكتشفت دراسة أجرتها وكالة حماية البيئة الدنماركية أن بعض أنواع الحبر المستعملة في رسم الأوشام قد تكون سامة، وبعضها الآخر قد يحتوي على مركبات مسرطنة، في الواقع اكتشفت أيضا دراسة أسترالية من تمويل حكومي أن كل واحد من خمسة أنواع الحبر المستخدمة في الأوشام يحتوي على مواد كيميائية مسرطنة، وتبين كذلك أن معظم عينات الحبر المستخدم التي أجريت عليها الفحوصات لم تكن مطابقة لمعايير السلامة والصحة الدولية الواجب احترامها لدى صناعتها، كما تم تحديد وجود المركبات الكيميائية المسرطنة في 83٪ من أنواع الحبر الأسود الذي يعتبر اللون الأكثر استعمالا في الأوشام حول العالم.

تم تأسيس «المجتمع الأوروبي لأبحاث الأوشام والخضاب» في سنة 2013 من أجل تثقيف الناس وزيادة وعيهم حول ”الحقائق الأساسية التي تتعلق بالأوشام“، والتي يتجهالها الكثير من الشباب في أيامنا هذه، ووجدت المجموعة السابقة مركبات على غرار الباريوم والنحاس والزئبق والعديد من المركبات الأخرى المضرة بالصحة في الحبر المستعمل في الوشم، كما وجدت أبحاثها تناقضا بين المركبات التي تظهرها عبوات الحبر وما يحتويه الحبر حقيقة بعد إجراء الفحوصات عليها.

في وقت أحدث، تناولت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بعض الدراسات من جانبها التي تعلقت بالحبر المستعمل في الأوشام، ورد عنها في هذا الشأن: ”إن الكثير من الخضابات المستعملة في حبر الأوشام هي ألوان ذات معايير صناعية مناسبة أكثر لحبر الطابعات أو طلاء السيارات“.

تقوم ذات الدراسة الآن باختبار وإجراء الفحوصات على التراكيب الكيميائية للحبر والخضابات وكيف تتحلل ضمن الجسم، بالإضافة إلى تقدير سلامتها وأمنها على أصحابها على المدى البعيد والقصير.

كثيرا ما تسببت الأوشام في حدوث أخطاء طبية ومضاعفات صحية

أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي الـMRI

بإمكان الحبر ذا القاعدة المعدنية المستعمل في الأوشام أن يتفاعل مع الترددات المغناطيسية التي تصدرها أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، على سبيل المثال، أظهرت بعض الدراسات حالتين من الحالات التي تضمنت مريضين عانيا من حروق على مستوى الأوشام التي يحملانها تسببت فيها أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي الـMRI، وهو ما تم تفسيره بوجود مركبات معدنية في الخضابات التي استعملت في الحبر الذي استعمل بدوره في أوشامهما. يقول أخصائيو الأشعة أن هذا التفاعل المغناطيسي نادر، لكن البعض يقترح ضرورة تجنب الحبر ذا القاعدة المعدنية عند وضع الأوشام.

في تلك الأثناء، ورد عن خبراء علم الأوبئة الكثير من المشاكل التي تسبب فيها حبر الأوشام لدى أخذ عينات الخزعات الجراحية للعقد اللمفاوية بداعي التشخيص، على سبيل المثال ورد في تقرير عن مجلة Obsterics and Gynecology في سنة 2015 تفاصيل عن قضية امرأة شابة مصابة بسرطان عنق الرحم الذي اعتقد الأطباء أنه انتشر ليشمل عقدها اللمفاوية، وبعد إجراء عملية جراحية عليها من أجل إزالة العقد اللمفاوية واستئصالها؛ اكتشفوا أن ما بدا لهم في البادئ أنه خلايا سرطانية كان في الواقع حبرا للأوشام، وتكررت نفس حالة سوء التشخيص هذه مع مريض آخر يعاني من مرض سرطان الجلد.

ثم لدينا مشكلة الالتهابات أيضا

وشم ملتهب
إليك كيف يبدو الوشم الملتهب

تتضمن أكثر أنواع الالتهابات المرتبطة بالأوشام بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية أو البكتيريا «الزائفة» التي تنشأ عن سوء تحضير البشرة لوضع الوشم أو عدم تعقيم الوسائل المستخدمة في ذلك. قد تتطور حالات عدوى العنقوديات البكتيرية وتتحول إلى مصدر تهديد على حياة صاحبها مع تطور بعض السلالات المقاومة للمضادات الحيوية وانتشارها في الآونة الأخيرة.

اكتشفت دراسة في كلية الطب في جامعة (تولان) سنة 2015 أن 3٪ من الأوشام تصاب بالالتهاب، وتقريبا صرح حوالي 4٪ من أصحاب الأوشام عن شعورهم بآلام تدوم أكثر من شهر في منطقة الوشم، كما صرح حوالي 22٪ من المشاركين في الدراسة من الذين وضعوا وشوما حديثة بمعاناتهم مع شعور بالحكة يستمر أكثر من شهر.

في سنة 2011 و2012؛ أصيب 22 شخصا في أربعة ولايات في أمريكا بعدوى بكتيرية مجهرية كبيرة على مستوى الجلد، والتي تم ربطها ببعض أنواع الحبر المستعمل في الأوشام التي وضعوها، وقد تمكنت مراكز الوقاية ومكافحة الأمراض بالتعاون مع الإدارات المحلية المتخصصة في الصحة العمومية من احتواء هذه العدوى عبر تعقب واسع وتحقيقات معمقة في الموضوع.

وتضمنت نتائج نفس الدراسة اضطرابات جلدية أكثر خطورة على غرار الغرناوية، والحزاز المسطح، وبعض ردات الفعل التحسسية التي تشبه داء الذئبة، وقد تكون بعض هذه المشاكل التي تصيب الجلد أكثر ديمومة، كما قد تترك خلفها ندوبا دائمة.

ورد في دراسة نشرت على مجلة ”أمراض الكبد“ Hepatology أن: ”الأوشام ترتبط مع عدوى فيروس التهاب الكبد الوبائي، حتى بين الأشخاص الذين تكون نسبة تعرضهم لخطر الإصابة به ضئيلة. يجب اعتبار كل المرضى من أصحاب الأوشام أكثر عرضة لخطر التعرض لعدوى فيروس التهاب الكبد الوبائي ويجب منحهم استشارات واختبارات طبية في ذات الصدد“.

بإمكان مرض التهاب الكبد، الذي يعتبر معدياً أكثر من مرض الأيدز بعشرة مرات، أن ينتقل عن طريق الإبر التي تستعمل لوضع الأوشام، وذلك هو السبب الذي جعل الصليب الأحمر الأمريكي يمنع الأفراد الذين وضعوا وشوما حديثاً خارج مراكز وضع الأوشام المرخص لها من التبرع بالدم.

أضافت دراسة أخرى من جامعة (تولان) المزيد من المصداقية على حظر التبرع بالدم السابق ذكره من خلال تبيان أن 17٪ من جميع المشاركين فيها حصلوا على الأقل على واحد من أوشامهم من مكان ما خارج مراكز وضع الأوشام المرخص لها، واعترف كذلك 21٪ من المشاركين تعرضهم للتسمم أثناء وضعهم على الأقل واحدا من وشومهم.

قرار فتيّ مع تبعات ما بعد سن الرشد

شاب حديث السن يضع وشوما
صورة: Ng See Min

اعترف المشاركون في استبيان مؤسسة (استطلاعات هاريس) للدراسات الآنف ذكرها أن السبب الرئيس الذي جعلهم يشعرون بالندم حيال الأوشام التي يحملونها هو أنهم ”كانوا شبابا صغارا عندما وضعوها“، وكان السبب الثاني الأكثر شيوعا، والذي يتداخل مع الأول كذلك، هو أن الوشم: ”لم يناسب نمط حياتهم الحالي“.

سواء كان ذلك الوشم عبارة عن اسم عَلَم ما، أو صورة شخص ما، أو مكاناً أو غرضاً، فإن معناه في تغير مستمر. كتب كل من (إريك مادفيس) و(تامي أرفورد) حول معضلة الندم على الرموز والأوشام أن: ”الرموز ديناميكية وحركية وهي متعلقة بفترة زمنية معينة، وفي تغير مستمر، ودائما في حالة انتقال تدريجي“.

لدى الأوشام معنى مختلف باعتبار الشخص الذي ينظر إليها، وتاريخه الخاص، ومعرفته الخاصة، وهي [الأوشام] ديناميكية لأنها تستطيع اتخاذ معانٍ مختلفة مع مرور الوقت، على سبيل المثال، قد يكون الناس نظروا في وقت سابق إلى أول شخص وضع وشم سلك شائك على ذراعه على أنه شخص ذكي، ومبدع، وفريد من نوعه، لكن قد لا يكون الشخص المائة الذي وضع نفس الوشم قد حظي بنفس النظرة الشعبية، ومع مرور الوقت قد يُنظر لكليهما بنفس النظرة.

وفقا لـ(أندرو تيمينغز) في جامعة (ساينت أندروز) في المملكة المتحدة، فإن ”استجابة الناظر العاطفية“ تجاه أي وشم قد تكون مبنية على ”المطابقة الاجتماعية“ وهي بالإمكان توقعها بشكل دائم، وقد أظهرت الدراسة التي قام بها من خلال مقابلات عمل من أجل توظيف أشخاص في منصب ”مدير“ أن الأوشام قد تقلل من فرص الشخص في نيل الوظيفة.

أكدت دراسة أخرى من جامعة (تامبا) أن 86٪ من الطلبة يعتقدون أن حمل وشم مرئي [في مكان مكشوف] يضر بفرصهم المهنية، بالإضافة إلى هذا اكتشف باحثون في مؤسسة (استطلاعات هاريس) أن الأشخاص الذين تناولهم الاستطلاع من المتقدمين في السن كانوا أقل تقبلا للوشوم في أماكن مكشوفة من الجسم، وكلما كان منصب العمل أكثر رفعة كلما ازداد رفضهم للوشوم.

بينما تبين في نفس الوقت أن الأغلبية العظمى من المشاركين الذين تراوحت أعمارهم بين 51 سنة فما فوق بدو متقبلين لفكرة وضع الرياضيين المحترفين للأوشام، وانخفض هذا القبول لديهم بتغير وظيفة صاحب الوشم خاصة عندما تعلق الأمر بالأطباء ومدرّسي المدارس الابتدائية والمترشحين للانتخابات الرئاسية.

وبشكل لا يثير الاستغراب، اتضح من خلال دراسة نشرت في مجلة «علم الاجتماع» في سنة 2014 أن الأشخاص الذين كان لديهم أقرباء أو أصدقاء يحملون أوشاماً كانوا أقل تحيزا ضد الأوشام بصفة عامة، ولم يشعروا كثيرا بالندم على وضعهم لأوشام في وقت لاحق. لكن الدراسة كشفت كذلك أنه عندما التقى المشاركون فيها بأشخاص لا يحملون وشوما في مكان العمل أو في معاهد التكوين العالي، اختبروا نوعا من الشعور بوصمة العار، وكانوا أكثر احتمالا في أن يشعروا بالندم على أوشامهم، وأكثر احتمالا كذلك في أن يفكروا في إزالتها.

إن وضع وشم، وهو ما يعتبر قرار حاسما قد يغير حياة صاحبه بعد تغييره للمنظر العام لجسمه، في سن حديثة جدا لا يختلف كثيرا عن الزواج في سن حديثة كذلك، حيث تتساوى نسبة الأشخاص الذين يندمون على زواجهم في سن مبكرة والذين وضعوا وشوما في نفس السن وتقدر بنسبة 32٪، وبالنسبة للكثيرين، فكثيرا ما ندموا على اتخاذ قرار مهم جدا في سن مبكرة، والفرق مع الأوشام عن بقية القرارات الأخرى هو أنك ستضطر إلى مواجهتها بشكل يومي.

بارتفاع أعداد الأشخاص الذين يحملون الأوشام؛ اتسع سوق إزالة الأوشام تباعا، حيث انتشرت خدمات إزالة الأوشام وكبرت عبر الولايات المتحدة الأمريكية وحدها لتصبح تجارة يقدر حجمها بملايين الدولارات، مع احتمال اتساعها ونموها أكثر مع تقدم الأجيال الشابة من عشاق الأوشام في السن وتغير أنماط حياتهم، ومنه تغير النظرة التي ينظرون بها إلى أوشامهم.

لكن بعض الأوشام ”المشكلة“ لا يمكن إزالتها

عملية إزالة الوشم بالليزر
عملية إزالة الوشم بالليزر – صورة: مدونة Writer’s Block

ما تزال بعض القيود والعوائق تحد من إمكانية بعض خدمات إزالة الأوشام بالليزر المتوفرة حاليا، ومن بينها بعض الألوان التي تتميز بها بعض الأوشام، خاصة الألوان الحية والفاقعة، كما يميل الأشخاص الذين يحملون وشوما بألوان داكنة في مواجهة مصاعب أكثر في سبيل إزالتها، مما يزيد من عدد الجلسات التي يحتاجونها لإزالة وشم واحد حتى يتجنبوا إلحاق الضرر ببشرتهم.

وبما أن الليزر يقوم بتحطيم جزيئات الخضاب تحت الجلد من أجل إزالتها من طرف الجسم، فإن مشاكل العدوى، والندوب، وانتشار الحبر، تعاود الظهور مرة أخرى، كما تكون الأوشام التي تغطي جزءا كبيرا من الجسم كبيرة جدا ليتم التعامل معها في جلسة واحدة بكل بساطة، وقد يستغرق بعضها سنوات كاملة حتى تنتهي عملية إزالته.

تتضمن بعض التعقيدات التي تصاحب إزالة الأوشام باستخدام الليزر: الألم، وظهور تقرحات، والندوب، وفي بعض الحالات قد يزداد حبر الوشم سواداً، وذلك وفقا لخبراء الأمراض الجلدية والتناسلية.

مع تقدم التكنولوجيا وازدياد الطلب على خدمات إزالة الأوشام، قد نلاحظ تقدم هذه الأخيرة أيضا وزوال بعض القيود التي تحد إمكاناتها، حيث يتم حاليا اختبار وتسجيل أنواع جديدة من حبر الأوشام سهلة الإزالة، مما قد يقدم مقاربة أكثر صحية من خلال استعمال مكونات قابلة للتحلل فيها، ومن خلال استجابة ليزرية أكثر توقعا تجاهها. كما تساهم حاليا أجهزة ليزر حديثة يطلق عليها اسم «بيكو ثانية» —واحد تريليون في الثانية— في تقليص عدد الجلسات المطلوبة من أجل إزالة الأوشام.

التوعية هي المفتاح

مع اتساع شريحة الشباب حديثي السن الذين يهرعون إلى وضع الأوشام، قد يكون من الجيد إعلام الناس بالمخاطر الصحية والاجتماعية التي تصاحب هذه الخطوة المهمة من حياة الإنسان، من أجل مساعدتهم على تجنب وضع الأوشام التي قد يندمون عليها في وقت لاحق من حياتهم، ومنه فإن إضافة مواضيع تتعلق بفن الأجسام إلى صفوف الصحة المدرسية قد يحد من بعض هذه الأخطاء، ويقلص الندم الذي يصاحبها لاحقا.

مقالات إعلانية