in

قرّر هذا الناشط في مجال البيئة الصوم عن الكلام لمدة 17 سنة كي يتعلّم الاستماع لخصومه

لم يكن أحدٌ يدري أنّ (جون فرانسيس) الذي قرر التزام الصمت ليومٍ كامل؛ أنّه كان بصدَد الاستمرارَ في التزامه هذا لـ17 عاماً متتالية.

سحاب على الفم

التزم (جون) بعهده هذا كي لا يدخل في جدالٍ مع أحد بشأنِ العهد الآخر الذي قطعه على نفسه، ألَا وهو ألّا يركبَ سيارة أو أية مركبةٍ مهما كانت بعد اليوم، وذلك بعد حادثة التسرب النفطي التي حصلت قريباً من خليج (سان فرانسيسكو).

اعتبر كثيرون قرار (جون) أحمقاً، على اعتبار أنّه لو توقف عن استخدام سيارته فلن يوقف ذلك الآخرين عن تلويث البيئة من خلال الغازات المنبعثة من سياراتهم، يقول (فرانسيس): ”كنتُ أصغي إليهم موقناً ممّا سيخبرونني به، ولو لم أؤمن فيما أعتقد أنهم يقولون، لكنتُ توقفتُ عن الاستماع إليهم وبدأتُ بالدفاع عن الفكرة التي أؤمن بها“.

جون فرانسيس
جون فرانسيس – صورة: Eric Risberg/Associated Press

في عام 1973، قرّر ألا يتكلّم سوى ليومٍ واحد، فأحبّ هذا الشعور الّذي منحه إياه الصمت، وتوقّفَ عن الكلام حتى بدأت تحصل المشاكل المناخية وقرّر الدخول في تحدٍّ مع نفسه أن يظلَّ صامتاً على مدارٍ سنوي، وهو يقول أنّه ممتنٌّ لكل تلك الأشياء التي تعلّمها من خلالِ صمتِه هذا، وكيف تقرّبَ منه الآخرون، متشاركين وإيّاه آراءَهُم وأسرارَهم الخاصّة.

في رحلة الصّمت هذه تمكّنَ (فرانسيس) بجدارة من الحصول على شهادة الدكتوراة PhD، ويقول بأنّه واثقٌ تماماً أنه يستطيع قضاءَ حياته برمتها صامتاً.

النكث بالعهد:

نكث (فرانسيس) بعهده في 22 أبريل عام 1990 في اليوم الّذي صادف الذكرى السنوية العشرين ليوم الأرض، في رحلة 6205 يوماً التي أمضاها صامتاً، أيقنَ أنّ البشر هم جزءٌ حيوي مهم على هذه الأرض كأي مكوّنٍ آخرَ من مكوّنات الطبيعة التي تحيطُ بهم. بالنسبة إليه، فقد شعر أنّ البيئة من حوله قد تغيّرت، فبعد أن كانت تتمحور حول موت الكائنات وفقدان مواطنها البيئية والتلوث، أصبحت الآن تضمُّ بمفهومها البشرَ وكيف يتعاملُ بعضُهم مع بعض.

جون فرانسيس
جون فرانسيس – صورة: Becky Hale

يقول (فرانسيس) أنّه لا أحد يذكُرُ هذه الفكرة عند التطرُّق إلى موضوع البيئة، وهو ما دفعَهُ لاتخاذ القرار أن يقفَ ويجاهِرَ بصوتٍ عالٍ فيما يتعلق بحقوق الإنسان، والحقوق المدنية، والمساواة الجندرية، وكذلك تأثير التكافؤ الاقتصادي على البيئة، يستطرد: ”كانت الكيفية التي نتعاملُ بها نحن البشر مع بعضنا البعض بمثابة أول فرصة سانحة لنا كي نُدرِكَ كيف نتعامل مع البيئة من حولنا بصورةٍ مستدامة، أو حتّى أن نكتشف ماذا نعني حقاً حين نتحدث عن مفهوم الاستدامة“.

قبل أن يتحدّث مجدداً، قرّر (فرانسيس) أن يعزف للجمهور على آلة (البانجو) الإفريقية كي يسمع الحضور أولى كلماتِه بعد هذا الصمت: ”شكراً لحضوركم“، يختتم قائلاً: ”بعد 17 عاماً من الصمت، أدركُ مدى أهمية أن يكونَ هناكَ مَن يريد أن يصغي لِما تودُّ أن تقول“.

مقالات إعلانية