سويسرا بلد محايد سياسياً ومع ذلك لديها جيش قوي، فعلى امتداد جبال الألب السويسرية توجد مخابئ ومنشآت عسكرية مخبأة بعناية لكي تندمج مع التضاريس الطبيعية المحيطة بها، بعضها مموه على شكل صخور ضخمة، وبعضها على هيئة فيلاّت وقصور هادئة أو حظائر قد تُفتح في حالات الطوارئ لتكشف عن مدافع أو رشاشات ثقيلة من شأنها أن تفجر أي جيش يقترب منها وتمزقه إلى أشلاء صغيرة.
كما قاموا بتسخير الكهوف الهائلة كمخابئ على الجانب الجبلي لتعمل كقواعد جوية مخصصة مع مرائب للطائرات، كما تم إنشاء كل جسر كبير، ونفق، وطريق وسكة حديدية بحيث قد تنهار بشكل متعمد عندما يتطلب الأمر ذلك لإبقاء جيوش الأعداء بعيداً في أوقات الحروب، كما يمكن تحويل الطرق السريعة إلى مدارج عن طريق الإزالة السريعة للحواجز بين خطوط السير.
يوجد في كل منزل في سويسرا ملاجئ محصنة ضد الانفجارات النووية كما في المؤسسات والمستشفيات، فضلاً عن قرابة الـ300,000 مخبأ و5,100 مأوى عام التي يمكنها أن تستوعب جميع سكان سويسرا إذا لزم الأمر، كما تمتلك سويسرا واحداً من أكبر الجيوش على مقياس التعداد مع 200,000 عسكري نشط و3.6 مليون جندي احتياطي -كل مواطن يقل عمره عن 34 عاماً (في بعض الحالات دون سن الـ50 سنة) هو جندي احتياطي-، ويسمح للجنود أيضاً بأن يأخذوا جميع الأسلحة المخصصة شخصياً معهم إلى منازلهم، فإذا فكر أي أحدٍ في غزو سويسرا سوف يجد شعبا مدججا بالسلاح.
استشهد الكاتب النيويوركي (جون ماكفي) في كتابه الذي صدر عام 1984 بعنوان (لا بلاس دو لا كونكورد سويس) La Place de la Concorde Suisse أو (سويسرا ساحة الوئام) مقتبساً عن ضابط سويسري قوله: ”لا تملك سويسرا جيشا، فسويسرا كلها جيش بذاته“، وبالفعل فقد ساعد الجيش المدني القوي في سويسرا في الحفاظ على حياد البلاد ومنع البلدان المجاورة من غزو الأراضي السويسرية، وللعلم لم يشارك هذا البلد في أي نزاع عسكري منذ 200 سنة.
بدأ تحصين منطقة جبال الألب السويسرية في ثمانينات القرن التاسع عشر، وتم تكثيفها وتحديثها خلال الحرب العالمية ومرةً أخرى خلال فترة الحرب الباردة، ولكن اليوم كدولة محايدة بلا تهديدات مباشرة على حدودها، فإن معظم المخابئ قد أصبحت فارغة وكثير منها في حالة سيئة، وقد تم تحويل البعض منها إلى ملاجئ للمشردين، والبعض الآخر إلى منشآت سياحية كمتاحف وفنادق.
وقد نظرت الحكومة السويسرية في موضوع إقفالها ولكن تكلفة إيقاف الخدمة -ما يقدّر بـ1 مليار دولار- تفوق بكثير تكلفة صيانتها السنوية، وبينما لا يزال الأمر موضع نقاش فمن المرجح أن تظلّ المخابئ قائمة لأنها لا تزال تُستخدم كملاجئ تداعيات للكوارث النووية، فبعد كل شيء: ”الحياد ليس ضماناً ضدّ النشاط الإشعاعي“.
وفي عام 1978 صدر قانون يلزم جميع المباني الجديدة بإدماج ملجأ ضد الكوارث النووية في بنيتها، وإذا قررت الأسرة عدم بناء ملجأ، فعليها أن تدفع ثمن مكان أفرادها في أحد الملاجئ العامة التي يعج بها البلد.
سويسرا هي البلد الوحيد في العالم الذي يحتوي على ملاجئ تتسع لجميع سكانه البالغ عددهم 8 ملايين نسمة.