هناك الكثير من الوسائل التي يمكنك الاستعانة بها لمواجهة الحرارة الشديدة التي ترافق فصل الصيف، إذ يمكنك أن تجلس في غرفةٍ مكيّفة أو تذهب لتناول بعض المثلجات، أو ربّما شرب القليل من العصائر الباردة، ولكن بالرغم من ذلك يبقى خيار الذهاب إلى الشاطئ هو الأفضل حيث تنسيك السباحة في مياهه شدّة الحرّ، وفي أيامنا هذه عند الذهاب إلى الشاطئ يمكنك بسهولة أن تجد أفراداً من كلا الجنسين يستمتعون بوقتهم سويةً، ولكن الأمر لم يكن كذلك دوماً.
في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر لم يكن باستطاعة النساء ارتداء ملابس السباحة والجري باتجاه المياه، فقد كان هناك بعض ”الآداب العامة“ المتعلّقة بالسباحة التي تقيد ذلك، وعلى ما يبدو؛ لم يكن السماح للآخرين من الذكور بمشاهدتهن وهنّ يستمتعن بأوقاتهنّ مرتدياتٍ ثياب السباحة أحد هذه الآداب بالتأكيد، إذ كان ذلك يعتبر فعلاً منافياً للذوق والحشمة.
السباحة المحتشمة وظهور آلات السباحة:
لحلّ هذه المشكلة ولمساعدة النساء على الحفاظ على احتشامهن، تمّ تطوير اختراعٍ يدعى آلات السباحة التي كانت أشبه بغرفة تغيير ملابس مصنوعةً من الخشب تتوافر بكثرة على الشواطئ، ولكنّها كانت أكبر حجماً ولها عجلاتٌ لتحريكها بالإضافة لسلمٍ صغيرٍ، وبعد أن تصبح السيدة في الداخل تقوم بتبديل ملابسها وارتداء ثياب السباحة -التي لا تشبه ثياب السباحة التي نعرفها اليوم- خفيةً عن أعين الذكور وتقوم بوضع ملابسها في مكانٍ مرتفعٍ حتى لا تتبلل.





تتضمّن الخطوة التالية جرّ آلة السباحة إلى الماء باستخدام الأحصنة عادة، وفي بعض الأحيان بالجهد العضلي للإنسان، وحالما تصبح العربة بعيدةً بما يكفي عن الشاطئ تخرج المرأة من العربة عبر بابٍ من الناحية المعاكسة للشاطئ لتجنّب الأعين المتلصصة التي يمكن أن تحاول ترصّد النساء، وفي بعض الأحيان كانت آلات السباحة تتضمن خيمةً قماشيةً يتمّ إنزالها في الماء لتوفير المزيد من الخصوصية.
في كثيرٍ من الأحيان تقوم سيدةٌ قويةٌ بمرافقة السبّاحة إلى الماء وتتمثّل مهمتها في المساعدة على نزولها إلى الماء والعودة إلى الآلة من جديد، وكان يمكن أن تقوم هذه السيدة بدفع السبّاحة إلى الماء وسحبها إلى العربة من جديد وكان هذا الأمر شائع الحصول، ويعتبر جزءً عادياً من تجربة السباحة.
بالطبع لم يكن بإمكان كافة النساء السباحة ولكن من قال أنّ عدم القدرة على السباحة يجب أن يمنع أيّاً كان من الاستمتاع بوقته في المياه؟ فهنّ أيضاً كنّ يقضين بعض الوقت في الماء ولكن كان حبلٌ متينٌ يُربط حول خصر المرأة التي لا تجيد السباحة وربط طرفه الآخر بعربةٍ على الشاطئ حتى لا يسحبها التيّار بعيداً.
بمجرّد اكتفاء السيدة من السباحة كانت تقوم بالعودة إلى الآلة لتجفيف جسدها وارتداء ملابسها التي سوف تخرج فيها إلى الشارع من جديد، أثناء قيامها بتبديل ملابسها يمكن للسيدة أن تلوّح إلى رجل على ظهر حصان مربوط بعربة آلة السباحة بعلمٍ صغيرٍ لتعلمه أنّها قد فرغت وترغب في العودة إلى الشاطئ، ليقوم بعدها بسحب العربة من جديد.



ظهور آلات السباحة:
ظهر هذا الاختراع للمرة الأولى في بريطانيا العظمى في عام 1750 وانتشر بشكلٍ واسع حتى وصل إلى الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، عند الحديث عن هذا الاختراع فعادةً ما يُنسب الفضل إلى Benjamin Beale الذي كان صانع قفازاتٍ وسراويل يعيش في منطقة ساحلية من إنجلترا ولكنّ هذا ليس صحيحاً تماماً، إذ أنّ وجود آلات السباحة سبقه بما يقارب 15 عاماً ولكنّه كان له أثرٌ في هذه الآلات، فقد كان هو من صمم الغطاء القماشي المرتبط بالقسم الخلفي من الآلة الذي كان يمكن خفضه وإنزاله في الماء لتوفير المزيد من الخصوصية للسيدات.
الحقبة الفيكتورية، الحقبة الذهبية لآلات السباحة:

بالعودة إلى الوراء إلى الأيام التي سبقت الحقبة الفيكتورية كان من الشائع مشاهدة بعض الرجال أو النساء يسبحون وهم عراة، ولكن مع تزايد أعداد متصنعي الحشمة أصبحت السباحة دون ملابس وحتّى الاختلاط أثناء السباحة أموراً معيبةً وغير لائقة وممنوعةً، وظهرت آلات السباحة ومناطق السباحة المنفصلة الجنس كحلٍ يسمح للسيدات بالسباحة بشكلٍ لائقٍ.
في عام 1901 انتهت حقبة الفصل بين الجنسين أثناء السباحة وبدأت آلات السباحة تُحال إلى التقاعد بشكلٍ متسارع، وخلال أيامها الأخيرة ومع تراجع قوانين منع الاختلاط أثناء السباحة كان من الشائع مشاهدة الرجال والنساء يجلسون معاً في هذه الآلات، ومع بداية عشرينات القرن الماضي كانت آلات السباحة قد انقرضت كلياً.






