in

لماذا كان خصر النساء قديماً نحيلاً للغاية؟ هل كان المصورون يعدلون على الصور أيضا قبل 100 سنة!

إذا كنت تعتقد أن تعديل الصور أمرٌ حديث، فاعلم أن هذه الممارسة موجودة منذ مطلع القرن العشرين.

لكل عصر ملابسه الخاصة، وفي مطلع القرن العشرين، درجت عادة تعديل صور النساء كي يبدو خصرهن نحيلاً جداً.

طرح موقع (كاثي هاي) مؤخراً موضوع الخصر النحيل للنقاش، وذلك لأهمية مقارنة الماضي والحاضر بطريقة موضوعية، وخاصةً الأمور المتعلقة بالكورسيه والأزياء. نقدم لكم هذه المقالة الرائعة التي سنتناول فيها موضوع أسطورة مشدات الخصر، إن لم تقرأ من قبل أي مقالة تتحدث عن هذا الأمر، فمن الأفضل لك التوقف وإلقاء نظرة خاطفة حول هذا الموضوع ثم العودة إلينا.

عندما نرى إحدى الصور التي تعود لنساء بين عامي 1860 و1910 فإن أول فكرة تتبادر إلى أذهاننا هي: ”يا للعجب! امتلكت النساء في ذلك الوقت خصراً نحيلاً للغاية!“.

يظهر خصر هذه المرأة نحيلاً بشكل غير طبيعي.
يظهر خصر هذه المرأة نحيلاً بشكل غير طبيعي.

اشتهرت النساء بالظهور بهذه الهيئة في نهاية القرن، وخاصة عند ظهور مشدات (S-Bend). ولكن بعد التدقيق في الموضوع، اتضح لنا أن هؤلاء النساء لم يكن مختلفات عن نساء هذه الأيام. ففي الواقع، كانت جداتنا يرتدين الكورسيهات. وإذا نظرت للموضوع بعقلانية، فستدرك أنه من المستحيل حدوث هذه التطورات والتغيرات في شكل جسم النساء بهذه الفترة الزمنية القليلة. إذاً، كيف فعلن ذلك؟

امرأة تردي كورسيه وأزياء مشابهة لأزياء العصر الفيكتوري.
امرأة تردي كورسيه وأزياء مشابهة لأزياء العصر الفيكتوري.

إليك الإجابة: اعتادت النساء في تلك الفترة ارتداء الكورسيهات في سن مبكرة، كما ارتدت بعضهن حشوات الورك، وكنّ يلجأن إلى شدّ أربطة هذه المشدات لأقصى درجة ممكنة. ومع ذلك، فإن القصة لم تتوقف عند هذا الحد.

كان تحرير الصور في تلك الفترة أمراً شائعاً للغاية، فقد نٌشرت العديد من الكتيبات والأدلة التقنية التي تعود للمصورين في استوديوهات التصوير. كان التحرير في ذلك الوقت عبارة عن نحت أو تجريف ورسم، والرسم مباشرةً على الصور السلبية قبل تحميضها. كما شملت هذه التعديلات على تنعيم البشرة وزوايا عظم الترقوة والكتفين والفكين وإزالة البقع من الصور الأصلية.

لم تتوقف عمليات التعديل عند هذا الحد، فكان المصور يضع الشخص الذي يريد تصويره أمام خلفيات مظلمة وبسيطة، كانت هذه الطريقة سهلة للغاية وخاصة بالنسبة للمصورين المحترفين، فقد كانوا يمتلكون القدرة على تغيير شكل الجسم كُلياً.

تظهر هذه الصورة مجموعة تصاميم للفساتين من العصر الفيكتوري في انجلترا.

بمجرد معرفة ما علينا التركيز عليه، فسيصبح كشف خدع التحرير أمراً سهلاً للغاية. فمثلاً في صور النساء الإنجليزيات في العصر الإدواردي (فترة حكم الملك إدوارد السابع وريث الملكة فكتوريا)، يمكنك ملاحظة الخدود الملساء والأكتاف المنحنية في صور الفتيات المراهقات، وصورة الخصر النحيل لـلمغنية الفرنسية الشهيرة (بولير). غالباً ما كانت تستخدم هذه الصور كمثال عن التعذيب والترهيب اللذين لحقا بالنساء في تلك الفترة.

بدافع الفضول، قمنا بتجربة أساليب التحرير القديمة على إحدى صور ثوب (وورث)، وكانت النتيجة رائعة.

التقطت هذه الصورة في عام 2017. تبرعت إحدى النساء لاتداء مشد (S-Bend) الذي يقوم بتنحيل 4 إنشات من الخصر، كما قامت بتثبيت حشوات الكتفين على وركيها ومشدات الصدر. بعد ارتدائها هذه الأشياء، لاحظت الفرق الكبير بين منطقة الخصر والوركين، فقد كان الاختلاف بين هذين المنطقتين حوالي الـ 20 إنش. شعرت هذه المرأة بأنها محظوظة للغاية، وذلك عندما رأت الشبه الكبير بينها وبين نساء العصر الإدواردي، واعترفت أن هذه الأساليب ساعدتها على خلق هذا الوهم.

كان قياس مشد تاخصر  22.5 إنش، و22.5 أنش هو قياس المشد لوحده قبل ارتداء الثوب فوقه. إن قمنا بأخذ القياس بعد ارتداء الثوب، فهذا يعني أن قياسه قد يقارب الـ 24 إنش، أي أننا ابتعدنا عن قياس الخصر الأسطوري ”18 إنش“.

توضح هذه الصورة كيفية إجراء عملية التعديل في مطلع القرن العشرين.

الصورة على اليسار: تم تعديل اللون والإضاءة ومستوى التباين، أما جسم هذه الامرأة لم يخضع لأي عملية تعديل.

الصورة في الوسط: تظهر لنا منطقة الخصر التي كان يقوم محررو الصورة بنحتها في مطلع القرن.

الصورة على اليمين: مجموعة من التعديلات التي تضيف لمسة الجمال الإدواردي.

فوجئت هذه الامرأة عند رؤية صورتها الأخيرة، على الرغم من إدراكها أنها غير حقيقية. عبرت عن رأيها قائلةً أنها ستصل ربما لمثل هذا الحجم إذا مارست التمارين الرياضية بشكل منتظم، لكنه احتمال ضعيف. فعلى الرغم من ممارسة المغنية (بولير) لتمارين الخصر، إلا أن صورها كانت تخضع للتعديل.

صورة من إحدى الكتب تظهر الشكل الطبيعي لتوضع أعضاء الجسم (على اليسار)، بينما تُظهر الصورة على اليمين التشوه الحاصل عند ارتداء الكورسيه. صورة wikimedia commons.
صورة من إحدى الكتب تظهر الشكل الطبيعي لتوضع أعضاء الجسم (على اليسار)، بينما تُظهر الصورة على اليمين التشوه الحاصل عند ارتداء الكورسيه. صورة: Wikimedia Commons

الصورة الوحيدة التي أرادت هذه الامرأة أن توصلها إلينا هي أنه يجب ألا نقسو على أنفسنا، وخاصة عندما يتعلق الأمر بارتداء الأزياء التاريخية. فكما لاحظنا، فقد كان يتم التلاعب بالصور منذ لحظة ظهور التصوير الفوتوغرافي. فمثلاً أغلبنا الآن يلجأ لاستخدام برامج تعديل الصور والفوتوشوب لإخفاء بعض العيوب. أي بالمختصر، لسنا مختلفين عن أجدادنا، أليس كذلك؟

مقالات إعلانية