in

أساطير ومفاهيم خاطئة حول الاستنساخ

يعد الاستنساخ واحداً من أكثر المواضيع جدلية في عالمنا اليوم، فأينما سألت عن رأي الأشخاص به سواء في البلدان المتقدمة أو بلدان العالم الثالث فالإجابات ستكون متناقضة للغاية، وغالباً ما ستكون سلبية للغاية تجاهه، مع مقدار كبير من المعلومات الخاطئة التي يعود بعضها إلى الأفلام الهوليودية والبعض الآخر إلى نقص الثقافة العلمية في وسائل الإعلام الأكثر شيوعاً، وبالتحديد القنوات التلفزيونية الإخبارية.

مع كون الاستنساخ موضوعاً جدلياً غالباً ما يكون غائبًا بتفاصيله عن العامة، فالعديد من المعتقدات الخاطئة تدور حوله وهنا نتناول أهمها:

استنساخ البالغين ينتج نسخاً بالغة أيضاً أو سريعة النمو

نمو سريع
النمو السريع للنسخ ليس سوى أسطورة.

يخطر ببال الكثير من الأشخاص محاسن وجود نسخ أخرى منهم تقوم بمهامهم بدلاً عنهم، كأداء أعمالهم أو فروضهم المدرسية أو غيرها، لكن هذا الخيال الذي يراود البعض والاعتقاد الشائع بأن المستنسخين يأتون بعمر النسخ الأصلية ليس له علاقة بالصحة أبداً.

يعتمد الاستنساخ على حقن الحمض النووي للأصل في بيضة ملقحة ليتم بعدها إكمال نموها، هذا يعني أن الاستنساخ أشبه بوجود نسخة أخرى منك ستولد بعد 9 أشهر من استنساخك (إن كنا نتحدث عن البشر)، وستنمو بمعدل طبيعي مماثل لمعدل نمو البشر الآخرين تماماً، وهذا يعني أنك ستحتاج للانتظار 15 عاماً ربما لتصبح نسختك قادرة على حل واجباتك المدرسية التي كنت تنوي التخلص منها.

المستنسخون سيكونون مشابهين للأصل تماماً

نسخ متعددة
كل نسخة ستكون مختلفة كلياً عن البقية، فمع تشاركها جميعاً لنفس المادة الوراثية؛ فالتجارب والظروف المختلفة تنتج كائنات مختلفة.

إن كنت قد شاهدت أحد أفلام الخيال العلمي التي تحوي مستنسخين، فسيخطر ببالك أن استنساخ حيوانك الأليف؛ الذي أصبح في نهاية حياته، ستتيح لك الفرصة لتطويل مدة بقائه معك، وذلك بتربية حيوان مستنسخ عنه. المشكلة هنا هي أن هكذا اعتقاد يعارض مبدئاً هاماً للغاية؛ سواء للبشر أو غيرهم من الكائنات الحية: لا توجد نسخ متطابقة تماماً، ولو كانت توائما حقيقية حتى.

الكائنات الحية تتأثر بشيئين لتشكيل كيانها: المادة الوراثية والتأثيرات الخارجية. فمع كون النسخة والأصل يحملان نفس المادة الوراثية بتطابق حمضهما النووي (كما التوائم الحقيقية) فالاختلافات الشخصية والسلوكية وحتى الشكلية ستكون موجودة وظاهرة باختلاف الظروف التي يتعرض لها كل من الأصل والنسخة (أو التوأمان)، فبيئة الرحم ستختلف بالتأكيد وجميع الظروف الفيزيائية المحيطة لن تكون نفسها مما سيؤدي باختلافات كبيرة في كل المجالات حتى بالطول ربما والحجم، فالظروف تلعب دوراً أساسياً في تكوين الكائنات الحية على الرغم من أهمية دور المادة الوراثية.

الاستنساخ شيء صناعي تماماً قام به البشر

مختبر علمي
الاستنساخ ليس حصرياً على المخابر الحديثة فقظ.

أشهر حالات الاستنساخ في الذاكرة الجمعية للبشر هي حالة استنساخ النعجة ”دولي“ التي ولدت عام 1996 وعاشت حتى عام 2003. هذه الحالة بطبيعة الحال جعلت الكثيرين يعتقدون أن الاستنساخ أمر ”غير طبيعي“ وبالتالي لا أخلاقي، كونه يتضمن أشياء لا تحدث في الطبيعة.

لكن، على الرغم من كون حالات الاستنساخ الشهيرة من صنع البشر عادة، فهي لا تختلف أبداً عما يعرف بالتكاثر اللاجنسي للكائنات. فالكائنات المجهرية كالبكتيريا لا تتكاثر جنسياً بل تنقسم معطية أفراداً جدداً مستسخين تماماً عن الأصل ومتطابقين بالمادة الوراثية، بالإضافة لذلك فالعديد من النباتات تستخدم التكاثر اللاجنسي مثل شجيرة الفراولة/الفريز أو دوالي العنب والموز.

الاستنساخ تقنية جديدة جداً

نباتات تتكاثر لا جنسياً
العديد من النباتات والبكتيريا تعتمد على التكاثر اللاجنسي، ومن حيث المبدأ فالتكاثر اللاجنسي هو استنساخ بالمعنى الكامل.

مع كون البشر يقومون باستنساخ النباتات منذ أكثر من ألفي عام، فالاستنساخ قديم للغاية، ونحن نستهلك نتاجه بشكل دوري بالدرجة الأولى في الفواكه مثل الموز والعنب والتفاح التي تأتي نتيجة استنساخ في كل الحالات تقريباً.

مع كون الاستنساخ النباتي قديم للغاية، فتقنيات مثل التوأمة الصناعية (قسم جنين في مراحله الأولى إلى عدة أقسام لتنمو بشكل منفصل عن بعضها معطية توائم حقيقية) احتاجت مدة طويلة حتى تم تطويرها قبل نحو 100 عام، بينما لم تحدث أول عملية نقل نواة خلوية حتى سبعينيات القرن العشرين. بالمحصلة يبقى الاستنساخ في الواقع أقدم بكثير من ظن معظم الناس.

الحيوانات المستنسخة تعيش حياة قصيرة وتعاني من مشاكل صحية خطيرة

جنين
التغييرات الطفيفة في الظروف في الحالة الجنينية قد تنتج أمراضاً ومشاكل خطيرة للمولود لاحقاً.

ولو أن هذا المفهوم الخاطئ يكون صحيحاً على بعض الحالات مثل النعجة الشهيرة دولي، فهو بعيد تماماً عن الدقة، فبينما تعاني بعض النسخ من مشاكل صحية خطيرة نتيجة عدم نقل المادة النووية بالكفاءة المطلوبة أو الظروف الغير مثالية للرحم الصناعي أو الطبيعي المستخدم لتنميتها، فالنسخ عموماً تكبر لتكون حيوانات طبيعية تماماً ولا يمكن تمييزها عن أقرانها الأصلية أبداً، حيث لن تختلف بالشكل أو الصحة والعمر عنم فهي لن تنمو بسرعة ولن تموت مبكراً إن كانت عملية الاستنساخ تامة وبالدقة اللازمة.

مقالات إعلانية