يُعتقد بأن قدرة الرجال على التبول في وضعية الوقوف هي إحدى أفضل النعم التي يتمتعون بها، إذ إنها سريعة، وسهلة، والبعض يجدها ممتعة أيضاً. مع ذلك فقد أدت الاتجاهات الثقافية الحديثة إلى ظهور مدّ كاسح جعل من الكثير من الرجال يفضلون وضعية الجلوس خلال التبول.
تشير آخر البيانات المسجلة حول هذه القضية من عام 2007 إلى أن 42 في المئة من الرجال يتبولون في وضعية الجلوس، وذلك على الأغلب لتجنب تبليل المقاعد وإغضاب زوجاتهم. ولا بأس بالتخمين بأن هذه النسبة قد تجاوزت 50 في المئة منذ ذلك الحين نظراً لأن هذه البيانات سُجلت في عصر ما قبل الهواتف الذكية، فالرجال حالياً يذهبون إلى الحمام للجلوس على المقعد والتبول وتصفح الفيسبوك في نفس الوقت.
في حين أن الدلائل تشير إلى أنه من الطبيعي الجلوس خلال التبول لكن هل هو صحي؟
وفقاً للبحث الذي أجراه المركز الطبي لجامعة (ليدن) في هولندا، فإن التبول في وضعية الجلوس يسمح بتدفق أفضل للبول مما يساعد على تجنب أمراض البروستات.
تشير الدراسات إلى أنه عند الوقوف خلال التبول فإننا نفعّل العضلات حول منطقة أسفل البطن والحوض والعمود الفقري مما يعيق التبول السليم. تقول الدكتورة (جيسي إن ميلز)، وهي بروفيسورة سريرية مساعدة في قسم الجراحة البولية بجامعة كاليفورنيا، بأن التبول في وضعية الجلوس خيار أفضل للرجال الذين يعانون من أمراض البروستات، أو الذين لا يستطيعون الوقوف لفترات طويلة، ويفضل أغلب الرجال الجلوس إذا لم يستطيعوا إفراغ المثانة بالكامل خلال التبول أثناء الوقوف، إذ أنه عندما تجلس فإنك تستطيع استخدام عضلاتك البطنية بشكل أفضل والتخلص من بقايا البول المتجمعة في المثانة وبالتالي الشعور بالإفراغ الكامل.
كما أشار المشروع البحثي الهولندي أيضاً إلى أنه هنالك مشاكل أخرى تتعلق بالتبول خلال الوقوف، وهي أن الرجال يشركون عضلات أخرى إضافية خلال استخدام المراحيض العمومية: وهي العضلات التي تمنع إصدار أصوات الغازات المحرجة والعالية. تُعتبر هذه العضلات معيقة للتبول السليم الكامل.
في عام 2012 احتل (فيغو هانسين)، وهو عضو بديل في مجلس مقاطعة (سورملاند) في السويد، عناوين الصحف العالمية عندما اقترح اقتراحاً يطلب فيه من الرجال في المجلس التبول في وضعية الجلوس عند استخدام دورات المياه في المكاتب. جادل (هانسن) بأن الجلوس سيحافظ على نظافة المراحيض وزعم أيضاً أنه يقلل من خطر الإصابة بسرطان البروستات ويجعل حياة الرجال الجنسية أكثر قوة.
من الصعب مجادلة نقطة (هانسن) الأولى إلا أن المراجعة المنهجية والتحليل الاستخلاصي المنشور في PLoS ONE يلقي الضوء على النقطة الثانية: قام الباحثون في قسم أمراض المسالك البولية في المركز الطبي بجامعة (ليدن) في هولندا بتجميع وتحليل 11 دراسة مقارنة بين آثار الجلوس مقابل الوقوف على ثلاثة ”عوامل ديناميكية بولية“: وهي معدل التدفق الأقصى، وقت المباشرة (المدة اللازمة لبدء تدفق البول)، والحجم المتبقي بعد الفراغ (كمية البول المتبقية في المثانة).
لم يجد الفريق البحثي أية فوارق في المتغيرات الثلاثة بين الرجال الأصحاء ولم يكن الجلوس أفضل من الوقوف لصحة الجهاز البولي لديهم. مع ذلك فقد أظهر التحليل الاستخلاصي أن الرجال الذين يعانون من ”أعراض المسالك البولية السفلى“ LUTS كانوا قادرين على إفراغ المثانة بشكل أكبر تاركين 25 مل أقل من البول في المثانة، وكان لديهم أيضاً تدفق أقوى واستغرقوا وقتاً أقل بـ0.62 ثانية للتبول، لكن لم تكن هاتان النتيجتان كافيتين لتعتبرا مهمتين إحصائياً.
يُصاب ما يعادل 40 في المئة من الرجال الأكبر سناً بأعراض المسلك البولي السفلي التي تشمل زيادة تكرار مرات التبول، والتبول المؤلم، وإفراغ المثانة غير المكتمل. والسبب الأكثر شيوعاً هو تضخم البروستات الحميد.
في ضوء الأدلة، يوصي الباحثون الرجال الذين يعانون من أعراض المسلك البولي السفلي بالتبول في وضعية الجلوس، ويرتبط تراكم البول في المثانة بزيادة خطر الإصابة بحصى المثانة وعدوى المسالك البولية، ويكون الرجال الذين يعانون من LUTS أكثر قدرة على إفراغ المثانة.
بعد نتائج الدراسات، اتخذت الحكومات إجراءات للتحريض على التغيير الثقافي لعاداتنا السيئة، وتشجع دول مثل السويد واليابان الرجال على الجلوس أثناء التبول.