in

معلومات مثيرة للاهتمام عن الإمبراطور الفرنسي الشهير نابليون بونابارت

حتى نهاية القرن الثامن عشر تقريباً، كانت فرنسا محكومة من قبل نظام ملكي حيث الملك يحصر جميع الصلاحيات في يده تقريباً، وفي واحدة من أشهر الأحداث التاريخية ربما ثار الفرنسيون على الملكية وتم إعدام الملك لويس السادس عشر بالمقصلة ضمن أحداث الثورة الفرنسية، تعد هذه الحادثة من قبل الكثيرين نهاية الملكية والنظام الملكي في فرنسا، لكن الواقع أن الثورة الفرنسية لم تنهي الملكية حقاً، وحتى بعد عقود من نهاية الثورة كانت الملكية لا تزال حية وبشكل أسوأ حتى.

عودة الملكية إلى فرنسا لم تكن على يد أحد من العائلة المالكة (ولو أن العائلة المالكة عادت لتحكم لمدة من الزمن)، بل على يد واحد من أشهر وأنجح الجنرالات في التاريخ الحديث وهو بالطبع (نابليون بونابارت)، الذي أرهب أوروبا وغزاها وحتى أنه أسر بابا الفاتيكان خلال فترة حكمه التي لم تدم سوى عشرة سنوات فقط، فعل فيها أكثر من معظم الحكام الآخرين حتى أولئك الذين حكموا لأوقات أطول بكثير من وقت حكمه.

كان نابليون امبراطور فرنسا، لكنه في الأصل إيطالياً

جزيرة كورسيكا
على الرغم من أن جزيرة كورسيكا باتت ملكية فرنسية (واليوم تعد أرضاً فرنسية) منذ ما يزيد عن قرنين، فهي لا تزال تتمتع بطابع إيطالي من أصولها كتابعة لمدينة جنوى.

بالنسبة لكونه إمبراطور فرنسا، وربما أشهر الشخصيات في تاريخ البلاد بأكمله، فالمتوقع هو أن يكون نابليون فرنسي الأصل، لكن الواقع هو أن نابليون ولد في جزيرة كورسيكا في البحر الأبيض المتوسط، وعلى الرغم من أن هذه الجزيرة تتبع اليوم لفرنسا وتعد أراضٍ فرنسية منذ وقت طويل نسبياً، فهي لم تكن دائماً تحت الحكم الفرنسي بل كانت تتبع لحكم مدينة جنوى الإيطالية، وكان سكانها يتحدثون الإيطالية وحتى يمتلكون أسماءً إيطالية بطبيعة الحال.

كان كل من والد نابليون Carlo Maria di Buonaparte ووالدته Letizia Ramolino من سكان جزيرة كورسيكا، وخلال فترة حياتهما كانت الجزيرة لا تزال تتبع لمدينة جنوى الإيطالية، لكن الفرنسيين استولوا على الجزيرة قبل ولادة نابوليون بخمسة عشر شهراً حيث ولد تحت الحكم الفرنسي ولاحقاً أرسل إلى فرنسا للدراسة هناك وتعلم اللغة الفرنسية مع احتفاظه بلكنة كورسيكا المميزة، وهذا ما كان أحد النقاط التي استخدمت للسخرية منه في بداياته قبل تسلقه لحكم فرنسا وأجزاء كبيرة من أوروبا.

المثير للاهتمام ربما هو أن نابليون لم يكن منكراً لأصوله في البداية، وحتى أنه كان من مؤيدي استقلال كورسيكا عن فرنسا وتشكيل هويتها لخاصة، وكتب عن أحلامه بالتخلص من ”الهيمنة الفرنسية الظالمة“ ومعاداته لكون ”أبناء بلده مقيدين بالسلاسل“، لكن الأمر تغير تدريجياً وتحول نابليون من استقلالي كورسيكي إلى فرنسي وطني خصوصاً بعد الثورة الفرنسية وهروب عائلته من الاضطرابات في كورسيكا، حيث قام بتعديل اسمه ليصبح ”فرنسياً أكثر“ ولا يبقى إيطالياً متحولاً من Napoleone di Buonabarte إلى Napoleon Bonabarte فقط.

لم يكن نابليون بونابارت قصيراً حقاً على عكس ما هو معروف

الكاريكاتيرات الإنجليزية التي تسخر من طول نابليون
الكاريكاتيرات الإنجليزية التي تسخر من طول نابليون وتظهره كشخص قصير جداً وعنيف للتعويض عن عنفه تركت آثارها في الثقافة العامة حتى اليوم.

واحدة من أكثر المعلومات المعروفة عن نابليون ربما هي كونه شخص قصير القامة، وأنه كان يعوض قصر قامته وتأثيره النفسي بالتمرد والسلطوية والاستخدام المفرط للقوة.

في الواقع أن هذا الشيء شهير كفاية بحيث أن هناك حالة تسمى ”عقدة نابليون“ تفترض أن قصار القامة أكثر عنفاً وهيمنة وطموحاً للسلطة والتفوق الاجتماعي، والسبب في ذلك هو تعويض النقص في طول قامتهم. بالطبع فكما الكثير من الأشياء التاريخية الأخرى، فهذه المعلومة مغلوطة حيث أن نابليون لم يكن قصيراً حقاً (على الأقل بمعايير عصره).

ترجح الدراسات الحديثة أن نابليون كان يمتلك قامة طولها بين 169 و170 سنتيمتراً، ومع أن هذا الطول يعد دون متوسط طول الذكور الحالي (والذي هو 175 سنتيمتراً للذكر البالغ)، فبالنسبة للرجال الفرنسيين في القرن الثامن والتاسع عشر فنابليون كان أطول من المعدل مع كون الطول المتوسط للرجال حينها هو 166 سنتيمتراً فقط، سوء الفهم حول طول قامة نابليون غير محسوم السبب تماماً، لكن هناك نظريتان حول الأمر تتناولان تفسيرات ممكنة للمعتقد.

تلوم النظرية الأولى خيارات نابليون في حراسه من ناحية، ودور الإنجليز المعادين له من الناحية الأخرى، فواحدة من الأشياء التي تشاع عن نابليون أنه كان يحيط نفسه بعدد كبير من قادة الجيش والحراس ذوي القامات الطويلة للغاية، وعندما تكون دائماً بجوار أشخاص طوال ستبدو قصيراً بالطبع، أضف إلى ذلك أن نسبة كبيرة من المعرفة عن نابليون أتت من الإنجليز الذين كانوا أعداءه الألد وحاولوا تشويه صورته بأي شكل (بما في ذلك كاريكاتيرات تعيره بالقصر)، فمن المنطقي أن يكون ذلك سبباً للأمر.

النظرية الثانية والأصح على الأرجح تتناول واحدات الطول المستخدمة، فقبل أن تصبح الواحدات المترية هي السائدة في فرنسا وأوروبا ومن ثم العالم (والواقع أن الفضل يعود إلى نابليون نفسه بدرجة كبيرة هنا) كانت الواحدة المعتمدة هي ما يعرف اليوم بالنظام الإمبريالي الذي يعتمد الإنش (البوصة) والقدم والياردة للقياس، ولم تكن هذه الواحدات ثابتة في جميع الأماكن في الواقع، فالواحدات الفرنسية كانت أكبر من نظيرتها الإنجليزية، وكون نابليون حكم فرنسا فقد قيس بـ 5 أقدام و4 إنشات، ما يعادل 169 إلى 170 سنتيمتراً في الواحدات الفرنسية، لكن بالنسبة للواحدات الإنجليزية فـ 5 أقدام و4 إنشات تساوي 162 سنتيمتراً، وهو ما كان ليجعل نابليون قصيرا حتى في ذلك العصر والمكان.

لم يكن نابليون بونابارت من حطم أنف أبو الهول

من حطم أنف أبو الهول
من غير المستغرب أن أنف أبو الهول قد تمت إزالته من قبل شيخ متعصب دينياً، فحتى بضعة أعوام مضت كان هناك شيوخ شهيرون في مصر يرغبون بتغطية وجه أبي الهول والتماثيل الفرعونية بالشمع لأنها ”أصنام“!

في نهاية القرن الثامن عشر (بالتحديد عام 1798) قاد نابليون ما بات يعرف بالحملة الفرنسية على مصر وسوريا بغرض الاستيلاء على ما كان ولايات عثمانية من ناحية، والإضرار بطرق التجارة الإنجليزية التي تصلهم بمستعمراتهم في آسيا وبالأخص الهند.

تمكن نابليون خلال الحملة من غزو مصر ووصل إلى سوريا قبل أن يبدأ بخسارة المعارك ويجبر على العودة لتنتهي حملته في عام 1801، وعلى الرغم من أن الحملة ذهبت منذ ما يزيد عن قرنين فالبعض يدعي أن أحد آثارها باقٍ حتى اليوم، وهو الأنف المحطم لـ”أبي الهول“ قرب أهرامات الجيزة.

على الرغم من أن لوم نابليون على الأمر شائع جداً، فلم يكن هو من فعل ذلك، وعلى عكس الأسطورة فلم يقم بتوجيه أحد مدافعه إلى أنف التمثال الشهير.

في الواقع فأنف أبو الهول كان قد اختفى قبل ولادة نابليون نفسه حتى، فرسومات أبي الهول التي تعود لعام 1737 (وتم نشرها عام 1755 قبل وقت نابليون بعقود) من قبل الرحالة والمؤرخ الدنماركي Frederic Louis Norden تظهر التمثال مجرداً من الأنف مما ينفي كون نابليون قد أزاله بقصد أو دون قصد.

القصة الأقدم لاختفاء أنف أبي الهول تعود للقرن الرابع عشر حين كتب المؤرخ الشهير المقريزي بأن الحادثة كانت عام 1378 حين قام شيخ مسلم صوفي معروف باسم ”صائم الدهر“ بحملة على التماثيل والصور وبالأخص أبي الهول، الذي كان لا يزال يمتلك بعض القدسية للمصريين حيث كان الفلاحون يضعون الأضاحي له أملاً بمحصول وفير.

حاول صائم الدهر تحطيم أبي الهول أو تشويهه قدر الإمكان، وبعد الكثير من الجهد اكتفى بتحطيم أنفه فقط. [مصدر]

لفترة من الزمن، سجن نابليون بتهمة الخيانة

سجن
زيارة نابوليون إلى السجن كانت قصيرة للغاية ولم تمتد سوى لبضعة أسابيع، لكن أثرها كان مهماً في مجريات الثورة الفرنسية حينها.

في المراحل الأولى من الثورة الفرنسية، كان المهيمن على فرنسا ومن يحكم معظم أجزائها هو Maximilien Robespierre الذي كانت تربطه علاقات ودية مع نابليون حيث تلقى الكثير من المديح منه، كان نابليون في ذلك الوقت يتبع لمجموعة سياسية باسم Jacobins والتي لم تكن تمتلك أية أجندة سياسية أو عقائدية، بل أن محركها الأهم كان الحصول على المزيد والمزيد من السلطة بأي وسيلة ممكنة (وربما هذا ما جعلها مثالية لنابليون وشهيته المفتوحة للسلطة والهيمنة).

استمرت هذه الحركة خلال ما يعرف باسم ”حكم الرعب“، لكن وقتها انتهى سريعاً مع سقوط Robespierre من الحكم الفعلي.

في ذلك الوقت كان نابليون يقاتل القوات الملكية من ناحية والإنجليز من الناحية الأخرى وتمكن من انتزاع مدينة تولون منهم، لم تكن علاقة نابليون بآل Robespierre مفيدة حقاً لهم، فبعد أن أسقطوا وتم سجنهم ألحق نابليون بهم لدى عودته من بعثة دبلوماسية إلى مدينة جنوى الإيطالية، حيث اشتبه به للخيانة، لكن سرعان ما عادت الأمور لحالها وتم إخراجه من السجن وعاد لمنصبه السابق في الجيش الفرنسي.

كان وصول نابليون للسلطة عبر انقلاب

انقلاب نابوليون
انقلاب نابوليون وتحويله لنظام شبه ديموقراطي إلى امبراطورية سلطوية تماماً أعطى مثالاً تكرر كثيراً عبر التاريخ على شكل العديد من الثورات التي جلبت معها الطغاة لعقود طويلة من الزمن.

خلال فترة الثورة الفرنسية، وبعد إعدام الملك الفرنسي حينها (لويس السادس عشر) كانت الانقلابات أمراً شائعاً للغاية وتحدث بشكل متكرر (وهو الأمر الذي انعكس لاحقاً في العديد من الثورات التالية)، وواحد من آخر هذه الانقلابات المتتالية كان من نصيب الجنرال بونابارت بعد عودته من حملته على مصر عام 1799 مع إصرار على تحصيل السلطة، وبالطبع فمع كون نابليون جنرالاً عسكرياً ناجحاً جداً وذا شعبية كبيرة جعل مهمته بالاستيلاء على السلطة أسهل بكثير.

في ذلك الوقت كانت فرنسا محكومة من قبل مجلس من خمسة أشخاص، ومع استغلال نابليون لمكانته العسكرية قام بتأليب مشرعي البلاد على بعضهم بلومهم على تراجع أحوال فرنسا في فترة غيابه، ومع الصراع الداخلي بين مؤيدي نابليون ومعارضيه انهار المجلس الحاكم وتمكن نابليون من تحقيق حلمه الوصول للسلطة.

في البداية قام نابليون بتنصيب نفسه مستشاراً أعلى للبلاد وبرفقته مستشاران آخران من المجلس السابق كانا قد ساعداه في انقلابه.

بالطبع فطموحات نابليون لم تكن لتتوقف مع منصب المستشار الأول لفرنسا، فقد أراد سلطة لا نقاش فيها، لذا فقد نصب نفسه ”مستشاراً مدى الحياة“ عام 1802، ولاحقاً بعدها بعامين نصب نفسه امبراطوراً لفرنسا حين كان بعمر الخامسة والثلاثين فقط، ومن هناك أكمل نابليون حكمه المطلق لفرنسا التي تخلصت من الملكية البغيضة، لتجد حاكماً جديداً هو امبراطور (في الواقع فهذا السيناريو انعكس مرة بعد أخرى في العديد من الثورات التالية).

كانت علاقة نابليون مع البابوية سيئة للغاية

البابا بيوس السادس
كون البابا بيوس السادس أقوى شخصية دينية في العالم حينها، وواحداً من أهم اللاعبين المؤثرين سياسياً لم يمنع موته وهو أسير لنابليون.

منذ اندلاع الثورة الفرنسية، كان موقف السلطة الدينية الكاثوليكية في الفاتيكان سلبياً للغاية، فعلى عكس الملكية التي حافظت على مصالح الكنيسة وأملاكها الكبيرة في فرنسا، كان الثوريون مختلفين من حيث استيلائهم ومصادرتهم للممتلكات الكنسية من ناحية، ومنح حرية العقيدة للفرنسيين كذلك، هذه التصرفات قادت الفاتيكان والبابا بيوس السادس الذي أدان الثوريين الفرنسيين وخلق توتراً كبيراً بين الكنيسة وفرنسا، وهو ما شكل أحد أسباب حملة نابليون على إيطاليا.

بداية من عام 1796 قاد نابليون حملة تجاه إيطاليا الحالية، حيث بدأ بغزو ”الولايات البابوية“ التي كانت مناطق واسعة تغطي جزءاً كبيراً من شمال إيطاليا اليوم وتقع تحت الحكم الزمني والديني لبابا الفاتيكان.

مع استمرار غزو نابليون وافق البابا على التنازل عن أراضٍ وكيات من المال والكنوز الفنية للفاتيكان مقابل السلام عام 1797.

لاحقاً عام 1798 حدثت أعمال شغب مات على إثرها أحد جنرالات نابليون، وهذا ما أعطاه الحجة للاستمرار بالغزو حيث وصل إلى روما وأسر البابا بيوس السادس، ولاحقاً مات البابا وهو مسجون لدى قوات نابليون عام 1799.

بعد بيوس السادس تولى بيوس السابع البابوية، وفي البداية كانت الأمور جيدة مع نابليون حيث وقعا عقداً عام 1801 أعاد مكانة الكنيسة إلى فرنسا من جديد ولو بشكل جزئي، لكن بعد حادثة أثناء تتويج نابليون كإمبراطور عام 1804، بدأت العلاقات بالانحدار مجدداً مما قاد نابليون للعودة واحتلال الولايات البابوية مجدداً عام 1809، ومع تقدمه نحو روما قام البابا بعزل نابليون (قطع علاقة الكنيسة به وتكفيره بالتالي) مما دفع نابليون إلى خطف البابا ووضعه تحت الإقامة الجبرية في منزله.

فشل نابليون في غزو روسيا دون أن يخسر أي معركة

غزو نابليون بونابرت لروسيا
كان غزو نابليون الفاشل لروسيا مثالاً حياً لسياية ”الأرض المحروقة“ والتضحية حتى بالعاصمة مقابل استمرار سلة الملك، كما أنها تسببت بالمثل الذي عرف لاحقاً: ”لا تحاول غزو روسيا في الشتاء“، (مع أن غزو نابليون لم يبدأ في الشتاء حقاً).

بعد أن استولى نابليون على السلطة الكاملة كإمبراطور لفرنسا، بدأ بمد إمبراطوريته أكثر مع غزوات ناجحة تمكنت من هزيمة امبراطورية النمسا وبروسيا والأعداء الأوروبيين الآخرين مرة بعد أخرى، فيما بدى كسلسلة لا منتهية من الانتصارات للجنرال والامبراطور الشهير، لكن حظ نابليون لم يدم طويلاً في الواقع، ومع عام 1812 بدأ غزو روسيا ضمن ما بات يعد واحداً من أفشل الحملات العسكرية وأكثرها كلفة على الطرفين المتصارعين.

مع كون امبراطورية نابليون كانت تغطي كامل القارة الأوروبية تقريباً، وغياب أي منافسين حقيقيين سوى الإنجليز في الجزر البريطانية، أراد نابليون قطع أي تجارة أو إمدادات للإنجليز بغزو واحدة من آخر العوائق أمام السيطرة الكاملة على أوروبا وهي روسيا القيصرية.

بدأ نابليون حملته وجمع على طريقه عشرات الآلاف من الجنود من المناطق التي احتلها مشكلاً بذلك أكبر جيش شهدته القارة الأوروبية حتى ذلك الوقت، فقد كان تعداد قوات نابليون يتراوح بين 450 ألفاً و650 ألف مقاتل.

على عكس معارك نابليون الأخرى، فالأمور في روسيا لم تكن سريعة وحاسمة، بل أن الجيش الروسي اتبع سياسة غريبة جداً لكن فعالة، فكلما تقدم جيش نابليون كان الروس يهربون مدمرين القرى والبلدات والمدن خلفهم ومحرقين أية موارد من الممكن أن يستفيد نابليون منها، فالمحاصيل التي لا يمكن حملها تحرق، والآبار تردم، مع الوقت بدأ النقص يفعل مفعوله بجيش نابليون، ومع اقتراب الشتاء وانتشار الحمى والأمراض بين الجنود الجياع أصبحت الأمور أسوأ فأسوأ.

كانت الخطة النهاية الفعلية للحملة احتلال نابليون للعاصمة موسكو، لكن عند دخولها وجد نابليون المدينة فارغة من سكانها الذين يتجاوز عددهم ربع مليون نسمة حينها، ودون أية إمدادات أو طعام أو مقومات كانت الأمور في موسكو سيئة للغاية، ومن ثم أصبحت أسوأ مع قيام الروس بإحراق المدينة بمن فيها وحتى إضرام النار في قصر الكرملين الشهير.

مع احتراق المدينة الذي استمر لثلاثة أيام تدمر أكثر من ثلثي المدينة وجد نابليون وجيشه أنفسهم مرغمين على الفرار قبل أن يموتوا من اللهب أو الاختناق.

غادر لاحقا نابليون روسيا كما دخلها، لكنه كان قد فقد قرابة 80٪ من تعداد جيشه للمرض والجوع دون خسارة معركة واحدة.

لم يكن نفي نابليون إلى جزيرة إلبا نهاية الطريق

جزيرة إلبا (Elba) المتوسطية
كانت شروط النفي الأول لنابليون أشبه بالكوميجيا من حيث إعطائه الحكم للجزيرة واحتفاظه بلقب امبراطور، لكن مع نفيه الثاني كان من الواضح أنه لن يكون هناك عودة أبداً وأنه سيموت في المنفى، وهذا ما حصل.

كانت حملة نابليون الفاشلة على روسيا بداية النهاية للإمبراطور الشاب، فبعد عودته من روسيا عام 1812 سارع منافسوه الأوروبيون بتشكيل جيوشهم وتوحيد قواهم لقتاله ودحره، وعلى الرغم من أنه انتصر في البداية في بعض المعارك، فقد بدأت الرياح تجري بما لا تشتهي سفن نابليون مع خسارته في معركة Leipzig عام 1813 ومن ثم تقدم أعدائه السريع نحو باريس التي سقطت وألقي القبض على نابليون لينفى إلى جزيرة إلبا (Elba) المتوسطية الصغيرة والواقعة قرب سواحل سهول توسكاني الإيطالية، لكن مع شروط نفي مضحكة ربما.

كان نابليون في جزيرة إلبا يتمتع بالسلطة الكاملة والاستقلال، وحتى أنه احتفظ بلقب الإمبراطور هناك، ومع أن غزو فرنسا ونفيه كان قد حطم إمبراطوريته التي بناها بسرعة، فقد كان مصمماً على العودة مجدداً إلى فرنسا.

في عام 1815 عاد نابليون ليرسو على الشواطئ الفرنسية مع ألف رجل معه، ومن هناك بدأ مسيراً سريعاً نحو العاصمة باريس مع جنوده الذين بدأوا بالالتحاق به مجدداً على طريقه، ومع تقدمه السريع هرب الملك المعين من قبل الغزاة: لويس الثامن عشر (والذي كان ينتمي للملكية القديمة لفرنسا).

مع عودة نابليون للحكم مجدداً بدأ بالتخطيط للانتقام من النمسا وبروسيا وأعدائه الألد: الإنجليز، لكن مخططات نابليون انهارت سريعاً مع خسارة مدوية في معركة Waterloo، وبعد أربعة أشهر فقط من عودته إلى فرنسا أجبر نابليون على الاستسلام للإنجليز، ونفي هذه المرة إلى جزيرة نائية جداً ومن أبعد الأماكن في العالم باسم Saint Helena تقع جنوب المحيط الأطلنطي ويسكنها بضعة مئات فقط.

عاش هناك نابليون سنواته الستة الأخيرة ومات بعمر 51 عاماً دون أن يعود إلى فرنسا.

مقالات إعلانية