in

كيف تميز إذا ما كان شخص ما من الأثرياء

كيف تميز إذا ما كان شخص ما من الأثرياء

تخيل نفسك واقفاً أمام بهو فندق فاخر ذو خمسة نجوم، تأتي سيارة ”مكلارين“ ذات لونٍ برتقاليٍ براق في طريق الفندق المظلل، ليهتز الأسفلت تحت إطاراتها، يخرج من باب هذه السيارة الذي يُفتح كجناح الفراشة شخصٌ طويل أسمر ذو عضلات مفتولة، ومن الواضح أنه لم يقتن سترته من محلٍ رخيص.

إستمر هذا المشهد أمام عينيك لمدة لا تقل عن عشرين ثانية. سؤالي هو: ”هل هذا الرجل غني؟“ وجوابي: ”لا على الأرجح“.

المال ليس كل شيء، لكن الناس يهتمون بالمال كثيرا رغم هذا:

نمتلك هوسا بالثروة لسبب ما، وإن كنا نخجل أن نسأل، فنحن دائما نتساءل: ”كم تجني من عملها؟“، ”كم تبلغ ثروته؟“، ”ما ثمن منزلهما؟“.

قد لا يكون المال كل شيء، ولكنه يشغل أذهان الناس في عالمنا الصعب الذي تقوده شركات كبرى وصناع قرار، إذ تبدو بعض أمسيات التعارف الإجتماعية كأنها مسابقات ثراء، حيث يبذل كل شخص المستحيل ليثبت أن قيمته أعلى من ذاك الذي يجلس بجانبه، أملا بأن يجد من هو غني حقا ليقنعه بصفقة عمل، وهذا الأمر مقيت حقا.

لكل إنسان على هذه الأرض قيمته، سواء كان يمتلك ثروة كبيرة أم لا، فالقيمة الحقيقية هي كوننا بشر،

إلا أننا سنستمر في اللعبة، من هو أكثر الأشخاص ثراءاً في الغرفة؟ وكيف ستميزه؟

يتصنع بعض الناس الثراء والترف:

الثراء والترف

قد يُذهل المرء بمظاهر الثراء عند دخوله لمجال التجارة، ويسعى الكثيرون للتقرب ممن يبدو غنياً طمعاً بشيء من المال، ولكنهم يُصدمون لاحقاُ بمعرفتهم أن علامات الثراء هذه ليست سوى مظاهر لا تعكس الواقع.

ستلتقي في المدن الكبرى (مثل باريس أو برلين او نيويورك) بأشخاص يبدون وكأنهم يمتلكون العالم كله في راحة أيديهم، ولكنك سرعان ما ستكتشف أنهم لا يمتلكون حقا أي شيء، سيخبرونك عن ”أصدقائهم“ وستكون ألقاب أصدقائهم الخياليين هي أسماء عائلات مشهورة وغنية، وسيخبرونك أيضا عن مقتنياتهم الثمينة التي تمثل تركيبات أساسية للثراء، كسيارات الفيراري والساعات المبالغ بها، والفيلات الصيفية في الريف.

سيحدثونك عن كل هذا وأكثر.

لربما من الأفضل لك أن تتجنب مثل هؤلاء الأشخاص، حاول أن تتعلم كيف تميز الأثرياء الحقيقيين، حتى إن لم يكن هدفك أن تصادقهم بسبب ثرائهم، أو أن تتعرف عليهم.

إليك هذه الطرق التي ستساعدك على تمييز الأثرياء، ففي نهاية المطاف، لا تكمن دلائل ثرائهم فيما يظهرونه بقدر كونها مندرجة فيما يخفونه:

1. هم في الحقيقة ليسوا اجتماعيين:

لا يحاول الأثرياء أن يغيروا من روتينهم اليومي ليلتقوا بالآخرين، وهذا يُصعّب عملية إيجادهم وتمييزهم، فطباعهم ليست منفتحة عادة، فهم في الحقيقة لن يحاولوا أن يتقربوا منك أو أن يحدثوك. ليس أغنى شخص في الغرفة ذاك الشخص الذي يتحدث بصوتٍ مرتفع، أو ذاك الذي يبادر الجميع بابتسامة ومصافحات حارة ليضع بعدها بطاقة عمله في جيوبهم.

قد تتساءل: ”لم لا؟“ لأن الأثرياء لا يخططون للتعرف على الآخرين، فهم ليسوا بحاجة لذلك. ليسوا بحاجة لأن يثبتوا أي شيء، ولا يعني هذا أنهم وقحون، بل على العكس، فقد يمتلكون طباعا جميلة وجذابة حقاً، ولكنك لن تراهم يحاولون الإندماج في المجتمع بشكل متعمد.

2. لا يرتدي أغلبهم ثياباً تخطف البصر:

أكثر علامة تميز الشخص الثري هي ثيابه الفاخرة، أليس كذلك؟

يعتبر هذا صحيحا في ليلة توزيع جوائز الأوسكار فقط. في الحقيقة لا يحاول الأثرياء أن يبهروا الآخرين بثيابهم التي يرتدونها كل يوم، فهم لا يرتدون آخر الصيحات، ولكنهم يمتلكون حساً فاخراً سترى فيه أناقة رقيقة: الثياب هدفها الراحة، والموضة لا قيمة لها، لن تجد على ما يرتدونه شعارات مصممي الأزياء المشهورين، كما أنهم في الغالب يفضلون الثياب ذات الألوان الداكنة، والتي يختارونها لتناسب مقاس الجسم تماما.

3. لا يتفاخرون بمعارفهم:

”أتعرف صديقي فلان؟“، ”كنت في بيت فلان قبل بضعة أيام“، ”احتسيت مشروبا أنا وصديقي فلان الأسبوع الماضي“.

يتجنب الأثرياء هذا التصرف الذي يفتقر للباقة، من السهل ملاحظة هذا التصرف الذي ينتهجه الكثيرون لينالوا إعجاب الآخرين، وبمجرد أن ترى هذا التصرف تأكد أن من تحدثه ليس ثرياً أبدا.

إن كان اسمك هو الذي يتفاخر به الناس، فهذا يعني أنك ثري، أما إن كنت أنت تتفاخر بإسم غيرك، فأنت لست ثرياً على الأغلب.

4. لا يكثر الأثرياء من الحديث عن ممتلكاتهم:

إن كنت معتادا على الترف والأشياء الثمينة وعلى امتلاك ثروة طائلة، فلن ترغب بذكر ممتلكاتك في كل شاردة وواردة.

يروي ”نيل باتيل“، وهو مسوق إلكتروني من نيويورك، موقفا حصل له مع شخص يتصرف بطريقة معاكسة، فيقول: ”أثناء عشاء عمل في فندق في ’بيفيرلي هيلز‘، استأذنت لأذهب لدورة المياه، وهناك رأيت شخصا يرتدي ساعة مرصعة بكمية من ألماس لم أر مثلها في حياتي قط، أطريته بقولي: ’هذه كمية كبيرة حقا من الماس!‘ ليجيبني: ’نعم، هذا أسلوبي في الحياة!‘ فقلت له: ’لم أر في حياتي ساعة كساعتك هذه، هي مميزة حقا!‘ ألقى نظرة خاطفة على معصمي ليرى ساعتي فقال: ’أوه، أنت ترتدي ساعة ”باتيك فيليب“‘، هذه الساعة قيمتها أكثر من مئة ألف دولار، ولكنها لا تحتوي على أي ألماس، ثم سألني: ’ما هو مجال عملك؟‘ وهي الصيغة المؤدبة للسؤال الشهير: ’كم تجني من عملك؟‘، أجبته: ’عملي ممل، يتعلق بالإنترنت‘.

مشينا سوية باتجاه المطعم ونحن نتجاذب أطراف الحديث. حاول أن يثير اعجابي بكل إنجازاته ونجاحاته، فبدأ بذكر أسماء معارفه وأخبرني كم يعرف من مشاهير هوليوود الذين سيذهبون لنفس الحفلة التي ينوي الذهاب إليها في تلك الليلة، حدثني عن سياراته، ثم بدأ باقتراح أن نعمل سويا، فقال لي: ’بالمناسبة، لدي أفكار حول تطبيقات للأجهزة الذكية نستطيع أن نعمل عليها سوياً، فلنقضي الساعتين القادمتين سوية لنناقش أفكارنا، ومن ثم سأتصل بمستثمرين من معارفي لنجني سوية مئة أو مئتي ألف دولار، وبعدها سأصطحبك للحفلة التي أخبرتك عنها، الحفلة رائعة حقا وكل من سيحضرها يمتلك فيراري أو لامبورغيني‘.
أتمنى لو أني أنهيت حديثي معه في تلك اللحظة، إذ وصلت معه لاحقاُ لنهاية مسدودة.

طلبت من مساعدي أن يستقصي عن هذا الشخص، لنكتشف أنه ليس سوى شخص مفلس ومتطفل على الحفلات يحاول أن يتسلق أكتاف الأغنياء والمشاهير“.

يشعر المتظاهرون بالثراء بأنه لا بد من الحديث عن ثرواتهم وإلا فسيفقدون مصداقيتهم، غير أنه من يمتلك ثروة حقيقية لا يتصرف بهذه الطريقة أبداً، ولن تراه يتحدث عن ثروته أبدا.

5. لا يهتم الأثرياء إن كنت سمعتهم أم لا:

يتحدث نيل باتيل عن موقف آخر حصل معه: ”التقيت بشخص في مصعد فندق في بيفيرلي هيلز، كان من الواضح أنه مشهور ولكنني لم أميزه حينها، كان يرتدي قلادة بسلسلة سميكة وفيها حلية براقة بشكل ’’XO‘‘.

قلت له: ’تعجبني قلادتك، إلى ماذا ترمز؟‘ فأجابني: ’The Weeknd‘. إعتقدت أن هذا الشخص تحت تأثير المخدرات وتمتمت بصوت منخفض: ’ولكن اليوم هو الأربعاء‘، فأجابني مجددا: ’لا يا رجل، The Weeknd‘، فقلت له: ’أنا متأكد أن اليوم هو الأربعاء، لدي لقاء عمل اليوم‘.

لم أفهم عن ماذا كان يتحدث، فقال لي: ’إبحث عنه في غوغل‘، وغادر المصعد، ولم يهتم إن كنت قد فهمته أم لا، ولكني بحثت في هاتفي النقال عن ’’The Weekend XO‘‘ فور أن غادر المصعد، فاكتشفت أن الشخص الذي كان معي للتو هو مغني الـR&B المشهور الذي تبلغ قيمته عشرات ملايين الدولارات“.

The Weeknd
The Weeknd

إن مقدار الإنتباه الذي يلاقيه المشاهير من العامة يرهقهم بحق، لذلك يحاولون أن يتجنبوا لفت الإنتباه لأنفسهم قدر الإمكان، فهم يستطيعون أن يستمروا بيومهم بكل بساطة إن لم تطلب أن تأخذ صورة معهم أو أن تخبرهم (كم تحب أعمالهم).

6. يصاحب الأثرياء أشخاصا يجبرونهم على أن يرتقوا أكثر:

هل سمعت يوما المقولة الشهيرة: ”إن كنت أذكى شخص في الغرفة، فأنت في الغرفة الخطأ؟“

يسعى الأثرياء دائما لإيجاد أشخاص أذكى منهم في مجال عملهم، هذا لا يعني أنهم يبحثون عن أشخاص أثرياء ليتبادلوا معهم القيل والقال، بل في الواقع، هم يبحثون عن أشخاص أذكياء ليتعلموا منهم.

7. يميل الأثرياء للتحدث عما يتعلمونه أو يمرون به:

عن ماذا يتحدث الأثرياء عندما يلتقون ببعضهم؟ عن طول يخوتهم؟ أم عن الشركات التي اشتروها البارحة؟

أبدا، تدور أحاديثهم غالباً عما تعلموه، ومواضيعهم المفضلة هي غالبا فكرية وليست عملية، ونادرا ما تتطرق للأموال.

إستنتاج:

إن أكثر الناس الذين أعرفهم ثراءاً هم الأكثر تواضعاً، يأتي مع الثراء إدراك بأن الحياة قيمتها لا تقاس بالمال، ولا يحتاج الأثرياء لأن يظهروا أو يثبتوا أو أن يتحدثوا عن ثروتهم. المال هو المال: أداة ووسيلة، ولكنه ليس الغاية المنشودة، وعلى ما يبدو، من الصعب أن تميز الأثرياء لأنهم قد يحاولون إخفاء ثرائهم.

لكن كيف ستلتلقي بهم؟ واجه الأمر: أغلب من ستتعرف عليهم في الحفلات المبهرجة لن يعطوا أي إضافة لحياتك، عوضاً عن ذلك، ركز في مهنتك، وجه طاقاتك في مجال واحد واشحذ مهاراتك حتى تصبح أفضل شخص في العالم في مجال عملك. أبدع وكن ممتازاً فيما تفعله.

حين تمتلك موهبة حقيقية ستجذب إنتباه من يقدرها ويقدر قيمة العمل والإنجاز الحقيقي.

في نهاية المطاف، الأثرياء هم من سيجدونك وليس العكس، وكنتيجة، لست بحاجة لأن تميز أثرى شخص في الغرفة.

مقالات إعلانية