ما رأيك في أن تُربي أثاث منزلك؟

إنَّ استخدام الموارد البيئية للصناعة أمر بالغ في القدم وقد تحور من شكل إلى آخر من أبسط إلى أعقد، بدءاً من اكتشاف النار وصولاًّ إلى الصناعات الثقيلة… لكن تبقى الصناعات الحرفية المعتمدة على تلك المصادر أكثرها إثارة للإعجاب، كالمنحوتات اليدوية المعتمدة على الصخور والأخشاب والمعادن والرمل …إلخ

فما رأيك يا صديقي بأثاث مصنوع من نباتات حية؟

لا تعتمد شركة Full Grown على الأخشاب التقليدية في صناعة الأثاث، بل تقوم اصطلاحاً بتنمية ذلك الأثاث اعتباراً من الأشجار.

أتت فكرة هذه الطريقة من مهندس الأثاث (غافين مونرو) Gavin Munro الذي يعمل حالياً على تنمية صفوف على صفوف من الألواح، وكراسِ، وأغطية المصابيح، والتي يتمنى أن ”يحصدها“ خلال بضع سنوات.

تعتمد تقنية السيد Munro على تطويع الشتلات اليافعة من الصفصاف، والبلوط، والدردار، وأشجار الجميز لتأخذ الشكل الخاص بأيِّ أثاث، وتوجيهها للنمو على طول مسالك مهيأة مسبقاً، ويُحَقَّق ذلك باستخدام قوالب بلاستيكية وسنوات من التقليم والقطع حتى مستوى الأرض والتطعيم.

يخرج المنتج على شكل كرسي أو طاولة أو غطاء مصباح ابتداءً من تنميته اعتباراً من قطعة خشبية صلبة واحدة غير موصولة بقطع أخرى!

عمل (مونرو) على تطوير فكرته منذ طفولته، حيث لاحظ أثناء لعبه في الحديقة شجرة (بونساي) قد نمت بشكل كبير متخذة شكل الكرسي، لاحقاً، خضع (غافين) لعدة عمليات جراحية لتقويم عموده الفقري وكان عليه أن يلبس إطاراً معدنياً والجلوس لفترات مطولة بانتظار شفاء طعمهِ العظمي، ومن هنا جاءته الفكرة الجديدة حيث صرَّح: ”دفعني ذلك للتفكير حول التطعيم وكيفية ارتباط الأشياء ببعضها.“

بعد عدة سنوات لاحقة، وبعد تخرجه من جامعة (Leeds) كمهندس أثاث، عاد (غافين) إلى شجرة البونساي التي سبق ورآها في حديقة منزل والدته، وخَلُصَ إلى أنَّ ذلك جعل من المنطقي بالنسبة له تنمية الأشجار إلى أغراض.

يقول (مونرو): ”عندما تنظر للأمر من وجهتي النظر التصنيعية والتصميمية، فإنَّه منطقي تماماً في الواقع، لماذا تريد أن تنمي الأشجار ثم تقطعها مسبباً ضياع الوقت؟ لم لا تقوم فقط بتنمية الشكل الذي تريد والذي يكون قابلاً للتطوير بشكل كبير؟ يمكنك صناعة الآلاف من هذه الأشياء، كما أنك تصنع عشرة فقط من خلال هذه الطريقة، لكن سيكون كل منها مميزاً.“

تتبع هذه التقنية إلى البدء بتطويع وتشذيب فروع شجرة وهي فتية فتنمو لاحقاً إلى أشكال خاصة، ثم العمل على تطعيم تلك الفروع مع بعضها في نقاط محددة، لينمو بعدها الشكل في قطعة واحدة تامة، وبعد نموها إلى الشكل المرغوب، يعمل الاختصاصيون على العناية بالشجرة ورعايتها أثناء ازدياد ثخانتها ونضوجها، ثمَّ حصادها في الشتاء وتركها لتجف، وإضافة اللمسات النهائية المرغوبة بعد ذلك. وتتراوح مدة تنمية شجرة واحدة إلى كرسي كامل ما بين 4 إلى 8 سنوات.

يقول (مونرو): ”إنِّي مهتم بهذه الطريقة التي أشبهها بـ’الطباعة ثلاثية الأبعاد العضوية‘ التي تستخدم الهواء والتربة وأشعة الشمس كمصادر لموادها.“

عُرضَ محصوله المؤلف من 400 قطعة للبيع في 2017، والأسعار كانت 2500 دولار للكراسي، ومن 1000 إلى 1500 دولار لأغطية المصابيح، وهي موجَّهة للأشخاص الذين يتطلعون لاقتناء قطع فنية مميزة.

لا تعتبر تقنية (غافين) فريدة من نوعها، حيث عُرِف تطويع الأشجار منذ ما لا يقل عن عدة مئات من السنوات، حيث عملت شعوب (War-Kashi) القديمة على بناء جسور من جذور حية في منطقة (Cherrapunjee) في الهند، وقام كل من الإغريق والمصريين القدماء بتنمية المقاعد، وعمل الصينيون على حفرِ حُفرٍ وملؤوها بصخور تشبه الكراسي ثمَّ نمُّوا جذور الأشجار في الفتحات المتبقية.

أما في فن التصميم المعاصر فهناك من يعمل على أعمال مشابهة كـ(بيتر كوك) Peter Cook، و(بيكي نورثي) Becky Northy اللذان يطلقان على عملهما اسم Pooktre، أيضاً هنالك الشجَّار -من يعمل على تطبيب الأشجار- (ريتشارد ريمس) Richard Reames الذي صاغ مصطلح Arborsculpture أي (التشجير النحتي)، ومصمم الأثاث (كريس كاتل) Chris Cattle الذي يستخدم عبارة ”الأثاث المنمّا“.

أعمال مشابهة لأعمال (غافين مونرو):