in

أساطير وخرافات منتشرة عن الطعام والغذاء يصدقها معظم الناس

من الصعب أن يعرف كل منا الطعام المناسب له، وحتى في حال معرفته فالالتزام بالطعام ”الجيد“ فقط أمر صعب جداً، مع كون الأطعمة السريعة وغير الصحية عادة ما تمتلك طعماً أفضل وتكون في متناول الأيدي دائماً.

تتضمن محاولاتنا المتعددة للأكل الصحي الكثير من الأساطير المتداولة والأشياء التي لا تمتلك دليلاً سوى التكرار الدائم من قبل الأهل الذين سمعوها عن أهلهم وهكذا، ومع أن أساطيراً مثل عدم صحية أكل السمك مع اللبن قد اختفت تقريباً اليوم، فالعديد من الأساطير الأخرى لا تزال موجودة، وبقوة.

هنا سنناقش بعضاً من هذه الأساطير الشهيرة، سواء كانت تتناول الفوائد العديدة لطعام ما، أو الأضرار المبالغ بها لطعام آخر، ومع كون هذه الأساطير منتشرة وثابتة بقوة في أذهان العديدين، فرد الفعل الطبيعي سيكون التمسك بها لدى الكثيرين، لذا يمكن الاطلاع على مصادر المعلومات في آخر كل فقرة والتأكد بنفسك.

[خرافة] شرب الحليب بكثرة يساعد على ترميم العظام:

حليب
الحليب يمتلك السمعة الأفضل بين الأغذية وكثيراً ما يعامل كالغذاء الصحي المثالي، لكن الحقيقة مختلفة عن النصائح المعتادة عنه.

لحسن الحظ لم أعاني في حياتي من أية كسور حتى الآن، لكن أتذكر تماماً أن النصيحة الأساسية التي تقدم لمن تعرضوا لكسور العظام هي شرب الحليب الغني بالكالسيوم والذي يعيد بناء العظام مجدداً. هذه النصائح تتكرر في كل مكان من المناهج المدرسية إلى نصائح الأم عادة وحتى الأطباء، فالإجماع هو أن كون الحليب غني بالكالسيوم يعني فائدة كبيرة للعظام التي ستبقى صحية ولن تتعرض للكسور.

لسوء الحظ يبدو أن العلم يقول غير ذلك، فالحليب يبدو أنه لا يفيد حقاً في الحماية من الكسور، ولسبب ما فمن يشربون الحليب بكثرة عرضة لأخطار صحية أكبر.

لنبدأ الأمر من جامعة هارفارد الأمريكية، حيث قام العلماء بمعاينة بيانات تم جمعها على مدى 25 سنة، والاستنتاج الأساسي كان أنه لا يوجد أي دليل على كون شرب الحليب يساعد على حماية الأشخاص من الكسور في عظامهم أو وقايتهم من ترقق العظام. بل بشكل معاكس، هناك قلق من كون شرب الحليب بإفراط (أكثر من كوب واحد يومياً) يزيد من خطر الإصابة بسرطان البروستات وسرطان المبيض، كما أن المحتويات السكرية في الحليب (بالأخص اللاكتوز والجلاكتوز) ظهر أنها تزيد من عملية الشيخوخة ومن الممكن أن تنقص من صحة الأشخاص بكميات كبيرة (كوبان إلى ثلاثة أكواب يومياً).

بغض النظر عن الأشخاص الذين يعانون من عدم القدرة على تحمل اللاكتوز، فحتى الأشخاص الآخرون ممن لا يعانون من مشاكل في هضم اللاكتوز فالحليب ليس الغذاء الصحي المثالي، في دراسة طويلة الأمد جرت في السويد على 61400 امرأة و45300 رجل متعقبة أنظمتهم الغذائية طوال 20 سنة للنساء و11 سنة للرجال، أظهرت النتائج أن شرب الحليب كان مرتبطاً بمعدلات وفيات أعلى لدى كل من الجنسين وحتى معدلات أعلى لتكسر العظام لدى النساء، في نهاية الدراسة تبين أن النساء اللواتي يشربن 3 كؤوس من الحليب يومياً لديهن معدل وفيات أعلى بمرتين ومعدل كسور عظام أعلى بـ50٪ من الآخرين.

المثير للاهتمام ربما أن منتجات الألبان الأخرى مثل اللبن الرائب أظهرت نتائج إيجابية من ناحية تقوية العظام وانخفاض معدلات الكسور، كما أنها لم تربط مع ارتفاع معدلات الوفيات مما قاد الباحثين للاستنتاج بأن الضرر يأتي على الأرجح من سكريات الحليب التي يتم فقدان معظمها عند تحويله إلى لبن رائب. [مصدر] و[مصدر] و[مصدر] و[مصدر]

[خرافة كون] مشروبات الطاقة تعطي الطاقة:

مشروبات الطاقة
قد تفيد مشروبات الطاقة في التنشيط لوقت قصير من الزمن، لكن كونها مصدراً للطاقة مشكوك به جداً وأضرارها غالباً أكبر من أي فوائد محتملة.

سواء كنت تشاهد التلفاز أو تتصفح الإنترنت أو حتى تسير في الشارع فإعلانات مشروبات الطاقة ستجد طريقها إليك طوال الوقت، سواء كانت ماركات شهيرة مثل Red Bull أو Monster أو أخرى أقل شهرة، وكالعادة تتضمن هذه الإعلانات أشخاصاً يقومون بأعمال مجهدة أو أنهم يؤدون قفزات ومغامرات خطرة للتأكيد على القدرات العجائبية لهذه المشروبات والطاقة الكبيرة التي تقدمها. الواقع أمر مختلف تماماً للأسف، ومع أن مشروبات الطاقة قد تفيد في زيادة النشاط مؤقتاً عند السهر مثلاً، فهي لا تعطي الطاقة في الواقع، ومعظم الأحيان تتفوق الآثار السلبية على الإيجابية.

المكون الأساسي لمشروبات الطاقة هو ”تورين“ بالإضافة للكافيين بالطبع والكثير والكثير من السكر، لكن التأثير المثير للجدل وغير المثبت للتورين على التركيز أو الأداء الرياضي يبقي بذلك السكر والكافيين فقط كمكونات فعالة حقاً في هذه المشروبات.

بالنسبة للسكر فهو بالتأكيد يقدم دفعات كبيرة في الطاقة كونه الوقود الأساسي للجسم، لكن دفعات الطاقة الكبيرة التي يقدمها السكر لا تدوم طويلاً وسرعان ما يزول مفعولها ويدخل الشخص في مرحلة من الخمول وفقدان النشاط بعدها، بشكل يجعل المحصلة لأخذ السكر بكميات كبيرة وسرعة أمراً سلبياً للغاية، ومع إضافة كون السكر عاملاً أساسياً في زيادة الوزن خصوصاً في الجرعات الكبيرة جداً في هذه المشروبات (مشروب واحد يتضمن ضعف حصة السكر الموصى باستهلاكها يومياً).

من الناحية الأخر يأتي الكافيين كواحد من أكثر العقارات استهلاكاً على وجه الأرض في مختلف المشروبات من القهوة والشاي إلى المشروبات الغازية وبالطبع مشروبات الطاقة. تأثير الكافيين على الدماغ لا يمكن إنكاره فهو يعمل على منع الإحساس بالنعاس والتعب إلى حد بعيد بتثبيط المستقبلات العصبية في الدماغ، وهذا ما يعطي التأثير المنشط الشديد له، لكن تعاطي الكافيين بكميات كبيرة مثل تلك الموجودة في مشروبات الطاقة يحمل أخطاراً عديدة تبدأ من الأرق وفقدان النوم، وتظهر بشكلها الأسوأ مع ازدياد الحاجة للكافيين الذي يتعود الجسم عليه بشكل مشابه للمخدرات، ويؤدي التوقف عن أخذه إلى أعراض انسحاب واضحة مثل التعب والنعاس الدائم بالإضافة للصداع الشديد والمزاج المتعكر دائماً. [مصدر] و[مصدر] و[مصدر] و[مصدر] و[مصدر].

[خرافة أن] ألواح التقطيع الخشبية غير صحية:

لوح تقطيع خشبي
ألواح التقطيع الخشبية كثيراً ما توصف بأنها مأوى للجراثيم والأمراض، لكنها معظم الوقت صحية بقدر الألواح البلاستيكية، وأحياناً أفضل حتى.

على الرغم من انتشارها الواسع، يعتقد الكثير من الأشخاص أن ألواح التقطيع الخشبية غير صحية ومن الأفضل استبدالها بألواح أخرى بلاستيكية أو زجاجية.

نظرياً، يبدو الأمر منطقياً إلى حد بعيد فالألواح الخشبية ذات طبيعة مسامية وتقطيع اللحوم عليها قد يتسبب بانتقال بعض الجراثيم مثل Salmonella أو E. Coli كونها تعلق على اللوح ومن ثم تعود لتصيب الفواكه والخضار المقطعة بعدها، بينما الأمر يبدو مختلفاً بالنسبة للبلاستيك أو الزجاج حيث أن غياب المسامات يعني أن اللوح قابل للتنظيف والتعقيم بسهولة. في الواقع هذا الاعتقاد منتشر على نطاق واسع كفاية بحيث أن بعض المنظمات الحكومية مثل قطاع الزراعة الأمريكي حذر من استخدام الألواح الخشبية.

لاحقاً صرح قطاع الزراعة الأمريكي بأن توصيته ضد الألواح الخشبية لم تكن تعتمد على أدلة أو إحصائيات حقيقية، وهذا ما دفع بعض العلماء مثل العالم Dean O. Cliver للبحث أكثر في الأمر ومعرفة الحقيقة حول خطورة الألواح الخشبية من عدمها.

كانت نتائج الأبحاث والتجارب مستغربة في الواقع، فالطبيعة المسامية للخشب لم تلعب أي دور في نشر الأمراض في الواقع بل أنها امتلكت تأثيراً عكسياً، فالألواح الخشبية كانت تصاب ببعض البكتيريا في البداية لكن مساميتها تجعل هذه البكتيريا تغوص إلى طبقات أدنى من السطح بدلاً من البقاء عليه، مما يعني أنها تبتعد عن الطعام الذي يتم تقطيعه لاحقاً ولا تتسبب باحتمالية إضافية للعدوى.

عند اختبار الألواح الخشبية مقارنة بنظيرتها البلاستيكية تبين أن التوصية بالابتعاد عن الألواح الخشبية خاطئة تماماً، فبالنسبة للألواح غير المخدوشة تنظيف الألواح الخشبية أو البلاستيكية كافٍ لتعقيمها حيث أن عينات البكتيريا من الخشب لم يعثر عليها إلى بعد تحطيم الألواح الخشبية تماماً أو ثقبها بتيار مائي ذي ضغط عالٍ.

الاختبار بالنسبة للأسطح المخدوشة كان مثيراً للاهتمام أكثر حيث أن الألواح الخشبية كان عليها نسب بكتيريا أقل بكثير من نظيرتها البلاستيكية بفضل مساميتها وكون الخدوش على الألواح البلاستسكية صعبة العقيم للغاية عند الغسل اليدوي. [مصدر]

[خرافة أن] العلكة (اللبان) تحتاج سبعة سنوات لتتجاوز المسار الهضمي:

علكة لبان
خرافة كون اللبان (العلكة) يحتاج 7 سنوات لهضمه لا تعدو كونها مبالغة من الأهل لإبعاد أطفالهم عنه.

في الطفولة، أتذكر جيداً أن العلكة (اللبان) كانت العدو الأساسي لوالدي وجميع الكبار الذين أعرفهم، فهي تسبب العديد من المشال التي يمكن أن يتم تجنبها بالنسبة للأطفال مثل كونها تعلق بسهولة في الشعر أو السجاد أو الملابس حتى وتتلف ما تعلق عليه، ومع المقولة الشهيرة بكونها لا تغادر الجهاز الهضمي حتى سبع سنوات لاحق ومن الممكن أن تتسبب بانسداد الأمعاء أو مشاكل أخرى، فالعلكة كانت خطاً أحمر لي وللعديد من الأطفال الآخرين.

في حال نظرنا للأمر من حيث الاحتمالية، فالمنطق يفترض كون العلكة تعلق لهذا الوقت الطويل ممكنة، فهي شديدة الالتصاق بكل شيء تقريباً من ناحية، ولا تهضم أو تصغر على الرغم من مضغها في الفم، لكن كون الأمر يبدو منطقياً ومحتملاً لا يكفي لأن يكون حقيقياً، فالعلكة تتعرض لعملية هضم بسيطة تفكك المنكهات والسكر والزيوت فيها، لكن بالنسبة لأساسها (المادة المستخدمة لحمل النكهة) فهو يبقى على حاله ولا يتعرض إلى أي هضم بل يحدث له ما يحدث للعديد من المواد ذات الأساس السللوزي: يتم إطراحه كما هو تماماً، ومع أنه يسير ببطءٍ شديد في المسار الهضمي، فالأمر لن يأخذ سبعة سنوات، بل سبعة أيام على الأكثر.

في الحالة العادية، لا توجد أية مشكلة في ابتلاع العلكة أبداً، فكونها غير قابلة للهضم لا يجعلها سيئة لنا، فنحن نتناول الكثير من الأشياء غير قابلة للهضم وبالأخص في الأطعمة النباتية، كما أننا نستطيع التخلص من أية أغراض نبتلعها حتى لو كانت معدنية أو غيرها بشرط ألا يتجاوز قطرها 2 سم، وهذا القطر أكبر بكثير من أية علكة مفردة من الممكن ابتلاعها.

الحالات القليلة التي من الممكن للعلكة فيها أن تتسبب بالمشاكل هي ابتلاع كميات كبيرة منها خلال وقت قصير جداً حيث قد تتراكم معاً وتؤدي إلى الإمساك وقد تحتاج تدخلاً جراحياً لإزالتها في بعض الحالات. [مصدر] و[مصدر].

[خرافة أنه] يجب أن تشرب 8 أكواب (لتران) من الماء يومياً

ماء
طالما أنك تشرب كلما عطشت وتتناول طعاماً متوازناً فأنت لا تحتاج للالتزام بكمية محددة من الماء كل يوم.

في حال كنت قد سمعت نصيحة شرب الحليب كل يوم، فأنت بالتأكيد قد سمعت النصيحة الدائمة عن شرب 8 أكواب من الماء (ما يعادل لترين حتى لترين ونصف) يومياً، فهي تتكرر بشكل دائم من قبل الجميع ومن بينهم العديد من الأطباء والمختصين بالمجال الطبي، لكن هذه النصيحة لا تعدو عن كونها خرافة شهيرة فقط، حيث أنها تكررت في العديد من المناسبات بحيث بات الجميع يتعامل معها وكأنها حقيقة مطلقة.

وفقاً لموقع Snopes المتخصص بالبحث في الأساطير والأخبار الكاذبة والبحث عن أصلها، فأول مرة مسجلة لهذه الخرافة كانت تصريحاً لمجلس البحث الوطني الأمريكي عام 1945. المثير للاهتمام أن التصريح الأصلي هذا كان يتحدث عن الحصة اليومية من الماء بما يتضمن العصائر والمشروبات الأخرى وحتى الأطعمة، أي أنه لم يتحدث عن 8 أكواب ماء أصلاً.

على أي حال، فالأسطورة لا صحة لها أبداً ولا يوجد معيار محدد مناسب للجميع من ناحية شرب الماء، فالأشخاص المختلفون يحتاجون كميات مختلفة من الماء والسوائل تبعاً لعمرهم ونشاطاتهم والمناخ العام وعوامل أخرى، وبالطبع فكما غيرنا من الكائنات الحية، لدينا غريزة أساسية تخبرنا عن حاجتنا للماء والكمية التي نحتاجها: هي العطش.

ببساطة النصيحة الأفضل هي أن تشرب عندما تعطش فقط دون الالتزام بكميات محددة أو حدود دنيا للماء. [مصدر] و[مصدر] و[مصدر].

مقالات إعلانية