in

5 أحداث تُثبت أن التاريخ أغرب مما نعرفه

تاريخ غريب.. قصص عجيبة

من السهل أن ننظر إلى التاريخ بعيون لا ترى إلا لوناً واحداً، فأغلب ما عرفناه عن تاريخنا كبشر بشكل عام هو الصورة المشرقة بسرد مختصر للأحداث بدون ذكر لتفاصيل هي أصل كل شيء، أو هي هناك لتساعدنا على فهم ماضينا، أو أنها أغرب مما نظن، فمدرسوا التاريخ يجعلون من الماضي يبدو طبيعياً جداً، يتغاضون عن الكثير من الوقائع ويركزون على ما هو جيد وعادي، ولكن دعونا لا ننسى أنّ التاريخ ينضح بالغرائب، وهنا بعض أغرب ما مر فيه:

محاكمة الطماطم في مدينة (سايلم):

كانت محاكمات مدينة (سايلم) للسحرة فترة مظلمة في التاريخ الأمريكي، خلالها قُتلت العشرات من النساء –وحتى بعض من الرجال– من قبل الدولة لمجرد أنهم اتهموا بالشعوذة قبل عدة مئات من السنين، تبقى تلك المحاكمات حتى يومنا هذا حكاية تحذيرية ضد الهستيريا الجماعية التي تصيب المجتمع، وفشله في الالتزام بالإجراءات العدلية السليمة.

محاكمات (سايلم) ليست النموذج الوحيد للتمييز الظالم للمحاكم في هذه المدينة فقط، هذا لأنه بعد 150 سنة هزّت الولايات المتحدة فضيحة قضائية مرة أخرى، ونحن نتحدث عن المحاكمة التي أقامتها (سايلم) ضد الطماطم.

حديقة الطماطم

في عام 1820 اعتقد الجميع أن الطماطم الحمراء سامة، وبالفعل كان هناك العديد من الأوروبيين الأغنياء الذين لقوا حتفهم أثناء تناولهم لها، ولكن ذلك حدث بسبب تناولهم إياها على أطباق من معدن البيوتر، حيث يحرر التركيب الكيميائي للطماطم الرصاص الموجود في معدن البيوتر ما يسبب التسمم بالرصاص، وقد كان هنالك مزارع شهم اسمه (روبرت غيبون جونسون) علم أن الطماطم ليست سامة طالما أنك لم تأكلها ملوثة بالرصاص، لكنه كان بحاجة إلى طريقة لإثبات ذلك لأهل (سايلم).

سار (جونسون) إلى مبنى المحكمة المحلية حاملاً سلة كبيرة من ”الطماطم المسموم“ ليقيم الحكم عليها، وسرعان ما تجمع حشد من الناس متحمسين لمشاهدة هذا الرجل وهو ينهي حياته بالتأكيد، لأن مشاهدة الناس يموتون كان أمراً ممتعاً تاريخياً.

أحضر (جونسون) معه طبيباً مرموقاً وهو الدكتور (جيمس فان ميتر) تحسبا لأن يكون مخطئا، وقبل تناوله لها أمسك (جونسون) سلة الطماطم وقال: ”سيأتي الوقت الذي تكون فيه هذه الطماطم القرمزية الفاتنة الغنية بالفائدة لذة للعين ومتعة للفم، سواء كانت مقلية أو محمصة أو مشوية أو حتى تؤكل نيئة، وسوف تشكل أساس حقول كثيرة“، وهذا بالتأكيد أكثر خطاب ملحمي قيل قبل تناول الطماطم في أي وقت مضى، ثم أكل السلة بأكملها..

وكما يمكنك التخمين، لم يمت، وبعد فترة وجيزة، نمت زراعة الطماطم للمستوى العملاق الذي هي عليه اليوم.

عندما كان الناس يقتلون بعضهم البعض بسبب زهرة السحلبية:

التاريخ مليء بالظواهر التي لن تتكرر مرة أخرى، وعلى الرغم من وجود السوق السوداء لسرقة وإعادة بيع النباتات الغريبة اليوم، إلا أنها لا تقارن بما كان يحدث مع زهرة السحلبية –أو الأوركيد– خلال القرن التاسع عشر، أي أن الناس لم يعودوا يقتلون بعضهم بعضاً حرفياً للحصول على أجمل زهرة سحلبية، فخلال العصر الفيكتوري كان الأثرياء يستأجرون ”صيادي السحلبية“ ليجوبوا العالم بحثاً عن عينات جديدة نادرة منها، لذلك سافر هؤلاء إلى أماكن غريبة للعثور على هذه النبتة النادرة، وهذا يعني عبور التضاريس الصعبة، والتعرض لبعض الأمراض القاتلة، والنجاة من هجمات الحيوانات المفترسة، ومحاربة الشعوب الأصلية، وحتى مواجهة صيادي السحلبية الآخرين، وبسبب هذا لاقت الغالبية العظمى من صيادي الزهرة حتفها سريعاً.

زهرة السحلبية

كانت درجة العداء كبيرة بين صياديها المتنافسين عليها، وكثيراً ما وجدوا أنفسهم يستعملون البنادق ضد بعضهم البعض، أو يخربون بذور الزهرة الخاصة بالصيادين الآخرين لتدمير كنزهم، وغالباً ما كانوا يطاردون بعضهم حول العالم فيما يشبه أفلام (إنديانا جونز)، وحتى لو تمكن أحد الصيادين من البقاء على قيد الحياة ونجا وبصحبته آلاف من زهور السحلبية ونجح في شحنها بأكملها إلى أوروبا، فإنه في كثير من الأحيان سوف ينتهي بها المطاف ميتةً ذابلة عند وصولها.

ليس من المفترض أن يتم نقل هذه النباتات، كما كان السبيل الوحيد لتحقيق الأرباح هو إذا ما تم شراء النبتة في مزاد علني يضمن جودتها، وبعضاً من عناء الساعين وراءها.

عندما كان ”الحنين“ يعتبر مرضاً:

امرأة تشعر بالحنين

من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر؛ كان يُنظر إلى الحنين إلى الماضي على أنه مرض واضطراب نفسي، حيث اعتقد الأطباء أنه أشبه بجنون الارتياب، لكن من دون الخوف من التعرض للهجوم أو الاضطهاد، حيث تقوم المعاناة على الشوق الغامر للأشياء من الماضي، وكان هذا التشخيص مرتبطاً بشكل كبير بالجنود الذين يصيبهم الحنين إلى الوطن حالما يغنون بعض الأغاني أو يرون الأشياء التي تذكرهم بطفولتهم، وقد وصل الأمر لذروته بين أفراد الجيش السويسري حيث إذا ما غنى شخص أغنية بعنوان Khue-Reyen كانوا ينفجرون بكاءً، ولكن ليست الأغنيات المؤثرة وحدها ما يثير الحنين بل أمور كثيرة مثل: البيئة التي عشت فيها، وطموح غير محقق، وتناول طعام لذيذ، والحب، وكانت هذه المؤثرات في كل مكان.

تراوحت أعراض الحنين بين ما هو معقول مثل الحزن العام والانتحار وصولاً إلى ما ليس له علاقة بالحالة مثل التهاب الدماغ والنوبات القلبية.

بالطبع، كما هو الحال مع أي مرض، كان هناك أيضاً تفشي لـ”الحنين المزيف“، حيث تظاهر بعض الجنود به للحصول على مبرر لتجنب القتال، لكن الجيوش لا يمكن أن تقوم بدون جنود، لذلك انتشر علاج سريع يقوم على الترهيب من خلال التهديد بدفن الذين يعانون من الحنين أحياء، أو مجرد علاج الأعراض بالطرق التقليدية مثل استخدام العلق لجعل الناس يستفرغون ويشعرون بالغثيان بدل الحنين، وفي الوقت الذي وصل فيه الحنين إلى أمريكا أمضى الجنود وقتهم إما يُهدَدون بالقتل أو كان تُطلق عليهم مجموعة من الألقاب المعيبة ليخجلوا من حزنهم، لأنهم، كما تعرفون، في أمريكا.. في نهاية المطاف تحولت طريقة التعامل مع الحنين لتصبح أكثر لطفاً، وأصبح الحنين في حد ذاته مظهراً مقبولاً.

عندما كان الناس يشحنون أطفالهم عبر البريد:

ساعي بريد يحمل طفلا في حقيبته
ساعي بريد يحمل طفلا في حقيبته.

سابقاً، إذا كنت تملك المال الكافي فستقوم خدمة البريد بشحن أي شيء أقل من 275 سم و32 كيلوغرام لفائدتك إلى أي مكان، لذا كانت هناك الكثير من الأشياء التي قد يرغب المرء في شحنها، والتي تتناسب مع تلك الشروط، كالأطفال على سبيل المثال، وبطبيعة الحال في الوقت الحاضر من ”غير القانوني“ أن تحشر ابن أختك الصغير في صندوق ثم تشحنه إلى كمبوديا، ولكن ذلك لم يكن ممنوعاً دائماً.

قبل عام 1913؛ لم يكن بإمكان مكاتب البريد شحن أي شيء يزيد وزنه عن أربعة أرطال، لكن في 1 يناير 1913 جرى العمل بنظام الطرود البريدية الذي مكن الناس أخيراً من شحن طرود كاملة لبعضهم البعض، كانت هذه نعمة كبيرة للاقتصاد وشهدت شركات الطلب بالبريد ارتفاعاً في عائداتها، كانت عائلات الطبقة المتوسطة قادرة على توفير المال أيضاً، فبدلاً من شراء تذاكر لأطفالهم لركوب القطار كان بإمكانهم شحن أولادهم الصغار عبر البريد.

بشكل عام كان ينظر إلى قصة الآباء الذين يرسلون الأطفال بالبريد كنكتة ظريفة، ولكن في بعض الأحيان كان الأمر يحصل بالفعل، فعلى سبيل المثال شحنت إحدى العائلات ابنتها البالغة من العمر أربع سنوات قرابة 100 كلم إلى منزل جدتها وهو ما كلفها 53 سنتاً فقط، دفعتها مقابل الطوابع البريدية كأجور للطوابع.

استغرق الأمر سنة كاملة حتى تقوم مكاتب البريد بسد تلك الثغرة في نظامها، لكن كان لا يزال هناك العديد من الأمثلة على الأهالي الذين حاولوا إرسال أطفالهم في صناديق صغيرة، على أمل ألا يلاحظ أحد ذلك.

عندما استخدمت الرقصة الرباعية ”لمحاربة اليهود“:

الرقصة الرباعية
الرقصة الرباعية

الرقص الرباعي على الأرجح هو أقل أشكال الرقص إساءة، وهي الرقصة الرسمية لأكثر من نصف الولايات المتحدة، كما تتمتع بشعبية كبيرة في جميع أنحاء البلاد بشكل عام، والسبب الحقيقي لذلك أنها جيدة جداً في ”محاربة اليهود“.

على الأقل هذا ما اعتقده معادي السامية (هينري فورد) مؤسس شركة السيارات الشهيرة (فورد).. ففي عشرينيات القرن الماضي اكتسح أمريكا نوع موسيقي جديد يسمى الجاز، كان ممتعةً ومثيراً للجميع وكان (هنري فورد) يعتقد أنه سيشكل نهاية أميركا، فقد ادعى (فورد) أن اليهود صنعوا موسيقى الجاز لإفساد الشعب، واعتقد بأن المجتمع اليهودي كان يسيطر على الأمريكيين من أصول أفريقية الذين كانوا هم مصدر موسيقى الجاز في الواقع ويتلاعبون بهم، لذا لم يكن مؤسس تلك الماركة العريقة في الحقيقة شخصاً عظيماً عادياً.

كان (فورد) مُعادياً لموسيقى الجاز لدرجة أنه جعلها بالفعل واحدة من أهدافه الحياتية ورغب في تدميرها، ذلك من خلال إحياء الرقصات القديمة للأمريكيين والعمل على جعلها تحظى بشعبية مرة أخرى، تحقيقاً لهذه الغاية أنفق الملايين من الدولارات لدعم الرقصة الرباعية والموسيقى الريفية، وبالفعل أجبر موظفيه على حضور المناسبات التي تحييها وقام بتمويل البرامج الإذاعية لـ ”الموسيقى القديمة“ ونوادي الرقص الغربية، حتى أنه نشر كتاباً يشرح كيفية القيام بالرقصة الرباعية.. ثم قام بنقل شعلة العنصرية إلى آخرين عملوا في نهاية المطاف في جميع أنحاء البلاد لنشر الرقصة و”محاربة اليهود“.

مقالات إعلانية