in

تعرف على أنواع مختلفة من الرهاب كانت تعاني منها هذه الشخصيات الشهيرة

شخصيات مشهورة كانت تعاني من الرهاب بأنواعه

يرغب الملوك والرؤساء بتصوير أنفسهم كقادة حكماء، كما يميل الجنرالات وقادة الحرب للظهور بمظهر الرجال الشجعان الذين لا يهابون الموت، أما العلماء والأدباء، فعلى أعمالهم أن يخلدها التاريخ، وأن يتذكر العالم عظمتهم وإبداعهم من خلالها، لكن جميع هؤلاء الأشخاص، العلماء والرؤساء والأدباء وحتى قادة الجيوش، هم بشر طبيعيون يشبهوننا في مختلف النواحي، فلديهم نقاط ضعف بالرغم من إنجازاتهم، بل يملك بعضهم مخاوف غير منطقية.

سنتحدث في هذا المقال عن مجموعة من الشخصيات الشهيرة التي خلدها التاريخ في شتى أنواع المجالات، كالسياسية والأدبية والعلمية والفنية. الشيء المشترك بين هذه الشخصيات هو إصابتها بأنواع مختلفة من الرهاب والمخاوف. نستطيع تفهم امتلاك بعضهم لهذا الرهاب أو ذاك، لكن البعض الآخر يملك مخاوف غير منطقية أو عقلانية بتاتاً.

أكمل قراءة هذا المقال لتتعرف على أغرب أنواع الفوبيا التي يمتلكها هؤلاء الأشخاص.

19. امتلك الكاتب (هانس كريستيان أندرسن) مخيلة مذهلة، بالإضافة إلى خوفه الشديد من الدفن حياً والذي لازمه في سنواته الأخيرة من حياته

هانس كريستيان أندرسون

عُرف عن الكاتب الدانماركي (هانس كريستيان أندرسن) امتلاكه مخيلة وبصيرة مذهلتين، حيث كتب خلال مسيرته المهنية عدداً من الأعمال الكلاسيكية الموجهة للأطفال كـ«ملابس الملك الجديدة»، و«بائعة الكبريت»، و«الحورية الصغيرة» وتلك أشهر رواياته.

كانت مخيلته اليانعة سبباً في بلواه، فكان (أندرسن) مصاباً بعدد من المخاوف، وتحديداً الخوف من الدفن حياً. ووصل به الأمر إلى اتخاذ إجراءات شديدة كي يتجنب هذا المصير المريع والأسوأ من الموت.

لم يكن هذا الخوف غير عقلاني تماماً، خاصة إن أخذنا في عين الاعتبار الزمن الذي عاش فيه الكاتب، حيث كانت الحقبة الفيكتورية بمثابة العصر الذهبي لرهاب الدفن أو Taphephobia بالإنجليزية، والتي تعني حرفياً الخوف من الدفن في اليونانية.

نشرت الصحف في تلك الفترة حكايات مؤثرة ولكنها غير صحيحة أو دقيقة عن أناس استيقظوا ضمن توابيت مدفونة تحت الأرض. لربما قرأ (أندرسن)، وهو رجل متعلم ومثقفٌ يسكن في العاصمة (كوبنهاجن)، هذه الخرافات، وبالطبع لم يكن الوحيد الذي صدق هذه الإشاعات، فقد انتشر في تلك الفترة طقس غريب متعلق بدفن الموتى: حيث كان الناس يعلقون جرساً أعلى القبر ويربطونه بخيط مع التابوت، سيرن الجرس إن استفاق الرجل المدفون وسيستطيع الآخرون إنقاذه. لكن (أندرسن) اتخذ إجراءاته الخاصة بخصوص هذه المشكلة.

ترك الكاتب ملاحظة كتب فيها: ”أبدو فقط كالأموات“، ووضع هذه الملاحظة بجانب سريره كلما خلد إلى النوم، وذلك وفقاً لما جاء في مذكراته، كما اتخذ إجراءات احترازية أخرى، فكان يتجنب مثلاً المرور بجانب الكلاب، وتلك مخلوقات يخافها بشدة. كما لم يتناول في حياته لحم الخنزير لارتيابه الشديد من الموت مسمماً، ويُعتقد أيضاً أن (أندرسن) سافر في أغلب الأوقات حاملاً حبلاً في حقيبته، حيث اعتقد الكاتب أنه سيموت حرقاً لذا عليه أن يهرب من الفندق الذي يقطنه بأي طريقة.

للأسف، لم يمت (أندرسن) نتيجة الدفن حياً أو الاحتراق حتى الموت، بل مات بعد إصابته بالسرطان، وتوفي في عام 1875 بعد أن بلغ الـ70 من عمره. لقد كان رجلاً غنياً قبل وفاته، واستطاع جلب أفضل أطباء (كوبنهاجن) لمعاينته والتأكد من وفاته قبل أن يدفن في أفخم مقابر المدينة.

18. كان الرئيس الأمريكي (فرانكلين روزفلت) يخاف من النار، وكان يقوم دائماً بممارسة تدريبات إخماد الحرائق في البيت الأبيض:

فرانكلين روزفلت

كان (فرانكلين ديلانو روزفلت) الرئيس الـ 32 للولايات المتحدة الأمريكية، وكان مشهوراً بعبارة خاطب فيها الشعب الأمريكي قائلاً: ”لا تخافوا من شيء إلا من الخوف نفسه“، حيث عرف عن الرئيس (روزفلت) امتلاكه بضعة مخاوف.

لم يكن وصول (روزفلت) إلى قمة السلطة أمراً سهلاً على الإطلاق، فكان عليه التغلب على عدد من المصاعب في طريقه للوصول إلى البيت الأبيض والبقاء في سدة الحكم لتنفيذ مخططاته الهادفة لجعل العالم أكثر عدلاً وأماناً. وبالرغم من النجاح الذي حققه (روزفلت)، كان خوفه من الموت محترقاً أكبر وألد أعدائه.

ظهر هذا الخوف لدى (روزفلت) عندما كان صغيراً، وفقاً لأحد كُتّاب سيرته الذاتية. حيث شهد (روزفلت) في طفولته حادثاً مأسواياً توفيت فيه خالته (لورا) بعد اشتعال منزلها جراء احتراق المصباح. من الواضح أن مشهد خالته وهي تركض محترقة قد حُفر في ذاكرته ولازمه طول حياته، فأصبح الموت حرقاً رهاباً حقيقياً.

كشف موظفو الرئيس أنه رفض غلق باب غرفته في الليل، فعوضاً عن القلق من اقتحام قاتلٍ مأجورٍ غرفته غير المقفلة (على سبيل المثال)، ارتعب (روزفلت) من فكرة اندلاع حريق ما ووفاته جراء بقائه محتجزاً في غرفته، لذا كان إقفال باب الغرفة كابوساً حقيقياً له، وكان (روزفلت) يمارس تمارين إخماد الحرائق بنفسه، حتى عندما اشتد الشلل الذي أصيب به واضطره لاستخدام كرسي متحرك، فكان ينزل عن كرسيه ويحاول الزحف باتجاه الباب أو النافذة بالرغم من مرضه.

لم يعاني الرئيس الأمريكي السابق من فوبيا واحدة فقط، بل كان يخاف من خرافات أخرى سطحية بالرغم من كونه رجلاً متعلماً وعقلانياً، فكان يخاف من يوم ”الجمعة الـ 13“، أو ما يُعرف بالإنجليزية باسم Friday 13th (وتلك خرافة تدعي حدوث شيء سيئ إن وقع يوم الجمعة في الثالث عشر من الشهر).

رفض (روزفلت) القيام بأي رحلة في ذلك اليوم، وكان يلغي أي لقاءٍ رسمي في ذلك الميعاد. توفي الرئيس يوم الخميس في الثاني عشر وليس يوم الجمعة في الثالث عشر، كما كان سبب الوفاة طبيعياً وليس حريقاً.

17. أحب (أدولف هيتلر) أن يظهر بمظهر البطل الخارق، لكنه كان يخاف جداً من أطباء الأسنان، مما يفسر امتلاكه أمراضاً فموية عديدة:

هيتلر

عندما ألقت القوات السوفييتية القبض على ضابط الـSS (يوهانس بلاشكي) في نهاية الحرب العالمية الثانية، كانوا متشوقين للتحقيق معه، حيث كان (بلاشكي) طبيباً خاصاً لعدة شخصيات نازية رفيعة، وتبيّن أن (بلاشكي) كان الطبيب الشخصي للزعيم النازي (أدولف هيتلر) بذاته.

أدان (بلاشكي) الزعيم النازي ومريضه السابق، لكن بدلاً من انتقاد ممارساته وجرائمه بحق الإنسانية، وصف الطبيب مريضه بالمزعج، وأوضح أن لدى (هيتلر) رهابٌ شديدٌ من أطباء الأسنان، بالرغم من وحشيته.

عانى (هيتلر)، وفقاً لطبيبه الشخصي (بلاشكي)، من نفَسٍ كريه جداً وخراجات ومشاكل في اللثة، وبالرغم من هذه المشاكل الفموية العديدة، لم يزر (هيتلر) طبيبه إلا في الحالات الشديدة عندما يكون ألمه مبرحاً. ربما كان هذا الخوف مبرراً بعض الشيء، فقد احتاج (هيتلر) لحشو قناة الجذر، فاضطر للذهاب إلى الطبيب 8 مرات، ثم احتاج عام 1944 لزرع 10 حشوات، في وقتٍ تعرض فيه لمحاولة اغتيال تركت شظايا معدنية في وجهه. لا بدّ أن ألمه كان مروعاً.

يرجع (بلاشكي) سبب صحته السيئة إلى نظامه الغذائي الضعيف عندما كان (هيتلر) مجرد متسكع في شوارع (فيينا) في الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى، واتضح أن (هيتلر) لم يكن العضو الوحيد من النخبة النازية الذي عانى من رهاب أطباء الأسنان، حيث بيّن (بلاشكي) أن (هيرمان غورينغ) قد عانى من ذلك الخوف أيضاً، ويبدو ذلك صحيحاً، حيث يُقال أن (غورينغ) –وهو من أوجد أكثر المنظمات رعباً: الشرطة السرية (الغيستابو) – بكى قبل أن يجلس على كرسي الطبيب، كما اضطر مرافقوه إلى تثبيته أثناء العلاج.

استخدمت سجلات الأطباء التي توثق تاريخ مرضى متوحشين كهؤلاء في التعرف على جثثهم في نهاية الحرب، فعلى سبيل المثال، تم التعرف على جثة (أدولف هيتلر) عن طريق جسر سني، بالرغم من إحراق جثته خارج خندقه المحصن في برلين، كما تم التعرف أيضاً على سكرتيره الخاص (مارتن بورمان) عن طريق أسنانه.

16. كان (سالفادور دالي) يخاف من الحشرات، وتحديداً من الجندب، وهو أمر استخدمه في أعماله الفنية:

سلفادور دالي

كان (سلفادور دالي) واحداً من أشهر الرسامين في جميع أنحاء أوروبا، وأصبح اليوم من أبرز الفنانين في جميع أنحاء العالم، ويحتفى بعبقريته وأصالته. لكنه لم يكن على هذا القدر من الشهرة دائماً، فعندما كان صغيراً في (كتالونيا)، تعرض للتنمر من أطفال في سنه، وأطلق عليه هؤلاء الصبية ألقاباً استهزائية، وكانوا يلقون بحشرات الجندب عليه.

أدى هذا الفعل إلى خلق أثر طويل الأمد عند (دالي)، فعانى في مرحلة مبكرة من حياته من رهاب فظيع من الجنادب، وحتى عندما أصبح كبيراً كان صوت الجندب لوحده قادراً على إزعاجه وجعله يرتعد خوفاً، وهو شيء لاحظه القريبون منه.

عانى (دالي) بجانب هذا الرهاب من متلازمة Ekbom، وهي حالة يعتقد فيها المريض أن الحشرات تزحف على جسده، ويعتقد بعض المرضى أنهم يرون هذه الحشرات، لكن دالي تقبل هذا المرض، كما استطاع التعايش مع خوفه من الجنادب في المجمل. حيث استطاع الفنان الإسباني استغلال قلقه الشديد من هذه الحشرات في خلق أعمال مبهرة، حيث كانت دافعاً رئيسياً وراء العديد من أعماله، مما دفع بالنقاد والمؤرخين لاكتشاف ما كان يجري في دماغه.

وفقاً للعلماء، استخدم دالي الجندب للدلالة على التعفن والدمار، وكان عادة يرسمها بمقاييس أكبر من الواقع بكثير، موضحاً أرجلها وأفواهها، وصور في بعض اللوحات جندباً يلتهم عناصر أخرى في اللوحة، واستخدم الجنادب أيضاً لتجسيد الخوف في بعض الأحيان لإعطاء فكرة أوسع عن التعفن.

وكذلك استخدم النمل في لوحاته للتعبير عن أفكار الموت والتحلل، لكن بعض النقاد يعتقدون أن استخدام (دالي) لأسراب من النمل في لوحاته تعبير عن الشهوة الجنسية لدى الإنسان، وبصرف النظر عن التفسير الملائم للوحات هذا العبقري، من الواضح أن مخاوفه كانت مصدر إبداع له، حتى لو جعلت من حياته جحيماً.

15. ربما كان (أغسطس قيصر) واحداً من أقوى الرجال في العالم، لكن لدى الإمبراطور الروماني رهاب شديدٌ من الظلام والبرق والرعد:

تمثال الإمبراطور أغسطس قيصر

كان على الإمبراطور في روما القديمة أن يكون خارق القوة، وكان (أغسطس قيصر)، وهو أول إمبراطور روماني، جاهزاً لهذه المهمة. وبالفعل، حكم (أغسطس) إمبراطوريته الهائلة منذ عام 27 قبل الميلاد وحتى موته في 14 ميلادي بقبضة حديدية.

استطاع (أغسطس) هزم أعدائه وإبعادهم عن الإمبراطورية، وخاض حروباً عديدة مع آخرين. كما أمر بإعدام عدد لا بأس منه من أصدقائه المقربين وحلفائه كي يتفرد بالسلطة، فمن الطبيعي أن يكون قائد كهذا مصاباً بالبارانويا أو رهاب الارتياب، فكان يخاف من قيام قاتل مأجورٍ باغتياله بنفس الطريقة التي اغتال بها المتآمرون (يوليوس قيصر).

لم يكن خوفه من الاغتيال مروّعاً بقدر خوفه من الظلام والرعد والبرق، حيث أشار المؤرخ الروماني (سويتونيوس) إلى مخاوف الإمبراطور، وبين أن رجل الإمبراطورية أصيب بالرعب جراء حادثة حصلت في حملة Cantabrian. فوفقاً للرواية، أصابت صاعقة واحداً من العبيد وقتلته عندما كان يسير بالقرب من (أغسطس).

اعتبر الإمبراطور هذه الحادثة إشارة وعلامة على غضب الآلهة منه، لذا أمر على الفور بإنشاء معبد مكرس للآلهة (جوبيتر)، وهي آلهة الرعد الرومانية، لكن هذا الإجراء الوقائي لم يق (أغسطس) من الخوف عندما تمطر السماء.

كان الامبراطور يخاف أيضاً من الظلام، و(سويتونيوس) هو من كشف نقطة ضعف الرجل العظيم. وحتى إن لم يكن الخوف من الرعد رهاباً حقيقياً، من الواضح أن (أغسطس) قد كره البقاء وحيداً في الظلام، ويُعتقد أن خوفه ازداد على مر السنين، حيث آمن أن الآلهة أرادت معاقبته طوال حياته، لكن بعض المؤرخين الذين كانوا على دراية بحياة (أغسطس) يعتقدون أنه كره الاستراحة أثناء الليل فقط، وأنه يفضل البقاء بصحبة الناس والاستيقاظ والانشغال بالتخطيط ليومه.

14. كره القيصر الروسي بطرس الأكبر الحشرات، وأمر خدمه بالعمل طوال اليوم في القضاء عليها:

القيصر الروسي بطرس الأكبر

حكم بطرس الأكبر القيصرية الروسية لأكثر من 40 عاماً، وكان قائداً قوياً ورجلاً عظيماً ومتعلماً: حيث سافر في جميع أنحاء أوروبا وتلقى الكثير من العلم وأحدث تغييرات جذرية في المجتمع والقيصرية الروسية، ومازال الروس يعتبرون (بطرس) بطلاً قومياً حتى يومنا هذا.

لكن (بطرس) كان إنساناً طبيعياً كغيره من البشر، أي كانت له مخاوفه كأي شخص آخر، فكان يخاف من الحشرات، وذلك أمر اضطر إلى مواجهته كل يوم.

لا يعرف أحد سبب خوف (بطرس) من هذه الحشرات الزاحفة والمخيفة، فهل كان سبب الرهاب صدمة نفسية منذ الطفولة أم رهابٌ نشأ خلال جولاته في أوروبا عندما كان صبياً؟ لكن الشيء الأكيد أن هذه الفوبيا قد تملكت القائد الروسي عندما صعد إلى العرش، حيث يقال أن (بطرس) أمر خدمه بدخول الغرف قبله والتأكد إن كانت تحوي حشرات، وكان واجب الخدم تفتيش كل الغرف والتأكد من خلوها من أي حشرة قبل أن يدخل القيصر إليها، أما الفشل في هذه المهمة فيعني عواقب وخيمة، حيث قام (بطرس) في إحدى المرات بلكم أحد حراسه بعد أن اكتشف وجود صرصور في منزله.

كان خوف (بطرس) من الحشرات أمراً واضحاً ومعروفاً، لكنه ليس نقطة الضعف الوحيدة لدى القيصر، حيث تُشير سجلات تلك الحقبة إلى وجود أشياء أخرى تُعكّر مزاج القيصر الروسي، فكان يعاني من رهاب الخلاء أو الـAgoraphobia، أي فضّل دائماً البقاء في منزله عوضاً عن الخروج، كما أمر (بطرس) بأن تكون أسقف غرفه مرتفعة جداً، وربما كان رهاب الخلاء هو الدافع وراء هذا الطلب.

عُرف عن القيصر أيضاً خوفه من عبور الجسور، خاصة تلك التي تصل بين الأنهار، وهو أمر مثير للاهتمام، فإن كان (بطرس) حقاً يخاف من الجسور، فما الذي دفعه لإنشاء مدينة بطرسبرغ التي تتموضع على رقعة كبيرة من الأهوار؟

13. عانى (إدفارد مونك) من رهاب الخلاء والخوف من الأماكن المفتوحة والحشود، وانعكس ذلك في أعماله الفنية:

إدفارد مونك

تحدث (إدفارد مونك) عن العلاقة المعقدة التي تجمع بين أمراضه النفسية ولوحاته الفنية الشهيرة، حيث قال: ”تنتمي عيوبي إلى شخصيتي وفني، لقد أصبحت تلك المخاوف جزءاً مني، وسأصبح كسفينة تائهة في عرض البحر بدون القلق والمرض“.

عانى الفنان النرويجي من عدد لا بأس به من الأمراض العصبية والرهاب، واستغل عدداً جيداً منها في أعماله الفنية، ومن المعروف إصابته برهاب الـAgoraphobia، وهو رهاب الأماكن المفتوحة أو رهاب الخلاء. بالتالي أثر ذلك على شخصيته وحياته المهنية.

وفقاً لأساتذة (مونك) ومدرسيه، تأصل خوفه من الأماكن المفتوحة والواسعة منذ طفولته، حيث تعرض وقتها إلى صدمة نفسية. كان (إدفارد) بعمر الخامسة عندما توفيت والدته جراء السل الرئوي، ثم ماتت أخته بعد عدة أعوام جراء إصابتها بالمرض ذاته، وربما دفعه ذلك إلى الخوف من الأماكن المفتوحة والخروج من المنزل.

أصيب (مونك) بنوبة دفعته إلى البقاء في المستشفى عندما كان رجلاً يافعاً، وأمضى الـ 35 عاماً الأخيرة من حياته في عزلة شبه تامة، حيث بقي في المنزل مركزاً على عمله وفنه. لم يتحدث مطلقاً إلى الخدم الذين أتوا إلى المنزل للتنظيف والطهي، ولم يستطع أحد منهم البقاء مدة طويلة في المنزل بسبب انشغال الفنان برسوماته، وهو أمر غير مستبعد على الإطلاق.

هناك اعتقاد شائع أن أكثر أعمال (مونك) شيوعاً –وهي لوحة «الصرخة»– هي تعبير صارخ عن مشاعره، ويعتقد آخرون أن هذا العمل الإبداعي هو تجسيد للمعاناة الحقيقية من رهاب الخلاء. أو ربما كانت ردة فعل عن الحياة الصعبة والمتعبة التي استهلكتها الأمراض والعلل، وفوق كل ذلك، عانى (مونك) من إدمان الكحول الشديد، كما شُخص أيضاً بمرض الفصام.

12. كان (هاورد هيوز) طياراً ومليارديراً وزير نساء في شبابه، لكن هوسه ورعبه من الجراثيم سيطر على حياته لاحقاً:

هاورد هيوز

كان (هاورد هيوز) واحداً من رواد عصره، وكان له دورٌ أساسي في تطوير صناعة الطائرات على الشكل الذي نعرفه اليوم، كما كان طياراً شجاعاً وذكياً أيضاً، وأصبح لاحقاً منتج أفلام ناجح ورجل أعمال ثري. وبالرغم من نجاحه في مجالات عديدة، عُرف عن (هيوز) طباعه الغريبة، وتحديداً خوفه ورهابه الشديدين، حيث سيطر رهاب الجراثيم القاتل على جزء كبير من حياته خاصة في السنين الأخيرة، وهو الرهاب الذي قاده إلى عزلة شبه تامة لأكثر من 20 عاماً.

أجرى الأطباء بعد موت (هيوز) فحصاً لدماغه عام 1976 في محاولة منهم لمعرفة سبب موته، وعندما لاحظوا أسلوب حياته توصلوا إلى معرفة سبب تصرفاته الغريبة التي استحوذت عليه في السنوات الأخيرة، والتي تمتد جذورها إلى مرحلة الطفولة. كان (هيوز) فتى مدللاً في صغره، حيث كانت والدته تخاف عليه بشكل مفرط من كساح الأطفال فأبقته في عزلة عن بقية الصبية، كما كانت والدته مصابة بالوسواس، خاصة عندما يتعلق الأمر بالجراثيم والنظافة.

أصيب (هيوز) بالبارانويا والخوف من الجراثيم عندما كبر، حيث طلب من خدمه أخذ احتياطات شديدة، وكان عليهم مراجعة عدد هائل من التعليمات واستشارته قبل تحضير غدائه أو تنظيف غرفه الشخصية، ويدعى هذا المرض بمعايير الوقت الحاضر بالوسواس القهري. وكان بقاؤه وحيداً أو في عزلة لمدة طويلة كابوساً مريراً، فكان يتجول في المنزل مرتدياً علباً من المناديل الورقية بدلاً من الأحذية.

لكن المثير للسخرية أن (هيوز) أهمل صحته الجسدية ونظافته في الأعوام الأخيرة من حياته، حيث كان مؤمناً أنه سيبقى نظيفاً إن كان بمعزل عن الجراثيم فقط، لذا لم يكن يغتسل أو يغسل أسنانه لعدة أشهر.

توفي (هيوز) نتيجة فشل كلوي في الـ 70 من عمره، حيث قادته مخاوفه ووساوسه لإدمان مادة الكودين مما أدى إلى قدره المحتوم.

11. عانى الرئيس الأمريكي جورج واشنطن كالعديد من الرؤساء من رهاب الدفن، أي الخوف من الدفن حياً:

جورج واشنطن

كان (جورج واشنطن) شخصاً لامعاً، وهو أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة وأول رئيس لها، لكنه أيضاً عانى من بعض المخاوف كأي شخص آخر، وكان يخاف تحديداً من أن يدفن حياً. نستطيع تبرير خوفه فلم يكن في الولايات المتحدة الأمريكية أجهزة لقياس النبض في القرن الثامن عشر، لذا كان بعض الناس يدفنون أحياء لأنهم يبدون كالموتى، ولم يكن (واشنطن) الوحيد الذي عانى من رهاب الدفن، بالرغم من منصبه كرئيس للولايات المتحدة، والذي يسمح له باتخاذ إجراءات وإعطاء أوامر لتجنب هذا الخوف.

لم يظهر (واشنطن) أي علامات تدل على خوفه من الدفن حياً عندما كان في سن مبكرة، لكن الفوبيا استحوذت عليه عندما أصبح قريباً من الموت على ما يبدو، فأمر الرئيس أن تترك جثته على حالها ليومين كاملين، حتى يتمكن الأطباء والخدم الشخصيون، وربما جميع الناس وتحديداً حفارو القبور، من تأكيد موته.

أشعل رهاب (واشنطن) من الدفن حياً مخاوف الشعب أيضاً، فخلال القرن التاسع عشر، انتشرت أسطورة عن أناس دفنوا أحياء وآخرين أنقذوا من الموت بعد دفنهم، وآخرون لم يستطيعوا النجاة. انتشرت هذه الأسطورة في أمريكا وأوروبا أيضاً، حيث أفاد بعض العلماء أن نحو 2% من الموتى المدفونين ربما كانوا في غيبوبة وليسوا أموات.

10. نجا الزعيم الكوري (كيم جونغ إل) من حادث تحطم طائرة مروحية، وسبب له هذا الحادث معاناة وخوفاً من الطيران لازمه طوال حياته:

كيم جونغ إيل

في عام 2001، قام زعيم كوريا الشمالية (كيم جونغ إل) بزيارة رسمية إلى روسيا، واستغرقت الرحلة 24 يوماً! هل تعلم سبب ذلك؟ طلب الزعيم الكوري أن تكون الرحلة في القطار، وكان السبب الرئيسي وراء اختياره وسيلة نقل بطيئة هو خوفه من الطيران.

هناك العديد من الشائعات والأساطير التي تدور حول كوريا الشمالية، إن معظمها غير صحيح على الإطلاق ومجرد بروباغاندا كورية لتلميع صورة الرئيس، لكن خوفه من الطيران هو أمر حقيقي فعلاً.

تعرض الزعيم (كيم جونغ ال) إلى حادث أثناء ركوبه مروحية عام 1976، ترك هذا الحادث أثراً نفسياً وجسدياً على (كيم)، فأصيب الرجل برهاب الطيران ولاحقه هذا الخوف طيلة حياته، ولم يسافر بعد هذه الحادثة إلا على الطرق البرية، وعندما استلم قيادة دولة كوريا الشمالية بعد وفاة والده، لم يقم بأي رحلة على الطائرة مهما كان السبب.

بالرغم من اختياره السفر بالقطار، إلا أنه أعد مقطورة خاصة به تليق بمنصبه، حيث امتلك الزعيم الكوري سرباً مؤلفاً من 6 قطارات مدرعة وشبكة من محطات القطار الخاصة والآمنة لأسباب تتعلق بسلامته الشخصية، ويقال أن قطارات الزعيم الكوري لا تسير بسرعة أعلى من 60 كم في الساعة، وهو ما يفسر الوقت الطويل الذي يحتاجه للسفر إلى بلدان أخرى كما حصل معه في رحلته إلى موسكو.

لقد ورث زعيم كوريا الحالي (كيم جونغ أون) عدة صفات من والده، والاستبداد طبعاً من ضمنها. لكن الزعيم الحالي لم يبد خوفاً من الطيران أو المرتفعات على نحو مثير للدهشة، فهناك العديد من الصور الملتقطة لـ(أون) وهو ينزل من الطائرة مبتسماً، حيث يشاع أن لدى الزعيم رغبة في تصوير نفسه كرجل خارق لا يملك أي مخاوف. وعلى أي حال، لا زال (كيم جونغ أون) يستعمل شبكة قطارات والده الفخمة والخاصة، حيث سافر على متن قطار إلى الصين لإجراء محادثات تاريخية قبل عدة أعوام.

9. استطاع المؤلف الفرنسي (مارسيل بروست) كتابة أعماله في عزلة تامة، حيث ساعده رهاب الخلاء في البقاء مركزاً على أعماله وغير مكترث بمشاغل الحياة:

مارسيل بروست

يعتبر (مارسيل بروست) واحداً من أعظم الأدباء في التاريخ، ويعد كتاب «البحث عن الزمن المفقود» واحداً من أعظم الأعمال الملحمية، وهو عمل ضخم مؤلف من سبعة مجلدات كتبها بين عامي 1913 و1927، يفوق عدد صفحاتها الـ3000 صفحة.

إذاً كيف استطاع (بروست) إيجاد الوقت الكافي لكتابة هذا الكم الهائل من الصفحات؟ الجواب هو رهاب الخلاء، وهو المرض الذي أُصيب به (بروست)، ويمكننا اعتبار هذا المرض نعمة وليس نقمة في هذه الحالة. ساعد رهاب الخلاء في إبقاء (بروست) جالساً ومنهمكاً في الكتابة، ولا يعكر مزاجه أي شيء، حيث استطاع كتابة 230 صفحة كل عام على مدار 14 عاماً.

وفقاً للأقاويل، عاش (بروست) في مركز مدينة باريس، وبدلاً من استمتاعه بهذه المدينة الخلابة من شقته الفارهة، قام بإغلاق الستائر طوال الوقت، كما قام بعزل جدران غرفة الكتابة مستخدماً الفلين، وكان (بروست) يفضل البقاء في السرير في عزلة تامة ومنهمكاً في الكتابة ضمن حيز خال من الضوضاء، ويعتقد أن الكاتب قضى 90% من وقته جالساً على كرسي الكتابة أو مستلقياً على السرير، ولا نعتقد أن (بروست) ندم على اتخاذ قرار كهذا، بل يبدو أنه أحب العزلة –كما أظهرت كتاباته – بل أراد تفادي رؤية الناس والخروج من المنزل عموماً.

يعتقد بعض مدرسي (بروست) أن مرضاً خطيراً في مرحلة الطفولة هو السبب وراء رهاب الخلاء الذي أصيب به، وربما كانت هذه الصدمة في مرحلة الطفولة، بالإضافة إلى مشاكله الصحية المتعلقة بالربو، سبب خوفه وعدم رغبته بالخروج من منزله، وإن اطلعنا على سنوات حياته الأخيرة، سنرى أن المرض النفسي والجسدي هو سبب تصرفاته الغريبة، حيث بقي (بروست) خلال السنوات الـ3 الأخيرة من حياته في منزله طوال الوقت، وكان ينام خلال النهار ويستيقظ لتناول وجبة واحدة، ثم يقضي بقية اليوم منشغلاً بالكتابة.

8. عانى (توماس جيفرسون) من الرهاب الاجتماعي، وكان يخاف بشدة من التحدث إلى العامة، وقد يتظاهر أحياناً بالمرض إن دعي لإلقاء خطاب ما:

توماس جيفرسون

كان (توماس جيفرسون) واحداً من مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية، كما كان عضواً مهماً في وضع أسس إعلان الاستقلال، وخدم (جيفرسون) في منصب نائب الرئيس، ثم تولى منصب الرئيس. أي كان أحد الأشخاص المهمين جداً في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديداً تلك المعتقدات والأفكار القوية التي كان يحملها، والتي جعلته واحداً من أعظم الرؤساء الأمريكيين.

تحدث (جيفرسون) عن مجموعة كبيرة من القضايا والمسائل التي تخص الحرية الشخصية والتحرر، لكنه كان يخاف بشدة من التحدث أو إلقاء الخطابات علناً، غير أنه قام بتحدي هذا الرهاب الاجتماعي والوصول إلى منصب الرئيس الأمريكي هو أمرٌ مدهش تماماً ويتطلب مقداراً هائلاً من الشجاعة.

كان (جيفرسون) فخوراً بمشاركته في إعلان الاستقلال في شهر يوليو عام 1776، لكنه كان يرتعب بشدة إن طلب منه أحد قراءة الإعلان بصوت مرتفع، ويُعتقد أن (جيفرسون) حمل معه نسخة من إعلان الاستقلال طوال الوقت، والفرق في هذه النسخة أنها تحتوي علامات صوتية على بعض الكلمات لمساعدته في القراءة علناً إن طلب منه ذلك.

بالطبع لم يستخدمها (جيفرسون) طوال الوقت، بل حاول دائماً التملص من التحدث علناً في المناسبات. وكان يدعي إصابته بمرض ما في عدة مناسبات كي يتجنب إلقاء الخطابات أمام الحشود، وادعى (جون أدامز) مرة أنه لم يسمع (جيفرسون) يتحدث أكثر من جملتين في أغلب الأوقات، بالرغم من كونهما يعملان معاً في واشنطن!

ادعى الأطباء النفسيون في الآونة الأخيرة أن (جيفرسون) كان مصاباً برهاب اجتماعي شديد، وأن الرئيس لم يكن يخاف من التحدث علناً فحسب، بل كان يشعر بالقلق أيضاً إن طُلب منه الكتابة عن نفسه. وبالمناسبة، عبر (جيفرسون) في الصفحات الـ20 من سيرته الذاتية عن خوفه من الكتابة عن نفسه، حيث أوضح أنه ربما تحدث كثيراً عن شخصيته وحياته.

7. كان لدى (ألفريد هيتشكوك) عادات غريبة واضطرابات نفسية، وتحديداً خوفه وكرهه الشديدين لبيض الدجاج:

ألفريد هيتشكوك

كان لدى المخرج السينمائي (ألفريد هيتشكوك) علاقة معقدة مع الطعام، فقد كان مدمناً على شرائح اللحم والمثلجات، وعند الانتهاء من تناولها، يصيب (هيتشكوك) شعور قاتل بالذنب وكره الذات. لكن علاقته مع الطعام عموماً ليست غريبة بقدر علاقته مع البيض. خلاصة القول: عانى هيتشكوك من رهاب Ovophobia، وهو رهاب البيض وتحديداً بيض الدجاج.

صرح مرةً في إحدى المقابلات قائلاً: ”إنني ارتعب من البيض، ذلك الشيء الأبيض المدور الذي لا يملك أي ثقوب… هل رأيت في حياتك شيئاً أكثر إزعاجاً من بياض البيض الذي يسيل منه ذلك السائل الأصفر المستفز؟“

إن سبب هذا الرهاب غريب جداً، وهو أقرب إلى اللغز الغامض. لم يعترف (هيتشكوك) أنه مصاب بصدمات تتعلق بالبيض أثناء مرحلة الطفولة، ولم يخض أي تجارب سيئة عند تناول البيض. على العكس تماماً، كره (هيتشكوك) البيض بالرغم من أنه لم يتناوله مطلقاً طيلة حياته.

إن رهاب بيض الدجاج هو أغرب مخاوف (هيتشكوك)، لكنه عانى أيضاً من مخاوف أخرى كثيرة، واستثمر هذا المخرج العبقري مخاوفه في صناعة عمل إبداعي وفريد، فعلى سبيل المثال كان يخاف من الجنس والمرتفعات، ولازمه خوف طيلة حياته من اعتقاله عن طريق الخطأ، أما خوفه الأخير، فيعود إلى مرحلة الطفولة عندما كان والده يحبسه في زنزانة الشرطة ليلقنه درساً عن حسن التصرف والسلوك.

6. كان ملك إنجلترا (هنري الثامن) يخاف بشدة من الجراثيم، وكان يتخذ إجراءات شديدة لتجنب الإصابة بالأوبئة والأمراض التي انتشرت في العصور الوسطى:

هينري الثامن

كان (هنري الثامن) زير نساء، وتزوج ستة مرات، كما امتلك عشرات العشيقات، ولم يخف علاقاته الفاضحة على الإطلاق، لكن علاقات الملك الغرامية ليست السبب الذي دفعه إلى النوم في سرير مختلف كل يوم ولمدة صيف كامل. في الحقيقة، إن السبب وراء هذه العادة الغريبة يعود إلى خوف الملك الشديد من الإصابة بالأمراض، وإن كان لدى العلماء في زمن آل (تيودور) أدنى معرفة بتلك الكائنات المجهرية، لشخصوا الملك برهاب الجراثيم، وبصرف النظر إن علموا باضطرابات الملك أم لا، فمن سيستطيع التفوه بحرف عن عادات وطقوس الملك.

لم يكن النوم في سرير مختلف كل يومين الإجراء الاحتياطي الوحيد الذي اتخذه (هنري)، فقام الملك بعزل نفسه في عدة مناسبات عن العامة لعدة أسابيع، وتشير كتب التاريخ إلى قضاء الملك فترة عزلة تامة في خريف 1517، ثم امتنع عن رؤية أحد لعدة أسابيع في صيف عام 1528، وفي كلتا الفترتين، اجتاح وباء مملكة إنجلترا مما دفع بالملك إلى الخوف على صحته، وهو أمر منطقي نوعاً ما.

كان لدى (هنري) ما يسمى بمرض التعرق، فمنذ نهاية القرن الخامس عشر، اجتاحت سلسلة من الأوبئة جميع أنحاء أوروبا مسببة هذه الحالة الصحية الغريبة. يبدأ المرض فوراً، وخلال ساعات، يصبح المريض مغطى بعرق بارد، ويعتقد أن 50% من السكان الحاملين لمرض التعرق قد فارقوا الحياة في غضون 24 ساعة.

عاش الملك في حالة من الرعب بعد انتشار الوباء، وطرد من مجلسه أي شخص قد يحمل علامات المرض، وكلما ضربت سلسلة من الأوبئة القارة الأوروبية كان الملك يعزل نفسه تماماً حتى يشعر أن الوباء قد زال وأن الوضع أصبح آمناً.

قد يعتبر هذا السلوك وسواسياً، بل حتى نوعاً من البارانويا، لكن قرار العزلة في تلك الظروف حكيم بلا شك. ففي نهاية المطاف، توفي (هنري) عام 1547 عن عمر يناهز الـ 55 عاماً، وسبب وفاته هو نظامه الغذائي السيئ وقلة نشاطه وليس بسبب الأوبئة او الأمراض.

5. كان جنكيز خان واحداً من أشرس وأعتى قادة الحروب في التاريخ، لكنه كان يهاب الكلاب:

جنكيز خان

كان (جنكيز) خان قائداً مخيفاً وشجاعاً ومحارباً لا يخشى الموت. ولد عام 1162 وشق طريقه حتى وصل إلى قيادة عشيرته وتوحيد القبائل المغولية حتى لو اضطر لاستعمال القوة. توسعت حدود الامبراطورية المغولية من شرقي أوروبا وحتى بحر اليابان، واستمر توسعها حتى بعد وفاته لتصبح أكبر إمبراطورية في ذلك الوقت، وبالرغم من قوة وعظمة (جنكيز خان)، لم يخل القائد الشجاع من العيوب: فقد كان يخاف من الكلاب.

لجأ (جنكيز خان) إلى استعمال القوة المفرطة والطرق الوحشية لتحقيق الانتصارات، فعندما يحتل المغول قرية ما كانوا يقتلون جميع أفرادها، وكان (جنكيز) يأمر رجاله بقتل جميع القطط والكلاب في القرية، وتلك طريقة اتبعها الزعيم المغولي لنشر الرعب في جميع أنحاء إمبراطوريته، وحتى المناطق الأخرى التي لم تكن خاضعة لسلطته، كما استطاع بتلك الطريقة قتل ألد أعدائه: الكلاب.

هناك سببٌ وجيه يفسر خوف (جنكيز خان) من الكلاب، حيث كانت تلك الحيوانات كبيرة جداً ومخيفة في منغوليا، وكانت تُستخدم للصيد أو لحماية القطيع من الذئاب، ولكي تتخيل مدى قوتها، تذكر فقط أن واحداً من أقوى الرجال في التاريخ يخاف منها!

حاول أعداء (جنكيز خان) استغلال نقطة ضعفه تلك، فقاموا بانتقاد قوته وشجاعته، وكان والده واحداً من هؤلاء الأشخاص الذين شككوا في شخصيته، فعند زواج (جنكيز خان)، تحدث الوالد لعائلة زوجته قائلاً: ”إن ابني يخاف من الكلاب، لا تدعوه يخشى تلك الحيوانات“، ومما لا شك فيه أن (جنكيز خان) لم يستسلم لهذا الرهاب، ولم يردعه خوفه من احتلال نسبة مروعة من أراضي العالم القديم.

4. كان لدى الرئيس الأمريكي (ريتشارد نيكسون) رهابٌ من المستشفيات، واعتقد أن دخول المشفى يعني أنه لن يخرج منه حياً:

ريتشارد نيكسون

يُعتبر (ريتشارد نيكسون) واحداً من أكثر الرؤساء الأمريكيين إثارة للجدل، حيث تميزت حقبته بعددٍ من الأحداث المهمة، وتحديداً فضيحة (ووترغيت) التي دفعت (نيكسون) إلى التنحي عن الرئاسة، وحصلت تلك الحادثة نتيجة رغبة (نيكسون) وطموحه الدائم في الوصول إلى القمة والبقاء متربعاً على عرش الرئاسة.

لم يستطع أي شيء الوقوف في وجه طموحاته، ولا حتى الأمراض الخطيرة. لكنه شُخّص عقب استقالته بجلطة دموية خطيرة، ولم يكن لدى الرئيس الأسبق أي رغبة بدخول المستشفى وإجراء الفحوصات. لم يكن الخوف من فقدان السلطة السبب وراء إهمال صحته، بل السبب هو خوفه من دخول المستشفيات.

يخاف العديد من الناس، ومنهم قادة العالم، من دخول المستشفيات أو زيارة الأطباء، لكن عدداً قليلاً من الناس يملك رهاب Nosocomephobia، وهو خوفٌ شديد من دخول المستشفيات. من الواضح أن (نيكسون) قد عانى من هذا الرهاب، وكان شديد البارانويا والارتياب من دخول المستشفيات، فكان يعتقد أن حالته الصحية ستسوء إن دخل مستشفى بقصد العلاج، وقد يصل به الارتياب إلى حد اعتقاده أنه سيفارق الحياة إن دخل مستشفى.

عندما نُصح بدخول المستشفى وإجراء الفحوصات اللازمة للتحقق من الجلطة الدموية، أجاب قائلاً: ”إن دخلت المستشفى فلن أخرج منه حياً“، غير أن جراحي البيت الأبيض حذروا (نيكسون) من إهمال حالته الصحية، وأوضحوا له أن الموت بانتظاره إن لم يجرِ الفحوصات اللازمة. بالطبع، قام (نيكسون) بمواجهة مخاوفه وزيارة المستشفى، وزاره الرئيس التالي للولايات المتحدة (فورد) أثناء إقامته هناك.

هناك سبب يفسر تجنب (نيكسون) زيارة المشافي، لطالما تجنب مواجهة مخاوفه، وصعد بسرعة هائلة إلى قمة الحكم في الولايات المتحدة، لكن عندما واجه رهاب المشافي ودخل لإجراء الفحوصات، ظهرت أنباء سيئة بالنسبة لـ(نيكسون): حيث صدرت نتائج انتخابات عام 1974، وكانت تلك الانتخابات كارثية بالنسبة للحزب الجمهوري، خصيصاً بعد فضيحة (ووترغيت). توفي (نيكسون) في نهاية المطاف عام 1994 في مستشفى نيويورك بعد أن عانى من سكتة لم يستطع الخروج منها.

3. كان نابليون الثالث يخاف من القطط بشدة، وكان يرتعد ويقفز على أثاث القصر عندما يرى تلك الحيوانات:

نابليون الثالث

لم يكن الإمبراطور (نابليون بونابرت) رجلاً قصيراً، بل كان طوله مناسباً جداً لمتوسط طول الرجال الفرنسيين في القرن الثامن عشر، ولم يخف (بونابرت) كما أشيع عنه. وتلك إشاعات (أي قصر القامة والخوف من القطط) رددها معارضوه وأعداؤه على مر التاريخ، وكان البريطانيون تحديداً هم أكثر المصدرين لهذه الإشاعات، وكانوا يعشقون وصف الإمبراطور الفرنسي بالضعيف جسدياً، ومن هنا جاءت صفة قصر القامة.

قد يفسر ذلك الإشاعات المتعلقة بخوفه من القطط، فالقطط مخلوقات رقيقة ولطيفة، ووصْفُ أحدهم بالخوف منها إهانة كبيرة، لكننا لا نتحدث هنا عن (نابليون بونابرت)، بل عن ابن أخيه (نابليون الثالث) الذي حكم الإمبراطورية الفرنسية منذ عام 1852 وحتى 1870.

كان (نابليون الثالث) حاكماً صارماً، وكان يحارب حرية الصحافة ويفرض سياسة حظر صارمة، لكن الأسرار المتعلقة بالحكام ستطفو على السطح ولن تبقى مخبأة، وفقاً لعدة شهادات من تلك الفترة، كان (نابليون الثالث) يعاني من رهاب الهررة، وكانت رؤية قطة تسبب استجابة عصبية مهولة لدى (نابليون)، فيقفز على الأثاث والفرش إن دخلت قطة إلى الغرفة، ويرفض النزول حتى يتم إبعاد القطة من الغرفة.

ربما اختلطت شخصيتا (نابليون الثالث) و(نابليون بونابرت) على مر التاريخ، حيث ألصق رهاب القطط (والذي عانى منه نابليون الثالث) باسم (نابليون بونابرت) الأكثر شهرة من ابن أخيه، فلم يبد (نابليون بونابرت) أي مشاعر اتجاه القطط، بل كان يفضل الكلاب ويحبها ويعتبرها مطيعة، بينما كره القطط بسبب طبيعتها الاستقلالية، فأحب أن تبدي حيواناته الأليفة الولاء ذاته الذي يبديه جنرالاته وجنوده، كما أحب أن تطاع وتنفذ أوامره حرفياً بدون أسئلة أو استفسارات، وألا يملك اتباعه أي نوع من الاستقلالية أو المبادرة.

2. كانت رحلات (تشارلز داروين) العلمية ذات أهمية كبيرة، خصيصاً إن علمت أنه عانى من القلق الشديد ورهاب الخلاء:

تشارلز داروين

أبحر عالم الطبيعة (تشارلز داروين) حول العالم لإجراء أبحاثه العلمية، وساعدت ملاحظاته في جنوب أمريكا، وتحديداً في جزر غالاباغوس، في إنشاء نظرية التطور. قام (داروين) بهذه الرحلات بالرغم من معاناته من قلق مريع يشله ويحط قواه. عانى العالم الإنجليزي من رهاب الخلاء أيضاً، وهو الخوف من الأماكن المفتوحة، مما يجعلنا ننظر إلى (داروين) بطريقة مختلفة تماماً.

دوّن العالم مذكراته الشخصية بانتظام، وساعدتنا تلك العادة في معرفة ما كان يدور في خلده، كما أظهرت لنا المخاوف التي عانى منها. بدأ (داروين) بالخوف من الخروج من منزله لوحده بدءاً من عمر الـ30، وأصبح شديد الخوف من الحشود وفي حاجة دائمة لصحبة أصدقائه أو زوجته إن اضطر إلى مغادرة المنزل، وكان السفر إلى لندن لإظهار أعماله كابوسٌ مخيف. من الواضح أن (داروين) تغلب على هذا الرهاب بالرغم من امتلاكه علامات واضحة تشير إلى الأغورافوبيا.

عانى (داروين) أيضاً من قلق شديد، وكان يعتقد أن عمله ليس جيداً أو ليس كاملاً، وعندما نشر عمله الشهير «أصل الأنواع» اعتقد أن الناس سيعتبرونه محتالاً ومخادعاً، وعندما كان في العقد الخامس من عمره، كتب في رسالة إلى صديقه العالم (روبرت هوكر): ”تسألني عن كتابي وجلّ ما أستطيع قوله أنني جاهز لإنهاء حياتي. أعتقد أنه كتب بشكل جيد، لكن الكثير منه يحتاج لإعادة صياغة….. أعتقد أن أي شخص ينشر كتاباً هو أحمق بلا شك“.

كانت مخاوف (داروين) محض إهلاسات، فكتاب ”أصل الأنواع“ واحدٌ من أهم الأعمال العلمية في تاريخ البشرية، كما أصبح (داروين) واحداً من العلماء المهمين والذين غيروا التاريخ.

1. طلب (​​فريدريك شوبان) من عائلته أن تشق صدره بعد وفاته حتى يتأكدوا أنه لن يدفن حياً:

فريدريك شوبين

في صيف عام 1849، أصيب الموسيقار (فريدريك شوبان) بمرض السل، ولم يكن التشخيص جيداً. سافر أفراد العائلة والأصدقاء إلى باريس، تلك المدينة التي يطلق (شوبان) عليها اسم الوطن. عزف أصدقاؤه وعائلته الموسيقى وغنوا له بينما كان على فراش الموت بناءً على طلبه، وإلى جانب الموسيقى، طلب (شوبان) طلباً أخيراً: لقد توسل إلى عائلته كي يتأكدوا من موته قبل نقله للدفن، وكالعديد من الناس في أوروبا في القرن التاسع عشر، كان (شوبان) خائفاً بشدة من أن يدفن وهو على قيد الحياة.

تم تحقيق رغبة (شوبان) الأخيرة المريعة، وتم فتح جسده بعد ساعات من وفاته. من المؤكد أنه كان ميتاً، حيث قاموا بإزالة قلبه الذي أرسلوه إلى مدينة (وارسو) في بولندا، ودفنت بقية جثته في باريس. كانت الجنازة حدثاً كبيراً، وربما كان الحدث الاجتماعي الأكثر أهمية في ذلك الخريف، وكان لا بد من تأجيل مراسم الدفن لنحو أسبوعين تقريباً لأن الكثير من الأشخاص تقدموا بطلبات لحضور الدفن، وبعد أكثر من 150 عاماً من وفاته، تمكن العلماء من فحص قلبه المحفوظ واستنتجوا أنه توفي بسبب مضاعفات نادرة من مرض السل.

لم يكن هذا الخوف من التعرض للدفن حياً –والذي أصيب به عددٌ من الرجال المشهورين في تلك الفترة – غير منطقي، فقد طلب (ألفريد نوبل) –العالم الذي أسس الجوائز المشهورة عالمياً– فتح أوردته عندما يموت، وذلك للتأكد من وفاته.

بدأ رهاب الدفن يزول من المجتمعات بشكل تدريجي عندما لجأ الناس إلى ترميد جثث الموتى. بالطبع، لا زالت حالات دفن الأحياء تظهر بشكل نادر بين الفينة والأخرى.

مقالات إعلانية