منذ القرن الثالث حتى القرن الخامس ميلادي، بدأت العديد من الجيوش الأجنبية كالقوط والوندال والهون بالهجوم والسيطرة على أراض عديدة واقعة تحت حكم الرومان. وصف الرومان تلك الجيوش بالجماعات البربرية وذلك لوحشيتها وعنفها في القتال، وسلوكاتها المجردة من الانسانية وبكل ما يمت للحضارة بصلة في المعارك، كما أنهم كانوا يشكلون تهديداً كبيراً للإمبراطورية الرومانية الغربية.
لذا ولكونهم جزءا هاما من تاريخ تلك الحقبة الزمنية، سنستعرض في هذا المقال بعض من أشهر قادة البربر.
أرمينيوس:
ولد من عائلة نبيلة من قبيلة ”شيروسي“ الجرمانية عام 18 قبل الميلاد، قام الرومان باجتثاث أرمينيوس (المعروف في ألمانيا باسم هيرمان) من بيته وسلبوه عائلته، وعمل خادما في الجيش الروماني.
عام 9 ميلادي قامت قواته الشيروسية بنصب كمين، والقضاء على ثلاث فيالق رومانية تابعة لـ”بوبليوس كينكتيليوس فاروس“، حاكم مقاطعة جيرمانيا.
وبعد تلك الهزيمة المشينة التي ألحقها بالرومان، قام هؤلاء بالانسحاب إلى ما وراء نهر الرين ولم يحاولوا شن أي غزوات أخرى على الأراضي الجرمانية بعد ذلك.
على الرغم من أنه من الواجب تخليد ذكرى أرمينيوس كبطل قومي لتوحيده ألمانيا وتحريرها من الحكم الروماني، الا أن الألمان النازيين شوهوا سمعته بربطهم لأسمه وبطولاته التاريخية مع الفكر القومي المتشدد لأدولف هيتلر خلال فترة الحرب العالمية الثانية.
بوديكا:
تمتعت بوديكا – كمعظم نساء السلتيك الأخريات – بحرية أكبر من العديد من نساء العالم القديم، فتدربت على القتال واستخدام الأسلحة إلى جانب رجال قبيلتها.
في عام 60 ميلادي، عندما توفي زوجها الملك ”براسوتاغاس“ (حاكم شعب أنجليا التي تقع شرق إنكلترا حالياً) ولم يترك وريثا له، اغتنم الرومان الفرصة للسيطرة على الحكم، وقاموا بتعذيب بوديكا وابنتيها وجلدوهن واغتصبوهن، على مرآى من الناس.
وعند غياب حاكم المقاطعة الرومانية، استغلت هذه الملكة المحاربة الفرصة، وقادت تمردا ضد الحكم الروماني وهزمت الفيلق التاسع، حيث قتلت قوات بوديكا أثناء تمردها هذا نحو 70 ألف روماني، بينهم بريطانيون موالون لروما، لكن سرعان ما عاد الحاكم الروماني واستطاع قمع التمرد، فانتحرت بوديكا بعد ذلك بتناولها السم.
ألاريك الأول:

هو ملك قوطي وواحد من أشهر القادة البربريين، وصل إلى السلطة بعد وفاة الإمبراطور الروماني الشرقي ”ثيودوسيوس الثاني“ عام 395 ميلادي، فقام بنقض السلام الهش آنذاك بين الرومان والقوط، عندما رفض الإمبراطور الغربي ”فلافيوس أونوريوس“ التنازل لقوات ألاريك عن الأرض، فقام الملك القوطي بفرض حصار على روما، وفي صيف عام 410 ميلادي فتحت مجموعة من العبيد المتمردين بوابة ”سالاريان“ لقوات ألاريك، فأصبحوا أول قوة أجنبية تدخل روما خلال 800 عام، فنهبوها في غضون ثلاثة أيام، لكنهم أحسنوا معاملة سكانها.
ويعتقد أن ألاريك توفي بعد مغادرته روما في رحلة له إلى إفريقيا، فقامت بعدها سلالته بالهجرة والاستيطان في اسبانيا أين أسسوا مملكتهم.
أتيلا ذي هون:

ولد أتيلا من عائلة ملكية من قبائل الهون، الذين كانوا يعيشون في منطقة هنغاريا حالياً، وكان أخوه ”بليدا“ أحد المتحالفين مع الروم ضد القبائل البربرية الأخرى.
قبض ”أتيلا“ مبالغ من الذهب مقابل امتناعه عن مهاجمة الأراضي الرومانية، لم يستسغ أتيلا هذا الأمر طويلا، فقام بقتل أخيه ”بليدا“ وفسخ معاهدة السلام مع الروم، ثم باشر غزوه للأراضي الرومانية وتأسيس امبراطوريته التي امتدت إلى غاية أوروبا الوسطى، كما كان يخطط لتوسيع امبراطورتيه من خلال غزو فرنسا وإيطاليا، فأصبح بذلك يشكل خطراً حقيقاً على الرومان الذين أرسلوا إليه مبعوث سلام.
وبدون أسباب واضحة، انسحبت قوات أتيلا وعادت إلى هنغاريا، تم لاحقا العثور عليه ميتاً مباشرة بعد حفل زفافه في ظروف غامضة. كثرت التكهنات والتأويلات حول سبب الوفاة حيث يرجعها البعض إلى ذبحة صدرية والبعض الاخر إلى تسمم جراء فرط تناول الكحول، إلا أن السبب الأرجح والاقرب للواقع هو تعرضه للإغتيال.
جينيسيريك:

عندما وصل الملك جينيسيريك الوندالي إلى السلطة عام 428 ميلادي، قاد 80 ألف شخصا من شعبه إلى شمال إفريقيا حيث أنشأ مملكة كان من شأنها أن تسيطر على مواقع فعالة واستراتيجية على البحر المتوسط.
وفي عام 455 زحف الملك بجيشه على روما للسيطرة عليها، لكن الرومان أرسلو البابا ”ليو الأول“ لطلب الرحمة والسلام، وبفضل دبلوماسيته اتفق البابا مع جيش الوندال على دخول المدينة بشكل سلمي دون المساس بسكانها أو تدميرها، وهو ما قام به الملك تماما، ثم عاد منتصراً إلى شمال إفريقيا، واستطاع اجتياح أراضي الإمبراطورية الشرقية التي امتدت من الإسكندرية إلى الأناضول.
توفي عام 478 ميلادي لأسباب طبيعية، حيث لم يهزم بأي معركة خاضها.