in

هل يمكن للتمارين الرياضية أن تأتي بنتيجة أفضل في حال قيامنا بها ونحن عراة؟

رياضي ملاكمة

وجد الإغريق القدامى أن التعري هو أمر ممتع وعملي، وارتدوا ألبسة بسيطة (عبارة عن رباط حول الخصر يخفي بعض المناطق الجسدية) يمكن التخلص منها خلال ثوانٍ إذا دعت الحاجة لذلك، ووجدوا بأن التدرّب من أجل الألعاب الرياضية ببشراتهم الناعمة والملساء له العديد من المنافع، كما أن هناك بعض الدلائل التاريخية التي تدل على أن الطلاب اليونانيين القدماء كانوا يحضرون محاضراتهم من دون ارتداء أي ملابس حتى، فكان عدم ارتداء الملابس المغطية لكامل الجسم، ولا حتى لنصفه، ولا لربعه في بعض الأحيان أمراً شائعاً جداً حتى أنه أصبح جزءاً من تقاليد الألعاب الأولمبية.

تعود أقدم نسخة من الألعاب الأولمبية إلى عام 1100 قبل الميلاد، وأشارت التقارير بأنه وخلال القرن السابع عشر قبل الميلاد كان الإسبرطيون يخلعون ملابسهم خلال المنافسات الرياضية، ومنه كانوا يفوزون، مما دفع بمنافسيهم إلى التمثّل بهم واستخدام نفس الأسلوب، ومن وقتها بدأ التعري يصبح جزءاً أساسياً من التقاليد والأعراف الأولمبية إلى أن تم منعها وإيقافها من قبل الإمبراطور المسيحي (ثيودوسيوس) Theodosius في عام 393 قبل الميلاد لاعتبارها ألعاباً تحمل دلالات كفر وشرك بالرب.

لوحة زيتية تبرز أشخاصا عراة يمارسون الرياضة
لوحة السيركا الزيتية من عام 1860 ”شبان إسبارطيون يتمرنون“ وهي عمل تاريخي قام برسمه الفنان الانطباعي الفرنسي (إدغار ديغاس)، وقد ناقش المؤرخون ما إذا كانت هذه اللوحة تهدف لتصوير الإسبرطيين أو تصوير ممارسة الرياضة بشكل عام.

عندما تم إعادة إحياء الألعاب الأولمبية بعد 1500 سنة من توقفها في عام 1896، لم يعد التعري موضةً لممارسة تلك الألعاب ولا حتى أي نوع من الألعاب الأخرى، ولكن ماذا لو كان التعري قاعدة لممارسة الرياضة في زماننا الحالي؟ هل هناك فعلاً فوائد ومنافع لذلك؟ ماذا لو كنّا لا نستفيد بشكل كلي من المنافع الرياضية عندما نتدرب ونحن نرتدي الملابس؟

في أيامنا هذه، ملابس التمرين الرياضية وملابس الألعاب الأولمبية مصممة بشكل مثالي نسبياً لممارسة الرياضة، فملابس الغولف مثلاً انتقلت من الملابس المصنوعة من مادة (البوليستر) إلى ملابس مكونة من مزيج أقمشة خفيفة الوزن، وممارسو تمارين اللياقة البدنية أيضاً يرتدون أحذية مصممة خصيصاً لهذه الغاية، والعداؤون بدورهم يرتدون أيضاً سراويل قصيرة مضادة للرطوبة والتعرق مع ملابس داخلية ملتحمة بها، كما تتضمن معظم قمصان الرياضيين الأولمبيين موادا مضادة للبكتيريا.

صرح بروفيسور تسويق الموضة في كلية (بارسونز) للتصميم في نيويورك السيد (بيورن بنغتسون) لمجلة Men’s Health في مقابلة تمت في شهر يناير لعام 2017 قائلاً: ”ساهمت التكنولوجيا بشكل كبير في إعادة تصميم العديد من الملابس لتراعي متطلبات كل رياضة من الرياضات، فهناك ملابس مخصصة للجري، وملابس مخصصة لقيادة الدراجات الهوائية، وغيرها الكثير، فقد تجاوز الأمر مجرد الذهاب لممارسة رياضة ما، فأصبح يجب علينا الآن أن نرتدي الملابس الملائمة قبل ذلك“.

مع انتشار ملابس التمارين الرياضية سواء أثناء ممارسة التمارين الرياضية في النادي أو خلال المشاركة في مسابقة رياضية ما، هل يؤدي التخلي عن هذه الملابس كلياً لنتائج أفضل؟ هل ترفع الثياب من حرارة أجسادنا بشكل مفرط؟ هل تعيق حركتنا؟ أم أنها فقط تقوم بإخفاء الشيء الوحيد الذي نتمرن لتحسينه ألا وهو أجسادنا، هل سيكون من الأفضل لنا أن نرى أجسادنا وعضلاتنا بوضوح أكبر بينما نحن نتمرن؟

”من دون أي شك هي أمر يعيق تقدمنا الرياضي“، هذه كانت إجابة المدرب ورافع الأثقال المحترف (روبرت هيربست) بطل العالم في رفع الأثقال لـ18 مرة، وبطل محلي أميركي أيضاً في نفس الرياضة لـ33 مرة، وشخصية من شخصيات قاعة المشاهير في (اتحاد الهواة الرياضي) Amateur Athletic Union.

لوحة تبرز رجالا يونانيين قدماء بعضهم عار
كان الرياضيون اليونانيون القدماء غالباً ما ينزعون حتى سراويلهم الداخلية أثناء ممارسة الرياضة.

يمكن للثياب أن تؤدي إلى تراجع في مستوى الرياضي، ففي حال كونها ضيقة فهي ستعيق حركة الشخص بالإضافة لإعاقة الجريان الدموي مما يؤدي لضعف في الأداء، أما في حال كونها فضفاضة فمن الممكن أن تقف في وجه الشخص أو أن يتعثر بها أو أن تسقط منها المعدات اللازمة لرياضة ما.

يقول هيربست: ”فعلى سبيل المثال لا يود أي رافع أثقال أن يرتدي سراويل فضفاضة أثناء قيامه بتمرين (الديدليفت) حيث سيحتك (البار) بالثياب مؤدياً لإبطاء الحركة وجعل أمر رفعها أصعب، وبالنسبة لصحة البشرة، فلا أحد يريد ارتداء الملابس التي قد تسبب تهيجا جلدياً، أو تسمح بتراكم العرق مشكلاً بيئةً مناسبة لنمو البكتيريا والفطريات“.

الأمر المعروف هو أن الثياب تعيق الحركة، فالتخلص منها أثناء ممارسة التمارين سوف يؤدي لنتائج أفضل وتمارين أكفأ وأكثر تحقيقا للنتائج إذن، يضيف التمرن وأنت عارٍ مجالاً واسعاً أمامك للقيام بجميع الحركات بشكل أكثر فعالية، ويسمح لعضلات جسدك بالتمدد بشكل أفضل.

قال المدرب الشخصي من مدينة بوسطن الأمريكية (كات سيتزر) في حوار مع إذاعة WBUR في عام 2014: ”إن الأمور تصبح أفضل عندما نتخلص من تلك السراويل المطاطية الشادة للأرداف أو للبطن، التي نقتنيها من متاجر اللوازم الرياضية، فعند تخلينا عن ارتداء هذه الأمور نحن نجبر عضلات أجسادنا على التكيف والاعتماد على نفسها في عملية شد العضلات، والتخلص من الكتل الدهنية، وهذا الأمر يساعد أيضاً على زيادة استقرار العمود الفقري والمحافظة على استقامته، كما يحسن من وضع الوركين.

يعلم الكثير من الناس أن التمرّن من دون ارتداء أي حذاء يساعد على تحسين توازن الجسم، لأن رجلك تستطيع الاستقرار على الأرضية من دون حذاء يشوش على نهاياتها العصبية، وبالمثل فإن نزع ملابس التمارين أثناء القيام بالتدريبات يعطي شعوراً أفضل وراحة أكثر للمناطق التي كانت تُرتدى فوقها تلك الملابس، وهذا يعني الاستفادة بشكل أكبر من التمرينات الرياضية“.

الحماية التي تقدمها السراويل والقمصان:

يشير بعض الخبراء الآخرون إلى النقائض والسلبيات التي يحملها عدم ارتداء السراويل أثناء التمرين في النوادي الرياضية GYM، فيقول المعالج الفزيائي (أليكس روهير) من (سان دييغو): ”إنها أسطورة، الفوائد التي تجنيها من خلال ممارستك للرياضة وأنت عار كلياً هي مجرد أسطورة، فالقيام بذلك يمكن أن يؤدي إلى إصابات فطرية والتهابات بكتيرية لكونك لا ترتدي شيئاً قادرا على سحب الرطوبة من المناطق المعرضة للتكاثر الميكروبي، لذلك فإن ارتداء ملابس خفيفة الوزن مطاطية يخترقها الهواء وتستطيع امتصاص العرق هو أمر لا بد منه، لا بل إنه أمر صحي أكثر من التمرن وأنت عارٍ“.

وعلى الرغم من أن رافع الأثقال (هيربست) يحبذ ممارسة التمارين دون ملابس لكنه يعترف أيضاً بأهمية ارتداء بعض الملابس أيضا، فالأمر عبارة عن توازن بين التعري وارتداء الملابس، حيث يجب على كل رياضي أن يجد ضالته بنفسه ويعلم ما المناسب له دون غيره.

يقول هيربست: ”يجب أن يتم ارتداء الملابس بشكل منطقي في الرياضات التي لن يؤدي فيها هذا الأمر لإصابات أو إعاقة في الحركة، يجب علينا استخدام الحس المنطقي، فالملابس يمكن أن تكون عاملاً مساعداً أو ضاراً في ممارسة التمارين وهذا يعتمد على طبيعة الملابس وطبيعة التمرين الذي نقوم به أيضاً.

كمثال يمكن للملابس أن تشكل عاملاً مساعداً عندما يتعلق الأمر بحفظ حرارة الجسم في حال كان الجو باردا أو ممطرا، فبارتداء الملابس المناسبة يمكننا أن نعدّل من حرارة جسمنا ونبقيها في الوضع الطبيعي مما يسمح بتمدد مثالي للعضلات، والحفاظ على مفاصلنا بوضعها الممتاز، فالبرودة كما نعلم تعيق من حركة المفصل، ويمكن للملابس أيضاً أن تحسن من أدائنا الرياضي من خلال توفير دعم للمفاصل والعضلات أيضاً“.

يجب علينا ارتداء الأحذية المغلقة وليس المفتوحة، لأنها تؤمن حماية للقدم من الإصابات أو التمزقات عكس أحذية الإصبع التي قد تؤدي إلى تشققات وجروح بين الأصابع، كما أن ارتداء الملابس يحمي الرياضيين الذين يرتادون نفس النادي الرياضي من الإصابة بعدوى المكورات العنقودية المذهّبة المقاومة للميثيسيلين الـMRSA المنتشرة في الصالات الرياضية، وكلما قل اتصالنا بعرق الأشخاص الآخرين كلما كان هذا الأمر أفضل وأكثر حماية لنا من الأمراض المعدية المتناقلة بين المواسم.

بالطبع إن كنت تريد الأفضل، فنحن ننصحك بارتداء الملابس في الصالات الرياضية وصالات اليوغا وبعدها الرجوع إلى منزلك وممارسة التمارين الرياضية وأنت عار.

مقالات إعلانية